تجنبًا للإجهاد.. ريبيرو يمنح لاعبي الأهلي راحة من التدريبات    "نادي حياتي".. هويسن يتحدث عن طموحاته مع ريال مدريد    تباين أداء الأسهم الأوروبية وسط ترقب حذر للمفاوضات بين أمريكا والصين    إزالة حالة تعد على مساحة 100 متر بقرية أبو نجاح في الشرقية    «التخطيط» تستعرض خطة المواطن الاستثمارية لمحافظة مطروح    وزارة الخارجية والهجرة تطلق دراسة شاملة حول خارطة الاستثمار في أفريقيا    بعد استخدام البحرية للمرة الأولى.. وزير الدفاع الإسرائيلي: يدنا تصل كل مكان    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال يتعمد نشر الفوضى باستهداف مراكز توزيع المساعدات    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت البنية التحتية للمطارات العسكرية الأوكرانية    الخارجية اللبنانية تدين الاعتداء على عنصر من قوات اليونيفيل    كل أخبار العين الإماراتي فى كأس العالم للأندية على اليوم السابع    رئيس جامعة العريش يكرم المتميزين في الأنشطة الطلابية    بعد عيد الأضحى.. تعرف على الإجازات الرسمية المتبقية في 2025 |إنفوجراف    وجبات غذائية خاصة لبعثة الأهلي لمواجهة الرطوبة في ميامي    الزمالك يخطط لضم مدافع فاركو    مدير تعليم قنا يؤكد على التزام الدقة في تصحيح أوراق امتحانات الإعدادية    «كواليس من غرفة المداولة».. وليد البنا: المؤبد نهاية عادلة لحق «شهيد الشهامة» بشبرا    بعد قليل .. إعلان نتيجة صفوف النقل لمحافظة القاهرة    السيطرة على حريق أتى على محتويات مقهى بمنطقة العوامية دون خسائر بشرية    إصابة 20 شخصا باشتباه تسمم غذائي إثر تناول وجبة طعام خلال حفل زفاف بالمنيا    وفاة شخص وإصابة 4 آخرين في حادث على طريق سيوة مطروح    مخرجة فيلم «ريستارت» توجه رسالة قوية ل طارق الشناوي    أسماء جلال تتصدر الترند في حفل زفاف أمينة خليل باليونان | صور    معرض «تجربة شخصية» بالمنيا ضمن مشروع المعارض الطوافة لقصور الثقافة    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    «الرعاية الصحية»: أكثر من 189 ألف خدمة طبية وتوعوية خلال عيد الأضحى    الحكومة تجهز فرصا استثمارية في القطاع الصحي للسنوات العشر المقبلة    النمسا: ارتفاع ضحايا حادث إطلاق النار إلى 10 قتلى و28 إصابة    سحب 732 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    مستشفى القلب بجامعة أسيوط يستقبل 1856 حالة خلال شهر    ماجد الكدوانى ضيف "فضفضت أوى" مع معتز التونى على Watch it غداً    3 أبراج كسيبة والتراب بيتحول ذهب فى إيديهم.. الدلو بيفكر برة الصندوق    مراسل القاهرة الإخبارية: 55 شهيدا جراء غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغًا في مختلف المحافظات خلال شهر مايو    «الإفتاء» توضح حكم الزواج من ذوي الهمم وأصحاب القصور الذهني    وزير الإسكان يتابع مشروعات المرافق الجاري تنفيذها بالعبور الجديدة والأراضي المضافة لها    وزير المالية ل الجمارك: العمل على راحة الحجاج.. وأولوية خاصة لكبار السن والحالات المرضية    جهود أمنية مكثفة لكشف غموض العثور على جثة شاب مصاب بطلقات نارية بقنا    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يتألقان بحفلين في 48 ساعة    «التأمين الصحي»: استحداث عدد من الخدمات الطبية النوعية بالمستشفيات    السيسي يصدَّق على قانونين بشأن مجلسي النواب والشيوخ    الحكومة اليابانية تطرح 200 ألف طن إضافية من مخزون الأرز لكبح جماح الأسعار    المأذونين عبر تليفزيون اليوم السابع: زواج شاب "داون" من فتاة يجوز شرعاً    الأطباء: نتابع واقعة عيادة قوص ونناشد تحري الدقة في تناول المعلومات    شيكابالا لإدارة الزمالك: لن أعتزل والفريق سيعانى فى غيابى (فيديو)    إمام عاشور: الأهلي غيّرني    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    ارتفاع الأسهم العالمية والدولار مع تقدم المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    وزيرة إسبانية تدين اختطاف السفينة مادلين : يتطلب رد أوروبى حازم    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    "بطريقة طريفة".. لاعبو الأهلي يرحبون بزيزو (فيديو)    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    كندا تتعهد برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي استجابة لضغوط الناتو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    "خسارة للأهلي".. نتائج مباريات الإثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو والصور: "أبناء عيلبون" صورة مصغرة لقهر الاحتلال
نشر في مصراوي يوم 27 - 05 - 2015

ديسمبر يطل بشتائه، العام 2005، "هشام زريق" بصحبه والده، لزيارة ابن عمه المقيم في "بازل" السويسرية، دار الحديث بين الثلاثة وتوقف عند "النكبة"، طلب الشابين من "سامي زريق" أن يحكي القصة مرة أخرى، المكان كان له أثر في هذا، هنا بتلك المدينة الأوروبية خرج المؤتمر الأول للصهيونية عام 1879، مدبرا في خبث احتلال فلسطين، مئات المرات سمع "هشام" حكاية قريتهم "عِيلبُون" التي هدمها الصهاينة، غير أن تلك المرة مختلفة، "اتذكرها وكأنها تحدث الأن" قال الوالد بصوت مرتعش تخنقه الدموع، لأول مرة يرى الابن أبيه بهذه الحالة، ليتجمد الزمن عندها، ومع ترديده تلك الكلمات "مع الأسف لا يوجد مَن يوثق ما حدث قبل أن يموت الذين شهدوا النكبة".
