قبل سنة ونصف، أحضر "عبد النبي ا."، شابا من قريته بالصعيد يدعى "سيد ع."، للعمل في مخبز بمنطقة المغربلين بالقاهرة، قبل أن ينهي الأخير حياة الرجل المسن طعنا بسلاح أبيض داخل غرفته، مساء الأحد الماضي. "مارست معه الشذوذ، وقرفت منه".. بهذه الكلمات برر "سيد" جريمته في اعترافاته أمام المقدم أحمد قدري رئيس مباحث قسم شرطة الدرب الأحمر، فيما أكدت التحريات أن المجني عليه تعرف على المتهم قبل سنه ونصف وكان يتردد على مسكنه الذي شهد مسرح الجريمة، وفي يوم الواقعة، مارس معه الشذوذ، وانقض عليه وطعنه ب"كتر". قبل ثلاثين عامًا، ترك "عبد النبي" قريته بالفيوم وقدم إلى القاهرة للعمل حارسا لعقار بمنطقة "المغربلين" بالدرب الأحمر، ومديرًا لفرن، موجود أسفله. منزل متواضع من أربعة طوابق كان يقيم ويعمل به المجني عليه، يحتل المخبز الطابق الأول، وفي الطابق الثاني توجد حظيرة مواشي يقوم الضحية على رعايتها ويعيش كذلك داخل حجرة صغيرة بجانبها، أمَّا الطابق الثالث فيسكنه "وليد.ع" مالك المخبز والعقار. أمام المنزل وقف عدد من بائعي الخضروات والفاكهة، يتحدثون جميعا عن الجريمة، ويبحثون عن إجابة لسؤال لماذا قتل "سيد " ابن بلدته "عبدالنبي"؟ "كنت مسافر وماشوفتش حاجة" قالها أحد الباعة، ل"مصراوي"، قبل أن يضيف: علمت من الأهالي أن المتهم والمجني عليه يمارسان الشذوذ مع بعض، وفي يوم الواقعة وبعد انتهائهما انقض عليه المتهم مستغلا ضعفه وكبر سنه ولم يتركه إلا جثة هامدة. تدخل بائع آخر مصدقا على رواية الأول، قبل أن يضيف: سيد قتله بسبب خلافات مالية، "عبد النبي استلف منه فلوس ولم يسددها". "أقدام حافية وثياب مهلهلة وصوت جهوري يملأ المكان بالطمأنينة"، بهذه الكلمات وصفت إحدى الجارات تدعى "أم سعد" المجني عليه "عبد النبي"، قبل أن تضيف "كان مسئول عن الفرن وحظيرة المواشي، ودايما يسافر ويجيب عمال من بلدهم تساعده في الشغل". تضيف الجارة: "عمال كتير كانوا يترددوا على المكان، وبيتغيروا من وقت للتاني، لكن أنا معرفش المتهم، والفرن قفل قبل الحادث بحوالي شهر بسبب مشاكل في الترخيص". في العاشرة من مساء الأحد الماضي (يوم الواقعة)، هم "وليد ع." مالك الفرن، للنوم داخل شقته في الطابق الثالث، قبل أن يسمع صوت تدفق المياه من الطابق الرابع، فخرج لاستبيان الأمر، وشاهد "المتهم" يخرج من مسكن الضحية، فسأله: "فين عبدالنبي؟".. فردّ: "نايم جوه" وغادر مسرعًا. يقول "وليد" ل"مصراوي": "دخلت أدور على عبد النبي عشان يشوف مصدر المياه.. ملقتوش، ولقيت أطفال جيراننا بيلعبوا بخرطوم ميه، وفضلت أدور عليه ف كل الغرف ملوش أثر، فاتصلت بأخوه أسأل عليه"، مضيفًا "سألنا عليه كل اللي يعرفوه لكن ملوش أثر". "متكوم على الأرض وبه 4 طعنات متفرقة ومتغطي بهدوم قديمة تحت ماسورة صرف"؛ هكذا بدت جثة "عبدالنبي" عند عثور شقيقه "أحمد" عليه داخل حجرته بعد 3 ساعات من البحث بمشاركة مالك الفرن، الذي اتصل سريعًا بالنجدة والإسعاف في محاولة لإنقاذه لكن أخبره أحدهم أنه لفظ أنفاسه الأخيرة. يشير "وليد" إلى أن صغر حجم الضحية وكبره في السن سهلَ للقاتل الإجهاز عليه ومن ثم "تكويم" جسمه تحت ماسورة صرف المواشي، مؤكدا عدم رؤيته للمتهم بقتله من قبل، موضحا: "كان بيشتغل في فرن تاني جنبنا، والفرن بتاعي مغلق منذ فترة بسبب التراخيص". وما إن تلقى اللواء محمد منصور مدير مباحث العاصمة إخطارا بعثور الأهالي على جثة " عبدالنبي" مصابا بطعنات متفرقة بالجسم، حتى أمر بتشكيل فريق بحث برئاسة العميد نبيل سليم رئيس المباحث الجنائية بالمديرية، والعميد عمر البستاني مفتش المباحث ، والرائدين أحمد قدري رئيس مباحث الدرب الأحمر وأحمد ملش رئيس باب الشعرية. وبعد مرور 4 أيام، توصلت تحريات المباحث إلى أن وراء ارتكاب الواقعة المتهم "سيد ع." 28 سنة، عامل بفرن مجاور لسكن المجني عليه، على خلفية خلافات مالية وممارستهما الشذوذ. واعترف المتهم في تحقيقات نيابة حوادث جنوبالقاهرة الكلية، برئاسة المستشار أحمد معاذ، بارتكاب الواقعة، وأمرت بحبسه 15 يومًا بتهمة القتل العمد، وصرَّحت بدفن الجثة بعد تشريحها، وتسلمه ذويه ودفنوه بالفيوم. ومازال الفرن مغلقًا حتى الآن، ودفع الحادث مالك الفرن إلى تركيب باب حديدي إضافي خوفًا عائلته وأطفاله.