أعرب الرئيس محمد مرسي، عن تطلعه لدعم روسيا لمصر خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورة 25 يناير، منوها بسعي مصر للانضمام إلي تجمع البريكس. جاء ذلك في حديث الرئيس مرسي، بمناسبة زيارته إلي روسيا التي تبدأ اليوم، والذي أدلي به إلي ميخائيل جوثمان نائب مدير عام وكالة الأنباء الروسية (إيتار تاس) والذي تبثه بشكل حصري كل من (إيتار تاس) وصحيفة (روسيسكايا جازيتا) والقناة الإخبارية الروسية (روسيا 24). وقال الرئيس مرسي ''نسعي إلي تطوير علاقات بناءة مع جميع الدول، ونعتبر روسيا صديقا قديما ووفيا، ونتطلع إلي أن تبقي كذلك وأن تدعم الشعب المصري في هذه المرحلة الانتقالية''، مشيرا إلي أن هذا سيكون بين الموضوعات التي سيبحثها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وأضاف مرسي ''نري أن روسيا تلعب دورا مهما في العالم، ومستعدون لاتخاذ خطوات حاسمة لتحسين العلاقات إلي أعلي مستوي لائق''.. مؤكدا أن أمام مصر وروسيا فرصة هائلة لتوسيع التعاون الثناني، بما في ذلك تنمية البنية التحتية في منطقة قناة السويس وسواحل البحر الأحمر. وأشاد بالخبرة الكبيرة والتقنيات الحديثة التي تمتلكها روسيا في مجالات الاتصالات وأنظمة المرافق والطاقة النظيفة، مضيفا ''أعتقد أن روسيا بإمكانها لعب دور نشط في تدريب الكوادر وإجراء الأبحاث في مجال هندسة الطاقة النووية لبناء محطات نووية ووحدات تحلية''. وشدد مرسي علي أن مصر تتطلع إلي تعزيز التجارة الثنائية مع روسيا وتطوير التعاون في المجال البحثي، بالإضافة إلي التبادل الثقافي والتعاون في مجالات التعليم والسياحة. ومن المتوقع أن يتم خلال اللقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مجمل نواحي العلاقات الروسية المصرية، بدءا من المشروعات الجديدة في المجال الاقتصادي ووصولا إلي مشاركة القاهرةوموسكو في التسوية في سوريا. وفيما يلي نص حديث الرئيس محمد مرسي :- - يصادف العام الحالي الذكري السبعين لقيام العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي ومصر، فما هي خطط سيادتكم بالنسبة لزيارة روسيا، وما الذي تمثله العلاقات الروسية المصرية بالنسبة لك؟ الرئيس مرسي: ''إن العلاقات الدبلوماسية المتينة بين مصر وروسيا تستند إلي تاريخ طويل يمتد علي مدار سبعين عاما من الهبوط والارتفاع، واليوم يريد الشعب المصري أن تكون علاقات مصر الجديدة منفتحة مع العالم أجم، وروسيا تلعب دور مهم جدا في العالم، ونحن من جانبنا علي أتم استعداد لاتخاذ كافة الخطوات الحاسمة من أجل الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلي أعلي مستوي ممكن، وكنت قد التقيت قبل أقل من شهر في دوربان مع الرئيس بوتين خلال قمة بريكس''. - علي حد علمي فقد استمر لقاء سيادتكم مع الزعيم الروسي لفترة أطول مرتين مما كان مخططا له في البداية، وعموما وعلي حد تأكيد الزملاء الذين حضروا هذا اللقاء فقد كان من الواضح أن لقائكم مع الرئيس بوتين قد شهد ما يمكن تسميته بالكيمياء الشخصية بينكما، فهل أفهم من ذلك أنكما بحثتما مستقبل تطوير العلاقات بيننا؟ نريد تطوير علاقات بناءة مع دول العالم الرئيس مرسي: ''لقد كان لقائي مع الرئيس بوتين رائعا، وقد شعرت أنه يتحدث بشكل صادق وجاد حول الاستعداد لتطوير العلاقات مع مصر، ونحن في مصر نريد أن نطور علاقات بناءة مع كافة دول العالم، وروسيا بالنسبة لنا هي صديق وفي قديم نسعي إلي الاحتفاظ بصداقته المتينة معنا، كما نتطلع إلي مساندته للشعب المصري في هذه المرحلة الانتقالية
من الديكتاتورية إلي المرحلة الجديدة في التاريخ المصري، وهذا بالتحديد سيكون محور حديثنا أثناء اللقاء القادم في موسكو.
