سعر جرام الفضة اليوم الأحد 8 يونيو ثالث أيام عيد الأضحى 2025    وزير دفاع إسرائيل يأمر الجيش بصد السفينة مادلين    موعد صرف مكافآت الفوز بكأس مصر للاعبي الزمالك    رياضة الأقصر: انطلاق مبادرة "العيد أحلى بمراكز الشباب" احتفالًا بعيد الأضحى    استعدادًا لكأس العالم للأندية.. الهلال يطارد نجم مانشستر سيتي    إقبال كبير على حديقة حيوان الإسكندرية    خلال أيام العيد.. ضبط 1670 كيلو لحوم ودجاج فاسد بالمطاعم في الدقهلية    وسط أجواء مبهجة.. قصور الثقافة تطلق احتفالات عيد الأضحى في شرم الشيخ والطور وأبوزنيمة    متفوقا على "ريستارت".. "المشروع X" يتصدر إيرادات دور العرض السينمائي    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء في القطاع    إقبال جماهيري على عروض البيت الفني للمسرح في عيد الأضحى (صور)    جولات ميدانية مكثفة لمديري مستشفيات قصر العيني للاطمئنان على سير العمل ودعم المنظومة الطبية    مصرع طفلين بحادث تصادم مروع بطريق أجا في الدقهلية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    زيزو: "تمنيت اللعب مع أبو تريكة وأتذكر هدفه في كلوب أمريكا"    جولة مفاجئة لرئيس جامعة المنصورة بالمستشفيات والمراكز الطبية    متحف شرم الشيخ يطلق فعاليات نشاط المدرسة الصيفية ويستقبل السائحين في ثالث أيام عيد الأضحى    روسيا: إسقاط 10 مسيرات أوكرانية استهدفت مقاطعة بريانسك    صحة غزة: مستشفيات القطاع ستتحول إلى مقابر خلال 48 ساعة    وزير الزراعة: نستعرض الخطط الاحترازية لحماية الثروة الحيوانية من الأمراض العابرة للحدود    لم تحسم.. حقيقة تعاقد الزمالك مع المدافع الجزائري زين الدين بلعيد (خاص)    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    مراجعة نهائية متميزة في مادة التاريخ للثانوية العامة    بعد تعدد حدوثها l سرقة سيارة أو توك توك تقود للقتل أحيانًا    تقديم الرعاية ل2096 مواطنًا بقريتي السرارية وجبل الطير البحرية في المنيا    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    التأمينات الاجتماعية تواصل صرف معاشات شهر يونيو 2025    العثور على جثة رضيعة داخل كيس أسود في قنا    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    منافذ أمان تضخ لحوم بأسعار مخفضة في كافة محافظات الجمهورية (صور)    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    بعد عيد الأضحي 2025.. موعد أول إجازة رسمية مقبلة (تفاصيل)    أمين الفتوى: أكل "لحم الجِمَال" لا يَنْقُض الوضوء    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه .. اعرف التفاصيل    انفجار في العين.. ننشر التقرير الطبي لمدير حماية الأراضي المعتدى عليه خلال حملة بسوهاج    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    في حديقة حيوان الزقازيق.. إعفاء الأيتام وذوى الهمم من رسوم الدخول    «البدوي»: دعم الرئيس السيسي للعمال حجر الأساس في خروج مصر من قوائم الملاحظات    الصحة: فحص 7 ملايين و909 آلاف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع    مجلة جامعة القاهرة لعلوم الأبحاث التطبيقية «JAR» تحتل المركز السادس عالميًا (تفاصيل)    الدكتور محمد الخشت: 11 شرطا لتحول القادة المتطرفين إلى قيادات مدنية    محافظة الشرقية: إزالة سور ومباني بالطوب الأبيض في مركز الحسينية    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    رونالدو ينفي اللعب في كأس العالم للأندية    أسعار البيض والفراخ اليوم الأحد 8 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    غزة.. السودان.. ليبيا.. سوريا.. المعاناة مستمرة عيدهم فى الشتات!    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير الشيخ الشعراوي للحكمة من اختلاف العطاء الإلهى
نشر في مصراوي يوم 05 - 05 - 2016

قال تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.. [آل عمران : 154].
وكلمة {أَنزَلَ} تدل على أن هذا عطاء عُلوي ليس له شأن بالأسباب المادية ولا بالقوانين البشرية؛ لأن النوم عرض من الأعراض التي تطرأ على الأحياء، هذا العرض تستوجبه عمليات كيماوية في نفسك، وهذه العمليات الكيماوية حتى الآن لا يعرفون ما هي، وأقصى ما فُهم منه أنه ردع ذاتي لجسم الإنسان. فكأن الجهاز المتحرك المكون من مخ يعمل، وعين ترى، وأذن تسمع، وحواس وحركة هذا الجهاز له طاقة، ساعة تنتهي منه الطاقة، لا يقول لك: أنت الذي تترك العمل. لا، بل يقول لك: أنا لم أعد صالحا للعمل. إنه ردع ذاتي، مثلما يريدون أن يصلوا إليه الآن في مجال الآلآت بمجرد فصل تيار الكهرباء آليا عن تلك الآلآت فهي تتوقف.
