حالة من الجدل أثارها تقرير التنافسية العالمية لعام 2015/ 2016، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي تم الإعلان عن نتائجه نهاية سبتمبر الماضي، خاصة في مجال التعليم، حيث احتلت مصر المركز 139 من أصل 140 دولة فيما يخص جودة التعليم. وسبق مصر في الترتيب "10" دول عربية احتلت بعضها مراكز متقدمة هي: " قطر المركز ال4 ، الإمارات المركز ال 10، البحرين المركز ال33، السعودية المركز 54، تونس المركز ال84، الكويت المركز ال97، المغرب المركز 101، عمان المركز 107، وموريتانيا المركز 134". وجاءت دولة سنغافورة في المركز الاول على مستوى العالم من حيث جودة التعليم، وهي دولة تأسست في العصر الحديث، وعانت خلال الحرب العالمية الثانية، وبدأت نهضتها منذ الستينات فقط، ومع هذا تفوقت على دولة العال أجمع في مجال التعليم. هذا الامر جعل البعض يستدعي مقولة رئيس وزراء سنغافورة لي كوان يو " الدولة تبدأ بالتعليم، وهذا ما بدأت فيه عندما استلمت الحكم في دولة فقيرة جدًا، اهتممت بالاقتصاد أكثر من السياسة، وبالتعليم أكثر من نظام الحكم، فبنيت المدارس والجامعات، وأرسلت الشباب إلى الخارج للتعلم ومن ثم الاستفادة من دراستهم لتطوير الداخل السنغافوري". وبدأ البعض يسقط تلك المقولة على الوضع في مصر، ويُرجع سبب حصول مصر على هذا المركز المتأخر، إلى جعل التعليم في ذيل قائمة الاهتمامات. ولهذا حاول مصراوي، التحدث مع بعض المسئولين عن منظومة التعليم في مصر، الذين اتفقوا على أن هذه المكانة ليست ماتستحقه مصر، متهمين الإعلام بعدم التركيز على إيجابيات التعليم، بقدر سيره وراء المشكلات. وكان لبعضهم رأي آخر حيث أوضحوا أن معنى دخول مصر في هذا الترتيب؛ أنها بدأت تدخل منظومة الجودة، ورغم المركز المتأخر إلا أنه لا بد أن يكون بادرة أمل لمراكز متقدمة في المستقبل. وزير التربية والتعليم.. "التقرير يستقى معلوماته من وسائل الإعلام" وجه مصراوي تساؤلًا في هذا الشأن إلى الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده للإعلان عن خطته قصيرة المدى لتطوير التعليم. وأكد الوزير بدوره أن هذا المركز المتدني لا يعبر عن مكانة مصر الحقيقية، فهناك دول أقل منها في جودة التعليم وتسبقها في تقرير التنافسية لهذا العام. ولفت الهلالي إلى أن القائمين على صياغة تلك التقارير لا يقومون بعمل زيارات ميدانية، ولا يدرسون أوضاع التعليم على أرض الواقع، بل يستقون معلوماتهم وبيناتهم من السفارات، التي تأخذ بدروها المعلومات من وسائل الإعلام. وقال الهلالي، باعتباره خبيرًا تربويًا قبل أن يكون وزيرًا، إن التعليم في مصر به الكثير من النقاط المضيئة، ولكن الاعلام لا يركز الا على النقاط السلبية، مطالباً وسائل الإعلام بإبراز النقاط الإيجابية كما يتعاملون مع السلبيات، ورفع تلك السلبيات للوزارة لمعالجتها. وأكد الهلالي أنه لا توجد دولة مهما بلغ حجم تقدمها، ترضى عن نظامها التعليمي، ولا يوجد جودة مطلقة في مجال التعليم، ولكن كل دولة تتطلع إلى مزيد من التقدم. التعليم العالي: تعليمنا لا يقل عن فرنسا من جانبه قال الدكتور حسام الملاح رئيس قطاع البعثات بوزارة التعليم العالي، إن هذا التقرير غير دقيق، موضحًا أن هناك جهات مغرضة تهدف إلى إحباط المصريين. وأضاف الملاح، خلال حواره مع مصراوي، أنه التقى بوفد من اليونيسكو لتطوير التعليم منذ شهرين، وأقاموا في القاهرة لمدة أسبوع، وقدموا تقريرًا يفيد أن التعليم في مصر لا يقل عن فرنسا. ولفت الملاح إلى أن مشكلتنا تكمن في أننا نعمل في جزر منعزلة، فوسائل الإعلام لا تركز على مشاركة مصر في المؤتمرات الدولية، والمجهودات التي تبذل في سبيل تطوير التعليم، بقدر تركيزها على حوادث التحرش داخل الجامعات، مؤكدًا أن أي تطور يطرأ على التعليم بالوطن