- سيادة الرئيس، لقد شهد تاريخ العلاقات الطويل بين البلدين الكثير من المشروعات الكبري مثل السد العالي الذي شارك الاتحاد السوفيتي في تشييده أو مصنع الحديد والصلب في حلوان، وعلي حد فهمي يدور الحديث الأن بين البلدين حول إقامة تعاون في مجال الطاقة، فهل توجد مشروعات محددة تكتسب الأولية بالنسبة لكم في الوقت الراهن؟
الرئيس مرسي: ''في الماضي بذل الرئيس جمال عبدالناصر جهودا ضخمة لتعزيز العلاقات مع الاتحاد السوفيتي مما كان له ثمار ملموسة، واعتقد أن مشروع مجمع الحديد في حلوان كانت له أهمية متعاظمة حيث تم الاعتماد في تنفيذه علي الخبرة والتكنولوجيا والتصميمات الروسية، والآن نود العودة من جديد إلي ذات المشروع والعمل علي تحديثه، فمجمع حلوان هو صرح ضخم يمتلك إمكانيات عظيمة للتطوير ولكن بسبب سوء الإدارة اصطدم بالكثير من المشاكل، وأنا أود إعادة الحياة إلي هذا المشروع الطموح لكي يقف من جديد علي قدميه، كما أنني علي استعداد لمتابعة العمل فيه بنفسي خاصة وأنني أهتم به بصفتي متخصص في هذا المجال''. ''هناك الكثير من نقاط الالتقاء بينا وروسيا سواء علي صعيد التعاون الثنائي بما في ذلك في مجال تطوير البنية الأساسية لقناة السويس أو ساحل البحر الأحمر، فروسيا تتمتع بخبرات كبيرة وتكنولوجيا عالية في مجال الاتصالات والصيد والطاقة النظيفة، وأعتقد أن روسيا يمكنها لعب دور نشط في هذه المجالات خاصة في مجال إعداد الكوادر وإجراء الأبحاث العلمية في مجال الطاقة النووية من أجل تشييد المحطة النووية المصرية وما يتصل بها من منشئات في المجالات الأخري.
''وبالنسبة لمجال الصيد فروسيا لديها خبرة عريضة في هذا المجال حيث تمتلك أسطولا ضخما يجوب كافة البحار، ومصر تحتاج بشدة إلي هذه الخبرة خاصة وأنها تمتلك سواحل ممتدة وتطل علي البحار التي لا تتجمد، كما أننا نسعي إلي توسيع التبادل التجاري وتعزيز التعاون في مجال الأبحاث العلمية والاستعانة بالتكنولوجيا الروسية، كما نهتم بالتبادل الثقافي والتعاون في مجال التعليم والسياحة، خاصة هذا المجال الأخير حيث تستقبل مصر أكثر من 3 ملايين سائح روسي ونرغب في مضاعفة هذا العدد''.
مصر تمتلك الكثير من الأجنحة
- يتضمن الشعارالرسمي المصري نسر بجناحين، أعتقد أن أحدهما هو الجناح الأفريقي والثاني هو الجناح الشرق أوسطي، فمصر هي واحدة من أهم دول المنطقة وصوت وتأثير مصر لهما أهمية كبيرة بالنسبة لجامعة الدول العربية ومنظمة الاتحاد الأفريقي، وفي هذا الصدد تمتلك مصر وضع خاص جدا؟
الرئيس مرسي: ''تمتلك مصر الكثير من الأجنحة، فهناك جناح أفريقي وآخر شرق أوسطي وجناح إسلامي، وهناك جناح يرفرف شمالا تجاه البحر المتوسط وتجاه أوروبا وروسيا، فنحن نسعي إلي بث روح جديدة في كافة هذه الاتجاهات ونسعي بشكل ثابت نحو المزيد من تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية خاصة دول حوض النيل التي نرتبط معها بعلاقات تاريخية، وبالنسبة لشمال أفريقيا فهناك في المقام الأول كل من ليبيا تونس دول الربيع العربي - إلي جانب كل من الجزائر والمغرب بطبيعة الحال''. ''وعلي صعيد الشرق الأوسط ينبغي علينا الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع كافة دول الخليج العربي من أجل الحفاظ علي الاستقرار في المنطقة، ونهتم بشكل خاص بالقضية الفلسطينية واحترام حقوق الفلسطينيين حيث أنه بدون ذلك لن يكون هناك استقرار في المنطقة، وبطبيعة الحال نحن نهتم بالوضع في سوريا حيث سيعد من أهم الموضوعات التي سأبحثها مع الرئيس الروسي استمرارا للمشاورات السابقة بيننا، والحقيقة أن الوضع في سوريا يحتاج إلي تعاون عملييحيث نعتقد أن روسيا تلعب واحدا من أهم الأدوار في هذا الموضوع بالذات، وأقصد هنا الموقف المتوازن الذي تتمسك به القيادة الروسية من أجل عدم السماح بالانقسام في هذا البلد''.
