أعلن الدكتور أحمد الجبالي مستشار وزير المالية الجديد والمختص بشئون الصكوك، أن الوزارة ستقوم برحلة ترويجية في دول الخليج الأسبوع القادم للترويج للقانون المصري للصكوك. وأضاف خلال الندوة التي عقدتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الخميس، أنه بعد القيام بهذه الجولة سيتم عمل استراتيجية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل للمشروعات التي سيتم تمويلها بآلية الصكوك، وأن الوزارة تدرس تمويل 10 مشروعات حالياً للتمويل بهذه الآلية منها مشروعات في مجالات الطرق والنقل، والكهرباء، وبناء الصوامع، وعمل قيمة مضافة للرمال الزجاجية والسوداء، وغيرها من المجالات. ولفت ''الجبالي'' - في أول يوم عمل رسمي له - إلى أنه سيتم التأمين على الأصول الخاصة للمشروعات التي سيتم تمويلها، وأن الظروف الحالية مناسبة للاستثمار بهذه الآلية، وأن الوزارة لن تعلن عن طرح صكوك دون أن تضمن أن هناك من سيغطيها، وأن هناك من يقبل التحدي والاستثمار في ظل الأجواء الحالية، ولكل مخاطر ثمن. وكانت الندوة قد شملت أربعة ضيوف منهم اثنين مؤيدين لتطبيق الصكوك وهما الجبالي، والدكتور حسين حامد حسان عضو مجلس الشورى، واثنين معارضين، وهما الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل بكلية الاقتصاد بجامعة القاهرة، والدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادي. المؤيدون للصكوك ومن ناحيته، أوضح ''الجبالي'' أن كل دول العالم طبقت هذه الأداة، وأنها تختلف مع الأسهم في معايير كثيرة من الناحية المالية، وأن تكلفة رأس المال المرتبطة بالسهم تكون أعلى من تكلفة التمويل المتعلقة بالصك، منوهاً إلى أنه اطلع على 350 فرصة استثمارية في مصر تنتظر التطبيق خلال يومين فقط، مما يعني أن مصر بها الكثير من الفرص الجيدة التي تحتاج إلى تمويل. ونبه إلى أن التخوفات بشأن امتلاك الأجانب أصول الدولة من خلال الصكوك لا أساس لها من الصحة حيث أن قانون الصكوك يخضع لقانون تملك الأجانب في مصر، ونفس النسب التي كانت تطبق فيه سيتم الأخذ بها، لافتاً إلى أن حجم التمويل الإسلامي في مصر بلغ 1.3% من إجمالي التمويل الإسلامي على مستوى العالم والبالغ 1.6 تريليون دولار. وأشار ''الجبالي'' إلى أن صناعة التمويل الإسلامي هي الوحيدة التي تنمو نمواً تراكمياً بنسب تتراوح ما بين 20 و25% سنوياً منذ نشأتها في عام 1975، وحتى الآن، وأن تجربة الصكوك ترتبط بالبيئة التشريعية معلناً أنه مستعد لمقابلة أي شخص بمكتبه بالوزارة لتلقي أي اقتراحات بخصوص هذا الأمر للاستفادة منها. وقال إن كل الأدوات التمويلية سواء كانت صكوكاً أو غيرها هي سلاح ذو حدين، وأن على المصريين تحمل المسئولية وخوض التجربة لإحداث تنمية حقيقية، مضيفاً أن معدلات عدم الالتزام بسداد الصكوك على مستوى العام لم تتعد 1.1%، وأن حالات التخلف واردة ولكن تكون عبارة عن تأخير في السداد وليست إضاعة أموال المكتتبين. ومن ناحيته، قال الدكتور حسين حامد حسان، إن ما أثير من جدل حول الصكوك سببه عدم الوقوف على حقيقة هذه الأداة، موضحاً أن العالم كله الآن في حاجة إلى الأدوات التمويلية، ولم تقدم البنوك التقليدية سوى الإقراض بفائدة، لافتاً إلى أن التمويل الإسلامي لا يتسبب في حدوث تضخم لأنه من المفترض أن يكون حجم التمويل أقل من السلع والخدمات المنتجة وبالتالي لن يكون هناك تضخم نقدي. وذكر أن التمويل المشترك بين البنوك الإسلامية بدأ منذ عام 1978، وأنه عندما زادت الحاجة إلى تمويل المشروعات الكبرى بمبالغ ضخمة بدأت فكرة الصكوك في الظهور، وأنها لا تزيد عن شهادات بمبلغ التمويل المشارك به الممول، وأنها لا تختلف عن شهادات الاستثمار سوى في اهتمامها بتطبيق القواعد الإسلامية، حيث أن العلاقة بين الممول والمستثمر تقوم على المشاركة في الربح والخسارة. ونبه ''حسان'' إلى أن الموضوع ليس له صبغة دينية، وأن الصكوك التي شارك في إصدارها والمقدرة بنحو 140 مليار دولار 80% من البنوك التي شاركت في تغطيتها بنوك غير إسلامية مما يدل على مدى الفرص الاستثمارية التي تتيحها هذه