استيقظ سكان مدينة تدمر التاريخية السورية، على مشهد مأسوي جديد، اعتادوا عليه منذ سيطرة تنظيم داعش على المدينة الأثرية بعد أن سيطر على أكثر من ثلثي سوريا ومساحات شاسعة في العراق. رجل ذاع صيته في المدينة بل في سوريا كلها بعلمه وخبراته في الآثار، بلغ من العمر 82 عاما، وجد سكان مدينة تدمر جثمانه معلقا على ''عمود إنارة'' في ميدان عام مذبوحًا ومقطوع الرأس. بعد أن ذبحه التنظيم المتطرف، علق لوحة حول جسده كُتب عليها ''موال للنظام النصيري، مديرا للأصنام، زار إيران مهنئاً بانتصار ثورة الخميني، متواطئ مع المخابرات السورية وعلى علاقة مع مدير المكتب الأمني في القصر الرئاسي العميد حسام سكر ''. نشطاء سوريون أفادوا بأن داعش اتهم الأسعد بأنه ''شبيح'' موالٍ لنظام الرئيس بشار الأسد، لكن عددا من الأهالي أكدوا أيضا أن ''الطيران الحربي للنظام قصف منزله أول أمس و دمره '' – بحسب وكالة الأنباء الألمانية. الأسعد من مواليد مدينة تدمر عام 1934 حاصل على إجازة بالتاريخ ودبلوم التربية من جامعة دمشق عمل عام 1962 رئيسا للدراسات والتنقيب في مديرية الآثار بدمشق ثم في قصر العظم حتى نهاية عام 1963 ثم مديرا لآثار تدمر وأمينا لمتحفها الوطني لغاية عام 2003 شارك في المشروع الإنمائي التدمري خلال الفترة 1962-1966 حيث اكتشف القسم الأكبر من الشارع الطويل وساحة الصلبة “التترابيل” وبعض المدافن والمغائر والمقبرة البيزنطية في حديقة متحف تدمر واكتشف عددا من المدافن التدمرية المهمة ومنها مدفن بريكي بن امريشا ''عضو مجلس الشيوخ التدمري'' – بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). عمل في عدد من المؤسسات الدولية والإقليمية والعربية كمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم ''اليونسكو'' والمفوضية الأوروبية والاتحاد الأوروبي ضمن مشروعات متعلقة بتدمر وبالآثار السورية عامة وشارك في معارض وندوات أثرية دولية وهو حاصل على عدد من الأوسمة منها وساما الاستحقاق برتبة فارس من رئيسي الجمهورية الفرنسية وجمهورية بولونيا ووسام الاستحقاق من رئيس الجمهورية التونسية. يقول الدكتور مأمون عبدالكريم المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا، إن '' إن إرهابيي داعش كعادتهم لم يحترموا المكانة العلمية للشهيد الأسعد ولا شيخوخته حيث تجاوز عمره ثمانين عاما فأقدموا على إعدامه قطعا بالرأس في ساحة المتحف الوطني بتدمر ثم قاموا بكل همجية بنقل الجثمان وتعليقه على الأعمدة الأثرية التي أشرف هو بنفسه على ترميمها وسط مدينة تدمر''. ''عناصر داعش عملوا على استجواب الشهيد الأسعد أكثر من مرة وحاولوا أن يأخذوا منه معلومات عن مواقع الكنوز الأثرية التدمرية دون جدوى ثم أقدموا على قتله بطريقة همجية وبربرية مستهدفين بذلك أحد أهم رواد علم الآثار السوري في القرن العشرين .. زملاء الأسعد في دائرة آثار حمص وفي المديرية عامة طلبوا منه مرارا مغادرة تدمر لكنه رفض بإصرار أن يترك مدينته ومسقط رأسه ولو كان في ذلك '' يضيف عبد الكريم. يصفه مدير آثار ومتاحف سوريا بأنه ''صاحب شخصية اجتماعية ومن أعيان مدينة تدمر أحبه سكانها كما كان صاحب فكر متنور تميز بالاعتدال الديني ورفض التطرف والإجرام فضلا عن كونه عالما وباحثا وخبيرا في اللغة التدمرية كما أنه له العديد من الكتب والمؤلفات وضعها بمفرده وبالتعاون مع آثاريين سوريين وأجانب ومنها (تدمر أثريا وتاريخيا وسياحيا) و(المنحوتات التدمرية) و(الكتابات التدمرية واليونانية واللاتينية في متحف تدمر) و(دراسة أقمشة المحنطات والمقالع التدمرية) و(أهم الكتابات التدمرية في تدمر والعالم) و(زنوبيا ملكة تدمر والشرق) وغيرها إضافة لعشرات الأبحاث العلمية. الباحثة الأكاديمية السورية ريم تركماني اليوم الأربعاء على صفحتها على فيسبوك إن ''الأسعد خبير آثار مميز وكان يعرف معظم التفاصيل عن آثار تدمر وكان يستحق نهاية أكرم من هذه، ومدفن تدمري يليق به، ينقش عليه عبارات بالآرامية''. اليكسندر مراسل راديو فرنسا الوطني وإذاعة فرنسا 24، قال عنه عبر توتير ''داعش ذبحت مدير موقع تدمر سوريا السابق. خالد اسعد 82 سنة كان قد رفض البعد عن الآثار الذي رعاها 40 عام''. ''السلام لروحك أستاذ خالد، واللعنة على القتلة المتوحشين''، الكاتبة السورية سمر يزبك تنعي الأسعد عبر حسابها على توتير.