نسعي إلي الانضمام لمجموعة بريكس
''يجب أن أشير أيضا إلي العلاقات التاريخية المتينة مع دول الاتحاد الأوروبي التي قمت بزيارة عدد منها بعد تولي منصب الرئيس، كما نسعي إلي تدعيم علاقاتنا مع كل من الهند والصين واليابان وغيرهم من الدول في الغرب والولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية خاصة البرازيل، وهنا أود الإشارة إلي الدور المهم الذي تلعبه مجموعة بريكس التي أود أن تنضم مصر إليها لتصبح مجموعة إيبريكس، ولكن في نفس الوقت أود التأكيد علي أننا لا نسعي إلي بناء وتدعيم علاقاتنا مع أي من الدول علي حساب مصالح دول أخري، ففي المرحلة الحالية لدينا الكثير من المشاكل ونحتاج إلي الأصدقاء حيث ننطلق في هذا الموضوع من أن الصداقة يجب أن تبني علي أساس التفاهم المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخري.
- أود التوقف قليلا عند المشكلة السورية، فخلال القمة الإسلامية الأخيرة طرحت سيادتكم مبادرة لتولي مجموعة رباعية إسلامية الوساطة للتسوية في هذا البلد بحيث تضم كلا من مصر وتركيا وإيران والمملكة العربية السعودية، فإلي أي مدي يبدو تأثير وفعالية دور هذه المجموعة وما هي أفاق التسوية في سوريا حسب تصوركم؟
الرئيس مرسي: ''إن فكرة تشكيل المجموعة الرباعية للوساطة في سوريا التي طرحتها خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي في مكة كانت تعكس رغبة دول المنطقة في التسوية لهذه الأزمة، إلا أنه بدا أن هذا الموضوع لا يمكن حله بدون مشاركة الدول الأخري ذات الثقل مثل روسيا والصين والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، ومن ناحية أخري دول عربية مثل قطر، ونحن من جانبنا نسعي إلي تحقيق تضافر جهود العالم العربي مع المجتمع الدولي بهدف حل هذه الأزمة، وكانت هذه المبادرة قد طرأ عليها المزيد من التطوير خلال القمة الإسلامية في القاهرة يوم السابع من فبراير حيث التقيت مع الرئيسين التركي عبدالله جول والإيراني أحمدي نجاد اتفقنا علي توسيع المجموعة الرباعية لتصبح مجموعة الثمانية بحيث تضم أيضا نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية وإحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي والأخضر الإبراهيمي مبعوث الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية وممثلين عن المعارضة والسلطة في سوريا.
''وأعتقد أن هذا التجمع يمكنه التعاون مع بقية الآليات المعنية إذا توفر عدد من الشروط المهمة بما في ذلك الوقف الفوري لإطلاق النار واستعداد المعارضة والسلطة علي قدم المساواة لقبول مقترحات التسوية التي تتوصل إليها المجموعة، وكنت قد استقبلت قبل أيام الأخضر الإبراهيمي قبل أن يقدم تقريره حول الوضع في سوريا إلي الأممالمتحدة وأظهر اللقاء الاتفاق التام في وجهات نظرنا، ولكن يتطلب الأمر التحرك بسرعة حيث أن كل يوم يمر يعني إراقة المزيد من الدماء، فهذا النزاع لن يشهد منتصرا أو مهزوما بل الجميع سيخسرون وفي مقدمتهم الشعب السوري، كما أن هذا النزاع يضر ليس فقط الشعب السوري بل الجميع في المنطقة بما في ذلك مصر ودول الخليج وحتي روسيا والمجتمع الدولي بأسره.
