قالت مجلة الإيكونوميست، الجمعة، إن سلسلة من الحوادث التي أدت لاضطرابات في علاقة أكبر وأغنى بلدين في العالم العربي، مشيرة إلى الخلافات الأخيرة بين مصر والسعودية. وأشارت المجلة البريطانية العريقة إلى أن السعودية ضخت ما يقرب من 25 مليار دولار في مصر بعد الإطاحة بمحمد مرسي وحكومة الإخوان المسلمين في يوليو 2013، عندئذ ساعدت الأموال التي ضختها السعودية تجنب الانهيار الاقتصادي لمصر، لكن بعد سلسلة من الخلافات بين البلدين إثر تحولات إقليمية ومحلية قررت السعودية وقف ضخ المساعدات لمصر. والسبب - تقول الإيكونوميست - الحرب في سوريا التي تنخرط فيها أطراف إقليمية كثيرة حتى تحولت إلى حرب طائفية. القوى السنية تقودها السعودية وتدعم المتمردين للإطاحة ببشار الأسد، والقوى الشيعية مثل إيران وحزب الله التي تدعم بشار الأسد (وهو علوي، إحدى طوائف الشيعة). حتى الآن كل ذلك متوقع، ولكن مصر، الدولة السنية أعلنتها صراحًة أنها تدعم الرئيس السوري بشار الأسد. واتضح ذلك كثيرًا في أكتوبر، عندما ضغط وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، على مصر للانضمام للمحادثات الدولية عن سوريا من أجل تعزيز الوحدة الموالية للأسد. وبعد مرور عدة أيام، صوتت مصر لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول الحرب في سوريا والتي قدمته روسيا، والذي يدعم أيضًا بشار الأسد. لم يمر مشروع القرار الذي تم انتقاده لفشله في معالجة الضربات الجوية الروسية التي تدعم الأسد. ولكن السفير السعودي لدى الأممالمتحدة وصف تصويت مصر بأنه "مؤلم". وقالت المجلة إن الحد من النفوذ الإيراني هو الأولوية الأولى للسعودية التي ترى فيه إنه مزعزع لاستقرارها. وجندت المملكة كل المتمردين الإسلاميين في سوريا واليمن حيث تقاتل ضد الحوثيين المدعومين من إيران. ولفتت الإيكونوميست إلى أن السعودية تتحالف أيضًا مع تركيا وقطر المتعاطفتين مع الجماعات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين. وتمثل هذه المجموعات الإسلامية الهم الأكبر للرئيس عبد الفتاح السيسي والذي يرى أنها منظمات إرهابية. فهو من قام بخلع الإخوان من منصبهم ويرى في الأسد حصنًا ضد التطرف وتفكك الدولة. يأتي الخلاف بين مصر والسعودية -وفقا للصحيفة- حيث تواجه البلدين تحديات اقتصادية. على الرغم من المعاناة من انخفاض أسعار النفط، أرسلت المملكة 2 مليار دولار لمصر في سبتمبر لمساعدتها للحصول على قرض صندوق النقض الدولي. ولكن السعودية قامت بقطع شحنات النقط الرخيص في الشهر التالي، تاركة مصر تسعى جاهدةً لتغطية العجز. وقالت المجلة إنه "سواء أكانت إجراءات تقشفية للسعودية أم توبيخ لمصر على موقفها، فقد بدأت وسائل الإعلام المصرية بانتقاد المملكة لمحاولات المملكة الضغط على الحكومة المصرية"، وقال الرئيس السيسي في إحدى خطاباته: "مصر لن تركع لأحد إلا الله". وتابعت المجلة: "هناك شعور بالفخر المجروح في مصر، فلطالما قادت مصر العالم العربي والآن تنتظر الفضل من دول الخليج". ويرى كثير من المصريين، دول الخليج على أنها "قبائل ولها أعلام"، حيث صاغها أحد الدبلوماسيين المصريين قبل ذلك. وفي أبريل الماضي قام الرئيس السيسي بقرار مُنع من قِبل المحاكم المصرية فيما بعد بنقل جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وهو ما سبب احتجاجات واسعة، بحسب المجلة. وأوضحت أن لا تزال العلاقات غير مستقرة، ففي أكتوبر الماضي سخر إياد مدني، الرئيس السابق لمنظمة التعاون الإسلامي، من الرئيس السيسي على خلفية تصريح للسيسي. وقالت الإيكونوميست إن تصرفات السعودية قد تدفع مصر للبحث عن حلفاء أخرين عند توقف شحنات الوقود، فقد وافقت مصر على الاستيراد من العراق وهو خيار الآن قريب من إيران. وهو أمر يعزز من محاولات الرئيس السيسي لتنويع حلفاء مصر، والآن بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة والذي يبدو أنه على توافق مع السيسي. وتتجه مصر أيضًا للتوائم أكثر من روسيا وذلك بعد عقد تدريبات عسكرية مشتركة بين البلدين الشهر الماضي. وأنهت الأيكونوميست تقريرها قائلة إن "لطالما كانت هناك أزمات دورية بين مصر والسعودية لعشرات السنين، لذلك يحذر محللون من التمادي في الخلافات الحالية". يقول نائل شمة وهو محلل سياسي في القاهرة، "مصر تحتاج لسخاء المملكة العربية السعودية والمملكة العربية السعودية محاطة من قبل الأعداء في إيران والسعودية والعراق واليمن، لذلك تحتاج لمصر لتوازن القوى الإقليمي".