خبراء: مبادرات التمويل المدعوم تخفض تكلفة الإنتاج 8%.. وتمهد لقفزة تصديرية    زيادة تصل إلى 17 جنيها، تعريفة الركوب الجديدة لخطوط النقل الداخلية والخارجية ب 6 أكتوبر    رئيس البنك الدولى: إعادة إعمار غزة أولوية وننسق مع شركاء المنطقة    إشادة ترامب تعكس تطور المنظومة الأمنية فى حماية الوطن والمواطن| شهادة الرئيس الأمريكى تؤكدها الحقائق على الأرض    جيش الاحتلال يعلن تسليم "حماس" جثة رهينة للصليب الأحمر    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب لزيلينسكى: لا أريد التصعيد مع روسيا.. الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل بتجميد مذكرة اعتقال نتنياهو.. بلومبرج: خطط تركية لنشر مدرعات وصواريخ شمال سوريا    قناة عبرية: ضباط أمريكيون سيقيمون مركز قيادة في غلاف غزة لقيادة قوات دولية    "الجنائية الدولية" ترفض طلب إسرائيل بإلغاء مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الاتحاد الأوروبى يطالب بنزع سلاح حماس دعما لخطة ترامب    رياضة ½ الليل| مصر تتأهل للأولاد.. يد الأهلي تكتسح.. الغيابات تضرب الزمالك.. وزعزع أفضل لاعب    رسميًا| لاعبو الدوري الإسباني يحتجون على إقامة مباراة في أمريكا    قائمة بيراميدز في مواجهة نهضة بركان بالسوبر الأفريقي    تعرف على طاقم حكام مباريات الأحد فى الدورى الممتاز    رغم التعادل أمام ستراسبورج، باريس سان جيرمان يحافظ على صدارة ترتيب الدوري الفرنسي    20 لاعبا فى قائمة الإسماعيلى لمواجهة حرس الحدود بالدورى    إمام عاشور يذبح عجلاً قبل العودة لتدريبات الأهلى.. ويعلق :"هذا من فضل ربى"    قرار هام بشأن المتهم بقتل طفلته وتعذيب شقيقها بأطفيح    اليوم.. محاكمة 7 متهمين في قضية «داعش التجمع»    المحكمة الدستورية تشارك في أعمال الندوة الإقليمية بالمملكة الأردنية الهاشمية    صرف رئيس حزب شعب مصر من نيابة الجيزة بعد التصالح    إصابة فتاة اختل توازنها وسقطت من الطابق الثالث أثناء نشر الغسيل في العمرانية    مدحت صالح يتألق في ختام ثاني أيام مهرجان الموسيقى العربية    الوزراء: حريصون على افتتاح المتحف المصري الكبير في صورة مشرفة تليق بمكانة مصر    مدحت صالح يتألق بأغنية أنت عمرى لأم كلثوم ويرفع شعار كامل العدد    مدحت صالح يشعل ثاني ليالي مهرجان الموسيقى العربية بأمسية طربية ساحرة    مارسيل خليفة: لا أدرى إلى أين سيقودنى ولعى بلعبة الموسيقى والكلمات.. لدى إيمان كامل بالذوق العام والموسيقى فعل تلقائى لا يقبل الخداع والتدليس.. محمود درويش حى يتحدى الموت وصوته يوحى لى متحدثا من العالم الآخر    أنغام تتألق بفستان أسود مطرز فى حفل قطر.. صور    أخبار 24 ساعة.. وزارة التضامن تطلق المرحلة الرابعة من تدريبات برنامج مودة    مدير الخدمات الطبية بالمؤسسة العلاجية فى زيارة مفاجئة لدار الولادة بالإسكندرية    انطلاق مهرجان تعامد الشمس بأسوان بمشاركة 8 فرق شعبية وحضور فودة وكمال    مانشيني يقترب من العودة إلى البريميرليج ضمن قائمة المرشحين لتدريب مانشستر يونايتد    أمريكا تعتقل ناجين بعد