لا سلام بدون دولة فلسطينية كاملة العناصر - لقد تمكنتم من تحقيق التقارب في المواقف بين كل من خالد مشعل زعيم حماس ومحمود عباس زعيم فتح فما هي رؤيتكم للخطوات التالية علي طريق التسوية في الشرق الأوسط؟
الرئيس مرسي: ''يجب أن يدرك الجميع في الشرق الأوسط أنه لن يكون هناك منتصر وأنه لا يمكن أن تحقق أية دولة السلام علي حساب دولة أخري، ونحن نعتقد أن المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح ومع بقية الفصائل الفلسطينية في غزة هو أمر مهم للغاية، ونحن سعينا لتحقيق المصالحة حتي يعيش الفلسطينيون ككيان واحد وحتي تتوحد مواقفهم، ففي الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي تم التوصل لاتفاق مع إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار لدرء تعرض غزة لعدوان جديد حيث تدخلت بنفسي وبمساندة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما للوصول إلي هذه النتيجة، كما أننا نبذل الجهود للحفاظ علي استمرار هذا الاتفاق ولا أري أي مبرر للاخلال به في الوقت الراهن''.
''نحن بطبيعة الحال نسعي لتحقيق الاستقرار في المنطقة وما تم نعتبره مجرد مرحلة في المسيرة الكبري، إن كان ذلك لا يكفي حيث نعتقد أن المهم في هذه العملية هو أن يستعيد الفلسطينيون حقوهم الكاملة، ونحن من جانبنا لا نتخذ القرارت بدلا منهم وكل ما في وسعنا هو مساندة مواقفهم علي أساس مبدأ العدالة، لسنا نحن بل هم من اتخذ قرار العمل علي بناء دولتهم الكاملة بما في ذلك مؤسسات الدولة الفاعلة بما في ذلك تشكيل الجيش والبنك المركزي والحدود الوطنية وامتلاك موانيء جوية وبحرية لكي يعيش الشعب الفلسطيني داخل دولة كاملة المعايير''.
''فإن لم يتحقق ذلك فلن يكون هناك سلام حقيقي مثلما هي الحال بعد معاهدة السلام المبرمة في عام 1979 والتي حققت السلام لنا بسبب أن الشعب بأكمله ينعم به، فلا يمكن علي سبيل المثال عزل غزة والحديث عن سلام عادل، لا يمكن إغلاق الحدود داخل القطاع وتجاهل كيف يعيش أكثر من مليون ونصف المليون نسمة بداخله، لذلك أمرت بفتح المعابر الحدودية مع غزة حتي يتمكن الفلسطينيون هناك من الحصول علي المواد الغذائية والأدوية وحتي تتمكن الأسر والطلاب من التحرك بحرية وتتمكن المنظمات الإنسانية من العمل، هذه أمور مهمة جدا لتحقيق الاستقرار الحقيقي خاصة وأن الفلسطينيين قد أظهروا رغبة حقيقية لبناء دولتهم وتجاوب المجتمع الدولي مع هذه الرغبة، لا يمكن أن نستمر علي مدار عشرين عاما من قول شيء والبقاء في نفس المكان خاصة وأن إسرائيل تواصل نشاطها الاستيطاني متجاهلة لموقف المجتمع الدولي، فيجب أن ندرك أنه لن يتحقق سلام لدولة واحدة فقط وأنه ينبغي مساندة الفلسطينيين حتي يستعيدوا حقوقهم المشروعة، فمواقف المجتمع الدولي تتفق في هذا المجال''.
المرحلة الانتقالية لن تسمر طويلا
- بعد ثورة 25 يناير في مصر تسلطت أنظار المجتمع الدولي بدون مبالغة تجاه بلادكم وتجاه ما يجري بها من أحداث فكيف تقيم أنت نفسك الوضع في مصر؟. الرئيس مرسي: ''مصر لها مستقبل واعد، نحن نسير في اتجاه النهضة والتنمية الحقيقية والعدالة الاجتماعية، نعمل علي بناء المجتمع الذي ينعم فيه المصريون بحقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية كل المصريين - نساء ورجال وشباب وشيوخ ومسلمون ومسيحيون جميعهم أبناء هذا الوطن، ينتظرنا مستقبل باهر وإن كنا نمر في الوقت الراهن بمرحلة انتقالية من عهد الديكتاتورية حيث كان الجميع لا يتمتعون بحرياتهم وحقوقهم ولم تكن هناك ديمقراطية حقيقية ولم يكن الناس ينتخبون قادتهم وحيث الدولة غارقة في فساد لم يشهد التاريخ له مثيل من قبل، واليوم نحن نستشرف مرحلة جديدة من التطور الذي يقوم علي أساس الاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة والابتكارات العلمية والعدالة الاجتماعية ومؤسسات السلطة المستقرة والمستقلة وشرعية الإجماع، نحن بصدد بناء دولة القانون حيث يحترم القانون وحيث تنبع الشرعية من الإرادة الشعبية، وهو ما يعني بدوره تغييرات ضخمة ومواجهة الكثير من التحديات، إلي جانب ما نواجهه من صدام مع القوي الداخلية والخارجية التي لا ترغب في أن يتحقق هذا التغيير في مصر''.
