30 دائرة ملغاة في المرحلة الأولى لانتخابات النواب بسبب أحكام قضائية.. تعرف عليها    بعد واقعة التعدي.. مدرسة الإسكندرية للغات تعلن خطة شاملة لتعزيز الأمان داخل المنشأة    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة تكاتف أبناء الوطن لدعم الاقتصاد الوطني    ارتفاع أسعار الفراخ اليوم بعد موجة هبوط طويلة    وزير الخارجية يشدد على ضرورة تمويل «الأونروا»: «دورها لا يمكن الاستغناء عنه»    وزير الخارجية يستعرض رؤية مصر الشاملة تجاه المتغيرات الجيوسياسية بالشرق الأوسط    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات سريلانكا إلى 410 قتلى و1.5 مليون متضرر    «الاحتلال الإسرائيلي» يفجر منزل أسير بنابلس ويقتحم بلدة برام الله    كأس العرب.. موعد مباراة مصر والكويت والقنوات الناقلة    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام.. موقف مرموش    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم ميكروباص وميني باص بالطريق الزراعي بطوخ    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    3 قرارات جديدة لوزارة التضامن لإزالة تعديات على أملاك بنك ناصر الاجتماعى    «وزير الري»: الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة    وزارة التضامن تقر قيد 4 جمعيات في محافظتي أسوان والقاهرة    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    راقصا أمام أنصاره.. مادورو يمد غصن زيتون لواشنطن    قوات الاحتلال تتوغل فى ريف القنيطرة بسوريا وتفجر سرية عسكرية مهجورة    واشنطن لا ترى ضرورة لحضور روبيو اجتماع وزراء خارجية الناتو    وسط موجة من عمليات الخطف الجماعى.. استقالة وزير الدفاع النيجيرى    بسبب الشبورة المائية وأعمال الصيانة، ارتفاع تأخيرات القطارات على خط بورسعيد    وزير الزراعة ومحافظ الوادي الجديد يبحثان تعزيز الاستثمار في مجال الإنتاج الحيواني    مشاهدة مجانية.. القنوات الناقلة لكأس العرب 2025 ومباراة مصر والكويت    محامي رمضان صبحي: الأهلي وبيراميدز لم يتواصلا معي.. وهاني أبوريدة عرض المساعدة    سيد منير حكمًا لمواجهة بيراميدز وكهرباء الإسماعيلية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    5 ديسمبر، موعد محاكمة 3 عاطلين بتهمة حيازة أسلحة نارية وبيضاء في الأزبكية    أمطار متفاوتة الشدة.. الأرصاد تكشف تقاصيل طقس اليوم    في اليوم الخامس من البحث.. العثور على جثمان الشاب الغارق في بحر سنتريس بالمنوفية    المطاردة الأخيرة.. الداخلية تنهى أسطورة بؤر السلاح والمخدرات.. مقتل 4 عناصر شديدة الخطورة.. استشهاد شرطى وإصابة ضابط فى ليلة الرصاص.. تحريز ترسانة مخدرات بقيمة 91 مليون جنيه.. صور    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 212-2025    صحتك في خطوتك| فوائد المشي لإنقاص الوزن    وزير الصحة يبحث مع محافظ البحيرة إنجاز المشروعات الصحية والتوسع في الخدمات    أمينة عرفى ومحمد زكريا يضمنان الصدارة المصرية لتصنيف ناشئى الاسكواش    من أوجاع الحرب إلى أفراح كأس العرب.. فلسطين تنتصر وغزة تحتفل.. فيديو    بدء تصويت الجالية المصرية في الأردن لليوم الثاني بالمرحلة الأولى    محافظ البحر الأحمر ووزيرا الثقافة والعمل يفتتحون قصر ثقافة الغردقة وتشغيله للسائحين لأول مرة    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    حدث تاريخي في كأس العرب 2025، أول إيقاف لمدة دقيقتين في كرة القدم (فيديو)    