أعلنت مصر وثلاثة دول خليجية هي: السعودية، والبحرين، والإمارات، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وتبعتها اليمن، وليبيا، والمالديف في ذات الخطوة، الاثنين، وعللت القرار بأنه نتيجة لتدخل قطر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ودعم الإرهاب. وذكرت مكاتب سفريات في الإمارات، توفير خيارات بديلة للمسافرين الذين حجزوا تذاكرهم من وإلى قطر عبر شركات الاتحاد للطيران وطيران الإمارات وفلاي دبي، وذلك بعد قرار تلك الشركات بتعليق جميع رحلاتها للدوحة، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "البيان الإماراتية". بينما تحدثت تقارير إخبارية عن أزمات اقتصادية كبرى تعرضت لها قطر عقب القرار خاصة على صعيد النقل الجوي والبري، وما تبعه من آثار مباشرة وغير مباشرة على قطاعات حيوية ومن بينها التجارة وقطاع الأعمال. وبناء على قرار المقاطعة سيتم إغلاق الدول الخليجية لكافة المنافذ البحرية والجوية أمام الحركة القادمة إلى قطر والمغادرة منها، ومنع العبور لوسائل النقل القطرية كافة القادمة والمغادرة، على الخطوط القطرية والتي تعتبر رافدًا اقتصاديًا أساسيًا للدوحة التي ستكون مجبرة على تسيير رحلات طيران أطول خاصة إلى إفريقيا؛ وهو ما يقوض نموذج عملها المعتمد على مسافري الترانزيت. أما التجارة البرية في قطر فيحدث لها شلل كامل، لاقتصار الحدود البرية لقطر على السعودية التي تعتبر - إضافة إلى الإمارات - من أهم الشركاء التجاريين لقطر خاصة في مجال تجارة المواد الغذائية؛ فبمجرد الإعلان عن قرار المقاطعة شهدت الأسواق التجارية تكدسًا كبيرًا. وتشير تقارير إلى إمكانية أن يؤدي قرار الدول الخليجية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وتوقف التجارة البرية إلى تقويض حلم استضافة مونديال 2022 لأنها ستواجه عقبة كبيرة في استيراد غالبية متطلبات البناء الضخمة التي يحتاجها المشروع في ضوء اعتمادها على الحدود البرية السعودية. واعتبر سياسيون ودبلوماسيون سابقون، أن قرار قطع العلاقات مع قطر جاء متأخرًا وأنه نتيجة طبيعية للنهج الذي تتبناه قطر في سياستها الخارجية القائمة على التدخل في شؤون الدول الأخرى واستخدام أسلوب المتناقضات الذي لا يتناسب مع حجمها كدولة. واعتبر السفير أحمد أبو الخير، مساعد وزير الخارجية الأسبق ومدير إدارة شؤون دول مجلس التعاون الخليج بالخارجية المصرية، أن قرار قطع العلاقات مع قطر جاء متأخرًا لأن الاتهامات بمساندة الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول مضى عليه وقت، مضيفًا: "كان يجب أن يتم اتخاذ هذا القرار منذ فترة". ولفت أبو الخير إلى أن قطع علاقات الدول الخليجية يمثل إدانة صريحة لقطر، مضيفًا: "معنى ذلك أنه سيتم عزلها داخل نطاق الدول الخليجية وربما يكون مقدمة لتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي". من جهته، قال السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق ومدير إدارة الشؤون الخليجية بالخارجية المصرية سابقًا، إن القرار يمثل إجراءًا عقابيًا غير مسبوق جاء القرار بعد محاولات خليجية لإثناء قطر عن سياستها. وأضاف القويسني: "فالاتهام الواضح هو دعم الإرهاب، لكن التحليل العلمي لما تقوم به قطر هو أنها تتبع أسلوب إدارة المتناقضات في سياستها الخارجية، فهي تساعد مصر بودائع مالية في البنك المركزي ثم تقوم بدعم فصائل معادية لمصر". وتابع أسلوب قطر كان له ردود فعل عكسية تمثلت في اتخاذ مصر وبعض الدول الخليجية قرار قطع العلاقات معها، مشيرًا إلى أنه تم اتخاذ القرار بعد أن فاض الكيل بالدول الخليجية، وجاء عقب إشارات من أمريكا بالتعبير عن الضيق من النهج القطري في سياستها الخارجية". ولفت إلى أنه كان من الواضح وجود جفوة كبيرة بين الدول الخليجية وقطر خلال استقبال الأمير تميم بن حمد، أمير قطر، في القمة "الإسلامية الأمريكية" التي عقدت في الرياض الشهر الماضي، إضافة إلى وجود تحفظ مصري على دور قطر في دعم الإخوان وإفصاحها - بشكل غير مقبول - عن وجود علاقات وطيدة مع إيران، مشيرًا إلى أن القرار أحدث ثغرة كبيرة في الكيان الخليجي يمكن أن تستخدمها إيران لإنشاء محور قطريإيراني معلن سيكون له تأثير كبير على الدول الخليجية. وشدد القويسني على أن الموقف المصري ينبغي أن يتعامل بحكمة شديدة مع هذا الملف لاعتبارات وجود مصريين يعملون ويعيشون في قطر، حتي لا يؤثر ذلك بشكل ضار على المصريين هناك، لافتًا - في ذات الوقت - إلى أن وجود مصريين في قطر لا ينبغي أن يغل يد مصر في اتخاذ ما تراه من قرارات. أما الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي ومدير مكتبة الإسكندرية، فاعتبر أن قطر تحصد نتائج سياستها الغير مسؤولة في العقدين الأخيرين ووضع أنفها في كل مشكلات المنطقة، مشيرًا إلى أنها تغرد خارج السرب العربي وتعمل بصورة منفردة وما حدث نتيجية طبيعية لما تقوم به. ولفت الفقي إلى أن إيران تبدو سعيدة بتلك التطورات لأنها تحاول جذب بعض دول مجلس التعاون الخليجي باتجاهها؛ وهذا أول اختبار قاسي يتعرض له مجلس التعاون الخليجي الذي كان معروفًا بترابطه وتماسكه. وبينما قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، إنه لا يتوقع أن يؤثر قرار قطع العلاقات مع قطر بصورة كبيرة على قتال "داعش"، وحث دول مجلس التعاون الخليجي على حل خلافاتها، أكدت الخارجية الباكستانية أنه لا توجد لديها نية لقطع العلاقات مع قطر التي أبرمت معها صفقة للحصول على الغاز القطري ب16 مليار دولار على مدى 16 عامًا.