من أولى السيدات اللاتي اشتغلن بالصحافة، حملت على عاتقها قضية تحرير المرأة ومساواتها بالرجل، وتعرضت خلال رحلتها لحملات هجوم واسعة من ذوي المرجعيات الدينية والإسلامية، لأن تبقى قامة صحفية، وصاحبة الألقاب الأولى في بلاط ''صاحبة الجلالة''. الدكتورة أمينة السعيد، المولودة في (20 مايو 1910)، والدها هو الطبيب ''أحمد السعيد'' القادم من ''المنصورة'' للعمل بأسيوط، كان لديه ميول أوروبية و ربى ابنته على الحرية والانطلاق السائد لدى الغرب، وشجعها على العلم والقراءة وألحقها بالمدارس الأجنبية، ثم بمدرسة ''الحلمية للبنات'' بعد رجوعهم للقاهرة. في سن الخامسة عشر، تعرفت ''أمينة السعيد'' على الرائدة ''هدى شعراوي - مؤسسة الاتحاد النسائي''، فتبنتها ورأت فيها ''هدى هانم'' نموذجًا للفتاة القادرة على حمل مشعل تحرير المرأة من بعد رواد الحركة النسائية ''سيزا النبراوي ودرية شفيق وقاسم أمين ولطفي السيد''. أقنعتها ''هدى هانم'' بالالتحاق بالجامعة المصرية، وكانت ضمن أول دفعة للفتيات تلتحق بالجامعة عام 1931 ومعها ''نبوية موسى، سميرة موسى، درية شفيق''، والتحقت بقسم اللغة الإنجليزية ويكون عميد الكلية ''الدكتور طه حسين''، وتخرجت فيه عام 1935، وتزوجت عام 1937 بالدكتور ''عبد الله زين العابدين'' بعد خطبة دامت 6 سنوات، واستمر الزواج حتى وفاة زوجها، وحزنت عليه أيما حزن لدرجة توقفها عن الكتابة ثلاث سنوات. أثناء دراستها بالجامعة عملت بالصحافة تحت اسم مستعار، وانتقلت بين مجلات ''الأمل، كوكب الشرق، آخر ساعة، المصور''، وفي 1954 أصدر ''أمين زيدان'' مجلة ''حواء''، وكانت ''أمينة السعيد'' رئيسة التحرير، لتكون (أول رئيسة تحرير امرأة). وبعد رحيل الكاتب ''فكري أباظة'' عن رئاسة تحرير ''المصور''، تولت ''أمينة'' رئاسة تحريرها، ثم ترأست مجلس إدارة ''دار الهلال''، ووفقًا لقوانين الصحافة المصرية دخلت مجلس إدارة نقابة الصحفيين، وكانت (أول سيدة عضوة منتخبة في مجلس نقابة الصحفيين)، وفي 1959 كانت (أول سيدة تتولى منصب وكيل نقابة الصحفيين)، كما كانت عضوة بمجلس الشورى، وتولت منصب ''سكرتير عام الاتحاد النسائي'' الذي أنشأته ''هدى هانم شعراوي''. ''اسألوني'' .. كان الباب الثابت المخصص لها في صحيفة ''المصور''، وظل طوال 40 عامًا يتلقى أسئلة القراء لتجاوب عليه ''مدام أمينة''، ومن خلاله عرضت آرائها في المطالبة بحرية المرأة وتعديل قوانين الأحوال الشخصية، ومنح المرأة جميع حقوقها السياسية مساواة بالرجال، وأيضًا تقنين الطلاق ومنع تعدد الزوجات ومساواة المرأة بالرجل في الميراث، وهذا كله عرضها لهجوم كبير من ذوي المرجعية الدينية. وكانت أثناء رئاستها مجلة ''حواء'' قد هاجمت حجاب المرأة بجرأة، ومن أقوالها في عهد ''عبد الناصر'': ''كيف نخضع لفقهاء أربعة ولدوا في عصور الظلام ولدينا (الميثاق)؟!''، تقصد الكتاب الذي كتبه ''هيكل'' للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعنوان ''الميثاق'' والذي دعا فيه إلى الاشتراكية. من أشهر كتاباتها ''وجوه في الظلام، مشاهدات في الهند، من وحي العزلة، الهدف الكبير، آخر الطريق، رواية حواء ذات الوجوه الثلاثة''، كما عملت لفترة في الإذاعة المصرية. حظت ''أمينة'' بتكريم رؤساء مصر الثلاثة ''ناصر والسادات ومبارك''؛ حيث حصلت على أوسمة عديدة تكريمًا لمجهوداتها مثل ''وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى 1963، وسام الجمهورية 1970، وسام الثقافة و الآداب 1992''، وظلت على باب ''اسألوني'' حتى رحيلها في 13 أغسطس 1995. أخر كلمات ''أمينه السعيد'' المنشورة كان قبل وفاتها بأربعة أيام نشر فى مجلة ''المصور'' عن حال المرأة المصرية فقالت: ''أفنيت عمري كله من أجلها، أما الآن فقد هدني المرض، وتنازلت النساء عن كثير من حقوقهن، فالمرأة المصرية صارت ضعيفة، فلا خلاص للمرأة إلا بالنضال والأمل ''.