رغم امتداها إلى آلاف السنين إلا أن صناعة الفخار في مصر والتي عكست طبيعة وذاكرة الكثير من الحضارات التي عرفتها مصر على مدار العصور، أصبحت تعاني شبح الانقراض. والفخار هو مواد تشكيلية وقطع فنية صغيرة مكونة من الطين، تعكس كغيرها من الفنون ثقافة وقيم الشعوب التي تحترف صناعتها. وتمتد صناعة الفخار في مصر إلى آلاف السنين قبل الميلاد أي عصر قدماء المصريين، حيث تروي كتب التاريخ أن أحد آلهة الفراعنة، والمعروف ب"إله الخلق"، كان جالسًا على عجلة من الفخار، وهو يخلق الإنسان. ورغم توالي الحضارات والغزوات على مصر، إلا أنها لم تؤثر بالسلب على صناعة الفخار بل على العكس أدت إلى تطويرها بشكل يعكس طبيعة تلك الحضارات، حيث تميزت صناعة الفخار في العصر الروماني (31ق. م- 395م) باستخدام العجينة الحمراء والزخارف السوداء البارزة. أما في العهد الفاطمي (969م -1171م) فقد تطورت الصناعة بشكل كبير، حيث كان هناك فخار من رسوم منقوشة تحت طلاء من لون واحد، ونوع آخر فيه الزخارف بالبريق المعدني. ولم تتوقف صناعة الفخار في العصور التالية حيث استمرت في عهد المماليك (1250م-1517م)، وما زالت مستمرة حتى الآن.
"الأناضول" التقت نادر محروس، أحد ممتهني صناعة الفخار، في منطقة مصر القديمة بوسط العاصمة القاهرة، والتي تعتبر من أكثر المناطق تصنيعًا للفخار في البلاد. محروس، وهو صاحب معرض ومصنع فخار، يقول: "ورثت هذه المهنة عن والدي وجدي عندما كانا يصنعان المنتجات الفخارية البسيطة مثل القلل التي توضع فيها مياه الشرب".