فالردع الذاتي هو في النوم ويأتيك النعاس. وتبين بالبحث العلمي أن هناك أشياء في الجسم لا تخرج كفضلات. بل تحتاج إلى التعادل والتوازن الكيميائي. ونحن نعلم أن هناك بقايا كنتيجة للحركة، وهناك احتراق للطاقة، وكل حركة فيها احتراق، وبقايا هذا الاحتراق تخرج مرة على هيئة بول ومرة يخرج غائطا ومرة يخرج مخاطاً، وهكذا، إذن كثير من هذه الفضلات هي نتيجة عمليات الاحتراق، لكن هناك أشياء لا نريد لها أن تخرج ولكن نريدها أن تتعادل، فعندما تنام لا يوجد لك حركة وتبتدئ الكيماويات داخل الجسم في التعادل، وهذا هو ما يفعله لك النوم الذي تستوجبه أسبابك المادية.
وصاحب الهم والغم لا ينام أبدا؛ فهو يسهو عن نفسه ويرهق جسمه أكثر وتكون المصيبة كبيرة عليه، وهنا ينزل الحق فضله عليكم بالنوم لأن أسبابكم لا تساعد أيا منكم على أن ينام.
وأنتم تذكرون قديما أننا قلنا: إن الإمام عليًّا كرم الله وجهه لما اشْتُهِرَ بالفتيا، وكلما سألوه عن أمر أفتى فيه، فقالوا: نأتي له بمسألة معقدة ونرى كيف يأتي بالفتيا، وكأنهم نسوا أنه يُفتى لأنه تربى في حضن النبوة، فقد جاءت النبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدنا على مازال صغيرا، أما الصحابة الآخرون فقد جاءت النبوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كبار في السن، فهناك معلومات دخلت عندهم من أيام الجاهلية، ولكن سيدنا عليًّا كرم الله وجهه لم تدخل عليه معلومة من معلومات الجاهلية. كل المعلومات التي عنده نبوية، فكل هذا التفاعل ينشأ عنه فُتيا؛ لذلك كان سريعا في الإفتاء.
على سبيل المثال، تأتي له امرأة فتقول: يا ابن أبي طالب كيف يعطونني دينارا من ستمائة؟ مورثي خَلَّفَ ستمائة دينار فأعطوني دينارا واحدا. فقال لها: لعله مات عن زوجة، وعن بنتين، وعن أم، الزوجة تأخذ الثُمن (خمس وسبعين دينارا) والبنتان تأخذان الثلثين (أربعمائة دينار) وللأم السدس وهو مائة دينار، ولعل له اثنى عشر أخا وأختا واحدة، أشقاء أو لأب، وأنت هذه الأخت وقد بقي من التركة خمسة وعشرون دينارا توزع على الاثني عشر أخا والأخت، فيكون نصيبك دينارا.
كيف عرف ذلك؟ إنها دقة الحساب عند من تعلم في بيت النبوة.
وفي الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها نجد أن الحق قد أنزل عليهم نعاسا ليؤمنهم فلم ينشأ النوم هنا من حركة الاختيار، ولكن الله أنزله، ومعنى (أنزله)؛ أنه بعث رحمة جديدة من السماء ليُخرج القوم الذين أصابهم الغم على ما فعلوا مما هم فيه. ولذلك قال أبو طلحة: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد فكان السيف يسقط من أحدنا فيأخذه ثم يسقط فيأخذه.
إذن فهي عملية قسرية. والنعاس حينما ينزل من الحق سبحانه وتعالى يكون عملية إنقاذ من حركة فاتت فرصتها على النفس البشرية فعوضها الله، ولكن القوم الذين نافقوا ماذا كان حالهم؟ لا شك أن الذين جاءوا نفاقا لم يصبهم غم على ما حدث. بل بالعكس، لابد أن يكون قد أصابهم فرح أو اطمئنان على ما حدث، وهؤلاء لا يكونون أهلا لأن ينزل الله عليهم أمنة النعاس. بل يتركهم الله لذواتهم؛ لأنهم لم يكونوا في حصن الله باتباع منهج الإسلام أو بالاخلاص- على الأقل- لفكرة الإسلام، هؤلاء يسلمهم الله لذواتهم.
إذن فلن يُنزل عليهم أمنة النعاس. وما دام لن ينزل عليهم أمنة النعاس، فقد أصبحوا في قلق، لماذا؟ لأن نفوسهم قد أهمتهم. والإنسان حين يؤمن ويتقبل الإسلام من ربه يكون قد باع نفسه لربه، وما دام قد باع نفسه لربه فالصفقة الإيمانية لابد أن تستمر. وإذا استيقظ المسلم مرة لنفسه نقول له: لقد رجعت في عقد الصفقة. وما دمت قد رجعت في عقد الصفقة فالله الذي كان قد اشتراك يتركك لنفسك، فقوله: {أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} أي خرجوا عن صفقة الإيمان؛ لأن الذي يعقد صفقة بالإيمان مع ربه، هو من قال الله فيه: {إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجنة يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التوراة والإنجيل والقرآن وَمَنْ أوفى بِعَهْدِهِ مِنَ الله فاستبشروا بِبَيْعِكُمُ الذي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفوز العظيم}.. [التوبة: 111].
وما دام الله قد اشترى من المؤمن نفسه فيجب على المؤمن ألا تهمه نفسه، فيدخل المعركة بالصفقة الإيمانية، فإذا أهمته نفسه يبدأ القلق، والبلبلة، والاضطراب، وتوهم الأشياء، والشيء الواحد يتوهمه على ألف لون. إذن فنفسه تكون غير مطمئنة، وما دام الإنسان قد شغله هم نفسه حتى لو كان النعاس استجابة لأمر طبيعي من ذات النفس فلا يأتي النعاس أبدا.
