لا تملك تقريبًا شركة "أوبر" التي تعمل في مجال النقل عبر الهواتف الذكية أي أصول من مباني أو منشآت تذكر كحال معظم المؤسسات العالمية الكبرى، الشركة التي يعد تطبيقها على الهواتف الذكية استثمارها الأكبر، تأسست عام 2009 بسؤال واحد فقط، غالبا تبادر لذهن كل منا في مواقف عديدة؛ ماذا لو كان هناك شخص ما قريب مني الآن، وذاهب لنفس وجهتي؟ لماذا لا أذهب معه بسيارته الخاصة؟ أو يذهب معي لو كنت أملك سيارة؟ وهكذا الكل يستفيد Win-win Situation. كان يستدعى من لديه الفكرة والجراءة ليتخذ مثل هذه الخطوة، وأيضا يكون قادرًا على أن يوفر حلولًا تكنولوجيا تستطيع أن تربط كل الأطراف التي لديها استعداد لتقبل الفكرة، ومن هنا انطلقت شركة "أوبر"، وأمامها تلال من التحديات، فكونها أول من بدء هذا المجال، لا يعنى بالضرورة أن تظل متقدمة. ولمواجهة هذه التحديات تقريبًا هناك حالة طوارئ على مدار الساعة في الشركة الوليدة. اتيح لمصراوي أن يزور مقر أوبر في منطقة خليج سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، التي تعد أكبر مكان في العالم يحتضن شركات تكنولوجيا عالمية، مثل جوجل، فيسبوك، انتل، تويتر، سيسكو، اتش بي، أوراكل، وعشرات الشركات التكنولوجية. نحن نتحدث عن شركات قيمتها تتجاوز 3000 مليار دولار. نعم الرقم صحيح، وربما أكبر من ذلك بكثير. الاقتصاد التشاركي معادلة أوبر البسيطة التي تعرف بالاقتصاد التشاركي Sharing Economy جعلت لها مكان بين العمالقة، بعد أن وصلت قيمتها حاليًا 70 مليار دولار، ومرشحة للزيادة، وأمامها اختبارات صعبة كثيرة، وكما يقول خبراء مؤسسة IDC للأبحاث، "كل الاحتمالات واردة أمام أوبر، يمكن أن تصل قيمتها لأكثر من 300 مليون دولار في غضون خمس سنوات، أو تنتهي القصة سريعًا بخيبة أمل". ولأنه اقتصاد جديد فالمنافسة فيه على أشدها، في أمريكا ظهر منافس قوي لأوبر شركة Lyft، وفي الصين كانت هناك شركة ديدي، التي أنتهى التنافس معها ببيع عمليات أوبر في بكين مقابل حصة في ديدي، وفي أوربا ظهرت Gett، وفي الهند Ola، وفي منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا هناك كريم. وهذا سيكلف أوبر المزيد من الحملات الإعلانية بما فيها حوافز السائقين والخصومات للركاب. ولأن الفكرة ليست اختراع في حد ذاتها يبقى التميز في الجانب التقني وخدمات القيمة المضافة عناصر الحسم، ويقول اندرو سلزبرج، مدير أبحاث وسياسيات النقل بشركة أوبر: "الفكرة الذكية بالطبع كانت نقطة البداية، ولكن كان التحدي أن تقنع كل الأطراف أن تعتمد على تطبيق على موبايل في هذا الأمر الحيوي لهم، لكن الفوائد كانت مغرية للتجربة، ومن هنا بدأت القصة". ويضيف قائلًا: نحن الآن لدينا فهم أكثر وعيا بالنقل في العالم، وبالبنية الأساسية التي تتمتع بها المدن، وبالطبع هذا يعنى أننا مستعدين أكثر من أي وقت مضي لكي نساهم في حل مشكلات النقل في أكثر من 450 مدينة نعمل بها". ما يقرب من 10% من مستخدمي أوبر في أمريكا من جيل الملينيوم (الشباب مواليد 1980 وحتى نهاية التسعينيات) لا يفكروا جديا في شراء سيارة خاصة، ويقول براين تولكن، مدير حلول النقل المشترك في أوبر:" أثنان ينطلقان من نقطة متقاربة، ويصلان لنقطة متقاربة أيضا، ما المانع يتشاركا الرحلة، وهذه هي فكرة أوبر وأيضا جوهر فكرة uberPool". وهي خدمة تتيح مشاركات "التوصيلة"، مقابل سعر أقل بنسبة 40 في المئة، مع وقت أطول. وهذه الخدمة متاحة في 32 مدينة، للآسف ليس منهم القاهرة. وحسب ما ذكرته صوفي شميدات، عضو فريق العلاقات العامة بمقر أوبر بسان فرانسيكو، فإن القاهرة تعد واحدة من أسرع أسواق الشركة نمو على مستوى العالم، وتقول "القاهرة الأولى على الإطلاق من ناحية عدد الرحالات، وعدد السائقين في الشرق الأوسط وأفريقيا". وهو ما أكده عبداللطيف واكد، المدير التنفيذي لشركة أوبر في مصر، :"لعامين متوالين كانت مصر الأسرع نموا في عمليات أوبر في أفريقيا وأوربا". 