في قلب مدينة عدن، بالتحديد في مديرية صيرة (كريتر)، انتشرت الأوبئة: حمى الضنك، التيفود، الملاريا، في ظل عدم وجود مراكز للعلاج لا مستشفيات ولا عيادات، ولا أطباء، فقط أطباء بلا حدود هم الموجودون ولا يعالجون الأمراض، بل فقط يعالجون الجروح الناتجة عن المعارك، ولا توجد أدوية ومع انقطاع تام للكهرباء طوال الأسابيع الماضية تلفت الأدوية الموجودة في الصيدليات، هكذا يقول شهود عيان في المدينة التي تعاني القتال والحروب منذ أسابيع. وتقول مديرة منظمة الصحة العالمية مارجريت تشان في تقرير صدر يوم الأربعاء إن الصراع في اليمن أدى إلى مقتل 2000 شخص وإصابة 8000 آخرين بجروح، بينهم المئات من النساء والأطفال، على مدار الأسابيع العشرة الماضية. وتقول اخر تقديرات الأممالمتحدة إن ما لا يقل عن 1037 مدنيا، بينهم 130 امرأة و234 طفلا، قتلوا في الحرب التي بدأت في 26 مارس الماضي. ويضيف الشهود إن أن كريتر لم يصلها أي مساعدات إنسانية، مشيرين إلى أن المدينة المحاصرة تقع تحت سيطرة قوات المتمردين الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح الأمر الذي دفع كثيرون إلى ترك المنطقة، ومن اضطر للبقاء فيها يخشى الأمراض والحوثيين وحلفائهم ومن تجدد القصف الجوي الذي يؤثر عليهم بالطبع. تحدث الشهود إلى مصراوي شريطة عدم كشف هوياتهم. المشكلة الكبرى الحالية داخل عدن – حسبما يقول الشهود – تكمن في انتشار الأوبئة وعدم توفر علاج ولا مراكز صحية ولا أطباء، وعدم وصول المساعدات الإنسانية التي توفرها المنظمات والدول الأجنبية. وبالنسبة لدور المنظمات الدولية لم تدخل هذه المنطقة فمعظم المساعدات في صنعاء وتعز والمحافظات الشمالية، أما كريتر لم يصلها شيء نهائيا حتى هذه اللحظة، وفقا للشهود الذين أشاروا إلى أن بعض المساعدات وصلت إلى البريقة. وهناك نقص شديد في الوقود والمياه والإمدادات الطبية، فضلا عن تدمير منشآت صحية، إضافة إلى وجود 7.5 ملايين شخص في حاجة ماسة للمساعدة الطبية. وحذرت منظمة أوكسفام الدولية مطلع الأسبوع الجاري من أن نحو 16 مليون شخص في اليمن لا يحصلون على مياه نظيفة. ونزح نصف مليون شخص داخليا. وقال الشهود إن "الناس هناك بين شقي رحى: الحوثيين من جهة والحكومة من جهة ثانية، حتى الحكومة بتسرق المساعدات إذا وجدت، لكن إذا وصلت المساعدات لشباب المقاومة ممكن توصل للناس في المناطق التي تسيطر عليها المقاومة، وهي تنكمش للأسف، لكن لا توجد إمدادات للمقاومة"، التي تقاتل المتمردين الحوثيين وحلفائهم. وعن الأوضاع في جنوب اليمن، قال أحد الشهود إن "على العرب أن يستوعبوا أن سوء الأوضاع في الجنوب هو تهديد لأمن المنطقة كلها بما في ذلك مصر، وأن استيلاء الحوثيين على الجنوب يعني سيطرة إيران، واستمرار الحرب في الجنوب وطول فترة الصراعات يعني وضع المنطقة كلها تحت قلاقل وفتن وصراعات". ردا على سؤال أوضاع اليمنيين الذين لجئوا إلى جيبوتي، قال الشهود إن وضعهم مزر للغاية؛ فبعد أن كان اليمنيون في بداية الأزمة يهربون لمناطق أخرى داخل عدن، فكانوا يهربون من خورمكسر والمعلا لكريتر، والآن من كريتر لمناطق أخرى، والذين كانوا في التواهي هربوا عبر البحر للبريقة، لكن بعضهم قتلوا من قبل الحوثيين الذين كانوا يضربون الزوارق وعلى متنها الأسر الهاربة، لذا كانت الفرصة الأخيرة لهؤلاء الفارين أن يذهبوا إلى جيبوتي. وأشار أحدهم إلى أن جيبوتي دولة فقيرة لا تستطيع تحمل مسؤولية المزيد من البشر، كل ما تمكنت من تقديمه هو نصب الخيام لهم. "ومما يزيد من سوء أوضاع هؤلاء اللاجئين هو أنه لا توجد دول تقبلهم بدون تأشيرات دخول، حتى مصر فرضت عليهم تأشيرات، فأصبحوا لا يستطيعون الهروب لأي دولة حتى لو كان لديهم بها أقارب، أو عقارات". من ناحية أخرى، قال أحد السكان إن الرئيس السابق علي عبد الله صالح لم يخرج حتى الآن بكل قوته، فلازال لديه قوات مدربة تدريبا عالي جدا على يد امريكا لم تنزل يعد. وتمكنت الغارات الجوية من تدمير مواقع الحوثيين، ومخازن الذخيرة والقواعد التابعة لهم، ولكنها أخفقت إلى درجة كبيرة في تمهيد الطريق نحو استعادة السيطرة على مدينة عدن ذات الأهمية الاستراتيجية في جنوب البلاد. واستولى الحوثيون على العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي، حيث سيطروا على مؤسسات الحكومة والوزارات، ووضعوا الرئيس هادي المعترف به دوليا وكبار مسؤولي الحكومة قيد الإقامة الجبرية حتى تمكن من الفرار إلى عدن والتي أعلنها عاصمة مؤقتة للبلاد قبل فراره إلى السعودية.