قد يخطئ من يظن أن مشقة صيام شهر رمضان سواء على كافة فئات المجتمع، خاصة عندما يكون الصيام في فصل الصيف، حيث يملك العاملون في بعض المهن رفاهية الجلوس أثناء العمل أو حتى متابعة قوت يومهم في أماكن مكيفة الهواء، لاسيما أصحاب المهن الشاقة مثل العمل في المخابز. كاميرا "مصراوي" زارت أحد الأفران البلدية بغرب الإسكندرية، لإلقاء الضوء على أسلوب حياة العاملين في أحد أصعب المهن الصعبة في نهار رمضان، والتي تبدأ مع ساعات الفجر الأولى، وتستمر حتى فترة العصر، في ظل الحرارة المرتفعة تبلغ 10 أضعاف درجة حرارة الجو العادية. بين حرارة الطقس ولهيب نيران الفرن، لم يمنع الصيام عم سعيد الفران من الصبر على لقمة العيش ليخرج للزبائن خبزاً طازجا، فهو الشخص المسؤول عن إخراج العيش من من خط سير الفرن الآلي، بما يتطلب وقوفه بشكل دائم أمام لهيب الفرن. "عم سعيد" ذو الخمسين ربيعا لا يحب الحديث كثيرا قدر ما يحب عمله، أو كيفما وصف:" الكلام وقت الشغل بيضيع المجهود، والصيام مش محتاج كلام كتير، بس كل أيام السنة عندنا صيف وربنا يقدرنا على الصيام". "الفران المكافح" قال لمصراوي إنه يبدأ عمله عقب صلاة الفجر أي مع اللحظات الأولى في الصيام، ويستمر عمله حتى صلاة العصر، للحرص على تجهيز الخبز لأبناء منطقة القباري، غربي المحافظة، وسط درجة حرارة تصل إلى 400 درجة مئوية. وعلى الجانب الآخر من خط السير الخاص بالفرن، يقف "عم علاء" بالقرب من الحرارة المرتفعة، ليضع العجين بعض تجهيزه في صورته النهائية داخل الفرن بشكل متزامن مع زميله الواقف بالناحية المواجهة. يصف "علاء" زملائه في العمل بأنهم مجاهدون، متابعا أن عملهم يجعل كل أيام السنة وكأنها فصل الصيف، إلا أن اختلاف درجات حرارة الجو في بعض الأوقات يجعلهم عرض للأمراض مثل البرد والأنفلونزا وغيرها. أما في الجزء الخلفي من المخبز لا يقل العمل صعوبة على أ"حمد" و "محمد" أصغر عاملين في فرن "عبد الحافظ"، فعلى الرغم من أنهم مسؤولين عن الجزء الخاص بتحضير ورص العجين بما يجعلهم بعيدين عن حر الفرن، إلا أن مشقة العمل واحدة حيث يستمرون في العمل على مدار 11 ساعة متواصلة دون ملل أو تعب لإنهاء مهمتهم قبل الإفطار. وأكد "أحمد" أن ساعات العمل الطويلة والشاقة لا تثني العاملين بالفرن عن العبادة، فيما ويرى "محمد" أن الصيام يقوى البدن ولا يضعفه، وأن معظم الخبازين اعتادوا على أجواء المخابز الحارة، والعمل أمام الفرن، ورأوا في هذا العمل تعظيما للشعور بلذة الصيام".