تصميم – حسام كامل: على أحد شواطئ مدينة بودروم التركية، يجلس لاجئون سوريون في جنح الليل في انتظار إشارة المُهرب الذي قبض منهم أموالا نظير نقلهم على قارب مطاطي في رحلة الموت إلى جزيرة كوس اليونانية. جزيرة كوس اليونانية والتي تبعد عن شاطئ بودروم التركية، خمسة كيلو مترات، تحولت إلى قبلة اللاجئين الفارين من النزاعات والصراعات والحروب في بلدانهم، سوريون ويمنيون وعراقيون وافغان وغيرهم يبحثون عن الحياة الآمنة في أوروبا. بالوصول إلى اليونان، ينطلق اللاجئون السوريون برًا إلى المنطقة الحدودية تجاه مقدونيا ثم إلى صربيا، أو ألبانيا والجبل الأسود إلى صريبا، والتي تكون نقطة للوصل إلى المجر في طرق وعرة داخل الجبال والغابات وذلك تجنبا لنقاط التفتيش التي قد تأخذ البصمة وتحرم اللاجئ من دخول دول أوروبية أخرى بحسب اتفاقية دبلن. المجر تصبح المحطة قبل الأخيرة بالنسبة إلى اللاجئ للوصول إلى حلمه بدخول ألمانيا أو النمسا التي قدمتا تسهيلات غير مسبوقة لهم. النقطة الثانية لانطلاق اللاجئين السوريين هي حي 6 أكتوبر بمنطقة العجمي غرب الإسكندرية والذي أصبح يعرف حاليا "دمشق الصغرى" نظرًا لتوافد السوريين المقيمين في مصر عليه انتظارا للسفر إلى الشاطئ الأخر من البحر المتوسط، حيث إيطاليا ومنها يتجهون صوب ألمانيا. أما الطريق الثالث الذي يستخدمه اللاجئون السوريون للذهاب إلى أوروبا، هو السواحل الليبية إلى جنوبإيطاليا ومنها يتجهون صوب ألمانياوالنمسا. واستقبلت ألمانياوالنمسا آلاف المهاجرين الذين تمكنوا من عبور الحدود بعد أن علقوا لأيام في المجر بعد رحلة محفوفة بالمخاطر. وتدفق خلال الليل على النمسا آلاف من المهاجرين واللاجئين جاءوا على متن حافلات أقلتهم إلى منطقة الحدود بين النمسا والمجر حيث استقبلهم متطوعون ثم توجه بعضهم إلى العاصمة فيينا والبعض الآخر اتجه إلى ميونخ جنوبيألمانيا. وشهدت العاصمة المجرية بودابست الأسبوع الماضي مشهد يتسم بالفوضى حيث علق مئات اللاجئين أمام محطة قطار رئيسية سعيا لاستقلال قطارات لدول غرب أوروبا. ورفض كثير من المهاجرين أن يأخذوا إلى معسكرات في المجر للتسجيل حيث أصروا على الوصول إلى ألمانياوالنمسا، واخترقت جموع من اللاجئين، من بينهم أطفال، الخطوط الامنية وساروا نحو 175 كيلومترا حتى الحدود. وتصاعدت أزمة اللاجئين السوريين، بعد تداول صورة للطفل إيلان الذي عُثر عليه على شاطئ مدينة بودروم بعد غرق وجرفته الأمواج على الشاطئ، كما عُثر على أكثر 70 لاجئا سوريا مختنقا داخل شاحنة بعدما حاولوا الهرب من خلالها إلى النمسا. وفرّ أكثر من أربعة ملايين سوري، أي نحو سدس عدد السكان من الصراع الدائر في بلادهم إلى الخارج، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. عبر أكثر من 300,000 لاجئ ومهاجر بينهم سوريون الطريق البحرية الخطيرة في البحر المتوسط حتى الآن من هذا العام ونزل حوالي 200,000 منهم في اليونان و110,000 في إيطاليا – بحسب المفوضية السامة للاجئين. وقالت المفوضية إن ذلك يمثل ارتفاعاً كبيراً مقارنةً بالعام الماضي حيث أن 219,000 شخص تقريباً عبروا البحر الأبيض المتوسط طيلة العام 2014. وقدرت الأممالمتحدة عدد الوفيات بين لاجئ البحر المتوسط أن يكون حوالي 2,500 لاجئ ومهاجر بينهم سوريون قد لقوا حتفهم أو فُقدوا هذا العام أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا. لا يشمل عدد المتوفين هذا المأساة التي حدثت أمس قبالة شواطئ ليبيا حيث أن أعداد المتوفين ما زالت غير مؤكدة." ومازالت الاشتباكات المسلحة تسيطر على الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس منذ مارس 2011، فالرئيس السوري بشار الأسد يتمسك بمنصبه، ويقصف بطائراته ما يصفهم بالإرهابيين، وجبهة النصرة الذراع العسكري لتنظيم القاعدة في الشام مازال يشتبك مع حزب الله ونظام الأسد في المناطق الجبلية والريفية، وداعش يفرض سلطاته على المناطق التي يسيطر عليها. وفشلت الأممالمتحدة عبر مبعوثيها إلى سوريا وآخرهم ستيفان دي ميستورا، في التوصل إلى حل للأزمة السورية المتفاقمة منذ مارس 2011. وعُلّقت عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في نهاية عام 2011 بناء على قرار مجلس الجامعة، كما أن مجلس التعاون الخليجي لا يرى حلا للأزمة السورية إلا برحيل بشار الأسد. وتدعم المملكة العربية السعودية المعارضة السورية بالسلاح، فيما يحظى نظام بشار الأسد بدعم كل روسيا والصين وإيران وحزب الله اللبناني. فبما صرحت مصر، أكثر من مرة أنها تدعم الحل السياسي في الأزمة السورية ما يضمن سلامة ووحدة أراضي سوريا ويحافظ على حقوق شعبها.