هذا ما يحدث لجسم الإنسان عند إضرابه عن الطعام

جسد هزيل ومنهك، وجه شاحب وعيون غائرة أحاطتها هالات من السواد، عظام بارزة تعلن عن انتصارها في جولة خاسرة كان الجسد هو المتباري الأوحد فيها، كانت هذه الآثار نتاج قرار تبناه المضربون عن الطعام في السجون وخارجها، بعد فقدان أملهم في إطلاق سراحهم أو إطلاق سراح ذويهم رغم الصراع الطويل الذي خاضه هؤلاء.
"الإضراب عن الطعام هو قيام شخص يتمتع بكامل قواه العقليه بالامتناع عن تناول الطعام (يتضمن فقط شرب الماء، وقد يكون مضاف إليه الملح أو الأملاح المعدنية أو السكر)، لمدة تزيد عن 72 ساعة، وذلك للتعبير عن الاعتراض أو للدفع بمطالب ما".
كان ذلك تعريف الطبيبة مي ناصر، استشاري التغذية العلاجية و الاكلينيكية، للإضراب عن الطعام والذي أوضحت من خلاله تأثير الإمتناع عن الطعام على صحة الإنسان من خلال عدة نقاط أعدتها خصيصا بهذا الشأن.
حيث أكدت ناصر أن المخ يستطيع التأقلم مع الحرمان من الطعام عن طريق استخدام أجسام الكيتون كمصدر بديل للطاقة، مما يتيح للإنسان البقاء محروماً من الطعام لعدة أسابيع تمتد إلى عدة أشهر، بينما تتوقف قدرة الإنسان على البقاء على قيد الحياة على نسبة البروتين فى الجسم و الدهون المختزنة عند بدء الإضراب، حيث يستمد المخ البشرى الطاقة من الدهون المختزنة، مما يسمح للأشخاص ذوى الأوزان الطبيعية بالبقاء على قيد الحياة لمدة تتراوح بين شهرين وشهرين ونصف، وللأشخاص ذوى الأوزان الثقيلة لعدة أشهر قد تصل إلى العام.
ولفتت إلى أن الإضراب عن الطعام من الممكن أن يؤدي إلى أضرار خطيرة بالجسم، قد تتسبب في تلف دائم فى بعض الاجهزة يعتمد ذلك على مدة الإضراب.
وذكرت أنه من المتوقع أن يفقد الجسم ما يتراوح بين نصف الى كيلوجرام فى اليوم خلال الأسبوع الأول، وينتج ذلك أساساً عن فقدان الجسم للماء، حيث يقوم الجسم بالحفاظ على الطاقة المتبقية، حيث يفقد المضرب عن الطعام من 200 إلى 450 جرام فى اليوم بعد مرور الأسبوع الأول، ويستعيد الشخص كل هذا الوزن المفقود بعد عودته لتناول الطعام مرة أخرى.
يصف معظم المضربين عن الطعام دخولهم فى حالة من "الإحساس بالراحة" و"صفاء الذهن" بعد مرور الأيام القليلة الأولى من بداية الإضراب، وهو ما يجعل الإضراب أمراً ليس بالسئ تماماً، وبعد مرور 3-4 اسابيع يبدأ الإحساس بالراحة وصفاء الذهن و درجة النشاط المعتادة فى الانحسار ، و يبدأ المضرب فى الشعور بالإجهاد والضعف، بحسب ما ذكرت.
وقسمت ناصر التأثير الذي يطرأ على جسد المضرب عن الطعام بحسب المضي في أيام الإضراب كالآتي:
الأيام 1-3 من بدء الصيام (أعراض خفيفة)
- تختفى الام الجوع وتقلصات المعدة بعد مرور اليوم الثانى أو الثالث.
- رائحة كريهة بالفم ، صداع وإرهاق.
- تبدأ معدلات سكر الدم (الجلوكوز) فى الانخفاض، ويبدأ الجسم فى إفراز هرمون الجلوكاجون ويقل إفراز الإنسولين.
- ينفذ مخزون الجليكوجين فى محاولة من الجسم للحفاظ على مستويات السكر بالدم.
- نادراً ما بيقى المخزون من الجليكوجين بعد مرور 72 ساعة.
يبدأ الإضراب عن الطعام فعلياً بعد مرور 72 ساعة
الأيام من 4-13 من بدء الصيام (ضيق شديد ولكن غالباً دون خطورة على الحياة)
- يحتاج المخ وكرات الدم الحمراء إلى الجلوكوز كمصدر للطاقة. ومع نفاذ المخزون من الجليكوجين يبدأ الجسم فى إنتاج الجلوكوز من مصادر غير كربوهايدراتية (مثل البروتين فى العضلات) (يطلق على تلك العملية 'دورة تخليق الجلوكوز‘).
- يقوم الجسم بتكسير الأحماض الدهنية للحصول على الطاقة (اللازمة لأعضاء الجسم بخلاف المخ وكرات الدم الحمراء).