''لم يمر علي الثورة في مصر سوي عامان وحتي تتقدم السفينة التي تحمل اسم الدولة يتطلب الأمر وقتا، من الطبيعي أن نصطدم بالمشاكل ومن الطبيعي أن نعمل علي حلها ولكن في نهاية الأمر سوف يحدث الانفراج، وأنا علي ثقة من أن المرحلة الانتقالية لن تستمر لفترة طويلة''.
- الوضع بالنسبة للاقتصاد المصري يوصف بأنه قريب من الأزمة أو في مرحلة ما قبل الأزمة، والناس تستشعر وطأة ذلك فهل توجد خطة للنهضة في مصر؟
الرئيس مرسي: ''إن الخبراء يختلفون في تقديراتهم لحقيقة الوضع الاقتصادي في مصر لذلك فهم يخطئون في استخلاص النتائج حيث لا يستندون إلي الأرقام والإحصائيات والمعلومات الكافية، فالاقتصاد المصري في مجمله جيد ولكن عند الخوض في التفاصيل تبرز المشاكل بسبب البيروقراطية وعدم استكمال أعمال الحكومة، وكما هو معروف فحتي إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر تم استنزاف جانب كبير من احتياطي النقد الأجنبي في مصر حيث وجه نحو تغطية الدعم الاقتصادي، وفي مرحلة ما بعد الثورة تراجعت معدلات الإنتاج بشكل كبير للغاية وهو أمر طبيعي في مثل هذه الظروف علما بأن عدد العاملين في القطاع الخاص في مصر يصل إلي 17 مليون نسمة إلي جانب 6 ملايين يعملون في القطاع الحكومي، ويجب أن نلاحظ هنا أن الأسعار لم ترتفع بشكل خطير كما أن التضخم لم يصل لمعدلات مخيفة''.
''ونحن لدينا خطط للتنمية الزراعية واستصلاح المزيد من الأراضي إلي جانب الأبحاث العلمية والمشروعات الكبري بالتعاون مع المستثمرين الأجانب بما في ذلك في مجال تطوير البنية الأساسية في قناة السويس، وفي مجال النقل نخطط لتنفيذ مشروع طموح لمد خط سكك حديدية من الإسكندرية إلي أسوان ومنها إلي السودان وبقية الدول الأفريقية حتي كيب تاون، حيث يجري في الوقت الراهن دراسة الجدوي الاقتصادية لهذا المشروع علاوة علي مشروعات أخري مع ليبيا في مجال التنمية الزراعية، ويبقي المهم بالنسبة لنا هو السماح لأكبر عدد ممكن من مؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في هذه المشروعات، وتحاول الحكومة المصرية في الوقت الراهن بالتعاون مع الشركاء الخارجيين بما في ذلك مع روسيا العثور علي حلول لهذه المشاكل، فنحن علي هذا السبيل نقدر بشكل كبير أراء ونصائح ومساعدات الأصدقاء، وأتمني أن يكن ذلك من الموضوعات المهمة التي سأبحثها مع الرئيس بوتين في سوتشي''.
