على مدار أربعة أعوام استطاع تنظيم داعش الاستيلاء على مساحات واسعة في سورياوالعراق، وأعلن "خلافته المزعومة" من على منبر مسجد النوري التاريخي في الموصل، واختار مدينة الرقة السورية لتكون عاصمته، فتدفق عليه مقاتلون من البلدان المجاورة، وآخرون من أوروبا، وحاول تأسيس كيان أوهم الجميع بأنه لن يُقهر، غير أنه تلقى خسائر متلاحقة مؤخرًا أفقدته السيطرة في سورياوالعراق. ومع مرور الوقت، بايعت جماعات متطرفة أخرى التنظيم، في ليبيا والفلبين وأفغانستان وغيرها من البقاع، إلا أن الوضع لم يبقَ كما هو عليه، إذ أن العمليات العسكرية التي شنتها القوات المحلية (السورية- العراقية- الكردية) المدعومة جوا وبرا من روسيا والتحالف الدولي بقيادة واشنطن وميليشيات إيرانية ولبنانية استطاعت إلحاق العديد من الهزائم بالتنظيم، فقد معاقله، وكانت أخرهم الرقة. وفيما يلي نستعرض أبرز المدن التي خسرها داعش بعد معارك ضارية تسببت في نزوح ومقتل الآلاف من المدنيين والمقاتلين: · في العراق:
الفلوجة كانت الفلوجة، التي تبعد 50 كيلومتر عرب بغداد، أول مدينة عراقية تخرج عن سيطرة الحكومة، وتقع تحت سيطرة داعش في عام 2014، وقبل إعلان "خلافته المزعومة" بستة أشهر. واستطاعت القوات العراقية تحرير المدينة من أيدي التنظيم، وذلك بإعلان قائد عمليات الفلوجة أن القوات استعادت السيطرة على آخر منطقة خاضة لسيطرة داعش في الفلوجة. وحاصرت القوات العراقية المئات من عناصر داعش، خلال محاولة تسللهم إلى بحيرة الرزازة قرب عامرية الفلوجة. وتسببت المعارك بين مقاتلي داعش والقوات العراقية في نزوح الآلاف من مواطني الفلوجة، وبحسب المركز النرويجي لحقوق اللاجئين، فقد وصل عدد النازحين في الثلاثة أيام الأخيرة من المعارك إلى 30 ألف شخص. الرمادي وفي مايو 2015، تمكن داعش من تحقيق أحد أكبر انجازته بسيطرته على مدينة الرمادي، عاصمة الأنبار العراقية، والتي تبعد 112 كيلومتر غرب العاصمة العراقيةبغداد، ليكون بذلك تمكن من السيطرة على أكبر محافظتين بالعراق، إذ كانت الموصل في قبضته. وبعد عدة أشهر، بدأت القوات العراقية عملية عسكرية بهدف تحرير المدينةالعراقية، بدأت في ديسمبر من العام ذاته، وانتهت في فبراير العام الماضي، بتحرير المدينة وتطهيرها من مقاتلي التنظيم. وأفاد مجلس محافظة الأنبار بأن البنى التحتية في المدينة تعرضت للتدمير شامل بلغت نسبته حوالي 80 بالمئة، وبدأت القوات في عملية تطهير المدينة من الألغام والمتفجرات التي زرعها مقاتلو التنظيم هناك. تكريت لم يستغرق الأمر سوى بضع ساعات حتى تمكنت داعش من السيطرة على مدينة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين العراقية، التي تبعد 160 كيلومتر عن بغداد، لتصبح المدينة بالكامل تحت سيطرتهم في فبراير 2014. وبعد دخولهم المدينة، ذبح مقاتلو التنظيم 15 عنصرا من أفراد الشرطة والجيش. وشنت القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي هجوما على المدينة في أبريل 2015، بهدف استعادتها من أيدي التنظيم، وأسفر القتال عن مقتل العشرات من التنظيم، والذين تحصنوا داخل المدينة بعد دخول القوات العراقية. وبحسب مصدر أمني في قيادة المعركة، فإن المعركة تسببت في مقتل 312 من أشرس مقاتلي التنظيم، والمعروفين باسم "الانغامسيين". الموصل استمرت المعارك أربعة أيام قبل أن يتمكن التنظيم من فرض سيطرته على المدينة الموصل، ثاني أكبر مدينة عراقية وأهم مدينة بعد العاصمة بغداد، وفي البداية أعلن داعش استيلائه على الجانب الأيمن من المدينة، ثم استطاع احتلال الجانب الأيسر مستغلا تعاطف بعض السنة معه، والذين عانوا من تمييز النظام العراقي لسنوات، واعتقدوا أن مقاتلي التنظيم سينصفوفهم أخيرا. وفي يونيو 2014، أعلن قادة التنظيم سيطرتهم على المنشآت الحيوية في المدينة، من بينها مبنى المحافظة والمطار. وبعد ثلاثة أعوام، استطاعت القوات العراقية، مدعومة بغارات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة، من استعادة الموصل. كانت القوات العراقية