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    الحكم بحبس المخرج الإيراني جعفر بناهي لمدة عام    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    رئيس قضايا الدولة يؤكد تعزيز العمل القانوني والقضائي العربي المشترك | صور    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    لغز صاحب "القناع الأسود" في قضية مدرسة سيدز الدولية وجهود أمنية مكثفة لضبطه    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    بالأدلة العلمية.. الزجاجات البلاستيك لا تسبب السرطان والصحة تؤكد سلامة المياه المعبأة    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    تقرير الطب الشرعي يفجر مفاجآت: تورط 7 متهمين في تحرش بأطفال مدرسة سيدز    جيمي فاردي يسقط بولونيا على ملعبه في الدوري الإيطالي    أقوى 5 أعشاب طبيعية لرفع المناعة عند الأطفال    موعد صلاة العشاء.... مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 1ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق المؤتمر التحضيري للمسابقة العالمية للقرآن الكريم بحضور وزير الأوقاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكم نَقْل قَرَنِيَّةٍ مِن متوفًى إلى شخصٍ حيٍّ مُصَاب؟
نشر في مصراوي يوم 07 - 02 - 2016


مفتى الديار المصرية -:
خَلَقَ اللهُ تعالى الإنسانَ وكَرَّمَهُ وفَضَّلَهُ على سائرِ المخلوقات، وارْتَضَاهُ وَحْدَهُ لِأنْ يَكُونَ خَلِيفَةً في الأرض؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}.. [الإسراء : 70]؛ ولذلك حرص الإسلامُ كُلَّ الحِرصِ على حياةِ الإنسانِ والمُحافَظَةِ عليها وعَدَمِ الإضرارِ بها جُزْئِيًّا أو كُلِّيًّا؛ فأَمَرَت الشريعةُ الإسلاميةُ الإنسانَ بِاتِّخاذِ كُلِّ الوسائلِ التي تُحافِظُ على ذاتِهِ وحياتِهِ وصحتِهِ وتَمْنَعُ عنه الأذى والضرر، فأَمَرَتْهُ بالبُعد عن المُحَرَّمات والمُفسِدات والمُهلِكات، ورَغَّبَتْهُ عند المرض في اتِّخاذ كُلِّ سُبُلِ العلاج والشِّفاء؛ قال الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.. [البقرة : 195]، وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.. [النساء : 29].
وعن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ قال: جاء أَعرابِيٌّ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، أَنَتَداوى؟ قال: «تَداوَوْا؛ فإنَّ اللهَ لَم يُنْزِل داءً إلَّا أَنزَلَ له شِفاءً، عَلِمَهُ مَن عَلِمَهُ، وجَهِلَهُ مَن جَهِلَهُ».. رواه أحمد.
ومِن الوسائل الطِّبِّيَّةِ التي ثَبَتَ جَدْوَاهَا في العلاج والدواء والشفاء بإذن الله تعالى لِلمُحافَظَةِ على النَّفْسِ والذَّاتِ: نَقْلُ وزَرْعُ بَعضِ الأعضاء البَشَرِيَّةِ مِن الإنسان لِلإنسان، سواء مِن الحَيِّ لِلحَيِّ أو مِن الميت الذي تَحَقَّقَ مَوْتُهُ إلى الحَيِّ، وهذا جائزٌ شرعًا إذا تَوَافَرَت فيه شروطٌ مُعَيَّنَةٌ تُبْعِدُ هذه العمليةَ مِن نِطَاقِ التَّلَاعُبِ بالإنسان الذي كَرَّمَهُ اللهُ، ولا تُحَوِّلُهُ إلى قِطَعِ غِيَارٍ تُباعُ وتُشتَرَى، بل يَكونُ المَقصِدُ منها التعاونَ على البِرِّ والتقوى وتَخفِيفَ آلَامِ البَشَر، وإذا لَم تُوجَدْ وسيلةٌ أخرى للعلاج تَمنَعُ هلاكَ الإنسان وقَرَّرَ أهلُ الخِبرة مِن الأطباء العُدُولِ أنَّ هذه الوسيلةَ تُحَقِّقُ النَّفْعَ المُؤَكَّدَ لِلآخِذِ ولا تُؤَدِّي إلى ضَرَرٍ بالمأخوذ منه ولا تؤثر على صحته وحياته وعمله في الحال أو المَآل.
