قبل شهرين؛ استعّد فادي أبو صلاح للمشاركة في مخيمات العودة بشرق خانيوس برفقة زوجته وابناؤه الخمسة، مّر على منزل أسرته، قّبل جبهة والدته، مازحها هي وأخواته، حاولوا إثناؤه عن القرار، لكنه أصّر "نيته الشهادة من يومه" تحكي شقيقته إسراء لمصراوي "قالنا بدي روح على وارجع.. وما رجع"، إذ استشهد الشاب الثلاثيني أمس الاثنين في احتجاجات أهالي قطاع غزة على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. في تقويم أسرة أبو صلاح،كانت أول مرة يُضاف حدثًا مُفجعًا قبل عشر سنوات، في الرابع عشر من مايو لعام 2008 تلّقوا النبأ؛ صاروخ إسرائيلي ينل من أقدام الأخ الأكبر، بُترت ساقيّ فادي، لكنه صبر واحتسب، لم يعطله ذلك عن المشاركة في أي تظاهرات ضد الاحتلال، حين يسمع عنها، يخرج على كُرسيه المُتحرك، يتوجّه إلى مكان الحدث، ويُقاتل. تواجد أبو صلاح بين الحشود مميزًا، يُلاحظ بينما هو يهتف من على كُرسيه المتحرك، تشهد بتر أقدامه على ما حدث. أمس الاثنين، كان يقف في منطقة الفراحين، بعيدًا عن الخط الزائل بقرابة خمسمائة مترًا، برفقة صديقه الصحفي نِضال أبو الطير، تشتعل الأحداث، تصل إلى ذروتها في الواحدة ظهرًا، يسقط مئات الشهداء، يُقرر نضال التحرك لالتقاط الصور ويترك صديقه للحظات. حين عاد أبو الطير إلى أبو صلاح، وجده مُسجى في دمائه، نال طلقات نارية في قلبه، فارتقت روحه إلى بارئها، تتساءل شقيقته "ماذا فعل فادي كي يُحرم من أهله وأطفاله وهو مُقعد على كرسي متحرك، لا يحمل حتى سلاح". على مواقع التواصل الاجتماعي، أخذت صور لشخص يجلس على كرسي مُتحرك بينما تقبض يداه على الحجارة، فيما يقول نضال إنها لا تخص فادي أبو صلاح "نفس الحالة لكن هذا ما هو ". الحزن يزور منزل أبو صلاح مُجددًا، تمامًا مثلما حدث منذ عشر سنوات، لكن هذه المرة أبو صلاح ليس بينهم، لكن صورته ترتكز أمام مكان العزاء بشريطة العزاء، تحكي شقيقته أن ابنه الأكبر ذي السبعة أعوام "جه يحكي لي بابا عم يطّلع فيا عمتو من صورته"، تُصبّر نفسها بأن ذكراه لن تبرح البيت "روحه معنا في كل مكان".