قد أطلقت عملية "تحرير الموصل" أو "قادمون يا نينوى" في أكتوبر الماضي، وتمكنت في يوليو الماضي من محاصرة من تبقى من مسلحي "داعش" في مساحة تقل عن كيلو متر مربع. وانقسمت المعركة إلى جزأين: بدأت بالساحل الأيسر من المدينة، والذي تم تحريره من مقاتلي التنظيم بسهولة، كما أن داعش لم يمنح ذلك الجزء من المدينة أولوية كبيرة وكثف جهوده لحماية الجانب الأيمن، نظرا لأنه يضم العديد من المراكز القيادية مثل مقر مجلة أعماق، الذراع الإعلامي للتنظيم، كما يوجد بها منطقة الموصل القديمة. وأسفرت معركة استعادة الموصل عن مقتل الآلاف ونزوح ما يزيد على 897 ألف شخص، بحسب منظمات إغاثية. تلعفر وقعت تلعفر في أيدي داعش في يونيو 2014، بعد معركة قاسية انتصر فيها مقاتلو التنظيم على القوات العراقية، وتدفقوا إلى أحيائها على متن سيارات رباعية الدفع محملة والأسلحة. بعد أسبوع من المعارك الضارية بين القوات العراقية ومقاتلي تنظيم داعش، في أغسطس الماضي، أعلنت وزارة الدفاع العراقية التحرير الكامل لمدينة تلعفر أحد أخر المعاقل الرئيسية التي كانت باقية في أيدي التنظيم الإرهابي. وتمثل تلعفر أهمية استراتيجية كبيرة، إذ أنها تقع في طريق الإمداد بين الموصل وسوريا، وتبعد 55 كيلومترا غربي الموصل، و150 كيلومتر غرب الحدود السورية، وينحدر منها بعض أكبر قادة تنظيم داعش، وكان يعيش فيها قبل الحرب حوالي 200 ألف نسمة. · في سوريا:
الرقة: سيطرت داعش على الرقة السورية عام 2014، واختارها لتكون قلب "دولته"، وأسس بداخلها هياكل الحكم ونفذ في ميدان الساعة الموجود بداخلها أكبر عدد من عمليات الإعدام البشعة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، اليوم الثلاثاء، بأن المدينة أصبحت خالية بالكامل من عناصر التنظيم. وذكر المرصد في بيان أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة بالتحالف الدولي بقيادة واشنطن تمكنت من السيطرة على الملعب البلدي وسط مدينة الرقة، والذي كان يتبقى به العشرات من مسلحي التنظيم حتى صباح اليوم. وأوضح أنه بالسيطرة على الملعب البلدي تصبح مدينة الرقة خارج سيطرة التنظيم وخالية بشكل كامل من عناصره. الميادين: وقعت الميادين، التابعة لمحافظة دير الزور، تحت سيطرة التنظيم في منتصف عام 2014، وتسبب ذلك في نزوح مئات الآلاف من المدنيين. وتمكنت القوات الحكومية السورية من السيطرة على الميادين، بعد شن هجوما عليها في أكتوبر الجاري،واستطاعت السيطرة على مساحة واسعة تمتد من الميادين حتى دير الزور. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الثلاثاء إن قوات النظام سيطرت بدعم روسي في الأيام الاخيرة "على بلدات وقرى كانت تعد مراكز ثقل للتنظيم على ضفاف نهر الفرات". الطبقة: وخسر داعش مدينة الطبقة، ثاني أهم معاقله في سوريا بعد الرقة، في مايو الماضي. وأشار المرصد إلى أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مدعومة من ضربات التحالف الدولي تخوض معارك شرسة ضد التنظيم الذي يستخدم طائرات من دون طيار وسيارات مفخخة وانتحاريين لصد الهجوم على الطبقة. · في الفلبين:
بعد خساراته المتلاحقة، حاول داعش تأسيس معقل جديد في الفلبين، وقالت مصادر من المخابرات الفلبينية، في مايو الماضي، إن حوالي 40 مقاتلاً جاؤوا في الفترة الأخيرة من الخارج وبعضهم جاء من دول في الشرق الأوسط كانوا ضمن ما بين 400 و500 مقاتل اجتاحوا مدينة ماراوي في جزيرة مينداناو. وأضاف المصدر "أن من بينهم إندونيسيون وماليزيون وباكستاني واحد على الأقل وسعودي وشيشاني ويمني وهندي ومغربي وشخص واحد يحمل جواز سفر تركي". وأعلن الرئيس الفليبيني رودريغو دوتيرتي، اليوم الثلاثاء، أن مدينة مراوي حُررت من الإرهابيين، بعد معارك مستمرة منذ خمسة أشهر لإنهاء سيطرة المقاتلين التابعين للتنظيم على أحياء كاملة من المدينة. وكان الجيش أعلن قبل ساعات أنه ما زال يبحث عن عشرين إلى ثلاثين مقاتلا في مناطقة المعارك، بينهم الماليزي محمود أحمد الذي شارك في التخطيط للهجوم على مراوي.