باقي من الزمن دقائق، وتبدأ مباراة إنبي والزمالك، على أستاد الدفاع الجوي. "انصر يارب الأبطال".. كتبها شريف الفقي، طالب الفرقة الثالثة، كلية الإعلام بجامعة الأزهر، على صفحته بموقع فيسبوك. في الداخل كانت الجماهير مستعدة، وفي الخارج يقف أعضاء الوايت نايتس ينتظرون دورهم في الدخول، جاءوا ليشجعوا فريقهم المفضل، تي شيرت أبيض يقطعه خطان أحمران ارتدوه، تدق الساعة السابعة وخمسة وأربعون دقيقة أخيرا، تبدأ المباراة، يتغير كل شيء للأسوأ وتصبح الدنيا جحيما، تنتهي المباراة بفوز الدماء، ومقتل 20 شابا على أبواب الاستاد. "بالله عليك يا شريف رد عليا"، كانت هذه آخر رسالة بعث بها إبراهيم الدويني، صديق الطالب الراحل، إلى هاتفه المحمول. مرات عديدة ظل يتصل على التليفون الذي لا يرد، كان خبر وفاة شريف قد أتاه "شفت الخبر على النت بعد ما وصلت الجورنال بس رفضت أصدق"، حتى اتصل به ابن العم يخبره أن شريف قد مات، هرع الصديق كالملسوع إلى مشرحة زينهم بعدما علم أن الجثث وصلت إلى هناك، علّه يحظى بعد الانتظار بلحظة أخيرة معه، أو كلمة وداع. كان شريف محبوبا وسط الجميع، كما قال عنه زميله محمود خليل، عمل طالب الأزهر في أكثر من جريدة آخرها "شعب مصر"، التي تركها منذ شهر للتفرغ لامتحانات منتصف العام. حبه للزمالك كان دائما ما يطغى على أحاديثه، بين حين وآخر يخوض في صراع طريف مع أصدقائه الأهلاوية، يخبرهم مداعبا أن "الزمالك أسلوب حياة"، تنتهي أوقات الشد والجذب قبل كل مباراة، بفوز الزمالك أو الخسارة، لكن العشق يبقى ثابتا، لابد أن الشاب لم يكن يتوقع ما حدث "مكنش عارف إن الداخلية هترتكب مجزرة زي دي"، على حد قول "خليل". عدد ليس بقليل ينتظر أمام مشرحة زينهم، بين أهالي وأصدقاء هبوا لرؤية أبناءهم. صرحت وزارة الداخلية أن التدافع الشديد على أبواب الاستاد، أدى إلى مقتل ذلك العدد وإصابة آخرين، بينما ينفي "الدويني" ذلك، فأثناء انتظاره خارج المشرحة، استطاع الحصول على صورة لصاحبه الذي تدفق الدم من فمه، على حد قوله، ما ينفي احتمالية موته نتيجة التزاحم "واخد طلق في رأسه"، قالها نقلا عن صديقه الذي حمل شريف من السيارة إلى المشرحة، غير أنه لا يعلم إلى الآن نوع الطلق المؤدي إلى الوفاة. صورة على صفحة الصحفي القتيل بموقع فيسبوك، يرفع فيها لاعب الزمالك عمر جابر يداه ليأخذا معًا شكل القلب، ربما فاضت روح شريف قبل إدراكه أن لاعبه المفضل انسحب من المباراة حزنا على من ماتوا بالخارج "الله يرحمه كان بيحب جابر أوي.. كأن فيه حاجة بتجمعهم"، قال "الدويني". لم يكن طالب الأزهر عضوا في الوايت نايتس، كما أنه لم يغطي أخبار نادي الزمالك بشكل صحفي من قبل. يدعو له الصديق المنتظر على أبواب المشرحة بالرحمة ولنفسه بالصبر، بينما تظل صورة على صفحة شريف، كُتب فيها "حداد على مين ولا مين ولا مين؟"، هي خير معبر عن الحالة العامة.