الآلية، مشيراً إلى أن الاقتصاد الكلي بكل أدواته على مستوى العالم يبلغ نحو 600 تريليون دولار منها 60 تريليون دولار منها فقط اقتصاد حقيقي. وأوضح أن القانون الحالي للصكوك يحظر امتلاك الأصول القائمة المملوكة للدولة، كما أنه يمنع إصدار صكوك لسد عجز الموازنة، موضحاً أن ملكية مشروعات الصكوك ستؤول في النهاية إلى المستثمر بعد انتهاء مدة الصك وسدادها لأصحابها. المعارضون: الاعتراض على طريقة التطبيق وعلى الجانب الآخر، قال الدكتور صلاح جودة، إن المشكلة في الصكوك تبرز في كيفية استخدامها في ظل القانون الحالي، منوهاٌ إلى أن هذه التجربة تذكره بتجربة شركات توظيف الأموال في الثمانينات، والتي كانت تخضع أيضاً للضرائب، وبها رقابة شرعية، ودراسات الجدوى، ومع ذلك تم الإساءة في استخدام هذه الأموال، كما أن العقوبة في قانون الصكوك تتراوح ما بين 50 ألف جنيه و100 مليون جنيه، أو الحبس سنة، أو التصالح ودفع ضعفي الحد الأدنى، وكل هذه عقوبة لا ترقى للردع. وأضاف أن العقلية ''الفاشلة'' التي تدير شركات القطاع العام من الممكن أن يتم استخدامها في المشروعات التي سيتم تمويلها عن طريق الصكوك وبالتالي ستؤدي إلى فشل هذه المشروعات، مبدياً تخوفه من الطريقة التي سيتم بها اختيار أعضاء الهيئة الشرعية لإصدارات الصكوك، وأنه ليس لدى مصر بنية تحتية للإصدارات مثل الطريقة المحاسبية التي تختلف عن الطريقة في البنوك الإسلامية نفسها. ولفت ''جودة'' إلى أن هناك مجموعة من البدائل، منها أن مصر في حاجة إلى الإدارة الرشيدة لمواردها وهي المشكلة الأساسية بها، حيث يمكن تطوير الصادرات المصرية التي يكون أغلبها عبارة عن مواد خام مثل خام النفط والرمل الزجاجي والفوسفات وغيرها، عن طريق عمل قيمة مضافة لها مما يزيد الصادرات إلى الضعف. وشدد على ضرورة هيكلة الموازنة العامة وخاصة بند الأجور مع وجود 83 ألف مستشار في الجهاز الإداري للدولة يزيد سنهم عن 65 عاماً، ويكلفون الدولة مبالغ طائلة، مطالباً بوضع حد أقصى لكامل الأجر الذي يتحصل عليه أي موظف حكومي مهما كان منصبه، كما طالب بتقليص عدد السفارات المصرية بالخارج، وعمل آلية لإعادة المصانع المتوقفة عن العمل والتي تعدت 4600 مصنعاً، مشيراً إلى أنه لا يوجد خطة مستقبلية للحكومة لمدة 4 أيام، وأن العلم هو الحل. ومن ناحيته، قال الدكتور هشام إبراهيم، إن هناك فارق كبير ما بين ما يقوله الحزب الحاكم وبين ما يحدث على أرض الواقع، ولكنه شدد في الوقت نفسه على أهمية آلية الصكوك في الوقت الحالي في تمويل جانب الاستثمارات في الموازنة العامة للدولة، موضحاً أن هناك آليات تمويل أخرى لها عدة عيوب، ولكنه يخشى أن يكون تطبيق الصكوك سيضع إطار شرعي رسمي قانوني لمزيد من الاستباحة لممتلكات الدولة. وأبدى خشيته من أن يكون إصدار الصكوك مخصص لرجل أعمال بعينه أو لدولة بعينها خاصة أن هناك دولة وحيدة هي الحريصة على مساعدة مصر في الفترة الأخيرة وهي قطر، مبدياً عدم تفاؤله في النجاح في أي اكتتابات للمشروعات في ظل البيئة الاستثمارية والظروف الحالية خاصة وأن السياسة النقدية في الوقت الحالي قد تضطر إلى رفع الفائدة وهو ما لا يشجع على توجيه الأموال للاستثمار بدلاً من إيداعها في البنوك. وأشار ''إبراهيم'' إلى أن الوضع الحالي غير جاذب للاستثمارات الأجنبية في ظل مزيد من التخفيض الائتماني خاصة أنه كما قيل أن 80% من المكتتبين من البنوك الأجنبية، موضحاً أن السلطة التشريعية تدخل حالياً في صراعات مع جهات الدولة المختلفة بسبب هذه السياسة التشريعية الحالية، وعدم التنسيق مع الجهات المختصة والمعنية بالتشريعات التي تصدر. ولفت إلى أن حكومة هشام قنديل أسوء من حكومة الحزب الوطني من حيث الخروج بمشروعات القوانين، حيث كان الحزب الوطني يدرس المشروعات التي يقدمها رغم أنها تخرج على الناس بين يوم وليلة، بخلاف حكومة قنديل التي تقدم مشروعات القوانين دون دراستها وهو ما يسبب العديد من الاضطرابات، منوهاً إلى أن عجز الموازنة والدين العام وخدمته في تزايد مستمر منذ قيام الثورة وحتى الآن بدلاً من إيجاد علاج لهذه المشكلات الهامة.