لم يعلم الأب "سامي زريق" أنه بعد ثلاثة أعوام، سينوب عن ابنه لاستلام جائزة مهرجان "العودة" الفلسطيني عام 2008، عن الفيلم الذي أخرجه "هشام" لتوثيق جريمة المحتل بحق قريته، شعور بالفخر تملك الرجل المسن وهو يشاهد "أبناء عيلبون" الفيلم الوثائقي الأول لابنه، ولازمه حتى وفاته بالعام ذاته، وكأنه رحل بعد اطمئنانه أن طريق النضال موصول، يحفظه ويكلمه فرد مِن صلبه.
عِيلَبَون قرية صغيرة بمدينة الجليل الفلسطينية، قريبة من حدود لبنان كما قال "زريق" مخرج الفيلم، الذي عُرض في نحو 13 مهرجان حول العالم آخرهم تورونتو للفيلم الفلسطيني بكندا، دخل الاحتلال القرية صباح 30 أكتوبر 1948، عاث بها فسادًا حال 531 قرى فلسطينية دمرها، ففي بلدة آل "زريق" ارتكب المحتل مجزرة، حفظ أهل القرية مكان وقوعها بتسميته "ساحة الشهداء".
وقعت النكبة قبل نحو 20 عاما من ميلاد "زريق" الابن، المستقر في ألمانيا مع زوجته وابنه منذ عام 2001، لدرجة جعلت اللغة الانجليزية أسهل لديه في التعبير عن أفكاره بحكم الاعتياد، غير أن القضية الفلسطينية لم تغبِ عنه يوما، يُكرس عشقه للفنون لخدمتها، رغم دراسته لعلوم الكمبيوتر، وعمله مهندس برمجيات، لذا لم يتوانَ في تنفيذ فيلم وثائقي عن وحشية الاحتلال، مدفوعا بكلمات أبيه التي لم تفارقه.
24 دقيقة هي مدة الفيلم، يحكي به أبناء "عِيلبُون" قصة الجريمة التي ارتكبتها الخطة "دالت" لاحتلال فلسطين، وفي بلدتهم الصغيرة مَثل لما حدث. على أنغام الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة تُروى التفاصيل، يستهلها "إيلان بابيه" المؤرخ اليهودي المدافع عن القضية الفلسطينية بالحديث عن النكبة، التي بدأ تنفيذها من عام 1897 حيت مؤتمر الصهيونية الأول، ويُعرض نص الوثيقة السرية الإسرائيلية المعطية الأوامر بإخلاء المناطق، والقضاء على كل العناصر "المعادية" –الفلسطينية.
دموع "أبناء عِيلَبُون" خط واصل بين الأشخاص مِن "رجال ونساء رفضوا أن تُنسى أهوال جريمة هذه الخطة الوحشية" كما قال "زريق"، الذي تواصل مع نحو 20 شخص ممن شهدوا يوم النكبة، تمر المشاهد أمامهم، يرونها كأنها تحدث لتوها؛ احتماء الأهل بالكنائس، انهيال الرصاص العشوائي فوق الرؤوس، والد "هشام" كان بينهم، وكذلك كل عائلة "زريق"، التي قتل الصهاينة ثلاثة منهم، لذا خرج الفيلم أشبه بمحاكاة ذاتية توثق حدث تاريخي، لم يكن الحزن المسيطر عليه فقط، بل النضال "فعِيلَبُون القرية الوحيدة التي طردها الاحتلال وعادت مرة أخرى"، حسب قول المخرج.