ولذلك نجد أن الإمام عليًّا- رضوان الله عنه وكرم الله وجهه- حينما سُئل عن أشد جنود الله؟ بسط يديه وقال: أشد جنود الله عشرة: الجبال الرواسي، والحديد يقطع الجبال، إذن فالحديد أشد من الجبال، والنار تذيب الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء، والريح يقطع السحاب، وابن آدم يغلب الريح يستتر بالثوب أو الشيء ويمضي لحاجته، والسُكر يغلب ابن آدم، والنوم يغلب السُكر، والهم يغلب النوم، فأشد جنود الله (الهم).
فساعة يدخل الهم على النفس البشرية، هذا أشد جنود الله؛ لأن الهم يدخل على النفس البشرية بألوان متعددة للخطب الواحد، فيتصور أموراً معقدة في أمر واحد، وواقعة على لون واحد، ولكن الهم يجول به في كل لون؛ فهؤلاء قد أهمتهم أنفسهم وما داموا قد أهمتهم أنفسهم فقد خرجوا عن صفقة الإيمان. وما داموا قد خرجوا عن صفقة الإيمان الذي بوساطته اشترى الله من المؤمنين أنفسهم، فالله يتخلى عنهم. وما دام الله قد تخلى عنهم فعليهم مواجهة المصير.
إن القلق والاضطراب يستبدان بهم ويصابون بالفزع من كل شيء. لكن حال الصنف الأول والطائفة الأولى يختلف؛ فالله سبحانه وتعالى يعاملهم معاملة من بقي في الصفقة الإيمانية وإن كانت نفوسهم البشرية قد فسرت الأحداث تفسيرا خاطئا، فظنوا أن المسألة في المعركة انتهت، فذهبوا لأخذ الغنيمة إن هؤلاء قد احترم الله بقاءهم على الإخلاص للإسلام، وأدبهم على تفسيرهم للأحداث تفسيرا غير حق، فأثابهم غما لما خالفوا فيه، وأنزل عليهم أمنه لإخلاصهم في قضية الإسلام.
{وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بالله غَيْرَ الحق ظَنَّ الجاهلية} وإذا سمعت كلمة (طائفة) فاعلم أنها جماعة، لكن هذه الجماعة لها مواصفات خاصة هي التي تجمعها على فكرة واحدة كأنهم يطوفون حولها، إنها ليست مطلق جماعة لكنها جماعة تدور حول فكرة واحدة ويأتي القول الحكيم هنا ليبين لك ما قالوه في نفوسهم، وما داموا قد قالوا في نفوسهم، أسمعهم أحد؟ لا، ولكن الله أخبر به، وأخبر بما في نفوسهم جميعا بقول واحد، مما يدل على أنهم يطوفون حول فكرة واحدة فالنضح الوجداني يجعلهم يقولون جملة واحدة هي: {هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ} وما داموا سيقولون في نفوسهم فمن الذي سمعهم وهم جماعة؟ إنه الله سبحانه {والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور}.
وأنت إذا قلت (طائفة) تجد أنها في عرف اللفظ (مفرد)، وعندما تجمعها تقول: (طوائف)، لكن هي لفظ مفرد يدل على جمع، فمرة يلحظ المفرد، ومرة يلحظ ما يؤديه المفرد من الجمع. وهذه لا يتنبه إليها إلا البليغ، فيفرق بينها كلفظ مفرد وبين ما تدل عليه كجمع، ولذلك تجد هذا في إعجاز القرآن، فالحق يقول: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا على الأخرى فَقَاتِلُواْ التي تَبْغِي حتى تفياء إلى أَمْرِ الله فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بالعدل وأقسطوا إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين}.. [الحجرات: 9] وحينما يقول: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين} فهو هنا يأتي بالخبر، اقتتلتا أو اقتتلوا؟ إنه سبحانه يقول: {اقتتلوا}، اللفظة طائفتان لكن الدقة البلاغية لاحظت أن كل طائفة مكونة من جماعة. {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا} فماذا نفعل؟ {فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا}، فمرة رجع للجماعة ومرة رجع للاثنتين، ففي ساعة الاقتتال لا تقف الطائفة بسيف واحد وتضرب ضربة واحدة، لا، ففي ساعة القتال كل فرد من الطائفة له عمل، إذن فالفردية المكونة للطائفة متعددة.
لكن عندما نصلح هل نأتي بكل فرد من هذه الطائفة وبكل فرد من الطائفة الأخرى أو نأخذ هذه الطائفة ممثلة في رؤوسها والطائفة الأخرى ممثلة في رؤسها ونعقد الصلح بين الطائفتين؟ فدقة القرآن تقول: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا} وبعد ذلك يعود الحق للتثنية فيقول: {فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا على الأخرى فَقَاتِلُواْ التي تَبْغِي حتى تفياء إلى أَمْرِ الله فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا} والصُلح يكون بين جماعة ممثلة في قيادة وجماعة أخرى ممثلة في قيادة.
وقوله الحق: {وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بالله غَيْرَ الحق ظَنَّ الجاهلية يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ في أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا} هذا القول يدل على أنها طائفة تدور حول حركة واحدة، ويدل على أن النفاق نفاق متفق عليه، وليس كل واحد منهم ينافق في نفسه، لا إنها طائفة المنافقين، وقد كوَّنوا جماعة، ولهم سياسة مخصوصة، ولهم كلام مخصوص ولهم وحدة قول، تعرفهم من قول الحق {وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بالله غَيْرَ الحق ظَنَّ الجاهلية}.
