طهران (رويترز) - قبل عامين صدم الاصلاحيون باعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد لفترة ولاية ثانية وشككوا في نزاهة الانتخابات.. الان وبعد ان أمضي نصف ولايته الثانية والاخيرة اسكت احمدي نجاد المعارضة التي قمع تظاهراتها واخضع قادتها للاقامة الجبرية ولكنه لا يزال مهددا هذه المرة من خصومه من المتشددين. ويتهم منتقدون في البرلمان والمؤسستين القضائية والدينية الرئيس البالغ من العمر 54 عاما بسوء التصرف بداية من عدم احترام صارخ لافرع الحكومة الاخرى وسوء الادارة المالية الى الخضوع لتأثير طغمة "منحرفة" من المساعدين يقول البعص انهم يمارسون الشعوذة. ويقول محللون ان حقيقة انه لم يعد بوسعه الاعتماد على المساندة الكاملة للزعيم الاعلى اية الله علي خامنئي الذي ارغمه على العدول عن قراره باقالة وزير المخابرات في ابريل نيسان يعني ان احمدي نجاد يخاطر بان يصبح بطة عرجاء او ان يجبر على ترك منصبه. ويهدد بعض النواب بمساءلته امام البرلمان. لكن في مؤتمر صحفي في الاسبوع الماضي لم يبد احمدي نجاد استعدادا للرحيل عن منصبه او التخلي عن اجندته الشعبية المحرضة على الغرب ووعد بتنفيذ تعهده بتوفير 2.5 مليون فرصة عمل وتوقع مرة اخري القضاء على اسرائيل. وحين سئل عن الخلافات الداخلية اجاب "موقفنا في الوقت الحالي التزام الصمت. صمت الوحدة الملهمة." وحين سئل عن أنباء القاء القبض على مقربين من حاشيته قال "اعتقلوا هؤلاء الاشخاص. هنيئا لهم. الان ينبغي عليهم ان يدعونا نعمل." ومن مهام الرئيس الاساسية توجيه الاقتصاد ويقول احمدي نجاد انه احرز تقدما حيث تهاون سلفه كثيرا وخفض الدعم السنوي الذي كانت تتحمله الحكومة للحفاظ على رخص الاسعار بواقع 100 مليار دولار. وتضاعف سعر الخبز وارتفعت أسعار البنزين ست مرات عما كانت عليه قبل ستة اشهر فيما لم تصدق توقعات وقوع اعمال شغب مما اتاح لاحمدي نجاد اعلان انتصار ما اسماه "اكبر خطة اقتصادية في الاعوام الخمسين المنصرمة". وقالت فريدة فرحي خبيرة الشؤون الايرانية في جامعة هاواي "من المؤكد انه نجح في تطبيق سياسة عجز سابقوه عن تنفيذها سياسيا" في اشارة لاصلاح نظام الدعم الذي دعا اليه اقتصاديون غربيون في صندوق النقد والبنك الدولي منذ فترة طويلة. وقالت "خطر التضخم لايزال كبيرا." وتفيد بيانات البنك المركزي ان نسبة التضخم الرسمية ارتفعت باطراد خلال العام الماضي الى 14.2 بالمئة الشهر الماضي. وارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 25 في المئة. ولكن كثيرين من الايرانيين يشككون في الاحصاءات ويقولون ان نسبة التضخم الحقيقية أعلى بكثير. وقالت فرحي ان التضخم ليس مبعثا لقلق المستهلكين فحسب بل لقطاع الصناعة ايضا لاحتمال ارتفاع أسعار منتجاته. وتابعت "مبعث القلق الحقيقي هو اقتران ارتفاع نسبة التضخم بزيادة معدل البطالة لعدم قدرة اصحاب المصانع على التكيف مع الاسعار المرتفعة مما يقود لاغلاق مصانع والاستغناء عن عمالة." كما يسهم التضخم في الضغط على العملة المحلية وتكافح الحكومة لبقائه قريبا مع السعر المحدد له امام الدولار. وخفض البنك المركزي سعر الصرف الرسمي للدولار أكثر من عشرة بالمئة الاسبوع الماضي ليقترب اكثر من السعر الحقيقي الذي يشتري به الايرانيون العملة الامريكية التي يعتبرها كثيرون ملاذا امنا في اوقات حالة عدم وضوح الرؤية في المجال الاقتصادي. وزادت العقوبات الدولية الاكثر صرامة التي تهدف لارغام ايران على تقليص برنامجها النووي من الضغط على الاقتصاد. ولكن احمدي نجاد يستفيد من ارتفاع اسعار النفط عالميا مما يقي ايران الكثير من المعاناة الاقتصادية. وقال كريم ساجدبور المحلل بمعهد كارنيجي للسلام ان من الصعب تحديد اثار العقوبات الاقتصادية الصارمة طالما سعر النفط يتجاوز مئة دولار. وخلال سنواته الست كرئيس تغير الرؤساء ورؤساء الوزراء في واشنطن ولندن واسرائيل وروسيا واشتهر على الساحة العالمية بعداء مستفز للغرب. ويظهر القرار الصادر في الاسبوع الماضي بنقل عملية تخصيب اليورانيوم الحساسة لموقع تحت الارض وزيادة طاقة انتاج اليوانيوم الى ثلاث امثالها ان احمدي نجاد غير مستعد لتقديم تنازلات للدول التي تحاصره بالعقوبات. وتبقى الولاياتالمتحدة تهديدها المغلف بعمل عسكري لمنع ايران من تصنيع قنبلة. وقال احمدي نجاد في مؤتمره الصحفي انه ما من حافز يمكن ان تقدمه القوى الكبرى لاقناع ايران بوقف تخصيب اليورانيوم. ويجد دفاع ايران بشأن حقها في امتلاك جميع انواع التكنولوجيا النووية السلمية صدى لدى الناخبين القوميين ويتفق مع اراء خامنئي صاحب القول الفصل في القضايا الكبرى في البلاد. ويقول محللون ان من المرجح ان يتخذ احمدي نجاد موقفا أكثر تشددا خلال الفترة المتبقية من رئاسته. وقال ساجدبور "الوسيلة الوحيدة التي يحاول بها احمدي نجاد استعادة حظوته لدي رجال الدين المتشددين ان ينتقد الولاياتالمتحدة واسرائيل بقسوة أكبر. واعتقد ان احمدي نجاد سيكون على قدر الموقف. "اتوقع ان تتبنى ايران لهجة اكثر عداء من المعتاد تجاه اسرائيل خلال العام المقبل ومن المحتمل ان يستغل حزب الله لاثارة نزاع مع اسرائيل." وفي ظل الانتقادات المتزايدة من جانب خصومه من المتشددين الذين يتنافسون لتحسين موقفهم قبل الانتخابات البرلمانيةالتي تجري في اوائل العام المقبل وسباق الرئاسة في عام 2012 يشكك البعض في بقاء احمدي نجاد حتى نهاية ولايته. وقال ساجدبور الذي يتوقع استمرار احمدي نجاد "السيناريو المفضل لخامنئي وجود رئيس ضعيف تقع على عاتقه مسؤولية المشاكل الاقتصادية والسياسية." ولكن فرحي كانت اقل ثقة وتساءلت اذا كان يتوقع ان يبقي لنهاية ولايته "ربما يستمر او لا يستمر. يتوقف مصيره كرئيس عليه شخصيا وما اذا كان سيواصل تحدي مؤسسات اخرى. "سيتمكن على الارجح من البقاء كبطة عرجاء ولكن هذا لا يتفق مع شخصيته."