كليشي سو بوا (فرنسا) (رويترز) - بعد أن بنى حياة كالحلم في فرنسا وربى خمسة ابناء في منزل كبير باحدى الضواحي ضاق ليجيس سيرتيل وهو من هايتي ذرعا بانتشار الجريمة لهذا اتجه الى اليمين وأعطى صوته لنيكولا ساركوزي في انتخابات عام 2007 . بعد مرور أربع سنوات يشعر بالغضب بسبب انتشار السرقات وحوادث اطلاق الرصاص التي ينحي باللائمة فيها على المهاجرين العاطلين في بلدته كليشي سو بوا فانه غير متأكد من أنه سيدعم الرئيس حين يرشح نفسه لولاية ثانية في ابريل 2012 . في بلدة راينسي القريبة التي تغلب الطبقة المتوسطة على سكانها يشعر القصاب المتقاعد جان بيير دوبون (64 عاما) بالغضب الشديد لتقلص قدرته الشرائية لهذا يعتزم أن يترك بطاقة الاقتراع فارغة بعد أن صوت في المرة السابقة لساركوزي. في فرنسا قرر ملايين - ممن كانوا يدعمون ساركوزي المحافظ الصريح الذي تعهد بالابتعاد عن النخبوية والتركيز على توفير فرص عمل ومكافحة الجريمة - التخلي عنه في تحول قد يؤدي الى أول فوز لليسار منذ 24 عاما. وفشلت جهوده لتحسين معدلات التأييد المنخفضة له من خلال وضع سياسات صارمة تجاه المهاجرين والخطوات الدبلوماسية الاستعراضية في شمال افريقيا وتعهده بالزام الشركات بدفع نسبة من الارباح للموظفين مما يترك له وقتا ضئيلا وثمينا للبحث عن وسيلة لكسب تأييد من تخلوا عن دعمه. وقال ليجيس الذي يقع منزله المكون من طابقين في الجهة المقابلة لابراج سكنية تكتظ بالمهاجرين من شمال افريقيا في منطقة تعاني من البطالة الى حد أن أعمال شغب تفجرت هناك عام 2005 وانتشرت في مدن فرنسا "لم أتخذ قرارا بعد." وأضاف "لم ات الى فرنسا لاعيش مع سفاحين يتسكعون طوال اليوم. الجريمة ساءت والتجارة متعثرة منذ ستة اشهر. امام ساركوزي عام لاقناعي لكن بدايته غير موفقة." في مشروع الاسكان على الطريق يقول الكثير من المهاجرين العرب والافارقة انهم سيدعمون الحزب الاشتراكي المعارض بعد أن فشل ساركوزي في تنفيذ وعوده بتحسين أوضاعهم. وقال عامل يدعى محمد كفايتي (41 عاما) "ساركوزي وعدنا بحياة جيدة لكن هذا لم يحدث... الحياة هنا كالجحيم." ولا يوجد شعور بالتحول الايديولوجي الى اليسار في فرنسا على الرغم من اعتبار كثيرين أن الاشتراكي دومينيك ستروس كان مدير صندوق النقد الدولي مؤهل لقيادة البلاد. وألقي القبض على ستروس كان يوم الاحد ووجه له الاتهام باعتداء جنسي مزعوم ومحاولة اغتصاب خادمة في فندق بمدينة نيويورك. لكن خبراء في استطلاعات الرأي يقولون ان الناخبين من اصحاب الدخول المنخفضة والشبان العاطلين والاقليات كالمسلمين يتخلون جميعا عن ساركوزي وحزبه المنتمي ليمين الوسط حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية. من ناحية أخرى تزايد الدعم لحزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف اذ تستغل زعيمته مارين لوبان المخاوف بشأن تدفق المهاجرين من شمال افريقيا الذي تجتاحه الاضطرابات وانخفاض الدخول مما قد يعطيها الاصوات الكافية لهزيمة ساركوزي من الجولة الاولى في انتخابات عام 2012 . وقد يضمن هذا فوز الاشتراكيين في جولة الاعادة. ومن الافكار الجديدة التي ظهرت قبل عام من الانتخابات واستغلها وزير الشؤون الاوروبية لوران ووكياز هو الشعور بأن الاسر منخفضة الدخول ترفض المهاجرين الذين يعيشون على الاعانات الاجتماعية. ووصف ووكياز الاعانات شديدة السخاء والتي تمثل عبئا ايضا على الاقتصاد الفرنسي بأنها "سرطان" وقال انه يجب تقليصها. في لو رينسي الى الشمال من باريس تراجع الدعم لحزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية بنحو عشر نقاط مئوية في الانتخابات المحلية التي أجريت في الاونة الاخيرة بسبب الامتناع عن التصويت والتحول الى اليمين المتطرف من قبل الناخبين الشبان الغاضبين من تزايد نسبة البطالة بين الشبان. وقال ايريك راؤول رئيس بلدية لو رينسي وهو من حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية ومقرب من ساركوزي لانه قضى معه خدمته العسكرية "كانت توقعات الناس كبيرة جدا بحيث كان احباطهم شديدا." ويؤكد دوبون القصاب المتقاعد أنه ليس عنصريا لكنه سيصوت للجبهة الوطنية المناهضة للمهاجرين في اول جولة من انتخابات 2012 ثم يترك بطاقة الاقتراع فارغة في الجولة الثانية اذا خاضها ساركوزي امام مرشح يساري. وقال "كلنا خاب أملنا فيه. لم يزد معاش تقاعدي منذ ثلاث سنوات لكن أسعار كل شيء ارتفعت من كهرباء وطعام. البنزين زاد 33 في المئة في ستة اشهر."