وهذا حينئذٍ يَكونُ مِن باب إحياء النَّفْسِ الوارد في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعًا}.. [المائدة : 32]، ويَكونُ مِن باب التضحية والإيثار أيضًا الَّذَينِ أَمَرَ اللهُ تعالى بِهِما وحَثَّ عليهما في قوله سبحانه: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.. [الحشر : 9]، وكما يجوز أَخْذُ عُضْوٍ مِن الحَيِّ إلى الحَيِّ لِإنقاذِهِ مِن هلاكٍ مُحَقَّقٍ حالًا أو مُستَقبَلًا فإنه يَجوز أيضًا الأخذُ مِن الميت إلى الحَيِّ لإنقاذه مِن هلاكٍ مُحَقَّقٍ أو لِتحقيق مَصلَحَةٍ ضروريةٍ له؛ لأنَّ الإنسانَ الميتَ وإنْ كان مِثلَ الحَيِّ تمامًا في التكريم وعدم الاعتداء عليه بأيِّ حالٍ؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}.. [الإسراء : 70]؛ ولِحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا».. رواه ابن ماجه، فإنَّ هذا التكريم لا يُؤَثِّرُ فيه ما يُؤخَذُ منه بعد موته مِن أجزاءٍ تَقُومُ عليها حياةُ إنسانٍ آخَر أو رَدُّ بَصَرِهِ بَعْدَهُ؛ لأنَّ مَصلَحَةَ الحَيِّ مُقَدَّمَةٌ على مَصلَحَةِ الميت، وإذا كان المُقَرَّرُ فِقْهًا أنه إذا تَعَارَضَت حياةُ الأُمِّ مع حياة جَنِينِها فإنه تُقَدَّم حياةُ الأُمِّ عليه لأنَّ حياتها مُحَقَّقَةٌ وانْفِصَال الجَنِين منها حَيًّا أَمْرٌ غير مُحَقَّق، فيُقَدَّمُ لذلك ما كان مُحَقَّقَ الحياةِ على ما شُكَّ في حياته، فمِن بابِ أَوْلَى أنْ يُقَدَّم الحَيُّ على مَن تَأَكَّدَ موتُهُ، ولا يُعَدُّ ذلك إيذاءً لِمَيِّتٍ، بل فيه ثوابٌ عظيمٌ له؛ لأنه يَكون مِن باب الصدقة الجارية مُدَّةَ حياةِ المُنتَفِعِ المُستَفِيدِ بالعُضو المَنقول له، لا سِيَّمَا وأنَّ ذلك النَّقْلَ يَتِمُّ بعمليةٍ جراحيةٍ فيها تكريمٌ وليس فيها ابتِذالٌ كَمَا يَتِمُّ مع الأحياء تمامًا سواء بسواء.
وهذا الترخيص والجواز يُشتَرَطُ فيه أنْ يكون بعيدًا عن البيع والشراء والتجارة بأيِّ حالٍ، وبدون مقابِلٍ مادِّيٍّ مُطْلَقًا لِلمُعطِي صاحب العُضو إنْ كان حَيًّا أو لِوَرَثَتِهِ إنْ كان مَيتًا، ويُشتَرَطُ في جميع الأحوال وُجُوبُ مُرَاعاةِ الضوابط الشرعية التالية للترخيص بنَقْلِ الأعضاء الآدَمِيَّةِ مِن الحَيِّ إلى الحَيِّ ومِن الميتِ إلى الحَيِّ، وهي:
أولًا: يُرَخَّصُ في نَقْلِ العُضو البشريِّ مِن الإنسانِ الحَيِّ إلى الإنسانِ الحَيِّ بالشروط والضوابط الآتية:
1- الضرورة القُصْوَى لِلنَّقْلِ؛ بحيث تكون حالةُ المَنقول إليه المَرَضِيَّةُ في تَدَهْوُرٍ صِحِّيٍّ مُستَمِرٍّ ولا يُنقِذُهُ مِن هلاكٍ مُحَقَّقٍ إلَّا نَقْلُ عُضوٍ سليمٍ إليه مٍن إنسانٍ آخَر، ويُقَدِّرُ ذلك أهلُ الخبرة الطبية العُدُول، شَرِيطة أنْ يكون المأخوذُ منه وافَقَ على ذلك حال كَوْنِهِ بالِغًا عاقِلًا مُختارًا.