غارة على سفينة يشتبه في نقلها مخدرات بالبحر الكاريبي    اللواء بحرى أركان حرب أيمن عادل الدالى: هدفنا إعداد مقاتلين قادرين على حماية الوطن بثقة وكفاءة    في ذكرى ميلاده.. سُليمان عيد صانع البهجة والإبداع    عاجل- وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق: حاولنا ربط الإفراج عن شاليط بمروان البرغوثي ولكن إسرائيل رفضت رفضا قاطعا    الإثنين، آخر مهلة لسداد اشتراكات المحامين حاملي كارنيه 2022    توفير وظائف للشباب وذوي الهمم .. حصاد «العمل» في إسبوع    مصطفى بكري عن سد النهضة: مصر لن تسمح بأي تهديد لمصالحها الوطنية    «الوطنية للانتخابات»: قاعدة بيانات محدثة للناخبين لتيسير عملية التصويت    الأرصاد الجوية: توقعات سقوط أمطار على بعض المناطق خلال الساعات القادمة    ينافس نفسه.. على نور المرشح الوحيد بدائرة حلايب وشلاتين    وزارة النقل تناشد المواطنين للمشاركة في توعية ركاب السكة الحديد من السلوكيات السلبية    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية ورقم الناخب    طريقة طاجن السبانخ باللحمة.. أكلة مصرية بطعم الدفا مع اقتراب أجواء الشتاء (المكونات بالتفصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-10-2025 في محافظة الأقصر    ضبط دجال يروّج للشعوذة على السوشيال ميديا في الإسكندرية    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    شروط قرض الموتوسيكلات من بنك مصر 2025    «الطفولة والأمومة» ينعي ضحايا حادث أسيوط ويؤكد متابعة الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية    الملاذات التقليدية تنتصر.. الذهب يلمع والعملات الرقمية تتراجع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكم نَقْل قَرَنِيَّةٍ مِن متوفًى إلى شخصٍ حيٍّ مُصَاب؟
نشر في مصراوي يوم 07 - 02 - 2016


مفتى الديار المصرية -:
خَلَقَ اللهُ تعالى الإنسانَ وكَرَّمَهُ وفَضَّلَهُ على سائرِ المخلوقات، وارْتَضَاهُ وَحْدَهُ لِأنْ يَكُونَ خَلِيفَةً في الأرض؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}.. [الإسراء : 70]؛ ولذلك حرص الإسلامُ كُلَّ الحِرصِ على حياةِ الإنسانِ والمُحافَظَةِ عليها وعَدَمِ الإضرارِ بها جُزْئِيًّا أو كُلِّيًّا؛ فأَمَرَت الشريعةُ الإسلاميةُ الإنسانَ بِاتِّخاذِ كُلِّ الوسائلِ التي تُحافِظُ على ذاتِهِ وحياتِهِ وصحتِهِ وتَمْنَعُ عنه الأذى والضرر، فأَمَرَتْهُ بالبُعد عن المُحَرَّمات والمُفسِدات والمُهلِكات، ورَغَّبَتْهُ عند المرض في اتِّخاذ كُلِّ سُبُلِ العلاج والشِّفاء؛ قال الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.. [البقرة : 195]، وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.. [النساء : 29].
وعن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ قال: جاء أَعرابِيٌّ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، أَنَتَداوى؟ قال: «تَداوَوْا؛ فإنَّ اللهَ لَم يُنْزِل داءً إلَّا أَنزَلَ له شِفاءً، عَلِمَهُ مَن عَلِمَهُ، وجَهِلَهُ مَن جَهِلَهُ».. رواه أحمد.
