انطلق قادة عرب ومسلمون في شجب وإدانة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس، عقب اعترافه بالمدينة المُحتلة عاصمة لإسرائيل. وفي سبيل ذلك نُظّمت عدد من الاجتماعات لم يتمخّض عنها سوى بيانات تؤكّد "فلسطينية وعربية" القدسالمحتلة، وتستنكر القرار، بأشد العبارات، مُطالبة واشنطن بالعدول عنه. وفي هذا الصدد، عُقِد اجتماعان طارئان لبحث القرار الأمريكي حول القدس؛ أولهما كان لوزراء الخارجية العرب في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، والثاني لمنظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول. واتفقا الحضور المشاركون في كلا الاجتماعين على رفض القرار الأمريكي باعتبار القدسالمحتلة عاصمة لإسرائيل، مُعتبرين إيّاه "انتهاكًا للقوانين الدولية". "اجتماع طاريء" وعُقِد اجتماع طاريء لوزراء الخارجية العرب، السبت الماضي، لبحث تداعيات قرار ترامب بشأن القدس برئاسة وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف وحضور أمين عام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط، بمشاركة وزراء خارجية مصر والمملكة العربية السعودية، فلسطين، لبنان، تونس، قطر، موريتانيا، اليمن، الجزائر. أدان الوزراء العرب، في بيانهم الختامي، قرار الولاياتالمتحدة بنقل سفارتها في تل أبيب إلى القدسالمحتلة، معتبرين أنه "يقوّض جهود تحقيق السلام ويعمق التوتر ويفجر الغضب ويهدد بدفع المنطقة إلى هاوية المزيد من العنف والفوضى". وطالب مجلس الجامعة العربية الولاياتالمتحدة بإلغاء قرارها حول القدس والعمل مع المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإنهاء احتلالها اللاشرعي واللاقانوني لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ الرابع من يونيو من العام 1967. وقرر المجلس إبقاء اجتماعاته في حالة انعقاد والعودة للاجتماع في موعد أقصاه شهر من الآن لتقييم الوضع والتوافق على خطوات مستقبلية في ضوء المستجدات بما في ذلك عقد قمة استثنائية عربية في المملكة الأردنية الهاشمية بصفتها رئيسًا للدورة الحالية للقمة العربية. وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، أن مبادرة السلام العربية التي أقرت عام 2002 لا تزال قائمة ولا بديل لها اليوم. وقال البيان الختامي، "إن هذا التحول في سياسية الولاياتالمتحدةالأمريكية تجاه القدس هو تطور خطير، ووضعت به الولاياتالمتحدة نفسها في موقع الانحياز للاحتلال وخرق القوانين والقرارات الدولية، وبالتالي فإنها عزلت نفسها كراع ووسيط في عملية السلام". "قمة استثنائية" وفي اسطنبول، عقد قادة منظمة التعاون الإسلامي قمة استثنائية، أمس الأربعاء، تلبية لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. وشارك في القمة 16 زعيمًا من أصل 57 دولة إسلامية عضو في التعاون الإسلامي، وأبرز القادة المتغيبين عن القمة كانا الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي حضر عنه وزير الخارجية سامح شكري، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز. في حين حضرها بصفة ضيف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. وأدان قادة الدول الإسلامية، في ختام قمتهم الطارئة، اعترافهم بالقدسالشرقية عاصمة لدولة فلسطينية، داعين دول العالم إلى اعتراف مماثل ردًا على قرار ترامب. وجاء في البيان الختامي لقادة التعاون الإسلامي: "نعلن القدسالشرقية عاصمة لدولة فلسطين وندعو الدول إلى أن تعترف بدولة فلسطينوبالقدسالشرقيةالمحتلة عاصمة لها". واعتبروا القرار الأمريكي "غير مسؤول ولاغ وباطل". كما دعوا إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967 وعدم القبول بأي تدخل دولي يسمح بشرعنة هذا الاحتلال، رفع الدعم المقدّم للفلسطينيين عبر تشكيل صندوق للقدس في منظمة التعاون الإسلامي، العمل على وضع ضغوط كبيرة اقتصادية وسياسية على إسرائيل من خلال وقف المشاريع المشتركة مع دول المنظمة، والدعوة لسحب سفراء دول المنظمة في الولاياتالمتحدة للتشاور، وتحديد العلاقات وتجميدها مع الدول التي تعترف بالمدينة المحتلة عاصمة لاسرائيل. أكد وزير الخارجية سامح شكري، أن القرارات الصادرة عن الاجتماع الطارئ للوزراء العرب والقمة الاستثنائية للتعاون الإسلامي، "تكمل بعضها البعض"، وكذا الاجتماع البرلماني العربي الذي يعقد اليوم الخميس بالمغرب. وقال شكري، في تصريحاته لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الخميس، إنه بالتأكيد فإن كل الجهود التي تبذل جميعها في هذا الصدد تصب في إطار حماية القدس والعمل على عدم تغيير هويتها أو وضعها القانوني. يأتي ذلك على خلفية خطاب ألقا ترامب من البيت الأبيض، مساء الأربعاء الماضي، أعلن خلاله اعتراف بلاده رسميًا بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، وسط غضب عربي وإسلامي، وقلق وتحذيرات دولية. ويشمل قرار ترامب الشطر الشرقي لمدينة القدس التي احتلتها إسرائيل عام 1967، في خطوة لم تسبقه إليها أي دولة أخرى. ويتمسك الفلسطينيونبالقدسالشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة استنادا إلى قرارات المجتمع الدولي التي لا تعترف بكل ما ترتب على احتلال إسرائيل للمدينة عام 1967، ثم ضمها إليها عام 1980، وإعلانها القدسالشرقية والغربية "عاصمة موحدة وأبدية" لها.