والحج درس في ذلك، وتدريب عملي سيفعله الحاج وتراه بقية الأمة متمثلا في مناسك معلومة وترتيب عجيب يفعله كل الحجاج في نفس الوقت والمكان، وقد بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "خذوا عني مناسككم". عند كل منسك من مناسك الحج. ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: "حجوا كما حج النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تقولوا هذا سنة وهذا فرض". وليس هذا في الحج فحسب، بل في كل مناحي حياة المسلم، لا بد من طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع هديه، وإلاَّ فالهاوية والهلاك في الدنيا والآخرة. قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}... [النساء : 65]، {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}... [آل عمران : 30 - 31]، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}... [النور:63]. وقال صلى الله عليه وسلم: [كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى]. وقال في حديث عائشة رضي الله عنها: [من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد]. قال أبو بكر: "إنما أنا متبع ولست بمبتدع". وقال ابن مسعود: "اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم". وقال الإمام أبو حنيفة: "لا يحل لأحدٍ أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه". وقال مالك بن أنس إمام دار الهجرة: "ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلاَّ ويؤخذ منه ويترك إلاَّ النبي صلى الله عليه وسلم". وحكى ابن العربي عن الزبير بن بكار قال: سمعت مالك بن أنس وأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه و سلم. فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد؟ فقال: لا تفعل قال: فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة فقال: وأي فتنة هذه؟ إنما هي أميال أزيدها قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ إني سمعت الله يقول: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }. وقال الإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي: "أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد". وقال أيضا: "إذا رأيتموني أقول قولاً وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب". وأما الإمام أحمد فقد قال: "من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة. قال بعض الشعراء: وقول أعلام الهدى لا يعمل .. بقولنا من دون نص يقبل فيه دليل الأخذ بالحديث .. وذاك في القديم والحديث قال أبو حنيفة الأمام .. لا ينبغي لمن له إسلام أخذا بأقوالي حتى تعرضَ .. على الكتاب والحديث المرتضى ومالك إمام دار الهجرة .. قال وقد أشار نحو الحجرة كل كلام منه ذو قبول .. ومنه مردود سوى الرسول والشافعي قال إن رأيتم .. قولي مخالفا لما رويتم من الحديث فاضربوا الجدارا .. بقولي المخالف الأخبارا وأحمد قال لهم لا تكتبوا .. عني ولكن أصل ذاك فاطلبوا فاسمع إلى ما قاله الهداة الأربعة .. واعمل بها فإن فيها منفعة لقمعها لكل ذي تعصب .. والمفلحون يقتدون بالنبي