ومِن الوسائل الطِّبِّيَّةِ التي ثَبَتَ جَدْوَاهَا في العلاج والدواء والشفاء بإذن الله تعالى لِلمُحافَظَةِ على النَّفْسِ والذَّاتِ: نَقْلُ وزَرْعُ بَعضِ الأعضاء البَشَرِيَّةِ مِن الإنسان لِلإنسان، سواء مِن الحَيِّ لِلحَيِّ أو مِن الميت الذي تَحَقَّقَ مَوْتُهُ إلى الحَيِّ، وهذا جائزٌ شرعًا إذا تَوَافَرَت فيه شروطٌ مُعَيَّنَةٌ تُبْعِدُ هذه العمليةَ مِن نِطَاقِ التَّلَاعُبِ بالإنسان الذي كَرَّمَهُ اللهُ، ولا تُحَوِّلُهُ إلى قِطَعِ غِيَارٍ تُباعُ وتُشتَرَى، بل يَكونُ المَقصِدُ منها التعاونَ على البِرِّ والتقوى وتَخفِيفَ آلَامِ البَشَر، وإذا لَم تُوجَدْ وسيلةٌ أخرى للعلاج تَمنَعُ هلاكَ الإنسان وقَرَّرَ أهلُ الخِبرة مِن الأطباء العُدُولِ أنَّ هذه الوسيلةَ تُحَقِّقُ النَّفْعَ المُؤَكَّدَ لِلآخِذِ ولا تُؤَدِّي إلى ضَرَرٍ بالمأخوذ منه ولا تؤثر على صحته وحياته وعمله في الحال أو المَآل.
وهذا حينئذٍ يَكونُ مِن باب إحياء النَّفْسِ الوارد في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعًا}.. [المائدة : 32]، ويَكونُ مِن باب التضحية والإيثار أيضًا الَّذَينِ أَمَرَ اللهُ تعالى بِهِما وحَثَّ عليهما في قوله سبحانه: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.. [الحشر : 9]، وكما يجوز أَخْذُ عُضْوٍ مِن الحَيِّ إلى الحَيِّ لِإنقاذِهِ مِن هلاكٍ مُحَقَّقٍ حالًا أو مُستَقبَلًا فإنه يَجوز أيضًا الأخذُ مِن الميت إلى الحَيِّ لإنقاذه مِن هلاكٍ مُحَقَّقٍ أو لِتحقيق مَصلَحَةٍ ضروريةٍ له؛ لأنَّ الإنسانَ الميتَ وإنْ كان مِثلَ الحَيِّ تمامًا في التكريم وعدم الاعتداء عليه بأيِّ حالٍ؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}.. [الإسراء : 70]؛ ولِحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا».. رواه ابن ماجه، فإنَّ هذا التكريم لا يُؤَثِّرُ فيه ما يُؤخَذُ منه بعد موته مِن أجزاءٍ تَقُومُ عليها حياةُ إنسانٍ آخَر أو رَدُّ بَصَرِهِ بَعْدَهُ؛ لأنَّ مَصلَحَةَ الحَيِّ مُقَدَّمَةٌ على مَصلَحَةِ الميت، وإذا كان المُقَرَّرُ فِقْهًا أنه إذا تَعَارَضَت حياةُ الأُمِّ مع حياة جَنِينِها فإنه تُقَدَّم حياةُ الأُمِّ عليه لأنَّ حياتها مُحَقَّقَةٌ وانْفِصَال الجَنِين منها حَيًّا أَمْرٌ غير مُحَقَّق، فيُقَدَّمُ لذلك ما كان مُحَقَّقَ الحياةِ على ما شُكَّ في حياته، فمِن بابِ أَوْلَى أنْ يُقَدَّم الحَيُّ على مَن تَأَكَّدَ موتُهُ، ولا يُعَدُّ ذلك إيذاءً لِمَيِّتٍ، بل فيه ثوابٌ عظيمٌ له؛ لأنه يَكون مِن باب الصدقة الجارية مُدَّةَ حياةِ المُنتَفِعِ المُستَفِيدِ بالعُضو المَنقول له، لا سِيَّمَا وأنَّ ذلك النَّقْلَ يَتِمُّ بعمليةٍ جراحيةٍ فيها تكريمٌ وليس فيها ابتِذالٌ كَمَا يَتِمُّ مع الأحياء تمامًا سواء بسواء.
