رحل الحنان عن قلبها، فحلت القسوة بديلًا عنه، فأغشتها، فلم ترى صنيعة يداها، وظلت تضرب طفلتها التي لم تتجاوز عامها الثامن، حتى فقدت الصغيرة وعيها، وتم نقلها إلى المستشفى لتقضي أيامًا في العناية المركزة، ثم ترحل روحها إلى السماء. القصة المؤلمة، دارت أحداثها في منطقة المرج بالقاهرة، عندما تبلغ للمقدم محمد رضوان، رئيس المباحث، من مستشفى اليوم الواحد، بوصول طفلة في حالة حرجة، بها إصابات في أماكن مختلفة بالجسم، وهناك شبهة جنائية في الواقعة، ويبدوا أنها تعرضت للتعذيب. على الفور، تم إخطار العقيد محمد فتحي، مفتش مباحث القطاع، الذي أخطر اللواءين علي الدمرداش، مدير الأمن، ومحمد قاسم، مدير المباحث الجنائية، فأمرا بسرعة عمل التحريات عن الواقعة، فتم تشكيل فريق أمني، من بينهم رئيس المباحث، والرائد محمد أبو العطا، معاون مباحث القسم، وانتقلت قوة إلى المستشفى، وتبين أن المصابة تُدعى (نوال محمد) 8 سنوات، وبمناقشة والدتها، اعترفت بارتكابها الواقعة، وأنها قامت بتعذيبها وضربها على رأسها بقطعة خشبية، ففقدت وعيها، فتم إلقاء القبض على الأم، وحجزها بالقسم، وبعد مرور 5 أيام، توفيت الصغيرة متأثرة بإصابتها. ألتقينا الأم القاتلة بعد ساعات من وفاة ابنتها، فلم نشعر منها بثمة حزن، سوى رغبة في مغادرة جدارن القسم، تحت مبرر الخوف على طفليها الأخرين.. كانت تسير بأقدام واثقة، ملامحها لا توحي بأنها فقدت صغيرتها منذ ساعات، حتى أننا شعرنا بأنها لم تعلم بالخبر، لكنها فاجأتنا بالحديث عن موعد دفنها، بل وأنها غيرت أقوالها الأولى، لسبب مجهول!. في هدوء، جلست أمامنا، طلبنا منها أن تروي تفاصيل الواقعة، فقالت: اسمي ''كسبانة'' 28 سنة، من محافظة أسيوط.. مقيمة بالمرج، تزوجت منذ 9 سنوات من محمد سعيد، عامل بقهوة، من منطقة الشرابية، وسكنا هنا في المرج، وانجبت بنتين وولد، هما نوال (المتوفية) 8 سنوات، محمود 6 سنوات، وأصغرهم جنا 4 شهور. وتذكرت الأم يوم الحادث، فقالت: أنا مقتلتش بنتي.. أقتلها إزاي؟! أنا قولت كده في الأول علشان كنت خايفة، لكن اللي حصل إني بعت ''نوال'' تجيب طلبات من بره، فأتخرت كتير، وقلقت عليها، ولما رجعت، مكنتش معاها الطلبات اللي قولتلها عليها، فرفعت إيدي علشان أضربها قلم، وقبل ما ألمسها، لقيتها وقعت من فوق السلم على دماغها، وأغمى عليها، فنقلناها لدكتور، وحولنا لمستشفى اليوم الواحد، وهناك لقيت بتوع المباحث حواليا بعد ما وصلت بوقت قصير، وأخدوني هنا القسم، ومش عارفة حتى أشوف بنتي قبل ما يدفنوها، وعايزة أطلع علشان أربي ابني وبنتي. سألناها: لكن المعاينة أثبتت وجود إصابات مختلفة، ليست ناتجة عن سقوط من علو، واعترفتي بضربها بقطعة خشبية فوق رأسها! فأجابت: أنا مضربتهاش، هي وقعت، أصلي كنت خايفة عليها من الشارع، لأني شوفت بعيني طفلة عندها 10 سنين، تم اغتصابها في الخرابة اللي جنب شارعنا.. أنا شوفت البنت بعيني وكنت خايفة على بنتي، علشان كده كنت رايحة أضربها بالقلم لما أتأخرت، لكنها وقعت من على السلم في المنور.. أنا هقتل بنتي إزاي، وإذا كنت بروح أشتغل في مصنع بلاستيك علشانهم، يوميتي 30 جنيه، بصرف عليهم 20 جنيه، ومدخلاها مدرسة خاصة علشان تتطلع حاجة كويسة، وتبقى أحسن مني، لأن أنا مش متعلمة. تركنا ''كسبانة'' لحالها، لتعود إلى محبسها مرة أخرى، في انتظار حكم العدالة، لكنها ظلت تُردد ''عايزة أخرج علشان أربي باقي أولادي''. وسألنا مصدر أمني عن رواية ''كسبانة'' فأكد أنها تُحاول تبرئة نفسها من القضية، مؤكدًا أنها اعترفت بتعذيبها وضربها بقطعة خشبية على رأسها.. ونفى المصدر ما قالت عنه، حول اغتصاب طفلة، مؤكدًا أنه لم ترد بلاغات كهذه، وأنها من وحي خيالها للفرار من العقاب.