2- أنْ يَكونَ هذا النقلُ مُحَقِّقًا لِمصلحةٍ مؤكدةٍ للمنقولِ إليه مِن الوِجْهَةِ الطبية، ويَمْنَعُ عنه ضررًا مؤكَّدًا يَحِلُّ بِهِ باستمرارِ العُضوِ المُصابِ بالمريض بِدُونِ تَغْيِيرٍ، ولا توجَدُ وسيلةٌ أخرى لإنقاذِهِ مِن الموت والهلاك الحالِّ المُحَقَّقِ إلَّا بهذا الفِعل.
3- ألَّا يُؤَدِّيَ نَقْلُ العُضوِ إلى ضررٍ مُحَقَّقٍ بالمنقولِ منه يَضُرُّ به كُلِّيًّا أو جُزْئِيًّا أو يَمنَعُهُ مِن مُزَاوَلَةِ عَمَلِهِ الذي يُباشِرُهُ في الحياة مادِّيًّا أو مَعنَوِيًّا، أو يُؤَثِّرُ عليه سَلْبِيًّا في الحَالِ أو المَآلِ بطريقٍ مُؤَكَّدٍ مِن الناحيةِ الطبيةِ؛ لأنَّ مصلحة المنقول إليه ليست بأَوْلَى مِن الناحية الشرعية مِن مصلحة المنقول منه؛ ولأنَّ الضررَ لا يُزالُ بالضرر، ولا ضرر ولا ضِرار في الإسلام، ويَكفي في ذلك المصلحةُ الغالِبَةُ الراجِحَةُ، والضررُ القليلُ المُحتَمَلُ عادةً وعُرْفًا وشرعًا لا يَمنَعُ هذا الجوازَ في الترخيص إذا تَمَّ العِلْمُ به مُسْبَقًا وأَمْكَنَ تَحَمُّلُهُ أو الوِقَايَةُ منه مادِّيًّا ومَعنَوِيًّا بالنسبة لِلمنقول منه، والذي يُحَدِّدُ ذلك هُم أهلُ الخِبرة الطبية العُدُول.
4- أنْ يَكونَ هذا النَّقْلُ بِدُونِ أيِّ مُقابِلٍ مادِّيٍّ أو مَعنَوِيٍّ مُطْلَقًا بالمُباشَرَةِ أو بِالواسِطَة.
5- صُدُورُ إقرارٍ كِتَابِيٍّ مِن اللَّجنة الطبية قَبْلَ النَّقْلِ بالعِلْمِ بهذه الضوابط، وإعطاؤه لِذَوِي الشأن مِن الطَّرَفَيْنِ –المنقول منه العضو والمنقول إليه– قبل إجراء العملية الطبية، على أنْ تَكونَ هذه اللَّجنةُ مُتَخَصِّصَةً ولا تَقِلّ عن ثلاثةِ أطباء عُدُولٍ وليس لِأَحَدٍ منهم مصلحة في عملية النقل.
6- يُشتَرَطُ ألَّا يَكونَ العُضوُ المنقولُ مُؤَدِّيًا إلى اختِلَاطِ الأنساب بأيِّ حالٍ مِن الأحوال.
