إقبال ملحوظ على لجنة كفور النيل بالفيوم مع انطلاق اليوم الختامي لجولة الإعادة بانتخابات النواب    منها زيادة المنح، وزير التعليم العالي يبحث مع سفير موريتانيا تعزيز التعاون    «الإحصاء»: 3.7 مليار دولار صادرات مصر من الوقود والزيوت المعدنية خلال 9 أشهر    تعاون استراتيجي بين مصر وجيبوتي في قطاعات النقل البحري والطاقة الخضراء    اليوم.. ترامب وزيلينسكي يجتمعان في فلوريدا لبحث خطة السلام    نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة للقاء ترامب    باكستان: مشاركتنا في حفظ السلام بغزة لا تشمل نزع سلاح حماس    أحمد شوبير عن وداع الأهلى كأس مصر: لم يحترم المنافس    موعد مباراة كوت ديفوار والكاميرون في كأس أمم أفريقيا والقناة الناقلة    تجديد حبس عامل متهم بالتعدي جنسيا على فتاة من ذوي الهمم في العباسية    «الأرصاد» تحذر: استمرار تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    «الداخلية» تقرر السماح ل 39 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    بعد رحيله اليوم، من هو المخرج عمرو بيومي؟    تكافل وكرامة أكبر برنامج دعم نقدى فى المنطقة العربية    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    مصر والمغرب صدام كروى مؤجل    موعد صرف مرتبات شهر يناير 2026 لجميع العاملين بالدولة بعد تبكيره    البطل الذى جعل من العلم سلاحًا    انتخابات النواب، إقبال ضعيف على لجنة السيرة الحسنة بالإسكندرية في جولة الإعادة    كيف ينتج تنظيم الإخوان ازدواجيته.. ثم يخفيها وينكرها؟    التعليم فى عام 2025.. مناهج ذكية وبرمجة وإطلاق البكالوريا المصرية    حين تتحول المسئولية المجتمعية من شعار إلى فعل    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    حبس مها الصغير شهر بتهمة سرقة لوحات لفنانين أوروبيين وتغريمها 10 آلاف جنيه    اليوم.. جنازة المخرج داوود عبدالسيد من كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    كاسات الزبادي بالفواكه والمكسرات والعسل، فطار خفيف أو سناك مشبع    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 25 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    إصابة شخصان إثر تصادم ميكروباص مع توك توك بقنا    المشدد 15 سنة لعامل خطف شخصا واحتجزه بسبب خلافات مالية بالإسكندرية    الجيش الأردني يحبط محاولتي تسلل وتهريب مخدرات على الحدود الشمالية    وزارة الصحة تكرم قيادات مديرية الشئون الصحية بأسيوط لتميزهم في عام 2025    لافروف: القوات الأوروبية في أوكرانيا أهداف مشروعة للجيش الروسي    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    الدفاع العراقية: 6 طائرات جديدة فرنسية الصنع ستصل قريبا لتعزيز القوة الجوية    نيللي كريم وداليا مصطفى تسيطران على جوجل: شائعات ونجاحات تُشعل الجدل    الأقصر تستقبل العام الجديد بأضواء مبهرة.. ورفع درجة الاستعداد | صور    محمد معيط: العجز في الموازنة 1.5 تريليون جنيه.. وأنا مضطر علشان البلد تفضل ماشية استلف هذا المبلغ    فيديو جراف| تسعة أفلام صنعت «فيلسوف السينما».. وداعًا «داود عبد السيد»    انتخابات النواب| محافظ أسيوط: انتهاء اليوم الأول من جولة الإعادة بالدائرة الثالثة    «الداخلية» تكشف مفاجأة مدوية بشأن الادعاء باختطاف «أفريقي»    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    آسر ياسين ودينا الشربيني على موعد مع مفاجآت رمضان في "اتنين غيرنا"    «زاهي حواس» يحسم الجدل حول وجود «وادي الملوك الثاني»    لافروف: أوروبا تستعد بشكل علني للحرب مع روسيا    هل فرط جمال عبد الناصر في السودان؟.. عبد الحليم قنديل يُجيب    بعد القلب، اكتشاف مذهل لتأثير القهوة والشاي على الجهاز التنفسي    6 تغييرات فى تشكيل منتخب مصر أمام أنجولا    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    الأهلي يفتتح مشواره في كأس مصر بمواجهة المصرية للاتصالات.. شاهد الآن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألبومات ذات صلة
نشر في مصراوي يوم 17 - 11 - 2018

كان صباح يوم الاثنين، الموافق 15 أكتوبر الماضي غيرَ كل صباح؛ فلم يتم الأستاذ ناصر كتابة الحكمة الصباحية المعتادة على السبورة السوداء، في الحصة الأولى؛ وبين حروف الكلمة الأخيرة سقط لافظًا أنفاسه الأخيرة، بين تلاميذه داخل معهد "طنط الجزيرة" الأزهري، مركز طوخ، محافظة القليوبية..!
هرول التلاميذ نحو المدرسين بالفصول المجاورة، "الحقوا أستاذ ناصر رشدي تعبان"، اتجه يوسف منصور، الإداري بالمعهد، نحو فصل مدرس الرياضيات، ليجده مفترشًا الأرض، يحاول تلاميذه احتضانه وإيقاظه، يحملونه على الفور نحو الوحدة الصحية المجاورة للمعهد، لم تكتمل دقيقة واحدة حتى أخبرهم الطبيب: "البقاء لله". أصيب بهبوط حاد في الدورة الدموية، ومات.
