كيف أصبحت قضية "البنّا وراجح" ترند السوشيال وهل تم استغلالها؟ (تحليل بيانات)

على مدار 14 يومًا، لم تختفِ واقعة مقتل محمود البنا، ابن مدنية تلا بمحافظة المنوفية، من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، التي شهدت تفاعلاً ملفتاً للانتباه من قبل روادها، وتصدرت هاشتاجات تطالب بحق المقتول ومعاقبة القاتل محمد راجح ورفاقه.
واقعة القتل كان سببها "استوري" على انستجرام صنعها محمود البنا "اللي يعتدي على بنت ييبقى زيها"، يقول عادل طايل محامي القتيل "أثناء عودة محمود إلى منزله شاهد محمد راجح يعتدي على بنت، واكتفى بالتعبير عن الموقف اللي شافه بما كتبه على حسابه"، ما أثار غضب "راجح" الذي ترصد له وانتظره في الشارع وقام بالاعتداء عليه بسلاح أبيض.
جريمة القتل التي كانت سببها بنت، كانت الأولى التي وقعت داخل القرية وأصبحت حديث الرأى العام، ووصل صداها خارج حدود المدينة التى تمتد على مساحة 186 كليو متر، فقبل عامين قُتلت فتاة، بسبب محاولة تصديها لشاب حاول الاحتكاك بها، كما يقول أحد أهالي القرية التي تتمركز اليوم داخل أورقتها قوات الأمن المركزي، وظهرت على جدران بناياتها عبارات تطالب باستعادة حق القتيل.
ما بين جريمتين، الأولى لم تتجاوز حدود المدينة ومحيطها ولم تجد لها مكاناً على مواقع التواصل الاجتماعي، والأخيرة تجاوزت حدود المدينة، وتحولت إلى حديث للرأي العام المصري وتصدرت مواقع التواصل الاجتماعي. فما هي الأسباب التي دفعت بالجريمة الأخيرة لتتصدر "التريند"؟ كيف بدأت وانتشرت القضية في العالم الافتراضي بعد إدانة الضحية على انستجرام الإعتداء على البنت؟ ولماذا تفاعل معها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل تم استغلال القضية لأهداف سياسية أو شخصية؟
عبر 9 هاشتاجات دُشنت تباعًا؛ تصدرت قضية "البنا وراجح" مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت البداية ب"# راجح _قاتل"، وتلاه"#إعدام_راحج"، ويتكرر المشهد، تدشين لهاشتاج جديد، يتصدر "الترند" ويموت القديم أو ينافسه في الصدارة، كان آخرها "#مصر_كلها_معاك_يا_بنا_راجح_قاتل"، على مدار 14 يومًا، تصدرت 4 هاشتاجات المشهد على السوشيال ميديا، بينما لم تلقى ال5 الهاشتاجات الأخرى نفس الزخم.
الهاشتاج الأول
بعد مرور ثلاثة أيام على جريمة القتل وعقب تشييع جثمان محمود البنا، صباح ال10 من أكتوبر الجاري، تصدر هاشتاج "#راجح_قاتل"، موقع التغريدات الصغيرة" تويتر"، وتداول المغردون مقطع فيديو يوضح اعتداء راجع على محمود البنا، ليستمر التفاعل على نفس الهاشتاج بنفس الوتيرة لمدة 5 أيام متتالية.
33.9 ألف مستخدم تفاعلوا مع هاشتاج "#راجح_قاتل"، منذ تدوينه على "توتير". وفي 17 أكتوبر زاد التفاعل مسجّلاً 5.6 ألف متفاعل، ووصل إلى 15.5 ألف متفاعل يوم 20 أكتوبر على "تويتر"، بحسب ما أظهرته أداة "talkwalker" المتخصصة في تحليل البيانات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب ما رصدته الأداة نفسها، فإن التفاعل مع الهاشتاج وصل ذورته في الساعات الأولى من صباح الإثنين 21 أكتوبر الحالي بنسبة 35.6% من إجمالي المتفاعلين، قبل أن يأخذ التفاعل منحى الهبوط مساء اليوم.
الهاشتاج الثاني
مساء العاشر من أكتوبر -الذي شهد تشييع الجنازة- دُشنّ هاشتاج آخر؛ حمل اسم "#إعدام_راجح"، وتفاعل معه الآلاف بالتزامن مع الهاشتاج الأول. حيث تجاوز عدد المتفاعلين مع الهاشتاج الجديد"#إعدام_راجح" عبر (تويتر - فيسبوك - جوجل) 356 ألف متفاعل منذ ظهوره وحتى مساء يوم الإثنين الماضي، وتصدر "توتير" التفاعل على هذه المواقع بنسبة 85 %، بينما سجل "جوجل" 10% من نسبة التفاعل، في حين وصل التفاعل على "فيسبوك" إلى 5%، وفق ما أظهرته أداة "Mediatoolkit".