ثانيًا: يُرَخَّصُ في نَقْلِ العضو البشري مِن الميت إلى الحَيِّ بالشروط والضوابط الآتية:
1- أنْ يَكونَ المنقولُ منه العضو قد تَحَقَّقَ موتُهُ مَوْتًا شرعِيًّا وذلك بالمُفارَقَةِ التامَّةِ للحياة، أي موتًا كُلِّيًّا، وهو الذي تتوقف جميعُ أجهزة الجِسم فيه عن العمل تَوَقُّفًا تامًّا تَستَحِيلُ معه العودة للحياة مرةً أخرى؛ بحيث يُسمَحُ بِدَفْنِهِ، ولا عِبرَةَ بالموت الإكلينيكي أو ما يُعرَفُ بموت جذع المُخِّ أو الدِّماغ؛ لأنه لا يُعَدُّ موتًا شرعًا؛ لِبَقَاءِ بعض أجهزة الجِسم حَيَّةً، إلَّا إذا تَحَقَّقَ موتُهُ بِتَوَقُّفِ قَلْبِهِ وتَنَفُّسِهِ وجميع وظائف مُخِّهِ ودِماغِهِ تَوَقُّفًا لا رَجْعَةَ فيه، وكان عَمَلُ بعض أعضائه إنَّمَا هو آليُّ بِفِعْلِ الأجهزة؛ بحيث تَكونُ رُوحُهُ قد فَارَقَت جَسَدَهُ مُفارَقَةً تامَّةً تَستَحِيلُ بَعدَها عَوْدَتُهُ للحياة؛ لأنه حينئذٍ لَم يَعُدْ نَفْسًا حَيَّةً، والتَّحَقُّقُ مِن الموت بِناءً على ما سَبَقَ يَكونُ بشهادةِ لَجْنَةٍ مُكَوَّنَةٍ مِن ثلاثةِ أطباء -على الأقل- مُتَخَصِّصِين مِن أَهْلِ الخِبرَةِ العُدُولِ الذين يُخَوَّلُ إليهم التَّعَرُّفُ على حُدُوثِ الموت، وتَكون مَكتوبَةً ومُوَقَّعَةً منهم، ولا يَكون مِن بينهم الطبيب المُنَفِّذ لعملية زَرْعِ العضو المُرادِ نَقْلُه، وهذه اللجنة يَصْدُرُ بها قرارٌ مِن الوزير المُخْتَصِّ، فإذا لَم يُمْكِن -مِن قَبِيل الصناعة الطبية- نَقْلُ العضو المراد نَقْلُهُ مِن الشخص بعد تَحَقُّقِ موتِهِ بالشروط المذكورة فإنه يَحْرُمُ حينئذٍ النَّقْل، ويَكون ذلك بِمَثَابَةِ قَتْلِ النَّفْسِ التي حَرَّمَ الله قَتْلَهَا إلَّا بِالحَقِّ.
2- الضرورة القُصْوَى لِلنَّقْلِ بحيث تَكون حالةُ المنقول إليه المَرَضِيَّةُ في تَدَهْوُرٍ مُستَمِرٍّ ولا يُنْقِذُهُ مِن وِجْهَةِ النَّظَرِ الطبية إلَّا نَقْلُ عُضوٍ سليمٍ مِن إنسانٍ آخَر حَيٍّ أو ميت، ويَكون مُحَقِّقًا للمَنقول إليه مَصلَحَةً ضرورِيَّةً لا بَدِيلَ عنها.
3- أنْ يَكونَ الميتُ المنقولُ منه العضو قد أَوْصَى بهذا النَّقْل في حياته وهو بِكَامِلِ قُوَاهُ العقلية وبُدُونِ إكْرَاهٍ مادِّيٍّ أو مَعْنَوِيٍّ، وعالِمًا بأنه يُوصِي بعُضوٍ مُعَيَّنٍ مِن جسده إلى إنسانٍ آخَر بعد مَمَاتِهِ، وبحيث لا يُؤَدِّي النقلُ إلى امْتِهَانٍ لِكَرَامَةِ الآدَمِيِّ، بمَعْنَى أنه لا تَتَضَمَّنُ الوصيةُ نَقْلَ كَثِيرٍ مِن الأعضاء بحيث يَصِيرُ جَسَدُ الآدَمِيِّ خَاوِيًا؛ لأنَّ هذا يُنَافِي التكريمَ الوارِدَ في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}.. [الإسراء : 70].
