يُدرب السياسيون والزعماء على الخطابة والالقاء، ويقضون ساعات يدرسون سيكولوجية الجمهور الذين سيلتقون به، وتُكثف التدريبات إذا كانوا ينافسون على منصب سياسي مرموق، وتصل إلى اقصاها إذا كانت المنافسة على مقعد الرئاسة الأمريكي، ومع ذلك تفضحهم لغة جسدهم وإيماءات وجوههم ونظرات أعينهم. فمنذ إعلان الحزبين الديموقراطي والجمهوري ترشيحهما لهيلاري كلينتون ودونالد ترامب، أدلوا بأكثر من تصريح، وتورطوا في العديد من الفضائح، وساهم ذلك في تشكيل الصورة الذهنية عنهما، ولكنها لن تتضح إلا إذا امعنّا النظر في لغة جسدهم، لذلك تحدث مصراوي مع مدرب ومحاضر لغة الجسد محمد حسن، والباحث ومدرب لغة الجسد مصطفى مرزوق صاحب كتاب "شفرات الكلام"، وفيما يلي أبرز تحليلاتهما: · الفوضوية: الفوضوية تسيطر على لغة جسد ترامب، ويقول حسن إنه يقوم بأكثر من إشارة وحركة في نفس الوقت، ففي لحظة يقوم بحركة تدل على ثقته بنفسه، وفي اللحظة التالية تصدر منه إشارة أخرى تدل على عدم ثقته بنفسه، ويقوم بالعديد من الحركات التي تؤكد أنه شخص نرجسي ومتعالي، وظهر ذلك في برنامجه "The Apprentice" الذي عُرض عام 2004. على عكسه كلينتون، التي تستطيع التحكم في لغة جسدها، لتبدو متحفظة وهادئة، لا تكترث بما يُقال عنها.
· الأنوثة اتفق حسن ومرزوق، على استخدام كلينتون لإشارات تؤكد اعتزازها بأنوثتها مثل لمسها لشعرها، ويؤكد ذلك رغبتها في جذب الانتباه والحصول على التعاطف. · تعابير الوجه: لا يستطيع ترامب التحكم في تعابير وجهه، التي تجعله يبدو عنيفا وعدائيا، ويقول مصطفى مرزوق إنها تتنوع ما بين الغضب والكراهية والاشمئزاز، ولكن مع اقتراب موعد المناظرة ظهرت الابتسامة على وجهه، وهذا ما يراه مرزوق "تسولا سياسيا"، وظهر ذلك في التقاطه للصور مع الأطفال، ومنهم تلك الطفلة الأفريقية، التي اختاراها سوداء لكي يكسب تعاطف الناس معه، خاصة وأنه أعلن في أكثر من مناسبة أنه لا يحب السود، وأظهرت حركة أصابعه اشمئزازه وتصنعه. ويظهر على وجه ترامب مدى احتقاره لخصمه، وبحسب مرزوق، فهو يستغل ذلك لإثبات سيطرته، ولكنه لا يستطيع الحفاظ على موقفه لفترة طويلة حيث يظهر توتره في النهاية، لأنه في المجمل شخصية عنيفة ومغرورة، يتظاهر بأنه مسالم ومُحب لكل الأعراق، إلا أن تعابير وجهه تقول عكس ذلك. أما بالنسبة لكلينتون، فيقول حسن إنها صاحبة شخصية "سيكوباتية"، ومظهر مخادع، تستطيع بكل سهولة الكذب على الشعب، لأنها بارعة في قول الكلام المعسول، وتجيد استخدام الوجه الجامد المعروف ب "البوكر فيس"، والذي يساعدها على اخفاء الشعور بالخوف، بالإضافة لقدرتها على التحكم في اعصابها، ويرى حسن أنها مُدربة جيدا على استخدام لغة الجسد. · الأصابع: كثيرا ما يلجأ ترامب لإشارة "أوكيه" والتي تكون بضم اصبعي السبابة والإبهام على شكل دائرة ولصق الأصابع الثلاثة ببعض، ويستخدم أيضا اصبع الاتهام "السبابة" ويرفعه لأعلى مخاطبا الجمهور وهي اشارة تدل على الاستعلاء، وأن المتحدث يشعر بمكانته وأهميته، وكأنه يقول لمتابعيه "هل تعلمون من أنا؟ هل تعرفون مدى أهميتي في المجتمع" بحسب حسن. استخدام كلينتون وترامب لأصبع السبابة له الكثير من الدلالات، بالنسبة لترامب، يقول حسن إنه يظهره أنه شخص عدواني يتبع أسلوب هجومي، ويستخدم التهديد، على عكس كلينتون والتي تستخدمه لتقول للجمهور أنا هنا بفضلكم وبسبب دعمكم لي. ·الكتفين: ويشير حسن إلى استخدام ترامب إشارات تحمل أكثر من معنى، مثل اتكائه بيديه على المنصة ورفع كتفيه لأعلى، والتي تقول إنه شخص مهيمن ومسيطر، وفي نفس الوقت تعني أنه يحاول حماية نفسه من الهجوم والانتقاد، لأن الانسان عندما يشعر بالخطر أول شيء يحاول حمايته هو الرقبة. أما كلينتون، وفقا لحسن، فإنها تهز كتفيها عندما تشعر بأنها تتعرض للهجوم، وكأنها تُظهر عدم اهتمامها بالكلام الذي يُقال، وهذه الإشارة عادة ما تصدر من النساء. · الذقن: يجد حسن أن كلينتون شخصية مغرورة جدا، وعلى الرغم من محاولتها إخفاء ذلك تفضحها لغة جسدها، وخاصة ذقنها، والذي ترفعه الأعلى لتؤكد فخرها بنفسها وبزوجها بيل كلينتون، أما مرزوق فيرى أنها تستخدم ذقنها لتثبت سيطرتها وثقتها في نفسها. · عظام الخدين: يقوم ترامب ببعض الحركات والإيماءات التي تعبر عن اشمئزازه من الأخرين، بحسب حسن، منها إشارة الازدراء الشهيرة التي ترتفع فيها عظمة أحد الخدين للأعلى. · كف اليد: خلال حديثه على المنصة أو في البرامج الحوارية لا يحاول ترامب إخفاء بياض كفيه، أو تخبئة يديه، ويرى حسن أنها إشارة تؤكد إنه يفي بوعوده، ويقول " الكاذب يحاول دائما تخبئه يديه، أو إظهار ظهرها". وتبدو كلينتون ساذجة لكثرة استخدامها ليديها خاصة في المناظرات، بحسب مرزوق، مثل إشارتها للجمهور وكأنها تعرفهم جميعا، ويقول "الأمريكان عاطفيين ويؤثر عليهم دائما حركات مثل التي تفعلها كلينتون، لكنه في الحقيقة تسول سياسي". ·المنصة: ومن بين العيوب التي فضحتها لغة جسد المرشح الجمهوري، هي تمسكه بقوة بالمنصة أثناء القائه لخطاب، ويقول حسن "يظهر في هذه اللحظات وكأنه مضغوط، أو يتعرض لهجوم، ويرغب في حماية نفسه"، وقد سبقه في ذلك الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون. وعلى عكسه، كلينتون التي لا تحاول أبدا الاختباء خلف حاجز أو منصة، فتواجه الجمهور بأريحية، وتحافظ على ابتسامتها حتى إذا ضايقها ترامب وحاول إحراجها.