إلى جوار بوابة المعهد، من الداخل، كان سامح محمد، مدرس اللغة الإنجليزية، يجلس وحيدًا على أحد المقاعد الذي اعتاد أن يشاركه فيه الفقيد، بين فواصل الحصص الدراسية، ينظر إلى اللافتات التي تحمل صورة، المطعمة بأبيات الشعر، وكلمات الرثاء، يسند ظهره إلى الخلف، ويتذكر: "كان دايما حريص على الحضور قبل الطابور المدرسي، وكان حريص إنه يمشي آخر واحد"، يسترجع فرحته بحصول المعهد الأزهري على شهادة الجودة، وكيف كان متحمسًا لتلك المسؤولية، ومصرًا على النجاح، يتنهد المدرس قبل أن يستأنف بجزع: "كان راجل ونعم الأخلاق كان العمود الفقري بتاع المعهد وخلاص العمود الفقري راح".
يذكر محمود عادل بكري، إخصائي تغذية بالمعهد: "أنا كنت تلميذ الأستاذ ناصر من سنة أولى ابتدائي كان أب وأخ لحد ما ربنا كرمني واشتغلت في المعهد معاه، وعرفته أكتر بجد كان إنسان وأخلاق".
يسترجع محمود عندما كان تلميذًا، وكان الأستاذ ناصر يقوم بتصوير الأوراق المهمة في مادة الرياضيات، لشرحها لهم: "كان بيقول أي حد محتاج حاجة يعرفني، عمره ما طلب مننا فلوس بالعكس كان بيتكفل بتلاميذ كتير ويساعدهم"، واقترح على أهالي القرية أن يتم تحويل اسم المعهد من معهد طنط الجزيرة إلى اسم معهد ناصر رشدي الابتدائي الأزهري؛ رداً للجميل.
بعد انتهاء كل يوم دراسي، يخرج تلاميذ المعهد من الفصول بصحبة أحد المدرسين، يحملون لافتات ورقية تحمل اسم مدرسهم، ويتجهون نحو المقابر التي تحضن جثمان الأستاذ ناصر، والتي تبعد عن المعهد حوالي 300 متر، وبعد الانتهاء من الزيارة يتجه كل تلميذ الي منزله.. عادة جديدة اكتسبوها منذ يوم رحيله، بلهجة حماسية تملؤها البراءة، يقول محمد، أحد تلاميذ المعهد، في الصف الخامس الابتدائي: "كلنا كنا بنحبه كان بيخاف علينا وعمره ما ضربنا"، يلتقط أنفاسه، ويردف: "يوم الوفاة رُحنا المقابر صفين صف بنات وصف أولاد، وقرينا سورة الفاتحة وسورة الملك وطلبنا من ربنا أن يدخله الجنة عشان بنحبه".
كانت جنازة الأستاذ ناصر شعبية مهيبة، اصطف المعلمون والتلاميذ والعائلة والأصدقاء لتوديع جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير بمقابر القرية، بحسب شقيقه الذي قال: "عاش مخلصًا لعمله وفيًا للطلاب يقدم لهم دائما النصائح قبل الدرس، ومات وهو يقوم بواجبه بالتدريس للطلاب والتلاميذ".
لم يكن الحاج مظهر بالقرية لحظة وفاة شقيقه الأصغر، ناصر، ولكنه تلقى خبر الوفاة هاتفيًا من أحد الأقارب "والله بعد ما سمعت الخبر حسيت بإحساس عمري في يوم ما حسيته، إحساس الكسرة والوحدة".. يتذكر الرجل الستيني عندما سلمه ناصر قبل وفاته بأيام وصيته وأوراق ممتلكاته، ليعلق في رقبته مسؤولية كبيرة: "قلت له هتسبني لوحدي في الهم ده وانت بتكبر دماغك".
بصوت حزين، وعيون امتلأت بالدموع تروي سمر، ابنة الفقيد، كيف تلقت خبر وفاة والدها: "أنا كنت في المدرسة، وفجأة لقيت حد من قرايبي بيستأذن من المدرسة علشان أروح البيت لأن بابا تعبان شوية، لم تقتنع الفتاة بما قاله ابن عمها، "كنت حاسة إن فيه حاجة أكبر من كده لدرجة إن الدموع كانت نازلة لوحدها قبل ما اعرف حاجة".. صدمة قاسية ضربت قلب الفتاة حينما اقتربت من المنزل، الذي تجمع حوله جميع أفراد القرية: "نزلت من العربية مكنتش عارفة فيه إيه، والناس كلها بتبص عليا" وحينما دخلت المنزل، وجدت جميع أقاربها يرتدون ملابس الحداد: "فجأة من غير ما أسال أغمي عليا".
على بعد أمتار، وقفت سمر، ابنة الفقيد الصغرى، تستمع إلى حديث شقيقتها في صمت، تغطي الدموع عينيها، تقاوم صمتها وتتلفظ: "أنا عمري ما هصدق إن بابا مات، هو على طول معايا"، قبل أسبوع من وفاته، وجه إليها آخر طلباته، هكذا تتذكر: "أنا عاوزك يا سارة تحفظي القرآن، علشان في الحفلة بتاعة المعهد أكرّمك مع تلاميذ القرية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.