محمد الباريسي: أن تُجبر على طعام محدد أمر غريب إلا أنه يحدث أحيانًا للبعض منا، لكن أن تُجبر محافظة بالكامل على طعام محدد فهذا هو نادر الحدوث إلا في الوادي الجديد، التي سلبها "سماسرة الخضروات والفاكهة" حرية قرارها في تأمين أسعار معقولة لمنتجات تعجز عن تأمينها زراعيًا لمواطنيها. للوادي الجديد طبيعة زراعية خاصة، إذ تتحكم درجات الحرارة المرتفعة ونظم الري القائمة على المياه الجوفية والآبار في تحديد أنواع المحاصيل ممكنة الزراعة، ما يدفع المحافظة في تأمين احتياجاتها من المحاصيل الأخرى إلى الاعتماد على المحافظات المجاورة وبالأخص المنياوأسيوط. "تحت رحمة التجار" "الاحتكار بات بشكل صارخ".. هكذا وصف "سيد ثابت" وهو مواطن من مدينة الخارجة أزمة ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة في المحافظة، وتحدث عن ممارسات لبعض التجار الذين يفضلون الاحتفاظ بالمنتج مخزنًا لديهم حتى وإن فسد بدلاً من التفكير في تخفيض سعره. ويقول "ثابت" إن الوادي الجديد باتت تحت رحمة "تجار الخضار" في المنياوأسيوط، موضحًا أن الأمر يصل في التحكم بالسوق إلى حد منع طرح أصناف طازجة وبيع الأصناف القديمة بأسعار مرتفعة وبزيادات غير طبيعية، مستشهدًا ببعض أسعار المنتجات، ومنها "البامية" التي وصل سعر الكيلو منها إلى 15 جنيهًا، و"الكوسا" التي وصل سعر الكيلو منها إلى 6 جنيهات. يضيف على ذلك "محمد صُبحي" وهو من شباب تجار مدينة الخارجة، أن تجار أسيوط يشكلون فيما بينهم "لوبي" خاص يمنع تجار الوادي من الاكتفاء التجاري، إذ تُحدد لهم أصناف معينة وبكميات محددة، ويقول: "أضطر أحيانًا إلى جلب البضاعة من سوق العبور ما يُشكل علي عبئًا ثقيلاً في تكاليف النقل". وردًا على تلك الاتهامات، يقول "سعودي فهمي" وهو تاجر خضار من محافظة أسيوط، إن الاعتماد على التجار في أسيوطوالمنيا هو ما يرفع سعر المنتج، ويضيف أن هذه الزيادة في الأسعار ليست بالشكل المبالغ فيه كما يدعي البعض وإنما تتراوح بين 50 قرشًا وجنيه في سعر كيلو الخضروات أو الفاكهة، مشيرًا إلى أن هذه الزيادة سببها الأساسي مصروفات النقل من أسيوط مثلاً التي تبعد 232 كيلو متر عن الوادي الجديد. "التموين والزراعة" تعترفان بالأزمة الدكتور محسن عبد الوهاب، وكيل وزارة الزراعة في الوادي الجديد، قال عن الأزمة إن مشكلة ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة تطفو على السطح بشكل ملحوظ في فصل الصيف الذي لا تنجح فيه زراعة معظم أنواع الخضروات والفاكهة. وفيما اعترف بوجود ممارسة احتكارية من بعض التجار داخل المحافظة، أشار إلى تركيز مزارعي المحافظة على زراعة القمح والأرز والأعلاف الحيوانية بدلاً من زراعة الخضر والفاكهة بالشكل المطلوب والكافي لاحتياجات الوادي الجديد. كما لفت إلى دور المديرية في حل المشكلة بالتوسع في إقامة 1400 صوبة زراعية موزعة على مراكز ومدن وقرى المحافظة، إضافة إلى افتتاح عدة منافذ في مدينة الخارجة لطرح منتجات وزارة الزراعة بأسعار مخفضة تقل عن السوق الخارجي بأكثر من 25 %. من جانبه، أوضح المهندس صلاح السيد، وكيل وزارة التموين بالوادي الجديد، أن الحل يتمثل في عدة نقاط أهمها أن تُوفر فرص إقامة مشروعات خاصة بالشباب في هذا المجال بمساعدة من الجهات المعنية بما يسمح بالتوسع في إقامة منافذ متحركة وثابتة لتجارة الخضروات والفاكهة، وبالتالي مواجهة احتكار أسيوط لهذه التجارة. وفيما ناشد المسؤولين وضع رؤية واضحة لحل المشكلة، أشار إلى دور مديرية التموين في مواجهة الأزمة بطرح منتجات خضروات وفاكهة بأسعار مخفضة عن طريق الجمعيات الفئوية وهي 14 جمعية بالمصالح الحكومية، مضيفًا: "إلا أنه يجب التوسع في مثل هذه الأنشطة".