ونعرف أن الحق هو الشيء الثابت، وما دام ثابتا فهو لا يتغير، وقضية الحق فيه تكون مطردة، فالله حق، خلق السماوات والأرض، وكل الكون بالحق، أنزل كتابه بالحق، كله حق، فهم يظنون بالله غير الحق مع أنه حق، ونشأ الكون منه بقانون حق، واستمرت سنن الله في الكون بالحق، وهو دائما ينصر الحق، وهم يظنون بالله غير الحق، يقولون: ربنا لم ينصرنا على الرغم من أنه وعدنا بالنصر، وتناسوا العناصر التي جعلها الله أسباباً للنصر، إنها سُنَّة الله وسُنَّة الله تتحقق ولو على أحبابه، لقد خالفوا أمر الرسول، فلابد أن ينهزموا، فلا مجاملة لأحد، فالذي يخالف لابد أن يأخذ جزاءه؛ لأن هذا هو الحق.
كان يجب أن يقولوا إن الحق واضح لدرجة أن أحبابه ومعهم رسوله حينما خالفوا عن أمر الله الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم طبق الله عليهم سُنته إذن فهي سنة بالحق، لكنهم ظنوا بالله ظن الجاهلية، والمقصود به إما ظن أهل الجاهلية؛ وإمَّا أن تكون الجاهلية عَلَماً على السَّفه كله، وهذا الظن له نضح سلوكي.
{يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ} أي هل انتصرنا أو ظفرنا أو غلبنا أو أخذنا غنائم؟ أو يكون قولهم: {هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ} مقصودا به: أننا خرجنا إلى المعركة بدون رأينا؛ فقد كان من رأينا ألا نخرج وأن نظل في المدينة وعندما يدخلونها علينا نحاربهم. {يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ للَّهِ} هم لم يمتلكوا البصيرة الإيمانية ولم يعرفوا لماذا لم ينصرهم الله، هم فهموا أنهم لم ينتصروا؛ لكن في عرف الحق أنه انتصار؛ لماذا؟ لأن المعركة أثبتت أن المبدأ إن خولف فلا نصر، إذن فالإسلام قد انتصر، ولكن الذي انهزم هم المتخاذلون عن منهج الإسلام، وهذا نصر للإسلام في ذاته. ولذلك يجب أن نفرق دائما بين المبدأ الإسلامي والمنسوبين للمبدأ.
إياك أن تأخذ الحكم على المبدأ من المنسوبين للمبدأ، فلا يكون المنسوبون للمبدأ حُجَّة على الحكم في ذاته إلا إذا كانوا ملتزمين به؛ لأن الله حينما شرع ديناً سمّاه الإسلام ليحكم حركة الحياة في الناس فهو قد قنّن وحرّم فيه أفعالاً، وما دام قد قنن وحرم فيه أفعالاً فمعناه أن المؤمنين المسلمين الذين انتسبوا له من الممكن أن يخالفوا بأفعالهم تلك الأحكام، فعندما يقرر الإسلام جلد أو رجم الزاني والزانية، وحينما يشرع الإسلام قطع يد السارق أو السارقة وحين يشرع الإسلام تلك العقوبات للجرائم، فمعنى ذلك أنه من الجائز أن تحدث تلك الجرائم، فإذا ما حدثت فأنت لا تأخذها من واقع مُجَرًَّم لتحكم به على الإسلام، لا تقل إن الإسلام أباح السرقة بل قل: سرق مسلم ووضع الإسلام عقوبة صارمة عليه وهي قطع يده.
{يُخْفُونَ في أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا} وهذه هي الفضيحة لهم، فماذا كانوا يريدون أن يكون لهم؟ كانوا يريدون ألا يخرجوا للمعركة فقالوا: لو كان لنا من الأمر شيء واتبعنا منطقنا، لما جئنا الموقعة هنا وحصل لنا ما حصل، هذه واحدة، أو لو كان لنا شيء من الظفر الذي وعد الله به محمداً وأصحابه ما قتلنا ها هنا، فعلى الرأيين يصح المعنى، فكأنهم أرادوا أن يعللوا القتل أو الموت بأسباب، ومن الذي قال: إن القتل أو الموت يتعلق بأسباب؟ إن الموت قضية تطرأ لإعدام الحياة، وهي مجهولة السبب ومجهولة الزمان ومجهولة المكان ومجهولة العمر.
إذن فما دامت المسألة مجهولة فلماذا ربطتم بين القتل والموقعة؟ وهل لم تروا إنساناً مات وليس في موقعة؟ ألم تروا إنساناً قد قُتل وليس في موقعة؟ لو أن القتل لا ينشأ إلا في مواقع قتال الحرب لكان لكم أن تقولوا هذا، إنما القتل والموت قضية عامة لها واقع في حياتكم.
هذا الواقع لم يرتبط بأرض، ولم يرتبط بزمان، ولم يرتبط بسن، ولم يرتبط بسبب، وإنما الموت يأتي لأنك تموت، انتهت المسألة.
إذن فهم عندما ربطوا القتل والموت بالموقعة فهم قد خرجوا عن القضية الإيمانية. ولذلك يأتي الرد من الحق بأمر واضح للرسول صلى الله عليه وسلم: {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ}. فكأنك أيها الميت قد تكون أَحْرَص على لقاء الموت من حِرْص الموت عليك. بدليل أننا قلنا: إن الإنسان يكون مريضاً، ويلح على أن تُجري له عملية جراحية فيعتذر الطبيب قائلا: عندي عدد كبير من الجراحات فانتظر شهراً، فيأتي له المريض بوساطة لكي يقبل الطبيب إجراء العملية الجراحية ويلح عليه. ويعلى أجر الطبيب وقد يموت المريض. إذن فهو يلح على الموت أو لا؟ إنه يلح على الموت.