العربي فضله يعود إلى مصر. جودة التعليم: مصر تضع قدمها على الطريق الصحيح يقول الدكتور أيمن إسماعيل المنسق الإعلامي للهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، إن تجربة مصر في مجال جودة التعليم لا تزال حديثة، حيث أُنشأت الهيئة عام 2008، ووضعت لأول مرة معايير لجودة التعليم، في ظل تعدد أنماط التعليم ما بين "عام – أزهري – خاص – دولي – كاثوليكي، وهكذا..". وأضاف إسماعيل خلال تصريحات خاصة لمصراوي، أن كثرة الأنماط التعليمية، تؤدي إلى عدم وحدة المنتج النهائي، مشيرًا إلى أن ميزة هيئة الجودة أنها تطبق معايير واحدة على كافة الانماط، وبالتالي يقدم حد أدنى من الخدمة لكل أفراد المنظومة. ولفت إسماعيل إلى أن منتدى الاقتصاد العالمي، لا يمكن أن يعطي مصر مركزًا متقدمًا في جودة التعليم وهيئة الجودة لا تزال حديثة الإنشاء، موضحًا أن وضع مصر في المرتبة 139 من أصل 140 دولة، لا يعني تأخرها عن الدول الأخرى، ولكن يعني أن مصر بدأت توضع على خريطة الجودة العالمية. ونوه المنسق الإعلامي لهيئة الجودة، إلى أن الهيئة تضع معايير عالمية لكل عناصر العملية التعليمية "الطالب – المعلم – المدرسة – السلامة – المشاركة الإجتماعية"، هذه المعايير ترتفع مع الوقت لتصل إلى نقس المعايير المطبقة في الدول المتقدمة "توأمة في المعايير". وعن مراحل حصول المؤسسة التعليمية على الاعتماد من قبل الهيئة، أشار إسماعيل إلى أن الوزارات تقوم بإعداد المدارس أو الجامعات وتقديمها للهيئة، والتي تقوم بدورها بإرسال لجنة لمتابعة تطبيق معايير الجودة داخل تلك المؤسسة، وتمنحها درجة من 100، في كل عنصر من عناصر العملية التعليمية. وأضاف إسماعيل، أنه خلال السنوات السبع - عمر هيئة الجودة- تم اعتماد 3500 مدرسة فقط من أصل 5000 مدرسة تقدموا للجودة، و60 كلية فقط معظمها حكومية. ولفت المنسق الإعلامي للهيئة، إلى أن مصر بها 50.000 مدرسة، ولو تم اعتماد 1000مدرسة كل عام، هذا يعني اننا نحتاج إلى 50.000 سنة، مشيرًا إلى أن الأعداد التي تتقدم للاعتماد من هيئة الجودة لا نزال قليلة جدًا. وكد أنه في حالة تركيز اهتمام المجتمع على اعتماد كافة المؤسسات التعليمية خلال 5 سنوات، سيحدث نقلة كبيرة في ترتيبنا على المستوى العالمي. ونوه إسماعيل إلى أن المعايير الموضوعة من قبل الهيئة حتى الآن، لا ترقى إلى المعايير العالمية، خاصة أن الهيئة لا تزال حديثة، ولو تم وضع المعايير العالمية منذ العام الاول، لن يحصل أحد على الاعتماد، ولكن يتم تحديث المعايير كل 5 سنوات حتى تصل إلى العالمية، ويضاهي التعليم المصري نظيره العالمي. ما هو تقرير التنافسية العالمية؟ تقرير التنافسية العالمية، يصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بسويسرا، وهو منظمة دولية تضم كبار الممثلين عن مجتمع الأعمال الدولي وكبار صانعي السياسيات في الحكومات، ويعمل من أجل تعزيز التفاهم الدولي لمفهوم القدرة التنافسية. ويعتبر تقرير التنافسية العالمي مرجعًا اقتصاديًا لرجال الاعمال والمال في العالم، ويُعتمد عليه بشكل كبير في كيفية تحديد اتجاهات الاستثمارات الاجنبية والدول التي ينبغي الابتعاد عنها. ويمكن تعريف القدرة التنافسية بأنها "قدرة البلد على تحقيق معدل مرتفع ومستديم لنمو حصة الفرد من الناتج المحلي الحقيقي، مع مراعاة الدخل، والسياسات المناسبة والمؤسسات، وغيرها من السمات الاقتصادية". وتعتمد منهجية اتلتقرير على استطلاعات الرأي، والتي تشكل نحو 70% من وزن المؤشر، ثم البيانات والإحصاءات وغيرها والتي تمثل 30% من وزن المؤشر. وينقسم التقرير إلى 3 مجموعات تضم 12 محورًا رئيسيًا هي " مجموعة المتطلبات الأساسية – مجموعة محفزات الكفاءة – مجموعة عوامل الابتكار والتطوير"، ويعتبر التعليم أحد محاور المجموعى الثانية.