وهذا الترخيص والجواز يُشتَرَطُ فيه أنْ يكون بعيدًا عن البيع والشراء والتجارة بأيِّ حالٍ، وبدون مقابِلٍ مادِّيٍّ مُطْلَقًا لِلمُعطِي صاحب العُضو إنْ كان حَيًّا أو لِوَرَثَتِهِ إنْ كان مَيتًا، ويُشتَرَطُ في جميع الأحوال وُجُوبُ مُرَاعاةِ الضوابط الشرعية التالية للترخيص بنَقْلِ الأعضاء الآدَمِيَّةِ مِن الحَيِّ إلى الحَيِّ ومِن الميتِ إلى الحَيِّ، وهي:
أولًا: يُرَخَّصُ في نَقْلِ العُضو البشريِّ مِن الإنسانِ الحَيِّ إلى الإنسانِ الحَيِّ بالشروط والضوابط الآتية:
1- الضرورة القُصْوَى لِلنَّقْلِ؛ بحيث تكون حالةُ المَنقول إليه المَرَضِيَّةُ في تَدَهْوُرٍ صِحِّيٍّ مُستَمِرٍّ ولا يُنقِذُهُ مِن هلاكٍ مُحَقَّقٍ إلَّا نَقْلُ عُضوٍ سليمٍ إليه مٍن إنسانٍ آخَر، ويُقَدِّرُ ذلك أهلُ الخبرة الطبية العُدُول، شَرِيطة أنْ يكون المأخوذُ منه وافَقَ على ذلك حال كَوْنِهِ بالِغًا عاقِلًا مُختارًا.
2- أنْ يَكونَ هذا النقلُ مُحَقِّقًا لِمصلحةٍ مؤكدةٍ للمنقولِ إليه مِن الوِجْهَةِ الطبية، ويَمْنَعُ عنه ضررًا مؤكَّدًا يَحِلُّ بِهِ باستمرارِ العُضوِ المُصابِ بالمريض بِدُونِ تَغْيِيرٍ، ولا توجَدُ وسيلةٌ أخرى لإنقاذِهِ مِن الموت والهلاك الحالِّ المُحَقَّقِ إلَّا بهذا الفِعل.
3- ألَّا يُؤَدِّيَ نَقْلُ العُضوِ إلى ضررٍ مُحَقَّقٍ بالمنقولِ منه يَضُرُّ به كُلِّيًّا أو جُزْئِيًّا أو يَمنَعُهُ مِن مُزَاوَلَةِ عَمَلِهِ الذي يُباشِرُهُ في الحياة مادِّيًّا أو مَعنَوِيًّا، أو يُؤَثِّرُ عليه سَلْبِيًّا في الحَالِ أو المَآلِ بطريقٍ مُؤَكَّدٍ مِن الناحيةِ الطبيةِ؛ لأنَّ مصلحة المنقول إليه ليست بأَوْلَى مِن الناحية الشرعية مِن مصلحة المنقول منه؛ ولأنَّ الضررَ لا يُزالُ بالضرر، ولا ضرر ولا ضِرار في الإسلام، ويَكفي في ذلك المصلحةُ الغالِبَةُ الراجِحَةُ، والضررُ القليلُ المُحتَمَلُ عادةً وعُرْفًا وشرعًا لا يَمنَعُ هذا الجوازَ في الترخيص إذا تَمَّ العِلْمُ به مُسْبَقًا وأَمْكَنَ تَحَمُّلُهُ أو الوِقَايَةُ منه مادِّيًّا ومَعنَوِيًّا بالنسبة لِلمنقول منه، والذي يُحَدِّدُ ذلك هُم أهلُ الخِبرة الطبية العُدُول.
4- أنْ يَكونَ هذا النَّقْلُ بِدُونِ أيِّ مُقابِلٍ مادِّيٍّ أو مَعنَوِيٍّ مُطْلَقًا بالمُباشَرَةِ أو بِالواسِطَة.
5- صُدُورُ إقرارٍ كِتَابِيٍّ مِن اللَّجنة الطبية قَبْلَ النَّقْلِ بالعِلْمِ بهذه الضوابط، وإعطاؤه لِذَوِي الشأن مِن الطَّرَفَيْنِ –المنقول منه العضو والمنقول إليه– قبل إجراء العملية الطبية، على أنْ تَكونَ هذه اللَّجنةُ مُتَخَصِّصَةً ولا تَقِلّ عن ثلاثةِ أطباء عُدُولٍ وليس لِأَحَدٍ منهم مصلحة في عملية النقل.
