منذ أكثر من نصف قرن مضت، كانت تلك الطائفة من أنشط طوائف اليهود على مستوى العالم، تمتعوا بالمعيشة في ''القاهرة - عاصمة العالم''، يمارسون أعمالهم التجارية ولهم نفوذهم السياسي، ولكن بعد قيام دولة إسرائيل ومع نشوب حرب فلسطين وما تبعها من حروب بينها وبين العرب، أخذت تلك الطائفة في الرحيل و التهجير، ولم يتبقى منها سوى ذكريات في معابد منتشرة بالقاهرة، وبعض الأفراد من اليهود المصريين رفضوا مغادرة مصر، وحافظوا على هويتهم المصرية رغم هجرة معظم أهاليهم حول العالم. ومنذ أيام، توفيت ''كارمن وينشتاين'' رئيسة الطائفة اليهودية المصرية السابقة، وابنة السياسي الراحل ''شحاتة هارون'' عن عمر يناهز الثانية والثمانين، توفيت بمعبد ''مائير عينايم'' بالمعادي نتيجة تعرضها لانخفاض حاد في ضغط الدم، وأعلن عن قيام اختها ''ماجدة هارون'' - المقيمة بمدينة جينيف السويسرية - مؤقتاً برئاسة الطائفة القاهرية المكونة من بضعة أفراد، والمستقلة عن تلك المقيمة بالإسكندرية، وذلك حتى يتم انتخاب رئيس جديد للطائفة التي ترأسها عائلة ''وينشتاين'' لأكثر من 60 عاما. مراسم جنازة ''كارمن'' والصلاة عليها استدعى إحضار ''حاخام'' من الخارج لاستكمال النصاب اللازم لإقامة الصلاة، الحاخام هو ''مارك الفاسي'' الفرنسي ذو الاصول المغربية، وستقام مراسم الصلوات عليها في معبد ''بوابات السماء'' بشارع عدلي بالقاهرة، وهو أكبر المعابد اليهودية في مصر، وأكثرها شهرة و حضورا من الجاليات الأجنبية وإقامة الشاعئر الدينية فيه، وستدفن في مقابر اليهود بالبساتين حسب وصيتها. ''كارمن'' ذات الاصول الأوروبية، والدها السياسي والبرلماني المصري الراحل ''شحاتة هارون'' اليهودي السفردي، والذي استقرت عائلته في صعيد مصر، و امها اشكينازية اوروبية، درست ''كارمن'' الأداب وعاشت في مصر رافضة الهجرة منها، وورثت رئاسة طائفة القاهرة لوقت طويل، وفي فترة رئاستها عملت على زيادة نشاط الطائفة واتصالها باليهود المصريين في جميع أنحاء العالم. صداقة قوية ربطتها بالسفيرة الأمريكية ''آن باتريسون'' وزوجها ''دافيد باتريسون''، وكان آخر لقاء جمعهما أثناء الاحتفال بعيد الفصح اليهودي - ذكرى خروج نبي الله موسى وبني إسرائيل من مصر ونجاتهم من فرعون- والتقطت صور لهم أثناء شرب نخب الاحتفال بالعيد في معبد ''شعار هاشمايم'' المعروف ب''معبد عدلي''. وعلى الرغم من يهودية الديانة، إلا أن ''كارمن'' رفضت التمويل الإسرائيلي لترميم وتجديد المنشآت اليهودية بالقاهرة والمحافظات، واقتصر التواصل فقط على الوفود اليهودية القادمة من إسرائيل وجميع أنحاء العالم للاحتفال بأعياد الرموز الدينية اليهودية، وأيضا للسياحة بالتنسيق مع الجهات الأمنية المصرية، و في أواخر أيامها كانت تعرضت لحكم كاد أن يودي بها إلى السجن بعد بيعها لعقار مملوك للطائفة اليهودية لرجل أعمال مصري، وحكم بملكية العقار لصالحه بعد عام من التقاضي.