- يفقد الجسم الدهون والبروتين (فى العضلات) كما يفقد البوتاسيوم والفوسفات والمغنيسيوم.
- يحافظ الجسم على مستويات الاملاح المعدنية وذلك على حساب المخزون فى الخلايا.
وبعد انقضاء مرحلة الأسبوعين يختلف الأمر كثيراً
الأيام 14-34 من بدء الصيام
- قد تتضمن الأعراض: الجوع الشديد، الدوار، 'الشعور بالهبوط‘، الإرهاق،وقلة التركيز.
- التثاقل، الشعور بالبرد، الضعف، فقدان الشعور بالعطش، نوبات من الفواق (الزغطة).
- أعراض مرضية: حالات رنح حادة 'الترنح فى المشى وغياب القدرة على التحكم فى الحركة‘، ضمور العضلات، تباطؤ فى خفقان القلب، الانخفاض المفاجئ فى ضغط الدم عند القيام بحركات مفاجئة.
- يجب متابعة حالة الجفاف متابعة جيدة، مع تجنب الإكثار من تناول المحاليل الملحية والتى قد تسبب انخفاض مستوى البوتاسيوم فى الدم.
- يحدث نقص فى فيتامين ب1 فى الأسبوع الثانى أو الثالث من بدء الصيام وهو ما يلحق بالعضلات أضراراً إضافية، كما يتسبب غالباً فى القئ ومشاكل فى الرؤية.
- متوسط فقدان الوزن فى هذه المرحلة 0.3 كيلوجرام فى اليوم.
الأيام 35-42 من بدء الصيام
يعتبر الأشخاص الذين نجحوا فى البقاء على قيد الحياة بعد فترة طويلة من الصيام أن هذه المرحلة هى أكثر المراحل صعوبة، وذلك بسبب أعراض نقص فيتامين ب1:
- عدم القدرة على التحكم فى حركة العين
- إزدواج الرؤية
- دوار (شديد جداً)
- قيء
- صعوبة شديدة فى ابتلاع الماء
- تبدأ المشكلات الصحية فى الظهور بعد فقد الجسم 18% من وزنه أو أكثر
اليوم 42 وما بعده من بدء الصيام
- وهن متزايد (توعك، إجهاد)
- تزايد التشويش الذهنى
- مشكلات حادة فى التركيز
- نعاس، قصور فى التعاطى مع الواقع المحيط
تطورات أكثر خطورة:
- فقدان السمع والبصر أو أحدهما
- النزيف: اللثة، المرئ، وأجزاء أخرى من الجهاز الهضمي
- فشل بعض الأعضاء: تباطؤ حاد فى القلب، تناوب فترات من التنفس السريع والبطيء، خلل تام في معدلات البناء و الهدم بالأنسجة
- تبدأ الأعراض التى تشكل خطورة على الحياة فى الظهور بعد فقدان الجسم ل30% من وزنه
أيام 45-75 من الصيام (الخطورة على الحياة)
- الوفاة الناتجة عن فشل القلب والشرايين اضطرابات نبض البطين أو أحدهما
- فى حالات أكثر ندرة تتراكم السموم فى الجسم مما يمكن أن ينتج عنه التهاب كامل بالجسم، أوتلوث فى الدم، أوانسداد فى الأمعاء الدقيقة، أو فشل فى بعض أعضاء الجسم
وشددت ناصر على أنه من الضروري ألا يحاول المضرب تناول الطعام مرة أخرى دون استشارة الطبيب حول الخطوات الواجب اتباعها.
ووضعت ناصر تعليمات للشخص الذي قرر حديثا الانضمام إلى قائمة المضربين عن الطعام:
- حين تبدأ فى الإضراب عن الطعام، لا تأكل أى شئ على الإطلاق، فتناول كميات قليلة من الطعام يبقى على إحساسك بالجوع.
- إشرب لترين من السوائل يومياً، مع إضافة ربع إلى نصف ملعقة شاى من الملح او 1 – 2 عبوات محلول معالجة الجفاف إذا أمكن.
- حاول توفير طاقتك على أقصى وجه، بأن تتجنب القيام بأنشطة جسمانية غير الوقوف لبعض الوقت أو المشى لمسافات قصيرة.
- حافظ على دفء جسمك فى الأجواء الباردة، وعلى برودته فى الأجواء الحارة.
المرضى ذوى الخطورة العالية (ينصح بتجنب الاضراب):
- الحمل
- كبر السن (الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً)
- أن يكون مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5 كج/م²
- تناول العقاقير التى تتسبب فى مخاطر صحية حال تعاطيها مع الامتناع عن الطعام(مثل الإنسولين، ومضادات الحموضة، ومدرات البول)
- الحالات المرضية المزمنة مثل: السكر، وارتفاع ضغط الدم، والسرطان، وضعف الامتصاص، وحالات أمراض الكبد المتأخرة، وأمراض التهاب الأمعاء، وفشل عضلة القلب، قصور الشرايين التاجية، إلخ.