6- يُشتَرَطُ ألَّا يَكونَ العُضوُ المنقولُ مُؤَدِّيًا إلى اختِلَاطِ الأنساب بأيِّ حالٍ مِن الأحوال.
ثانيًا: يُرَخَّصُ في نَقْلِ العضو البشري مِن الميت إلى الحَيِّ بالشروط والضوابط الآتية:
1- أنْ يَكونَ المنقولُ منه العضو قد تَحَقَّقَ موتُهُ مَوْتًا شرعِيًّا وذلك بالمُفارَقَةِ التامَّةِ للحياة، أي موتًا كُلِّيًّا، وهو الذي تتوقف جميعُ أجهزة الجِسم فيه عن العمل تَوَقُّفًا تامًّا تَستَحِيلُ معه العودة للحياة مرةً أخرى؛ بحيث يُسمَحُ بِدَفْنِهِ، ولا عِبرَةَ بالموت الإكلينيكي أو ما يُعرَفُ بموت جذع المُخِّ أو الدِّماغ؛ لأنه لا يُعَدُّ موتًا شرعًا؛ لِبَقَاءِ بعض أجهزة الجِسم حَيَّةً، إلَّا إذا تَحَقَّقَ موتُهُ بِتَوَقُّفِ قَلْبِهِ وتَنَفُّسِهِ وجميع وظائف مُخِّهِ ودِماغِهِ تَوَقُّفًا لا رَجْعَةَ فيه، وكان عَمَلُ بعض أعضائه إنَّمَا هو آليُّ بِفِعْلِ الأجهزة؛ بحيث تَكونُ رُوحُهُ قد فَارَقَت جَسَدَهُ مُفارَقَةً تامَّةً تَستَحِيلُ بَعدَها عَوْدَتُهُ للحياة؛ لأنه حينئذٍ لَم يَعُدْ نَفْسًا حَيَّةً، والتَّحَقُّقُ مِن الموت بِناءً على ما سَبَقَ يَكونُ بشهادةِ لَجْنَةٍ مُكَوَّنَةٍ مِن ثلاثةِ أطباء -على الأقل- مُتَخَصِّصِين مِن أَهْلِ الخِبرَةِ العُدُولِ الذين يُخَوَّلُ إليهم التَّعَرُّفُ على حُدُوثِ الموت، وتَكون مَكتوبَةً ومُوَقَّعَةً منهم، ولا يَكون مِن بينهم الطبيب المُنَفِّذ لعملية زَرْعِ العضو المُرادِ نَقْلُه، وهذه اللجنة يَصْدُرُ بها قرارٌ مِن الوزير المُخْتَصِّ، فإذا لَم يُمْكِن -مِن قَبِيل الصناعة الطبية- نَقْلُ العضو المراد نَقْلُهُ مِن الشخص بعد تَحَقُّقِ موتِهِ بالشروط المذكورة فإنه يَحْرُمُ حينئذٍ النَّقْل، ويَكون ذلك بِمَثَابَةِ قَتْلِ النَّفْسِ التي حَرَّمَ الله قَتْلَهَا إلَّا بِالحَقِّ.
2- الضرورة القُصْوَى لِلنَّقْلِ بحيث تَكون حالةُ المنقول إليه المَرَضِيَّةُ في تَدَهْوُرٍ مُستَمِرٍّ ولا يُنْقِذُهُ مِن وِجْهَةِ النَّظَرِ الطبية إلَّا نَقْلُ عُضوٍ سليمٍ مِن إنسانٍ آخَر حَيٍّ أو ميت، ويَكون مُحَقِّقًا للمَنقول إليه مَصلَحَةً ضرورِيَّةً لا بَدِيلَ عنها.
