مع أول لمحة للصبح، وعندما تتجه عقارب الساعة نحو السادسة، تبدأ المطاعم في أنحاء دكرنس عملها، كأنها خلية نحل، لتجهيز "الطلبات" التي اتفق عليها سابقًا، أعضاء حملات مرشحي مجلس النواب عن دائرة دكرنس، لكي يستطيعوا تسليم وجبة الإفطار قبل التاسعة صباحًا لأنصار المرشحين. يقف شاب فى الثلاثين من عمره، أمام وهج النار يتوسطه إناء كبير مغمور بزيت للقلي، ليبدأ فى تشكيل عجينة "الفلافل"، بمطعم كريستال بدكرنس، الذي يبعد عدة أمتار عن أكبر مقار لجنتين للانتخابات بدكرنس، وهما مدرستي على مبارك الثانوية وعلى مبارك الإعدادية، فضلًا عن الأعداد الكبيرة لقوات الشرطة والجيش التى تملأ محيط المكان، لوقوع مركز شرطة دكرنس فى وجه المطعم مباشرة. مدحت ذكي، عامل بالمطعم، تبدو عليه علامات التعب والإرهاق، يقول"أي انتخابات بالنسبة للمطاعم بتكون موسم كبير من أول بدايتها لحد ما النتيجة تظهر، ومفيش مطعم بيقفل لأنه بيكون مرتبط بطلبيات ولازم يسلمها فى الميعاد، غير الطلبيات كمان تلاقي عساكر الجيش والأمن المركزى طول النهار بالمطعم جايين يشتروا أكل". ويستكمل ذكي"طلبيات الصبح بتبقى عبارة عن سندوتشات فول وطعمية كل واحد من حملة مرشح بيجي يتفق عليها قبلها بيوم وبعدين نبدأ من الساعة 11 نجهز وجبات الغداء اللي غالبا بتكون كشري سادة أو باللحوم على حسب الطلب وساعات فى مرشحين بياخدوا فول وطعمية في الوجبة مبيكنش معاه فلوس، أما وجبه العشاء دى بتكون في اليوم التاني اللى هتظهر فيه النتيجة، لأن كل أنصار المرشحين بيتجمعوا في دكرنس قدام اللجنة العامة لحد ما النتيجة تظهر وبعدين يحتفلوا بنجاخ المرشح". "أنا بقالى يومين مطبق فى الشغل وكل دة عشان الحق أجهز الطلبات اللي المحل لازم يسلمها في موعدها" هكذا يستهل عاطف محمد حديثه عن الانتخابات واصفًا إياه بأنه أكبر موسم للمطاعم "أحسن من العيد كمان"، ويرجع ذلك إلى وجود كثرة المرشحين وكل مرشح له حملته انتخابية وأعضائها. يتابع "كل مرشح بقي بيبقى عايز حاجة معينة، لكن غالبا الفطار والعشاء معروف بيكون سندوتشات فول وطعمية وبطاطس والغداء في ناس بتطلب كشري ومعاه فراخ مشوية وسلاطات وناس بتطلب كشري بس، دا غير شغلنا العادي وكمان غير عساكر تأمين انتخابات". "مطاعم البهوات" هكذا الاسم الذي أطلقه فتحي . ب، أحد أعضاء حملة مرشح بدكرنس، واصفًا المطاعم الكبيرة مرتفعة السعر، يتابع فتحي " دي مطاعم الكباب والكفته والأسماك اللى بيروحلها الناس الكبيرة اللي نازلة الانتخابات ويتصرف فلوس بالهبل على أعضاء حملتها عشان تكسب ولاءها وإخلاصها ليها فى مراقبة توكيلات اللجان وبيكون عليها زحمة كبيرة في أوقات الغداء عشان تلحق تسلم الطلبات في موعدها، لكن المرشحين اللى مش معاهم فلوس بيروحوا لمطاعم الغلابة المعروفة بتاعت الفول والطعمية" وعلى واجهة كبيرة يمتد طولها إلى 2.5 متر، ويعتليها "ماسورة" حلزونية طويلة تتصاعد منها أدخنة كثيفة ذات روائح تجذب المواطنين إليها، يقف شاب في الأربعين من عمره، يشوي اللحوم الحمراء وكافة أنواع الطيور على الفحم. يقول السيد مسعد، "يومين الانتخابات دول بيكونوا موسم السنة، نظرا لزدحام الشديد اللى بيكون على المطاعم من حملات المرشحين وغيرهم لأن الناس دي بتفضل طول النهار في الشارع ومبتروحش، فكل حملة بتيجي تتفق على الطلبية الي بتحتجها".