محمد شعبان وصابر المحلاوي: انتشر التقليد الأعمى للمجتمعات الغربية، والسينما الأجنبية وأفلام الإثارة "الأكشن"، وخاصة حرفية ارتكاب الجرائم، وتجسيد البطولة الإجرامية في التخطيط لإخفاء معالم الجريمة، وفي مشهد سينمائي، شهدت منطقة الجيزة جريمة قتل مؤسفة، كان بطلها شقيق الضحية؛ حيث قتلها وشطرها لنصفين ووزع جسدها في أماكن متفرقة؛ لعدم كشف فعلته. عائلة مفككة فقدت الأخوة، والمحبة، والرعاية منذ الطفولة؛ بعدما غرس الأب فيهم القسوة والشقاء التي تربوا عليها؛ ليجني هو المال للإنفاق على نفسه فقط، متناسيًا أن لديه أطفال تنقصهم الحياة، ويملأ قلبهم الحزن بدلًا من الفرحة. هذه المرة، تجرد عاطل من المشاعر الإنسانية ومظاهر الرجولة، ليفتك بأقرب الناس إليه، غير عابئ بما قدمته له، بل ووصلت به القسوة لشقها إلى نصفين في مشهد شيطاني، يترجم قسوة أخ على شقيقته. جاءت "كريمة" إلى الدنيا، لتجد أب قاسي القلب، يجبرها منذ الخامسة من عمرها وشقيقها "صبحي" الذي يكبرها بأعوام قليلة على العمل منذ الصغر. وجدت الطفلة الصغيرة نفسها بعيدة كل البعد عن بنات عمرها بمنطقة سكنها بمركز طنطابالغربية، لم تعش الطفولة، كيف لا، ووالدها يجبرها على العمل في نظافة المنازل ليجني من ورائها المال، دون الاهتمام بصغر سنها ونحافة جسدها الذي لم يكن ليكمل عامه العاشر. مرت الأيام والسنون، لا جديد يطرأ على حياة الشقيقين في كنف والدهما الطامع في جمع المال على حساب أبناءه، حتى بلغت الفتاة سن ال18 من العمر، فتقدم لخطبتها أحد الأشخاص من أتباعه، ثم تزوج منها. ظنت "كريمة" أن الحياة بدأت تبتسم لها، وكأنها فتحت لها ذراعيها، لتعوضها عن الأيام الممزوجة بالمشقة والقسوة، فلم تذق طيلة 18 عامًا طعمًا للراحة، لم تنعم بطفولتها مثل زميلاتها، لكنها تركت "نار" منزل أبيها إلى "جحيم" منزل زوجها. مشادات كلامية، مشاجرات، تدخل الأهل والجيران، تصف هذه الكلمات العلاقة الزوجية بين "كريمة" وزوجها، حتى وصل الأمر إلى الطلاق؛ بسبب تفاقم المشكلات الزوجية بينهما. قررت المنضمة إلى صفوف المطلقات حديثًا، السفر إلى مدينة مرسى علم، وعملت في محل كوافير سيدات، وبمرور أشهر قليلة، لحق بها شقيقها، الذي لم يعد يحتمل إهانة والده له بشكل مستمر، ومعاملته القاسية له، فلحق بشقيقه تاركًا منزل العائلة ليعمل بنفس المدينة كفرن بأحد المخابز، وفرد أمن بإحدى الشركات. تبدل الحال تمامًا، بعد تعرف الفتاة على سائح ألماني، وتطورت العلاقة بينهما، وأخبرها الأخير برغبته في إشهار إسلامه تمهيدًا للزواج منها، ما دفعها إلى الانتقال إلى منطقة الدقي، لتبدأ رحلة تعلم اللغة الألمانية بمعهد جوتا، لضمان مزيدًا من التواصل مع زوج المستقبل. وأقام "صبحي" رفقة شقيقته في شقتها بمنطقة بولاق الدكرور، لكن بدأت الخلافات تعرف طريقها إلى الشقيقين، حيث بدأت الفتاة في معايرة شقيقها الأكبر بالمبالغ المالية التي تغدقها عليه، وتخبره بأنه عاطل لا قيمة له أو فائدة منه. مشادة تلو الأخرى، مشاجرة هنا، وأخرى هناك، حتى جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، عندما تطورت مشادة كلامية بينهما إلى مشاجرة، تعدى خلالها "صبحي" على شقيقته بالضرب، وخنقها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، ثط سدد لها عدة طعنات، وقام بشطرها إلى نصفين باستخدام سكين المطبخ، واضعًا الجزء العلوي داخل حقيبة سفر، ونقلها بواسطة توك توك إلى إحدى المناطق بالطريق الدائري بمنطقة بولاق الدكرور، والجزء الآخر أمام عقار بمنطقة العمرانية. عاد المتهم إلى شقة شقيقته، واستولى على كافة مشغولاتها الذهبية، والمبالغ المالية الموجودة بغرفتها، وهرب إلى منزل العائلة بمحافظة الغربية، ظنًا منه أنه ارتكب "الجريمة الكاملة". تلقى اللواء علاء عزمي، نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، إخطارًا من العميد درويش حسين، رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، بعثور الأهالي على كيس يحوي رجلين بالعمرانية. وانتقل على الفور المقدم محمد الشاذلي، رئيس مباحث العمرانية، لمكان البلاغ، واستمع ضباط المباحث إلى أقوال شهود العيان، الذي أكدوا أنهم فوجئوا بانبعاث رائحة كريهة من كيس ملقى بالشارع. وبالتزامن مع ذلك، ورد بلاغ من غرفة النجدة، بالعثور على حقيبة سفر بداخلها رأس وجذع ويدين بالطريق الدائري، وكشفت التحريات، أن الجثة لسيدة في العقد الثالث من العمر، مُصابة ب4 طعنات بالجسم. وبعد تحديد هويتها بساعات، نجح رجال المباحث بالجيزة، في إلقاء القبض على المتهم، وتبين أن الجاني هو شقيق الضحية؛ بسبب معايرتها له باستمرار، كونها تتكفل بمصروفاته.