استمرارا لمسلسل الإهمال الطبي الذى تعانيه بعض مستشفيات محافظة بنى سويف، الذي تسبب في انهاء حياة العشرات رغم إنفاق المليارات من جانب الدولة على علاج المواطنين، يهدرها معدومو الضمير ممن غابوا عن مراعاة أبسط حقوق الفقراء. " أحمد سيد منصور" حلاق، ذهب برفقة شقيقة "عبد العزيز" كعادتهم يوميا إلى محل الحلاقة الخاص بهم بمركز أطفيح القريب من مقر إقامتهم بمدينة الواسطى، يستقلون دراجتهم البخارية، وأثناء محاولة تفاديهم لمطب صناعي أعلى كوبرى الواسطى، فوجئوا بسيارة مسرعة من الخلف تصطدم بهم لتبدأ رحلة المأساة مع الإهمال الطبي بالمستشفيات الحكومية بمحافظة بنى سويف. البداية يرويها عبد العزيز سيد منصور والذي يرقد لا حول له ولا قوة فى منزل بسيط للغاية وسط جراحه قائلا" كعادتنا أنا وشقيقى الأصغر أحمد نستقل دراجة بخارية ونتوجه عصر كل يوم إلى محل صغير نستأجره لنزاول فيه مهنة الحلاقة، ومنذ 3 أيام اصطدمت بنا سيارة ملاكي من الخلف أثناء محاولتها المرور منا على مطب صناعي بكوبرى النيل أعلى مدينة الواسطى، لأفقد الوعي تماما لنرى وجه آخر للدنيا ويروح أخويا لعالم آخر أفضل وأنا في الدنيا بلا حركة". ويكمل " أحمد محمود" ابن خاله ضحية الإهمال الطبي قائلا:" اتصل بنا احد الأشخاص وتوجهت على الفور إلى مكان الحادث، ووصلت سيارة الاسعاف وقامت بنقل الشقيقين الى مستشفى الواسطى المركزى، وداخلها عرفنا أننا غير محسوبين على البشر ولا يراعينا أحد، ولسنا بمواطنين أو بالاصح لسنا بنى آدمين، داخل المستشفى لا يوجد أطباء ولا ممرضات، توجهنا لقسم الاستقبال طلبنا حضور الاطباء فلم نجدهم، وعندما استعنا بالممرضات قالولنا النبطشية انتهت واستنوا لما تيجى النبطشية الجديدة، بعدها استطعنا الحصول على هاتف مدير المستشفى وطلبنا منه إرسال طبيب لتوقيع الكشف الطبى على الشقيقين المصابين الذين ينزفون الدماء بغزارة، فأبلغنا بوصول طبيب فى خلال عشر دقائق". ويكمل:" وبعدها أغلق المدير هاتفه، ولم يصلنا أي أطباء إلا بعد ساعتين حضرت طبيبة ولم توقع الكشف الطبى ونظرت للحالتين وخرجت مرة أخرى وطلبت إشعة وتحاليل، فقمنا بالتظاهر والاحتجاج داخل المستشفى مطالبين بحضور أي طبيب، فقامت بعض الممرضات باستدعاء قوات الشرطة لإلقاء القبض علينا بحجة إثارتنا للشغب، وعندما حضرت القوة الأمنية برئاسة العميد هشام غريب مأمور مركز شرطة الواسطى، وشاهد ابن خالتي أحمد في حالة نزيف مستمرة مع عدم وجود أطباء سدد لنا تكاليف الأشعة التى طلبتها الطبيبة التى ظهرت لنا بعد ساعتين من دخولنا للمستشفى، بأحد مراكز الاشعة الخاصة المجاورة لمستشفى الواسطى، واتصل بإحدى المستشفيات الخاصة ببنى سويف، وأبلغهم بتحملة تكلفة علاجه على نفقته الشخصية". وقال محمود:" وتوجهنا بسيارة الإسعاف إلى المستشفى الخاصة وحينما طالعوا الاشاعات أبلغونا بأن المريض فى حالة نزيف مستمرة وعدم وجود سرير داخل غرفة العناية المركزة له ويجب التوجه فى اسرع وقت لأخرى فتوجهنا ل 3 مستشفيات خاصة أخرى ورفضوا استقبالنا لعدم وجود أَسِرة أو أجهزة لعلاج الحالة". ويكمل والد زوجة الضحية ويدعى محمود سالم" بعد 3 ساعات وفقدان الامل توجهنا بسيارة الإسعاف إلى مبنى ديوان عام المحافظة بالمصاب فى محاولة للقاء المحافظ وعرض الأمر عليه بصفته المسئول عنا لكننا لم نتمكن من مقابلته شخصيا والتقى بنا مدير مكتبه الذى اجرى اتصالا هاتفيا بوكيل وزارة الصحة لمطالبته بتوفير سرير للمصاب وبعد عدة مكالمات ابلغونا بالتوجه لمستشفى بنى سويف العام، وبالفعل وصلنا وانزلنا المريض داخل المستشفى وبعد عدة أحاديث جانبية أبلغونا بعدم وجود سرير في العناية المركزة ويجب تحولينا للمستشفى الجامعي، وتوجهنا بالحاله إلى المستشفى الجامعي، لنواجه نفس المصير بعدم وجود أسرة لنعود لمستشفى بنى سويف العام مرة اخرى، والتى أعادتنا لنقطة الصفر مرة أخرى وقامت بتحويلنا الى مستشفى الواسطى المركزي بعد رحلة عذاب وصلت ل10 ساعات داخل سيارة الاسعاف. وأضاف:" مررنا على اكثر من 7 مستشفيات يقوم المسعف بسيارة الاسعاف بمحاولة إنقاذ المريض الذى ظل معنا حتى وصل به الأمر إلى إجرائه للإسعافات داخل مستشفى الواسطى نفسها عندما لاحظ عدم وجود أطباء، و قررنا التوجه لمستشفى خاص بمركز أطفيح التابع لمحافظة الجيزة، وهناك وبعد سدادنا ل 1100 جنيه قرر الاطباء بأنة من الافضل نقل الحاله للمنزل حيث نزفت دماءً كثيرة لا يمكن تعويضها، بالاضافة الى تأخر حالة المصاب مرضيا نتيجة عدم إجرائة بعض العمليات التى كان يحتاجها عقب وقوع الحادث، وأخذناه ورجعنا على البيت حتى لقي ربه قبل دخوله للمنزل". وقالت زوجة الراحل" احنا ملقناش حد يدخلنا مستشفى ولا لقينا دكتور يكشف على زوجي لحد ما مات مننا وإحنا مش قادرين نعمل حاجه، و سابلي طفلة عندها 3 سنين، وابن لسة جاي مش عارفة هصرف عليهم منين، مفيش معاش ولا مرتب رزقنا كان يوم بيوم، ودلوقت اتقطع، مش عايز اكتر من حق زوجي ومعاش نتسند عليه ونصرف منه". من جانبها فتحت مديرية الصحة ببنى سويف تحقيق عاجل في الواقعة للوقوف على ملابساتها، برئاسة الدكتور حمدى مصطفي، وكيل المديرية، للتحقيق مع المستشفيات الحكومية والدكتور أيمن رشوان للتحقيق مع المستشفيات الخاصة.