لا يعجبني استخدام لفظ ''اقلية علي المسيحيين في مصر
- عاش في ربوع مصر علي مدار العصور المختلفة أتباع مختلف الديانات والمذاهب حيث ظلت مصر علي مدار القرون الكثيرة وطنا ليس فقط للمسلمين بل والمسيحين خاصة الأقباط، فما الذي تقوم به بنفسك لكي يستمر التعايش السلمي والتعددية المذهبية في مصر وبحيث يستطيع الجميع الشعور بأنهم يعيشون في وطنهم؟
الرئيس مرسي: ''لا أعتقد أن المجتمع المصري يعاني من مثل هذه المشكلة فالمسلمون والمسيحيون عاشوا جنبا إلي جنب في سلام ومحبة علي مدار 1400 عام وكانوا يجتمعون حول تراث تاريخي مشترك وعادات ثقافية واجتماعية واحدة، أنا لا يعجبني استخدام لفظ ''أقلية'' عندما يدور الحديث عن المسيحين في مصر، فهم هنا في وطنهم، قد يكونون أقل في العدد ولكنهم يمتلكون ذات الحقوق للعيش في هذا البلد شأن المسلمين، وفي بعض الأحيان قد تظهر مشاكل يومية عادية بين الجيران، ولكن يجب أن نلاحظ أن هذه المشاكل قد تقع بين أتباع الديانة الواحدة، ولكن للأسف أنه عندما تقع هذه المشاكل العادية بين المسلمين والمسيحين يحاول البعض إشعال الموقف بما في ذلك وسائل الإعلام التي تظهرالأمر وكأنه نزاع طائفي، نحن جميعا سواسية أمام القانون سواء مسلمين أو مسيحيين، ولأول مرة في التشريع المصري تظهر مادة خاصة بالمسيحيين واليهود وغير المسلمين في مصر، فعلي الرغم من أن المادة الثانية من الدستور المصري قد نصت علي أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع إلا أن المادة الثالثة قد نصت أيضا علي أنه من حق أتباع الأديان الأخري الاحتكام في شئونهم الداخلية لشرائعهم بما في ذلك في مجال الزواج والطلاق والمواريث وانتخاب رجال الدين''.
''نحن في مصر لا نعاني من خلافات مذهبية بل نعاني من خلافات ربما اجتماعية، أنا أتمسك بهذا الموقف والمباديء وما يمليه القانون وأؤكد لكم أنه لا أساس مطلقا لهذه المخاوف، فأنا كرجل مسلم سني أنطلق مما ذكره القرآن من أنه إن لم يتم ضمان الحقوق الكاملة لغير المسلمين فإن ذلك يتنافي مع القواعد الإسلامية، بل أن الدستور المصري قد ذكر بشكل صريح أنه ليس فقط المصريون بل والأجانب أيضا يتمتعون بحقوق وحريات متساوية علي أرض مصر، وأنا شخصيا أحرص علي التعاون والاتصال الدائم مع الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية في مصر، لا يوجد أي نوع من التمييز في مصر فنحن نضمن حرية التعبير عن الرأي وممارسة الشعائر الدينية وعندما تظهر أية مشاكل نسارع علي الفور في حلها وأتدخل بشكل فوري في هذا الأمر''. مصر دولة آمنة بالنسبة للسياح
- أود التطرق إلي مسألة مهمة جدا علي الأقل بالنسبة للروس، فنحن علي أعتاب العطلات الصيفية، والمنتجعات المصرية بالنسبة لمئات الآلاف من الروس لها أهمية كبيرة جدا، ولي هنا سؤالان رئيسيان الأول هو إلي أي مدي يمكن للروس الشعور بالهدوء والأمن في المنتجعات المصرية؟ والثاني بالنسبة لما تبذله من جهود أنت والحكومة المصرية لتعزيز القطاع السياحي؟