الهاشتاج الثالث
وبعد صدور قرار النائب العام المستشار حمادة الصاوي، بإحالة قضية راجح إلى محاكمة جنائية عاجلة، في 12 أكتوبر الماضي، ظهر هاشتاج جديد على تويتر "#حق_محمود_لازم_يرجع"، واستمر تصاعد التفاعل عليه حتى مساء الإثنين الماضي، ولكن اختلفت نسبة التفاعل قبل موعد أولى جلسات المحاكمة، الذي حُدد في 20 أكتوبر الجاري، وبعدها، تضاعفت نسبة التفاعل في الأيام ال5 الأخيرة، مقارنة بالتفاعل في الأيام ال7 الأولى منذ تدشينه، وفقًا لما رصدته أداة "Mediatoolkit"، حيث وصل التفاعل إلى أعلى مستوياته الأحد الماضي مع أولى جلسات راجح، والتي قررت محكمة شبين الكوم، تأجيلها إلى الأحد القادم (27 أكتوبر).
ووصلت نسبة تفاعل المشاركين على هاشتاج "#حق_محمود_لازم_يرجع"، من الذكور ل 43.8%، و56.2% للإناث، وأيضا ظهر تفوق نسبة تفاعل الإناث عن الذكور في التفاعل على هاشتاج "#راجح_قاتل"، بحسب ما أظهرته أداة "Talkwalker"، والتي رصدت أن نصيب الشباب في الفئة العمرية بين 18 إلى 24 سنة، بنسبة 47.6% من إجمالي عدد المتفاعلين، بينما جاء التفاعل في الفئة العمرية بين 25 إلى 34 سنة، بنسبة 46.4%، في حين غابت الفئات العمرية بين 45 إلى 64 سنة عن التفاعل مع الهاشتاج.
وبحسب مؤشرات أداة " Ritetag"، المتخصصة في تحليل البيانات على مواقع التواصل الاجتماعي، وصل التفاعل مع هاشتاج "#حق_محمود_لازم_يرجع" إلى ذروته مساء الإثنين الماضي، حيث بلغ استخدام الهاشتاج 2117 مرة في الساعة الواحدة على "تويتر"، وإعادة تغريده 1229 مرة في الساعة، إلا أن هذا التفاعل انخفض بشكل ملحوظ في ال24 ساعة الأخيرة، ووصل استخدام الهاشتاج 121 مرة في الساعة الواحدة، وذلك حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس.
وعاد التفاعل على هاشتاج"#حق_محمود_لازم_يرجع" مرة أخرى، صباح الثلاثاء الماضي، بالتزامن مع إعلان وزارة الداخلية ضبط 22 متهمًا باستغلال القضة لإثارة الفوضى والبلبلة بين المواطنين، وسجل "تويتر" النصيب الأكبر من هذا التفاعل، وتراجعت نسبة التفاعل على"يوتيوب"، وظهر"انستجرام" بقوة في الصورة محتلاً المركز الثاني ضمن مواقع التواصل الاجتماعي الأشهر في مصر.
الهاشتاج الرابع
مساء الأربعاء الماضي، ظهر على تويتر"#مصر_كلها_معاك_يا_بنا_راجح_قاتل"، واحتل بعد ساعة واحدة المركز الأول ضمن الهاشتاجات الأكثر تداولاً على موقع التغريدات الصغيرة، لمدة لم تتجاوز الثلاث ساعات، ثم تراجع ليتنقل بين المراكز ال5 الأولى، ولم يتصدر توتير مرة أخرى، وتفاعل معه خلال هذه الفترة أكثر من 409 ألف مستخدم عبر (توتير - انستجرام - يوتيوب - فيسبوك)، بينما بلغ التفاعل على تويتر 48%، وانستجرام 45%، وحقق فيسبوك 5.2%، وجاء "يوتيوب" في المركز الأخير بنسبة 1.8%، حتى اختفى الهاشتاج من الأكثر تداولاً صباح اليوم "الخميس"، وفقًا لأداة "Mediatoolkit"، المتخصصة في تحليل بيانات مواقع التواصل الاجتماعي.
كيف تصدر"البنا وراجح"الترند؟
كشف فحص لصفحات وحسابات تفاعلت مع القضية على مدار 14 يوماً على "فيسبوك وتويتر"، سواء عبر هاشاجات أو تدوينات أو منشورات عن القضية، وجود مجموعات وصفحات عامة شاركت في الترويج للقضية لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية.
