كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثالًا للعدل، فقد كان يعطي كل ذي حقٍ حقه ولا يتوانى في ذلك، حتى يؤدي كافة الحقوق إلى أصحابها. ومثال على عدل النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ما حدث مع أحد الصحابة الكرام رضوان الله عليه في غزوة بدر، وقد كان يحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبًا جمًا، حتى أنه أراد أن يكون أخر عهده من الدنيا أن يعانق جسده جسد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. فقد كان النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يوم بدر يمر على صفوف الجند ليتفقدهم وكان بيده الشريفة قضيب من سواك يعدل به الصفوف، فمر بهذا الصحابي وهو خارجًا قليلًا عن الصف، فحركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعود السواك إلى الخلف ليساوي الصف وقال له: "استوِ" حينها وجد سيدهذا الصحابي الكريم الفرصة سانحة ليفوز بفوز عظيم، فاستغل الموقف وقال: "آآآآه .. أوجعتني يا رسول الله، وقد بعثك الله بالحق، فأقدني". فكشف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بطنه، ثم قال له: "استقد" –اقتص"، حينها انكب هذا الصحابي فاعتنق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبَّل بطنه الشريفة. إنه الصحابي الكريم سواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار رضي الله عنه، وعندما قام بهذا الفعل تعجب الصحابة الكرام، وسأله النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "ما حملك على هذا يا سواد؟" فقال سيدنا سواد: يا رسول الله، حضر ما ترى فلم آمن القتل، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمسَّ جلدي جلدك. فدعا له رسول الله بخير، وقال له خيرًا. فعود السواك الذي ساو به النبي الصفوف لم يؤلم سيدنا سواد بن غزية، ولكنة أراد أن يغنم بملامسه جسد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن يعانقه قبل الذهاب للمعركة.