يبد أن قلق مصر من الأحداث والاضطرابات المتزايدة على أرض جارتها الليبية قد دفع مصر إلى تقديم يد العون لمحاربة انتشار الاسلاميين هناك، بحسب تقرير نشرته صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية. يقول التقرير إن مصر قدمت الدعم للجنرال المنشق خليفة حفتر في محاربة الميليشيات الإسلامية في ليبيا بما في ذلك، حسبما يقول البعض، طائرات لتنفيذ ضربات الجوية. حيث تراقب مصر الآن بتوتر شديد ما يحدث في ليبيا من حالة فوضى وتدهور مستمر في الأوضاع، فيما تزداد خشية حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مخاوف من القلاقل على حدودها مع ليبيا والتي تبلغ حوالي 700 ميل، فضلا عن إمكانية أن يتوجه المصريين ''الساخطين'' إلى معسكرات المتشددين في ليبا لصقل مهاراتهم القتالية. وتذكر الصحيفة الأمريكية أن الوضع في ليبيا الآن كالاتي: قتال مستمر بين الجماعات المسلحة وبين المتشددين الاسلاميين الذين ساعدوا في اسقاط معمر القذافي في عام 2011من أجل السلطة.. ميليشيا مدعومة من الاسلاميون استولت على العاصمة طرابلس أغسطس الماضي، وأنشأت البرلمان الخاص بها متجاهلة الحكومة المعترف بها دوليا... فيما يستقر رئيس الوزراء الليبي عبدالله الثني وحكومته في طبرق. ولذلك فإن مصر، التي وعدت بعدم التدخل عسكريا في ليبيا، انضمت إلى حلفائها في الخليج لتوفير مزيج من المساعدات العامة والسرية لجماعات معينة. وتؤكد كريستيان ساينس مونيتور أنه الآن ينظر إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر على أنهم يتشاركون في هدف محاولة احتواء الإسلام السياسي في ليبيا، ولذلك يدعمون بشدة حكومة طبرق العلمانية، وكذلك فصيل منشق عن الجيش الليبي الذي يشن حملة مضادة للأسلمة حول المدن الشرقية من بنغازي ودرنة. وتعليقا يقول إتش أيه هيللر الباحث في دراسات الأمن الدولي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن إن '' السلطات المصرية ترى ليبيا من خلال خبرتهم الخاصة بمصر''. ويضيف التقرير أن قادة مصر يميلوا بشكل كبير أن يكونوا مناهضين للإسلاميين، وهو الموقف الذي أصبح أكثر تشددا وعمقا بعد ما قام به المتمردين المتشددين بعد خلع رئيسهم المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي، عام 2013. فمنذ خلع مرسي قتل المئات من أفراد اجيش والشرطة المصريين، والجيش المصري الآن يخوض معركة شرسة في منطقة شمال سيناء المضطربة مع جماعة أنصار بيت المقدس المتأثرة بتنظيم داعش بالعراق وسوريا، والشهر الماضي وصف السيسي معركته مع هؤلاء بأنها ''وجودية''. وبحسب الصحيفة نفسها فإن مساعدة مصر لليبيا اعتمدت على تجربة مصر المناهضة للإسلاميين، حيث ركزت السياسة المصرية المعلن عنها لمساعدة ليبيا على تعزيز قدرات شرطتها المفككة وجيشها، بحسب ما أعلنه رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب الشهر الماضي من أن وزارة الداخلية المصرية تهتم بتدريب قوات ليبية لمحاربة الإرهاب والمساعدة في تأمين الحدود المشتركة. وكانت مصر قد أعربت مسبقا عن قلقها من أنباء حول أن المسلحين المحليين قد سافروا إلى ليبيا للتدريب، حيث أن كثير من مناطق الحدود الشرقية من البلاد غير محكومة، وتوفر تربة خصبة للجهاديين. وفيما يتعلق بالضربات الجوية جاء في الصحيفة الأمريكية أنه ''بشكل أكثر سرية تعاونت مصر مع حلفائها من دول الخليج في مساعدة اللواء الليبي المنشق خليفة حفتر في عمليته الخاصة التي أعلن عنها ''عملية الكرامة'' ضد الاسلاميين في شرق ليبيا، في حين نفت مصر قيامها بالمشاركة في ضربات جوية على ليبيا، في حين لم يقتنع المراقبون الدوليون بهذا النفي، مؤكدين أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي وحدودها مهددة، ومضيفين أنه ليس من المستغرب أن تفعل مصر هذا الأمر في سرية تامة.