على ما يبدو أن بقاء بشار الأسد في منصبه رئيسا لسوريا، أو جزءا من المرحلة الانتقالية المقترحة، بات هو السيناريو الأقرب للواقع بعد التغيير الذي شهدته تصريحات الدول الكبرى والمعنية بالأزمة السورية. ومنذ تفاقم الأزمة السورية قبل 4 أعوام من الآن، ظل زعماء ورؤساء الدول الكبرى يطالبون برحيل بشار الأسد فورًا، على عكس روسيا والصين وإيران الذين ظلوا داعمين للأسد ضد ما يطلقون عليهم "التنظيمات المتطرفة". وبعد مرور أكثر من 4 سنوات على اشتعال الأزمة السورية التي حصدت حياة أكثر من 200 ألف شخص واضطرت 4 ملايين شخص إلى النزوح خارج سوريا، مازال الرئيس السوري بشار الأسد متمسكا بمنصبه، ويقصف بطائراته ما يصفهم بالإرهابيين، وجبهة النصرة الذراع العسكري لتنظيم القاعدة في الشام مازال يشتبك مع حزب الله ونظام الأسد في المناطق الجبلية والريفية، وداعش يفرض سلطاته على المناطق التي يسيطر عليها. وفشلت الأممالمتحدة عبر مبعوثيها إلى سوريا وآخرهم ستيفان دي ميستورا، في التوصل إلى حل للأزمة السورية المتفاقمة منذ مارس 2011. وعُلّقت عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في نهاية عام 2011 بناء على قرار مجلس الجامعة، كما أن مجلس التعاون الخليجي لا يرى حلا للأزمة السورية إلا برحيل بشار الأسد. وتدعم المملكة العربية السعودية المعارضة السورية بالسلاح، فيما يحظى نظام بشار الأسد بدعم كل روسيا والصين وإيران وحزب الله اللبناني، فيما تدعم مصر الحل السياسي ما يضمن سلامة ووحدة أراضي سوريا ويحافظ على حقوق شعبها. الأسد باقٍ تركيا، ألمانيا، أمريكا، بريطانيا، استراليا، دول كانت تُصر على رحيل بشار الأسد منذ تفاقم الأزمة قبل 4 سنوات، لكن فجأة تتغير التصريحات الصادرة عن مسؤولي تلك الدول تلمح إلى إمكانية أن يكون الأسد جزءا من الحل أو أن يشارك في المرحلة الانتقالية. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال يوم الخميس الفائت إن الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يشكل جزءا من مرحلة انتقالية في إطار حل للأزمة السورية. وأفاد رجب طيب أردوغان، الذي طالما طالب برحيل الرئيس السوري عن السلطة، بأن العملية الانتقالية من الممكن أن تتم بدون الأسد كما يمكن أن تحصل هذه العملية الانتقالية بمشاركته، مضيفا أنه لا أحد يرى مستقبلا للأسد في سوريا، وجاءت هذه التصريحات ردا على سؤال حول الحل الممكن في سوريا. وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ألمح يوم السبت الماضي إلى إمكانية بقاء الأسد في منصبه لفترة مقبلة، قائلا إن رئيس السوري يجب أن يتنحى عن السلطة لكن ليس بالضرورة فور التوصل إلى تسوية لإنهاء النزاع الدائر في سوريا. كما دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى إشراك الرئيس السوري بشار الأسد في الحوار لحل الأزمة السورية. وفي مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن من الضروري الحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد إذا كان سيصبح طرفا في اتفاق بشأن عملية انتقالية في سوريا. وأشار إلى أن التدخل العسكري الروسي بسوريا من شأنه تعقيد الأمور. وأضاف هاموند، أن الوجود العسكري الروسي في سوريا سيعقد الأوضاع ويقوي شوكة الأسد، كما أن من شأنه أن يزيد من مسؤولية موسكو الأخلاقية عن الجرائم التي يرتكبها النظام السوري. كما قالت وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب، إن الرئيس السوري بشار الأسد، يجب أن يكون جزءاً من حل للحرب الأهلية في سوريا وفي مقابلة مع صحيفة "ويك أند أستراليان"، قالت بيشوب هناك "توافق واسع" في الآراء على أن نظام الأسد سيكون محورياً في أي محاولة لصمود الدولة السورية، وكذلك لحرمان تنظيم داعش من تحقيق المزيد من المكاسب على الأرض. وأضافت: "من الواضح أنه يجب أن يكون هناك حل سياسي، فضلاً عن حل عسكري للصراع في سوريا". رحيل الأسد أولًا مازالت كل من السعودية وفرنسا، تصران على رحيل الأسد أولا قبل البدء في إجراء أي حوار بشأن الأزمة السورية، بل أن السعودية مازالت تدعم المعارضة بالسلاح كما ان فرنسا بدأت قبل أيام أولى غاراتها الجوية على تنظيم داعش في سوريا. قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن الرئيس السوري بشار الأسد لا مستقبل له في العملية الانتقالية في سوريا، وأعرب أمله في أن تتوصل القمة الأميركية-الروسية إلى توافق حول إبعاد الأسد عن أي حل سياسي للأزمة السورية. وأضاف الجبير في مقابلة مع قناة "الحرة"، على هامش أعمال الدورة ال70 لاجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أن أساس الحل في سوريا لم يتغير عما ورد في بيان مؤتمر جنيف واحد، مشيرا إلى أن بلاده تأمل قيام دولة سوريا مدنية ديمقراطية تتصدى لإيران. وقال وزير الخارجية السعودي إن الغرب يتكلم عن مرحلة انتقالية يتم خلالها إقامة مجلس محلي، يرحل الأسد بعدها، ثم تجري انتخابات وتقوم دولة سوريا جديدة، حسب تعبيره. وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، قال إن الأسد لا يمكنه أن يحكم سوريا إلى الأبد، لكنَ المهم حاليا هو البدء بمحادثات حول عملية انتقالية سياسية، مؤكدا أن موقفه هذا يعكس وحدة رأي مع نظرائه الأوروبيين لكن مع تمايز في التعبير. وقال فابيوس، في تصريحات له قبل يومين، إن القبول بالأسد كجزء من مستقبل سوريا سيؤدي إلى الفشل. مؤكدا أنه سيدفع في الأيام المقبلة باتجاه إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط. كما حذر من أن الوضع الراهن قد يفيد متشددي تنظيم داعش. ونبّه إلى أن نوايا روسيا في سوريا مازالت غير واضحة آملاً أن تتضح في الأيام المقبلة. المعارضة ترفض مجددًا قال رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة ، إن لا أحد يمكنه الصفح عن ممارسات حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ، وناشد المجتمع الدولي التحرك لتجنب رواندا جديدة ، في إشارة الى المجازر التي وقعت في البلد الإفريقي. وفي كلمة له على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة - الثلاثاء - أكد خوجة أن ما يجري في سوريا إبادة تتم تحت أنظار العالم ، وأضاف أن 95% من القتلى في الغارات الجوية مدنيون. ولفت إلى أن الخطوة الأولى اللازمة هي وقف الغارات الجوية ، وأن يفرض المجتمع الدولي منطقة حظر جوي في سوريا.