"النكبة ليست مجرد كلمة، لكنه حدث سلب الفلسطينيين أرضهم، الجرح الغائر حيث قُتل العديد من الفلسطينيين وذبحوا، والعديد يعيشون على بعد كيلو مترات قليلة من قراهم لكن لا يستطيعون العودة" هكذا عام 48 ل"زريق"، مطالبا التوقف عن تسمية ذلك ب"النكبة" بل "الهولوكوست الفلسطيني"، خاصة أن ما حدث وقع بعد عامين فقط على محرقة اليهود، حسب قوله.
جندي إسرائيلي مدجج بالسلاح يتجه نحو شقيقين من عِيَلُبون، أراد قتلهما، غير أن أمهما بقلة حيلة وغصة تكاد تنزع قلبها من مكانه، صرخت "اترك لي ولد منهما"، فكان لها ذلك، قتل أحدهما وعاش الأخر البالغ حينها 17 عاما، ليحكي ل"زريق" أحد جرائم الاحتلال، الذي لازالت القرية تقاومه، كأحد قرى مناطق ال48.
عاشت "عِيلَبُون" كما قال "زريق" تحت الحكم العسكري الإسرائيلي حتى عام 1966، دخلتها الكهرباء عام 1975، وأثناء تلك السنوات صادرت إسرائيل العديد من أراضي أهل القرية، مما قضى على مصدر دخلهم الأساسي "القليل جدا الآن يعمل بالزراعة"، كما أن الأراضي الواقعة حولها باتت في قبضة الإسرائيليين، مما منع عنها التوسع، "باختصار النضال لم يتوقف بعودة أهل عِيلَبُون بل هو عملية مستمرة".
لكل شيء نصيب من اسمه، وكذلك "عِيلَبُون"، فاسمها وفقا للمعنى العربي المتفق عليه "الأرض الصخرية الصلبة"، وبالنسبة ل"زريق" هو المعنى المعبر عن أهلها "لأنهم نزحوا إلى لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1948، وعادوا لبيوتهم برغم كل المصاعب، وظلوا بها كما الأرض الصلبة"، وذلك سبب آخر دفع المخرج الأربعيني إلى تسجيل حكاية قريته الصغيرة لما بها من أمل "عِيلَبُون أعطت أهمية لحق العودة.. وأنا أريد أخبر العالم أجمع ما حدث للفلسطينيين ما بين عامي 1947-1948، وأنهم لم يهربوا، ولكن أغلبهم طرد، وتحولوا إلى لاجئين".
عمل "زريق" على إعداد الفيلم وإخراجه خلال عام 2006، قام بعمل فريق كامل، عاونه فقط مصور، وما زاده "أبناء عِيلَبُون" سوى معلومات أكثر عن الأحداث في فلسطين، وإدراكا لواقع "كم هو صعب أن تكون صانع أفلام فلسطيني تريد قول الحقيقة"، فما واجه المخرج المشاكل إلا لمضمون الفيلم من التمويل والمشاركة في المهرجانات، وتذكر "زريق" كلمات القناة الألمانية له "ستحصل على تمويل لو عملت فيلم يُظهر تعايش الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن ليس من أجل فيلم مثل فيلمك".
في ساحة الشهداء، تلك المنطقة الصغيرة بمركز الجانب القديم من عِيلَبُون، قادت قوات "الهاجناه" الإسرائيلية أهالي القرية، رافعين أيديهم فوق رؤوسهم، قبل أن يختاروا ذبائحهم، وضمنهم كان شقيق والد "زريق"، الذي وصفه بالفيلم "كان لابس رابطة منقطة" قبل أن تحتبس العَبرات في عينيه، ويتحرج صوته على استكمال الواقعة التي قتُل بها 17 من أبناء "عِيلَبُون" بدم بارد.
أنجز "زريق" فيلمه الأول وتبعه بأخرين يحملا عبق القضية، الأول عام 2009، والثاني 2011، يقاوم بتقسيم وقته لأجل الفن المعبر عن القضية، والعمل العائل لأسرته، ويعينه على المواصلة في الوقت ذاته، يستسقي من عزيمة أهل عِيلَبُون، ما يربت على كتفه في ظل غياب الدعم الذي يجعل أعماله تستغرق الكثير من الوقت، ويُعرضها للتوقف بين الحين والآخر.
"لأني رفضت الوقوف بدون صلاة" ختام يليق بحديث أهل عِيلَبُون، انهت كلمات "محمود درويش" بصوت "مارسيل خليفة" الفيلم القصير، توفى والد "زريق" وعدد كبير ممن سجل الفيلم شهادتهم، غير أن المخرج يحفظ نصب عينيه وصيه أبيه وأهله، يَقسم أن يبقى على العهد ولو كان وحيدا، ويُكرس ماله وطاقته خلال السنوات القادمة لإنهاء النسخة المطولة من الفيلم، التي بدأها منذ 2007، لتوضيح مزيد من مجريات التاريخ والأحداث الشاهد عليها "أبناء عِيلَبُون".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.