الرئيس مرسي: ''مصر دولة آمنة بالنسبة للسياح الروس والسياح من كافة أنحاء العالم، ونحن نبذل جهودا ضخمة في مجال الأمن وحماية المناطق السياحية، وأنت شخصيا تجولت في القاهرة ولمست بنفسك أنه لا يوجد أحد يمثل مصدر تهديد، نعم قد تكون هناك حوادث منفردة مثلما يحدث في أي مكان في العالم، وعلي الرغم من أن الحوادث نادرة إلا أن الضوء يتسلط عليها بشكل كبير علي الرغم من أن الأمن والاستقرار يعم كافة أنحاء مصر ومزاراتها في الأقصروأسوان وسيناء والبحر الأحمر وإذا ألقينا نظرة علي الإحصائيات في العالم فسوف نكتشف أن مصر لا تختلف عن معظم دول العالم بل قد تكون أكثر أمنا وأمنا من الكثير من الدول لو وضعنا في الاعتبار بعض المعايير، وعندما يقع أي حادث فنحن نتحرك بسرعة لاحتوائه وتقديم المساعدات التي تضمن تحرك السياح بشكل حر وآمن في كل مكان من القاهرة إلي أسوان، ونحن نؤكد دعوتنا للأصدقاء الروس للاستجمام في مصر''. - أود أن تتحدث قليلا عن نفسك، فربما منذ توليك منصب الرئاسة في مصر تغير نمط حياتك بالكامل، فبعد أن قضيت جانب كبير من حياتك كرجل علم ومهندس محترف بعيدا عن السياسة، وأنت الآن تعيش في قصر الرئاسة حيث 300 غرفة، كيف تتعايش مع هذا المنصب؟ كيف تعثر علي الوقت للحديث مع الأسرة، وأين تقضي وقت راحتك، فكما عرفت من الموظفين هنا فأنت تعمل 24 ساعة في اليوم، هل يعجبك هذا المنصب ؟ الرئيس مرسي: ''يجب أن أقوم بمهام المنصب والواجبات التي تتصل بثقة المواطن بي، ونحن الآن نمر بمرحلة صعبة ونصطدم بمشاكل كثيرة ولكن أؤكد لك أن الثورة السلمية في مصر سوف تعزز جذورها في التاريخ، وكل مواطن في هذا البلد له إسهام في أن يصبح هذا البلد أكثر استقرارا وتحضرا''. ''أنا أقوم بدوري شأني شأن كل مصري، وأتحمل مسئولية خاصة في قيادة هذا الوطن للخروج من المرحلة الانتقالية بأقل دماء وعدم اللجوء إلي الإجراءات الاستثنائية وهو ما يتطلب فهم عميق لجذور المشاكل وسبل حلها.. لذلك ليس أمامي من سبيل آخر سوي التصدي للتحديات بصفتي الرجل الأول في الدولة أي رئيس الدولة المنتخب بشكل حر وديمقراطي لأول مرة في تاريخ هذا البلد''.
لدينا حكومة وعلماء لم تستفد الدولة منهم في السابق ''نحن لدينا حكومة وخبراء وعلماء لم تكن الدولة تستفيد منهم بالشكل اللائق في السابق، وهذه المسئولية تأتي علي حساب الحياة الشخصية ولا تترك لي أي وقت للراحة، وعلي الرغم من أنني أبذل جهودا كبيرة في مجال الاستقرار والأمن إلا أنه ينبغي إدراك أن شخصا واحدا لا يمكنه تحقيق كل شيء لذلك ألجأ إلي مشورة الخبراء والمستشارين والخبرات الأجنبية الإيجابية''. - لقد تحدثت عن الواجب الوطني الذي اجتذبك إلي السياسة، كما أشرت إلي أن العمل يومي وثقيل وصعب، فهل تأمل أن يسلك أبناؤك في المستقبل ذات الطريق، أم ستقول لهم كفاية سياسة وعليكم الاشتغال بأعمال أخري ؟ الرئيس مرسي: ''أولادي الآن كبار ولهم مطلق الحرية في مزاولة ما يريدون وحرية الاختيار، وأن يكونوا مثل الجميع سواء المحامين أو المهندسين أو الأطباء أو المحاسبين أو الطلاب، عليهم أن ينصهروا في هذا المجتمع، وأنا أريد إذا قرر القدر أن يشغل أي من أبنائي أي منصب مسئول أن يتولاه بجدية ويتحمل المسئولية ويخدم مصر، وخدمة الوطن لا تقتصر علي السياسة فقط بل هناك الكثير من المجالات التي يمكن من خلالها خدمة هذا الوطن، أريدهم أن يكونوا في الصفوف الأولي للشعب المصري كأناس تعمل وتكدح وأن يدركوا ويدرك الجميع أنه لم يعد في مصر أي مفهوم أو قيمة لابن رئيس الدولة، نحن لدينا دستور ولدينا انتخابات حرة والشعب وحده هو من يقيم أداء رئيس الدولة خاصة عندما يمنع الحديث عن أبنائه، وأنا شخصيا لن أسمح بذلك، أنا أسعي لسيادة القانون والدستور وتحقيق الاستقرار، أؤكد أنه لم يعد هناك مجال للتعويل علي فرد واحد في مصر بل أن كافة مؤسسات الدولة تعمل وتتفاعل معا، ورئيس الدولة ينبغي أن يضحي ويقدم حياته لهذا الشعب الذي رفعه إلي أرفع منصب في الدولة''