4- ألَّا يَكونَ العُضوُ المَنقولُ مِن الميت إلى الحَيِّ مُؤَدِّيًا إلى اختِلَاطِ الأنساب بأيِّ حالٍ مِن الأحوال، كالأعضاء التناسُلِيَّةِ وغيرها، وذلك كَمَا هو الحالُ في نَقْلِ العُضوِ مِن حَيٍّ إلى حَيٍّ تمامًا.
5- أنْ يَكونَ النَّقْلُ بمَرْكَزٍ طِبِّيٍّ مُتَخَصِّصٍ مُعتَمَدٍ مِن الدولة ومُرَخَّصٍ له بذلك مُباشَرَةً بِدُونِ أيِّ مُقابِلٍ مادِّيٍّ بين أطراف النَّقْلِ، ويَستَوِي في ذلك الغَنِيُّ والفقيرُ، وبحيث تُوضَعُ الضوابطُ التي تُساوِي بينهم في أداء الخدمة الطبية ولا يَتَقَدَّمُ أحدُهُما على الآخَر إلَّا بِمُقْتَضَى الضرورة الطبية فقط التي يَترتب عليها الإنقاذُ مِن الضرر المُحَقَّقِ أو الموت والهلاك الحالِّ.
ولَقَد ذَهَبَ إلى نَحْوِ هذا مِن المُفْتِين السابِقِين لِلدِّيَارِ المصرية كُلٌّ مِن:
• فضيلة المرحوم الشيخ/ حسن مأمون؛ في فتواه المنشورة بالمجلد السابع (ص: 2552) مِن الفتاوي الإسلامية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية سنة 1959م.
• فضيلة المرحوم الشيخ/ أحمد هريدي؛ في فتواه المنشورة بالمجلد السادس (ص: 2278) مِن الفتاوي الإسلامية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية سنة 1966م.
• فضيلة المرحوم الشيخ/ جاد الحق علي جاد الحق؛ في فتواه المنشورة بالمجلد العاشر (ص: 3702) مِن الفتاوي الإسلامية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية سنة 1979م.
• فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد سيد طنطاوي؛ في كتابه فتاوي شرعية (ص: 43) سنة 1989م وفي المجلد 21 مِن الفتاوي الإسلامية (ص: 7950).
• فضيلة الأستاذ الدكتور/ نصر فريد واصل.
• فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب.
• فضيلة الأستاذ الدكتور/ علي جمعة.
• فتوى لجنة الفتوى بالأزهر عن هذا الموضوع سنة 1981م.
وهُناك فَتَاوٍ أُخرى صَدَرَت عن علماء فُضَلاء وعن مَجَامِعَ فقهيةٍ في بعض البلاد الإسلامية ويَضِيقُ المَجَالُ عن ذِكرها.
كما ذَهَبَ إلى عَيْنِ ما نَحْنُ فيه مَجْمَعُ البُحُوثِ الإسلامية بجلسته رقم (8) الدورة (33) المُنعَقِدَة بتاريخ 17 مِن شهر ذي الحجة سنة 1417ه الموافق 24 مِن شهر إبريل 1997م.
والله سبحانه وتعالى أعلم
فتاوى متعلقة:
- ما حكم الشرع فى تقويم الأسنان؟
- ما حكم استخدام العدسات اللاصقة؟
- هل يجوز بيع وشراء أدوية التأمين الصحي؟
- هل عندما يبتلى المسلم بالمرض يكفر له الذنب؟
- ما حكم استعمال الأجهزة والأعضاء التعويضية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.