يقول الحق: {لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ} وكلمة (بَرَزَ) تدل على اندفاع حركي، فمعنى: بَرَزَ من الصف؛ يعني أن الصّف له التئام واقعي، والذي يبرُز إنما يقوم بحركة مخالفة للصف، هذه حركة.
{قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} والذي يبرز إلى المضجع هو من يخرج من مكان الاستقرار، وإلاّ فكيف يكون الابتلاء لمن يقدر الله سبحانه أن يحملوا معركة الإسلام إلى أن تقوم الساعة إذا لم تكن هذه المسائل؟ لابد أن يكونوا قوماً قد عركتهم التجربة، مُمحصين بالأحدث حتى لا يكون مأموناً على حمل السلاح في الإسلام إلا هؤلاء الصفوة المختارة.
فساعة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم بالخروج، وينتهي إلى أن يخرج إلى أحُد، نجد جماعة يتخاذلون بوساطة ابن أبي، هذه أول تصفية، وبعد ذلك ينقسم الرُماة، وهذه تصفية أخرى، فريق يظل وفريق ينزل للغنائم، وبعد ذلك يُشَاع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قُتل، هذه تصفية ثالثة.
{وَلِيَبْتَلِيَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} وكلمة (ذات الصدور) معناها صاحبة الصدور. وفي الصدر يحرص الإنسان على إخفاء الأمر الذي يحب أن يحتفظ به لنفسه بِحرْص كحرص الصاحب على صاحبه، كأن الصدر حريص على ألا يسلم ما فيه، ولكن الله سبحانه وتعالى يفضحهم أمام الناس، ويفضحهم أمام نفوسهم؛ فقد يجوز أن يكونوا مغشوشين في نفوسهم.
ويقول الحق من بعد ذلك: {إِنَّ الذين تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ التقى الجمعان إِنَّمَا استزلهم الشيطان بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ...}.
المصدر: موقع نداء الإيمان
تفسير الشيخ الشعراوي للحكمة من اختلاف العطاء الإلهى
قال تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.. [آل عمران : 154].وكلمة {أَنزَلَ} تدل على أن هذا عطاء عُلوي ليس له شأن بالأسباب المادية ولا بالقوانين البشرية؛ لأن النوم عرض من الأعراض التي تطرأ على الأحياء، هذا العرض تستوجبه عمليات كيماوية في نفسك، وهذه العمليات الكيماوية حتى الآن لا يعرفون ما هي، وأقصى ما فُهم منه أنه ردع ذاتي لجسم الإنسان. فكأن الجهاز المتحرك المكون من مخ يعمل، وعين ترى، وأذن تسمع، وحواس وحركة هذا الجهاز له طاقة، ساعة تنتهي منه الطاقة، لا يقول لك: أنت الذي تترك العمل. لا، بل يقول لك: أنا لم أعد صالحا للعمل. إنه ردع ذاتي، مثلما يريدون أن يصلوا إليه الآن في مجال الآلآت بمجرد فصل تيار الكهرباء آليا عن تلك الآلآت فهي تتوقف.فالردع الذاتي هو في النوم ويأتيك النعاس. وتبين بالبحث العلمي أن هناك أشياء في الجسم لا تخرج كفضلات. بل تحتاج إلى التعادل والتوازن الكيميائي. ونحن نعلم أن هناك بقايا كنتيجة للحركة، وهناك احتراق للطاقة، وكل حركة فيها احتراق، وبقايا هذا الاحتراق تخرج مرة على هيئة بول ومرة يخرج غائطا ومرة يخرج مخاطاً، وهكذا، إذن كثير من هذه الفضلات هي نتيجة عمليات الاحتراق، لكن هناك أشياء لا نريد لها أن تخرج ولكن نريدها أن تتعادل، فعندما تنام لا يوجد لك حركة وتبتدئ الكيماويات داخل الجسم في التعادل، وهذا هو ما يفعله لك النوم الذي تستوجبه أسبابك المادية.وصاحب الهم والغم لا ينام أبدا؛ فهو يسهو عن نفسه ويرهق جسمه أكثر وتكون المصيبة كبيرة عليه، وهنا ينزل الحق فضله عليكم بالنوم لأن أسبابكم لا تساعد أيا منكم على أن ينام.وأنتم تذكرون قديما أننا قلنا: إن الإمام عليًّا كرم الله وجهه لما اشْتُهِرَ بالفتيا، وكلما سألوه عن أمر أفتى فيه، فقالوا: نأتي له بمسألة معقدة ونرى كيف يأتي بالفتيا، وكأنهم نسوا أنه يُفتى لأنه تربى في حضن النبوة، فقد جاءت النبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدنا على مازال صغيرا، أما الصحابة الآخرون فقد جاءت النبوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كبار في السن، فهناك معلومات دخلت عندهم من أيام الجاهلية، ولكن سيدنا عليًّا كرم الله وجهه لم تدخل عليه معلومة من معلومات الجاهلية. كل المعلومات التي عنده نبوية، فكل هذا التفاعل ينشأ عنه فُتيا؛ لذلك كان سريعا في الإفتاء.على سبيل المثال، تأتي له امرأة فتقول: يا ابن أبي طالب كيف يعطونني دينارا من ستمائة؟ مورثي خَلَّفَ ستمائة دينار فأعطوني دينارا واحدا. فقال لها: لعله مات عن زوجة، وعن بنتين، وعن أم، الزوجة تأخذ الثُمن (خمس وسبعين دينارا) والبنتان تأخذان الثلثين (أربعمائة دينار) وللأم السدس وهو مائة دينار، ولعل له اثنى عشر أخا وأختا واحدة، أشقاء أو لأب، وأنت هذه الأخت وقد بقي من التركة خمسة وعشرون دينارا توزع على الاثني عشر أخا والأخت، فيكون نصيبك دينارا.