سعى أدمن صفحات عامة للاستفادة من التداول الكبير مع القضية، حيث كتبت كلمة"راجح والبنا" في سياق هذه الجريمة 92 مليوناً مرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب أداة"Mediatoolkit" المتخصصة في تحليل بيانات مواقع التواصل الاجتماعي، مثل مجموعة على موقع فيس بوك غيرت اسمها إلى "إعدام راجح حق محمود فين" يوم 17 أكتوبر الماضي، وهذه المجموعة أنشأت في نوفمبر 2017، تحت اسم "مملكة العشاق"وتضم أكثر من 402 ألف عضو.
الأمر نفسه تتكرر بعد ظهور وسم "#مصر_كلها_معاك_يا_بنا_راجح_قاتل"، الذي تصدر الهاشتاجات الأكثر تداولاً على موقع "تويتر"، حيث ظهرت مجموعات على "فيس بوك" تحمل نفس اسم الهاشتاج، واحدة منها تم تدشينها في 4 أكتوبر الماضي، باسم "lady band"، وتم تغيير اسمها بنفس اسم الهاشتاج في 23 أكتوبر الحالي، وتضم أكثر من 14 ألف عضو، وكانت أغلب منشورات مسئولى "الجروب" تحُث الأعضاء على ضرورة التفاعل مع الهاشتاج بصورة مستمرة.
أما على موقع "تويتر" فظهرت عدة حسابات تحمل اسم "كلنا محمود البنا"، يعود تاريخ إنشائها إلى سنوات ماضية، استغل أصحابها تفاعل المستخدمين مع الهاشتاجات المرتبطة بالقضية، وغيروا اسم حساباتهم ليحظوا بتفاعل كبير وانتشار على المنصات المختلفة، منها حساب أُنشئ في يونيو 2015، يتابعه حوالي 87 ألفاً، وبدأ في 16 أكتوبر الحالي في التدوين عن القضية بشكل كبير.
وبحسب النتائج التي وفقاً لأداة" Mediatoolkit"، المتخصصة في تحليل البيانات الخاصة بأبرز الدول التي تفاعل مواطنيها مع الهاشتاجات والكلمات المتعلقة بالقضية، احتلت مصر المركز الأول، والسعودية في المركز الثاني، وجاءت الإمارات في المركز الثالث، ثم الجزائر وبعدها إيران، وتفاعل عدد من المصريين المقيمين في الصومال والولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا، فيما جاءت فرنسا وإنجلترا في المركز الأخير وقبل الأخير على الترتيب.
وبينما أظهرت أداة "talkwalker"، أبرز 10 صفحات تفاعل معها مستخدمي "تويتر"، بعد أن دوّن أصحابها تغريدات تحتوي على أحد الهاشتاجات المتعلقة بقضية "راجح والبنا"، وكان منهم 4 حسابات شخصية، و3 حسابات تمتلكها وسائل إعلامية معروفة، وحساب آخر يحمل اسم"كلنا محمود البنا"، وآخر باسم "أذكار الصباح والمساء".
أما بالنسبة ل"فيس بوك"، احتلت 7 صفحات تابعة لقنوات إعلامية، ومواقع إخبارية، المراكز الأولى ضمن الصفحات التي تفاعل متابعيها مع المنشورات التي تناولت القضية أو الهاشتاجات، وجاءت صفحة الفنان "أحمد السقا" ضمن هذه الصفحات بعدما نشر "بوست" بتاريخ 20 أكتوبر يقول فيه "محمود البنا حكاية رجولة.. محتاجة تتدرس في مناهج الطلبة دي أقل حاجه ممكن تتقدم ليه.. ونشرح ليهم يعني إيه تكون دكر قدام الجبان، محمود البنا لن ننساك أبدًا".
اسم "محمود البنا" و"محمد راجح"، ظهر لأول مرة في قائمة الموضوعات الأكثر بحثاً في مصر، على محرك البحث الشهير "جوجل"، يوم 11 أكتوبر الجاري، وهو اليوم التالي لتدشين هاشتاج (#راجح_قاتل و#إعدام_راجح)، حيث وصل عدد مرات بحث المصريين عن القضية وتفاصيلها لأكثر من 20 ألفاً في ذلك اليوم.
كما احتلت كلمة "راجح" المركز الثاني، في يوم 17 أكتوبر، بأكثر من 10 آلاف عملية بحث، وكذلك وصل البحث عن "إعدام راجح" إلى أكثر من 5 آلاف مرة، بينما وصلت وتيرة البحث إلى ذروتها، الأحد الماضي، وهو يوم انقعاد أولي جلسات المحاكمة، بعدد 100 عملية بحث في الدقيقة، حيث تصدرت محافظة المنوفية قائمة المحافظات الأكثر بحثاً، تلتها محافظات (الشرقية- البحيرة- بني سويف- الأقصر... )، وعلى مدار اليوم بحث المصريون بكلمة "قضية محمود البنا" أكثر من 20 ألف مرة، لتستمر القضية التي تشغل المصريين في تصدر قائمة الترند والأكثر بحثاً.