سحبت الولاياتالمتحدة نحو نصف العاملين في سفارتها في كوبا بعد تعرض بعضهم لأضرار صحية جراء "هجمات صوتية" غامضة، بحسب تقارير إعلامية أمريكية. كما حذّرت واشنطن رعاياها من زيارة كوبا، الأمر الذي وصفته الأخيرة ب"المتسرع" وقالت إنه سيؤثر على العلاقات الثنائية بين البلدين، نافية ضلوعها في أية هجمات. وأفاد ما لا يقل عن 21 موظفًا بتعرضهم لمشاكل صحية تتراوح بين صدمات الدماغ الخفيفة والصمم والدوار والغثيان. وفيما يلي نستعرض أبرز المعلومات عن "الهجمات الصوتية" التي أُثيرت، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، للمرة الأولى في أغسطس الماضي عندما أبعدت الولاياتالمتحدة اثنين من الدبلوماسيين الكوبيين من واشنطن، في الوقت الذي أشارت فيه تقارير أمريكية إلى أنه ربما استخدمت أجهزة صوتية لتوليد موجات صوتية غير مسموعة قد تسبب الصمم. كيف يعمل السلاح الصوتي؟ هناك خياران يعمل السلاح الصوتي في ضوئهما، إما يذهب في اتجاه الترددات المنخفضة إلى حدّ أقل من الممُكن أن يسمعه البشر- أي أقل من 20 هيرتز- وتُعرف بالموجات "تحت السمعية"، التي تستخدمها الحيوانات، بما في ذلك الأفيال والحيتان وأفراس النهر للاتصال، وتُعد- وفق الخبراء- الأصعب في الاستخدام كسلاح. أو الترددات المرتفعة التي تفوق قدرة البشر على الاستماع- التي تتجاوز ال20 ألف كيلو هيرتز- والمعروفة بالموجات "فوق السمعية"، التي يُمكن أن تؤدي إلى الدوار والتقيّؤ أو ربما التغوّط بشكل يصعب السيطرة عليه، في حال تم نشرها بشكل مُكثّف للغاية. وبحسب الخبراء، فإن الهجوم الصوتي الذي تُستخدم فيه الموجات "فوق السمعية" يُمكن أن يعتمد على "مجموعة كبيرة من مُضخّمات الصوت" التي لا تكون مُستترة إلى حد كبير. وأشاروا إلى أن تلك الموجات قادرة على تدمير أجزاء من الأذن، بما في ذلك الشُعيرات التي تلتقط الصوت، مُرجّحين أن يكون تم استخدامها في "القضية الكوبية". من يملك هذا النوع من التكنولوجيا؟ لم يتضح بعد من يملك هذه التقنية، كما أنه من غير المعلوم أيضًا من نفّذ هجوم كهذا على السفارة الأمريكية في الوقت الذي تُنكّر فيه كوبا تورّطها. ويُرجح خبراء أمنيون احتمالية تنفيذه من قِبل دولة ثالثة مُعادية للولايات المتحدة. وقالت اليزابيث كوينتانا، الباحثة البريطانية المتخصصة في التكنولوجيات الناشئة في شؤون الدفاع، "رُبما يكون وجود مثل هذه التكنولوجيا ليس مُفاجئًا أكثر من أن هناك من يعلم بهذه التقنية ويستخدمها". هل استُخدِم الصوت كسلاح من قبل؟ نعم؛ إذ يُستخدِم "مدفع الصوت" في السيطرة على الحشود من قبل قوات الشرطة في جميع أنحاء العالم، كما تم تركيبه على سفينة لردع القراصنة الصوماليين، وأتيح استخدامه لشرطة لندن خلال دورة الألعاب الأوليمبية لعام 2012، على الرغم من عدم استخدامه. بعض أنواع "مدافع الصوت" قادرة على إنتاج مستويات صوتية تصل إلى 150 ديسيبل في المتر الواحد، تؤدي إلى الصمم. وبإمكانها إصابة الشخص بالصمم على بُعد 15 مترًا، وبعضها يُمكن سماعه على بُعد أميال. وكذلك استُخدِم الصوت في العمليات النفسية أيضًا؛ إذ قام الجيش الأمريكي بتشغيل موسيقى "الميتال" وموسيقى الأطفال الغربية للأسرى خلال الحرب الأمريكية على العراق، في محاولة لحرمانهم من الراحة واستقطابهم خلال التحقيقات. وفي بعض الدول، كما بريطانيا، يستخدم بعض أصحاب المحال ما يُطلق عليه أجهزة "البعوضة"، وهي أجهزة تنبعث منها أصوات ذات ترددات عالية تتراوح سرعتها من 15 إلى 18 كيلو هيرتز، ولا يمكن سماعها من قِبل ما هم دون ال25، وتُستخدم في محاولة لإبعاد المراهقين من الوقوف بالقرب من مدخل محالهم. يقول جيمس باركر، الخبير في علم الصوتيات في جامعة ملبورن في أستراليا، للشبكة سي إن إن: "لا يُمكن سماع هذا الجهاز بالنسبة للبالغين، لأن حاسة السمع تضعف مع تقدّم السن"، مُشيرًا إلى أن أولئك الذين يتمكّنون من سماعه عادة ما يشعرون بالألم والغثيان. ما هي الأضرار الناجمة عن الهجوم الصوتي؟ الأضرار التي يُمكن أن تنشأ عن الهجوم الصوتي رُبما تتجاوز اعتلال حاسة السمع؛ فأعراضه قد تشمل "الصداع، الدوار، التقيّؤ، تشنّجات بالأمعاء، فقدان السمع، وقد يصل الأمر إلى حدوث تلف في الدماغ". ويقول خبراء إنه من غير المعلوم حتى الآن كيف يُمكن أن يتسبب الهجوم الصوتي في الإصابة "المُحتملة" بالصمم على المدى الطويل. وفي هذا الصدد، ذكرت شبكة "سي إن إن" أن موظّفي السفارة الأمريكية المتضررين في كوبا لم يتواجدوا في نفس المكان في الوقت عينه، لكنهم عانوا من أعراض جسمانية مختلفة منذ أواخر عام 2016 والتي كانت أشبه بحالات "الارتجاج"، بحسب مسؤول أمريكي، لكن لا يعرف أي نوع من الموجات الصوتية سبّب تلك الأعراض. وقال الخبير باركر: "الصوت لا يؤثر حقًا على الجسم إلا إذا كان صاخبًا للغاية أو يكون الشخص تعرّض له فترة طويلة"، مُضيفًا أن "مدى الصخب وطول فترة سماع الصوت يتوقّف على مُعدل التردد".