كيف عرف ذلك؟ إنها دقة الحساب عند من تعلم في بيت النبوة.وفي الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها نجد أن الحق قد أنزل عليهم نعاسا ليؤمنهم فلم ينشأ النوم هنا من حركة الاختيار، ولكن الله أنزله، ومعنى (أنزله)؛ أنه بعث رحمة جديدة من السماء ليُخرج القوم الذين أصابهم الغم على ما فعلوا مما هم فيه. ولذلك قال أبو طلحة: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد فكان السيف يسقط من أحدنا فيأخذه ثم يسقط فيأخذه.إذن فهي عملية قسرية. والنعاس حينما ينزل من الحق سبحانه وتعالى يكون عملية إنقاذ من حركة فاتت فرصتها على النفس البشرية فعوضها الله، ولكن القوم الذين نافقوا ماذا كان حالهم؟ لا شك أن الذين جاءوا نفاقا لم يصبهم غم على ما حدث. بل بالعكس، لابد أن يكون قد أصابهم فرح أو اطمئنان على ما حدث، وهؤلاء لا يكونون أهلا لأن ينزل الله عليهم أمنة النعاس. بل يتركهم الله لذواتهم؛ لأنهم لم يكونوا في حصن الله باتباع منهج الإسلام أو بالاخلاص- على الأقل- لفكرة الإسلام، هؤلاء يسلمهم الله لذواتهم.إذن فلن يُنزل عليهم أمنة النعاس. وما دام لن ينزل عليهم أمنة النعاس، فقد أصبحوا في قلق، لماذا؟ لأن نفوسهم قد أهمتهم. والإنسان حين يؤمن ويتقبل الإسلام من ربه يكون قد باع نفسه لربه، وما دام قد باع نفسه لربه فالصفقة الإيمانية لابد أن تستمر. وإذا استيقظ المسلم مرة لنفسه نقول له: لقد رجعت في عقد الصفقة. وما دمت قد رجعت في عقد الصفقة فالله الذي كان قد اشتراك يتركك لنفسك، فقوله: {أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} أي خرجوا عن صفقة الإيمان؛ لأن الذي يعقد صفقة بالإيمان مع ربه، هو من قال الله فيه: {إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجنة يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التوراة والإنجيل والقرآن وَمَنْ أوفى بِعَهْدِهِ مِنَ الله فاستبشروا بِبَيْعِكُمُ الذي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفوز العظيم}.. [التوبة: 111].وما دام الله قد اشترى من المؤمن نفسه فيجب على المؤمن ألا تهمه نفسه، فيدخل المعركة بالصفقة الإيمانية، فإذا أهمته نفسه يبدأ القلق، والبلبلة، والاضطراب، وتوهم الأشياء، والشيء الواحد يتوهمه على ألف لون. إذن فنفسه تكون غير مطمئنة، وما دام الإنسان قد شغله هم نفسه حتى لو كان النعاس استجابة لأمر طبيعي من ذات النفس فلا يأتي النعاس أبدا.ولذلك نجد أن الإمام عليًّا- رضوان الله عنه وكرم الله وجهه- حينما سُئل عن أشد جنود الله؟ بسط يديه وقال: أشد جنود الله عشرة: الجبال الرواسي، والحديد يقطع الجبال، إذن فالحديد أشد من الجبال، والنار تذيب الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء، والريح يقطع السحاب، وابن آدم يغلب الريح يستتر بالثوب أو الشيء ويمضي لحاجته، والسُكر يغلب ابن آدم، والنوم يغلب السُكر، والهم يغلب النوم، فأشد جنود الله (الهم).فساعة يدخل الهم على النفس البشرية، هذا أشد جنود الله؛ لأن الهم يدخل على النفس البشرية بألوان متعددة للخطب الواحد، فيتصور أموراً معقدة في أمر واحد، وواقعة على لون واحد، ولكن الهم يجول به في كل لون؛ فهؤلاء قد أهمتهم أنفسهم وما داموا قد أهمتهم أنفسهم فقد خرجوا عن صفقة الإيمان. وما داموا قد خرجوا عن صفقة الإيمان الذي بوساطته اشترى الله من المؤمنين أنفسهم، فالله يتخلى عنهم. وما دام الله قد تخلى عنهم فعليهم مواجهة المصير.إن القلق والاضطراب يستبدان بهم ويصابون بالفزع من كل شيء. لكن حال الصنف الأول والطائفة الأولى يختلف؛ فالله سبحانه وتعالى يعاملهم معاملة من بقي في الصفقة الإيمانية وإن كانت نفوسهم البشرية قد فسرت الأحداث تفسيرا خاطئا، فظنوا أن المسألة في المعركة انتهت، فذهبوا لأخذ الغنيمة إن هؤلاء قد احترم الله بقاءهم على الإخلاص للإسلام، وأدبهم على تفسيرهم للأحداث تفسيرا غير حق، فأثابهم غما لما خالفوا فيه، وأنزل عليهم أمنه لإخلاصهم في قضية الإسلام.{وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بالله غَيْرَ الحق ظَنَّ الجاهلية} وإذا سمعت كلمة (طائفة) فاعلم أنها جماعة، لكن هذه الجماعة لها مواصفات خاصة هي التي تجمعها على فكرة واحدة كأنهم يطوفون حولها، إنها ليست مطلق جماعة لكنها جماعة تدور حول فكرة واحدة ويأتي القول الحكيم هنا ليبين لك ما قالوه في نفوسهم، وما داموا قد قالوا في نفوسهم، أسمعهم أحد؟ لا، ولكن الله أخبر به، وأخبر بما في نفوسهم جميعا بقول واحد، مما يدل على أنهم يطوفون حول فكرة واحدة فالنضح الوجداني يجعلهم يقولون جملة واحدة هي: {هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ} وما داموا سيقولون في نفوسهم فمن الذي سمعهم وهم جماعة؟ إنه الله سبحانه {والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور}.وأنت إذا قلت (طائفة) تجد أنها في عرف اللفظ (مفرد)، وعندما تجمعها تقول: (طوائف)، لكن هي لفظ مفرد يدل على جمع، فمرة يلحظ المفرد، ومرة يلحظ ما يؤديه المفرد من الجمع. وهذه لا يتنبه إليها إلا البليغ، فيفرق بينها كلفظ مفرد وبين ما تدل عليه كجمع، ولذلك تجد هذا في إعجاز القرآن، فالحق يقول: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا على الأخرى فَقَاتِلُواْ التي تَبْغِي حتى تفياء إلى أَمْرِ الله فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بالعدل وأقسطوا إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين}.. [الحجرات: 9] وحينما يقول: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين} فهو هنا يأتي بالخبر، اقتتلتا أو اقتتلوا؟ إنه سبحانه يقول: {اقتتلوا}، اللفظة طائفتان لكن الدقة البلاغية لاحظت أن كل طائفة مكونة من جماعة. {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا} فماذا نفعل؟ {فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا}، فمرة رجع للجماعة ومرة رجع للاثنتين، ففي ساعة الاقتتال لا تقف الطائفة بسيف واحد وتضرب ضربة واحدة، لا، ففي ساعة القتال كل فرد من الطائفة له عمل، إذن فالفردية المكونة للطائفة متعددة.لكن عندما نصلح هل نأتي بكل فرد من هذه الطائفة وبكل فرد من الطائفة الأخرى أو نأخذ هذه الطائفة ممثلة في رؤوسها والطائفة الأخرى ممثلة في رؤسها ونعقد الصلح بين الطائفتين؟ فدقة القرآن تقول: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا} وبعد ذلك يعود الحق للتثنية فيقول: {فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا على الأخرى فَقَاتِلُواْ التي تَبْغِي حتى تفياء إلى أَمْرِ الله فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا} والصُلح يكون بين جماعة ممثلة في قيادة وجماعة أخرى ممثلة في قيادة.وقوله الحق: {وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بالله غَيْرَ الحق ظَنَّ الجاهلية يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ في أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا} هذا القول يدل على أنها طائفة تدور حول حركة واحدة، ويدل على أن النفاق نفاق متفق عليه، وليس كل واحد منهم ينافق في نفسه، لا إنها طائفة المنافقين، وقد كوَّنوا جماعة، ولهم سياسة مخصوصة، ولهم كلام مخصوص ولهم وحدة قول، تعرفهم من قول الحق {وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بالله غَيْرَ الحق ظَنَّ الجاهلية}.ونعرف أن الحق هو الشيء الثابت، وما دام ثابتا فهو لا يتغير، وقضية الحق فيه تكون مطردة، فالله حق، خلق السماوات والأرض، وكل الكون بالحق، أنزل كتابه بالحق، كله حق، فهم يظنون بالله غير الحق مع أنه حق، ونشأ الكون منه بقانون حق، واستمرت سنن الله في الكون بالحق، وهو دائما ينصر الحق، وهم يظنون بالله غير الحق، يقولون: ربنا لم ينصرنا على الرغم من أنه وعدنا بالنصر، وتناسوا العناصر التي جعلها الله أسباباً للنصر، إنها سُنَّة الله وسُنَّة الله تتحقق ولو على أحبابه، لقد خالفوا أمر الرسول، فلابد أن ينهزموا، فلا مجاملة لأحد، فالذي يخالف لابد أن يأخذ جزاءه؛ لأن هذا هو الحق.كان يجب أن يقولوا إن الحق واضح لدرجة أن أحبابه ومعهم رسوله حينما خالفوا عن أمر الله الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم طبق الله عليهم سُنته إذن فهي سنة بالحق، لكنهم ظنوا بالله ظن الجاهلية، والمقصود به إما ظن أهل الجاهلية؛ وإمَّا أن تكون الجاهلية عَلَماً على السَّفه كله، وهذا الظن له نضح سلوكي.{يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ} أي هل انتصرنا أو ظفرنا أو غلبنا أو أخذنا غنائم؟ أو يكون قولهم: {هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ} مقصودا به: أننا خرجنا إلى المعركة بدون رأينا؛ فقد كان