2 مليار سيارة ! يسير في شوارع العالم حاليا ما يفوق 1.2 مليار مركبة (سيارات/شاحنات/نقل)، وبهذه الوتيرة يمكن أن يصل العدد إلى 2 مليار بحلول 2035، حسب إحصاءات مؤسسة "جرين كار كونجرس". وهذه السيارات مسؤولة عن 22 في المئة من نسبة انبعاثات الكربون على كوكب الأرض. والغريب فيما ذكرته تلك الاحصاءات أن السيارات تستخدم فعليا بمعدل 95 في المئة من الوقت. ويضيف مدير البحوث وسيارات النقل بأوبر: "النقل واحدة من أكبر مشاكل العالم، وحان الوقت للتكنولوجيا أن تتدخل وتحاول أن تكتشف حلول لهذه الأزمة العالمية اليومية". واحدة من النكات الشهيرة بين شركات وادي السليكون، "لو كانت شركات السيارات في العالم تطورت بقدر تطور شركات الكمبيوتر والانترنت، لكان البشر يذهبون لأشغالهم الآن بسيارات طائرة وليست فقط ذاتية القيادة". ويقول :"دعنا نبدأ بما يمكن أن نراه قريبا من الواقع الآن، التكنولوجيا تهتم الآن بصناعة النقل بشكل كبير". ويضيف "في أوبر نحن مهتمين بتطوير تجربة نقل مختلفة في السنوات القادمة، والسيارات ذاتية القيادة بالطبع خطوة جيدة". وفضل سلزبرج عدم التصريح بموعد مقترح لتقديم خدمة السيارات ذاتية القيادة. السيارة ذاتية القيادة ويري مات سويني، مدير المنتجات في شركة OTTO، التي استحوذن عليها أوبر قبل 6 أشهر، أن القرار لا يتعلق فقط بجانب التكنولوجيا، ولكنه أيضا متعلق بجاهزية المدن وأيضا القوانين. وقال:" التجارب بدأت بالفعل بشاحنات، ونقوم بالتجارب على الطرق السريعة، ونختبر إمكانية ذلك داخل المدن". وكانت أتو أجرت أول اختبار بشاحناتها ذاتية القيادة، في ديسمبر الماضي على طرق ولاية كاليفورنيا، ما جعل السلطات تحتج وتحذر من تكررا ذلك قبل أن تحصل الشركة على تصريح مناسب، بينما عقبت أوبر مالكة الشركة، "الأمر لا يتعدى التجريب". ومؤخرا توصلت الجهتين لاتفاقية تتيح استمرار التجارب، حسب ما نشره في وسائل إعلام أمريكية. هناك أكثر من 5 ملايين رحلة كل يوم تتم عبر تطبيق أوبر، وتحصل الشركة على حوال 20% من تكلفة كل رحلة، وواحدة من الأسئلة التي تدور في بال الكثيرين، على ماذا تنفق أوبر؟ حتى الآن لا تحقق الشركة مكاسب، بل في الواقع حققت خسائر وصلت لثلاثة مليارات دولار العام الماضي، حسب تقرير لموقع "ماشابل" التكنولوجي، وهي تنفق تقريبًا 1.55 دولار مقابل كل دولار تجنيه. ولكن الأمر لا يقلل المستثمرين، لأن الشركة في سنوات صعودها الأولى، وهذا دأب شركات التكنولوجيا، هكذا كانت بداية فيس بوك وجوجل. على ماذا تنفق أوبر؟ يقول بيير ديميتري، في بيان لشركة أوبر:" أبرز أوجه الأنفاق حاليا تتم في تطوير مشروع السيارات ذاتية القيادة، بالإضافة إلى تطوير مشاريع التوصيل والاعلانات ومكافئات السائقين وتحسين تجربة المستخدمين، وكذلك تطوير خرائط خاصة أكثر دقة وتحديث". ولان خدمة تعتمد بشكل أساسي على تطبيق على الهواتف الذكية، فتكون الأولية لإعطاء تجربة استخدام ذكية وبسيطة في نفس ذات الوقت، ويقول يانهي يامشيتا، مدير حلول تجربة المستخدمين:" في نوفمبر الماضي أطلقنا نسخة محدثة، وأبر ما فيها منطق السؤال الأول، "أين تذهب"، وهو أهم سؤال في عقل من يريدا مواصلة، وأضفنا خدمات كثيرة للاستماع للموسيقي، ولطلب الطعام، وقريبا ستتاح في أسواق أكثر". ويضيف :" التطوير يتم بناء على الاستخدام والاحتياج، لذا أضفنا إمكانية تأجير الدرجات الهوائية في هولندا، والدرجات البخارية في بانكوك". ربما لا يعرف الكثير من المستخدمين أن هناك تطبيق مخصوص للسائقين مختلف عن ذلك الذي يستخدمه من يطلب التوصيلة، ويقول نوندو جانكرم، مدير حلول السائقين:" هناك عملية تقييم تتم أيضا للركاب، وهناك مساحة لتبادل الخبرات والتجارب وطلب المساعدة". وعن ردود الفعل في تقديرات السائقين الضعيفة، يقول:" هناك متابعة مستمرة، وتبدا ردود الأفعال بالحصول على تدريب قصير أو طويل، ثم إيقاف، لضمان أن أسباب التقديرات الضعيفة تم تصويبها. وتقوم أوبر حاليا باختبار خدمات جديدة تتيح للسائق أن يحدد توقيت ومكان ما يريد أن يصل إليه، ويقول جانكرم "في أحيان كثيرة يريد السائق أن تكون الرحلات التي يأخذ في نهاية يومه قريبا من منزله، وهذا ما نعمل على اختباره حاليا".