سافروا من شهر.. حادث الكويت ينهي طموح 5 من أبناء "المعابدة"

عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشر والنصف ليلا، في صالة الانتظار بمطار القاهرة الدولي، ينتظر أهالي الضحايا، الرحلة القادمة من مطار الكويت، التي تحمل 6 جثامين، راحوا ضحية للغربة ولقمة العيش.
الحزن والأسى سيطر على قلوب أهالي قرية المعابدة التابعة لمركز أبنوب بأسيوط فور ورود نبأ وفاة 5 من أبنائها منهم 4 بعائلة واحدة بينهم شقيقان، وآخر من سوهاج في حادث مروري مروع بدولة الكويت.
علمت القرية، بالخبر الصادم، فجر الجمعة الماضية، عقب ورود اتصال من أهالي القرية المقيمين بالكويت، يبلغهم بوفاة 5 من أبناء قرية المعابدة مركز أبنوب بأسيوط، وهم: (عبد الرحيم علي موسى، أحمد موسى رضوان، عنتر موسى رضوان، سالم محمد عبد الحليم، على عبد اللطيف حرباوى)؟
ولقي 6 مصريين مصرعهم وأصيب 5 كويتيين، الجمعة، جراء حادث سير كبير وقع في الكويت، بينهم 5 من قرية المعابدة بمركز أبنوب بأسيوط، ومواطن آخر يدعى اسمه خالد ماهر ياسين غانم، بقرية الزارة مركز المنشاة سوهاج.
وبينت الإدارة العامة للإطفاء الكويتية، أن سيارة دفع رباعي تستقلها عائلة كويتية، اصطدمت بسيارة أجرة يستقلها وافدون مصريون.
قطع أهالي الضحايا، المسافات الوعرة التي تزيد 500 كيلو متر، في سفر امتد لساعات، للوصول إلى مطار القاهرة، وافترشوا بلاط صالة مطار القاهرة، لفترة زمنية استغرقت أكثر من 6 ساعات، تحت برودة الجو القارص والصقيع التي تضرب البلاد تلك الفترة، بانتظار قدوم جثامين الضحايا، لنقلها إلى مسقط رأسهم، وتشييع الجنازة والدفن بمقابر العائلة بالقرية.
الضحايا ال5، انتلقوا للعمل بالكويت بحثا عن لقمة العيش، تاركين خلفهم أطفالهم وزوجاتهم، طامحين في توفير غدٍ أفضل لهم وتأمين مستقبلهم، لكن أقدار الله فوق كل شئ.
تواصل "مصراوي" مع صلاح موسى، معلم لغة إنجليزية بالكويت، حضر إلى قريته منذ أسبوع، ليقضى إجازة منتصف العام بين أهله، ولم يكن يعلم أنه سيستقبل 4 من أبناء عائلته "الحرايرة"، بينهم 2 أشقاؤه أحمد موسى رضوان (40 عاما- ولديه 3 أولاد وبنت، 40 سنة) عنتر موسى رضوان (44 عاما- لديه ولدان وبنتين)، وابن أخيه عبدالرحيم علي موسى (33 عام – ولديه ولد وبنت)، وابن عمه، سالم محمد عبد الحليم (43 عام – ولديه 3 أولاد وبنت)، ومن أبناء القرية عائلة الحرابوة (على عبد اللطيف محمدين، الحرابوة).
يقول موسى: "القرية بها عدد ليس بقليل من أبناء الجالية المصرية بالكويت، وقرر الضحايا الالتحاق بركب العاملين من أبناء القرية هناك، بعد تدبير المبالغ المالية للحصول على تأشيرة للسفر".
نائف عثمان، عمدة المصريين بالكويت، يقول ل"مصراوي"، إن تكلفة التأشيرة السفر للكويت تزيد عن 1200 دينار بما يوازي 75 ألف جنيه مصري.
مدة السفر هذه المرة لم تستغرق طويلا، على غير عادة أبناء الصعيد، الذين اعتادوا السفر والاغتراب والبعد عن الأهل والأبناء لفترات تمتد لسنة أو أكثر ثم العودة مرة أخرى إلى أرض الوطن وأحضان أبناءهم، ولكن الموت قصر المسافة هذه المرة، حيث نقلوا جميعا إلى مكان غربة لا رجعة فيها وسيغيبون عن الدنيا بأثرها، جميع الضحايا انتلقوا للعمل بالكويت في فترات متباينة تتراوح ما بين شهر إلى شهرين. بحسب ما قاله صلاح موسى.
يستكمل موسى: "تأخرت الطائرة لمدة ساعتين وكان من المقرر وصولها الساعة 9:30 مساءً، إلى أن تم إنهاء فحص الجثامين من قبل إدارة الحجر الصحي بالمطار، واستخراج تصاريح الدفن وتسلمنا الجثامين"، مستدركا: نقلنا الجثامين في سيارات خاصة، على نفقتنا، والأب والأم والأبناء والزوجة، يعيشون حالة لا يرثى لها، وفي حالة انهيار تام، وأهالي القرية خرجوا جميعهم، للمشاركة في استقبال الضحايا، وتم تشييع الجنازة والدفن بمقابر العائلة في مشهد مأساوي".
مشكلة الحجر الصحي
أثارت أزمة وفاة المصريين من أبناء الصعيد بالكويت، أزمة عدم وجود حجر صحي بمطارات محافظات الصعيد.
نشرت الصفحة الرسمية لرابطة أبناء أسيوط بالكويت، مقطع فيديو من أمام مشرحة مستشفى الصباح بالكويت، وفي الفيديو ناشد أهالي المصريين المتوفيين بالكويت، الرئيس عبدالفتاح السيسي، بنقل جثمانين ذويهم من مطار الكويت إلى مطار أسيوط رأسا، بدلا من مطار القاهرة، إكراما للميت، وإراحة ذويهم من إرهاق ومشقة السفر، والقدوم من أقصى محافظات الصعيد إلى القاهرة، واحتشادهم بصالة المطار.
وتكفلت شركة مصر للطيران، بتحمل 50% من رسوم نقل الجثامين.
تحرك برلماني
قال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة، ونائب أسيوط، إنه سيعمل على تخصيص مبالغ مالية من الموازنة العامة 2019/2020، لتشغيل حجر صحي بإحدى مطارات الصعيد.
وأضاف عمر في تصريحات ل"مصراوي"، أن هناك 4 مطارات بمحافظات الصعيد (أسوان، أسيوط، سوهاج، الوادي الجديد) لا يوجد بها حجر صحي لاستقبال جثامين المتوفيين من المصريين بالخارج، غير أن مطار الأقصر يحتوى على حجر صحي، ولا يمكن أن يخدم جميع أبناء الصعيد لبعد المسافة.
ولفت وكيل الخطة والموازنة إلى إنه تابع عمليات نقل الجثمان، مع رئاسة الوزراء، منذ اللحظات الأولى لوقوع الحادث، التي استطاعت إنهاء الإجراءات وعمليات النقل في 48 ساعة.