من رأينا ألا نخرج وأن نظل في المدينة وعندما يدخلونها علينا نحاربهم. {يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأمر مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ للَّهِ} هم لم يمتلكوا البصيرة الإيمانية ولم يعرفوا لماذا لم ينصرهم الله، هم فهموا أنهم لم ينتصروا؛ لكن في عرف الحق أنه انتصار؛ لماذا؟ لأن المعركة أثبتت أن المبدأ إن خولف فلا نصر، إذن فالإسلام قد انتصر، ولكن الذي انهزم هم المتخاذلون عن منهج الإسلام، وهذا نصر للإسلام في ذاته. ولذلك يجب أن نفرق دائما بين المبدأ الإسلامي والمنسوبين للمبدأ.إياك أن تأخذ الحكم على المبدأ من المنسوبين للمبدأ، فلا يكون المنسوبون للمبدأ حُجَّة على الحكم في ذاته إلا إذا كانوا ملتزمين به؛ لأن الله حينما شرع ديناً سمّاه الإسلام ليحكم حركة الحياة في الناس فهو قد قنّن وحرّم فيه أفعالاً، وما دام قد قنن وحرم فيه أفعالاً فمعناه أن المؤمنين المسلمين الذين انتسبوا له من الممكن أن يخالفوا بأفعالهم تلك الأحكام، فعندما يقرر الإسلام جلد أو رجم الزاني والزانية، وحينما يشرع الإسلام قطع يد السارق أو السارقة وحين يشرع الإسلام تلك العقوبات للجرائم، فمعنى ذلك أنه من الجائز أن تحدث تلك الجرائم، فإذا ما حدثت فأنت لا تأخذها من واقع مُجَرًَّم لتحكم به على الإسلام، لا تقل إن الإسلام أباح السرقة بل قل: سرق مسلم ووضع الإسلام عقوبة صارمة عليه وهي قطع يده.{يُخْفُونَ في أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا} وهذه هي الفضيحة لهم، فماذا كانوا يريدون أن يكون لهم؟ كانوا يريدون ألا يخرجوا للمعركة فقالوا: لو كان لنا من الأمر شيء واتبعنا منطقنا، لما جئنا الموقعة هنا وحصل لنا ما حصل، هذه واحدة، أو لو كان لنا شيء من الظفر الذي وعد الله به محمداً وأصحابه ما قتلنا ها هنا، فعلى الرأيين يصح المعنى، فكأنهم أرادوا أن يعللوا القتل أو الموت بأسباب، ومن الذي قال: إن القتل أو الموت يتعلق بأسباب؟ إن الموت قضية تطرأ لإعدام الحياة، وهي مجهولة السبب ومجهولة الزمان ومجهولة المكان ومجهولة العمر.إذن فما دامت المسألة مجهولة فلماذا ربطتم بين القتل والموقعة؟ وهل لم تروا إنساناً مات وليس في موقعة؟ ألم تروا إنساناً قد قُتل وليس في موقعة؟ لو أن القتل لا ينشأ إلا في مواقع قتال الحرب لكان لكم أن تقولوا هذا، إنما القتل والموت قضية عامة لها واقع في حياتكم.هذا الواقع لم يرتبط بأرض، ولم يرتبط بزمان، ولم يرتبط بسن، ولم يرتبط بسبب، وإنما الموت يأتي لأنك تموت، انتهت المسألة.إذن فهم عندما ربطوا القتل والموت بالموقعة فهم قد خرجوا عن القضية الإيمانية. ولذلك يأتي الرد من الحق بأمر واضح للرسول صلى الله عليه وسلم: {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ}. فكأنك أيها الميت قد تكون أَحْرَص على لقاء الموت من حِرْص الموت عليك. بدليل أننا قلنا: إن الإنسان يكون مريضاً، ويلح على أن تُجري له عملية جراحية فيعتذر الطبيب قائلا: عندي عدد كبير من الجراحات فانتظر شهراً، فيأتي له المريض بوساطة لكي يقبل الطبيب إجراء العملية الجراحية ويلح عليه. ويعلى أجر الطبيب وقد يموت المريض. إذن فهو يلح على الموت أو لا؟ إنه يلح على الموت.يقول الحق: {لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ} وكلمة (بَرَزَ) تدل على اندفاع حركي، فمعنى: بَرَزَ من الصف؛ يعني أن الصّف له التئام واقعي، والذي يبرُز إنما يقوم بحركة مخالفة للصف، هذه حركة.{قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذين كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتل إلى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} والذي يبرز إلى المضجع هو من يخرج من مكان الاستقرار، وإلاّ فكيف يكون الابتلاء لمن يقدر الله سبحانه أن يحملوا معركة الإسلام إلى أن تقوم الساعة إذا لم تكن هذه المسائل؟ لابد أن يكونوا قوماً قد عركتهم التجربة، مُمحصين بالأحدث حتى لا يكون مأموناً على حمل السلاح في الإسلام إلا هؤلاء الصفوة المختارة.فساعة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم بالخروج، وينتهي إلى أن يخرج إلى أحُد، نجد جماعة يتخاذلون بوساطة ابن أبي، هذه أول تصفية، وبعد ذلك ينقسم الرُماة، وهذه تصفية أخرى، فريق يظل وفريق ينزل للغنائم، وبعد ذلك يُشَاع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قُتل، هذه تصفية ثالثة.{وَلِيَبْتَلِيَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} وكلمة (ذات الصدور) معناها صاحبة الصدور. وفي الصدر يحرص الإنسان على إخفاء الأمر الذي يحب أن يحتفظ به لنفسه بِحرْص كحرص الصاحب على صاحبه، كأن الصدر حريص على ألا يسلم ما فيه، ولكن الله سبحانه وتعالى يفضحهم أمام الناس، ويفضحهم أمام نفوسهم؛ فقد يجوز أن يكونوا مغشوشين في نفوسهم.ويقول الحق من بعد ذلك: {إِنَّ الذين تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ التقى الجمعان إِنَّمَا استزلهم الشيطان بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ...}.المصدر: موقع نداء الإيمان
خواطر متعلقة:
- تفسير الشعراوي لحكم الله على من يخالف أوامر رسول الله
- تفسير الشعراوي لصور عفو الله عن المؤمنين فى موقعة بدر
- خواطر الشعراوي لأحوال الكافرين وقلوبهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.