3- أنْ يَكونَ الميتُ المنقولُ منه العضو قد أَوْصَى بهذا النَّقْل في حياته وهو بِكَامِلِ قُوَاهُ العقلية وبُدُونِ إكْرَاهٍ مادِّيٍّ أو مَعْنَوِيٍّ، وعالِمًا بأنه يُوصِي بعُضوٍ مُعَيَّنٍ مِن جسده إلى إنسانٍ آخَر بعد مَمَاتِهِ، وبحيث لا يُؤَدِّي النقلُ إلى امْتِهَانٍ لِكَرَامَةِ الآدَمِيِّ، بمَعْنَى أنه لا تَتَضَمَّنُ الوصيةُ نَقْلَ كَثِيرٍ مِن الأعضاء بحيث يَصِيرُ جَسَدُ الآدَمِيِّ خَاوِيًا؛ لأنَّ هذا يُنَافِي التكريمَ الوارِدَ في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}.. [الإسراء : 70].
4- ألَّا يَكونَ العُضوُ المَنقولُ مِن الميت إلى الحَيِّ مُؤَدِّيًا إلى اختِلَاطِ الأنساب بأيِّ حالٍ مِن الأحوال، كالأعضاء التناسُلِيَّةِ وغيرها، وذلك كَمَا هو الحالُ في نَقْلِ العُضوِ مِن حَيٍّ إلى حَيٍّ تمامًا.
5- أنْ يَكونَ النَّقْلُ بمَرْكَزٍ طِبِّيٍّ مُتَخَصِّصٍ مُعتَمَدٍ مِن الدولة ومُرَخَّصٍ له بذلك مُباشَرَةً بِدُونِ أيِّ مُقابِلٍ مادِّيٍّ بين أطراف النَّقْلِ، ويَستَوِي في ذلك الغَنِيُّ والفقيرُ، وبحيث تُوضَعُ الضوابطُ التي تُساوِي بينهم في أداء الخدمة الطبية ولا يَتَقَدَّمُ أحدُهُما على الآخَر إلَّا بِمُقْتَضَى الضرورة الطبية فقط التي يَترتب عليها الإنقاذُ مِن الضرر المُحَقَّقِ أو الموت والهلاك الحالِّ.
ولَقَد ذَهَبَ إلى نَحْوِ هذا مِن المُفْتِين السابِقِين لِلدِّيَارِ المصرية كُلٌّ مِن:
• فضيلة المرحوم الشيخ/ حسن مأمون؛ في فتواه المنشورة بالمجلد السابع (ص: 2552) مِن الفتاوي الإسلامية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية سنة 1959م.
• فضيلة المرحوم الشيخ/ أحمد هريدي؛ في فتواه المنشورة بالمجلد السادس (ص: 2278) مِن الفتاوي الإسلامية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية سنة 1966م.
• فضيلة المرحوم الشيخ/ جاد الحق علي جاد الحق؛ في فتواه المنشورة بالمجلد العاشر (ص: 3702) مِن الفتاوي الإسلامية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية سنة 1979م.
• فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد سيد طنطاوي؛ في كتابه فتاوي شرعية (ص: 43) سنة 1989م وفي المجلد 21 مِن الفتاوي الإسلامية (ص: 7950).
• فضيلة الأستاذ الدكتور/ نصر فريد واصل.
• فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب.
• فضيلة الأستاذ الدكتور/ علي جمعة.
• فتوى لجنة الفتوى بالأزهر عن هذا الموضوع سنة 1981م.
وهُناك فَتَاوٍ أُخرى صَدَرَت عن علماء فُضَلاء وعن مَجَامِعَ فقهيةٍ في بعض البلاد الإسلامية ويَضِيقُ المَجَالُ عن ذِكرها.
كما ذَهَبَ إلى عَيْنِ ما نَحْنُ فيه مَجْمَعُ البُحُوثِ الإسلامية بجلسته رقم (8) الدورة (33) المُنعَقِدَة بتاريخ 17 مِن شهر ذي الحجة سنة 1417ه الموافق 24 مِن شهر إبريل 1997م.
والله سبحانه وتعالى أعلم
فتاوى متعلقة:
- ما حكم الشرع فى تقويم الأسنان؟
- ما حكم استخدام العدسات اللاصقة؟
- هل يجوز بيع وشراء أدوية التأمين الصحي؟
- هل عندما يبتلى المسلم بالمرض يكفر له الذنب؟
- ما حكم استعمال الأجهزة والأعضاء التعويضية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.