مع اشتداد الانتقادات التي تتعرض لها القوى الإسلامية في مصر عامة وجماعة الإخوان المسلمين الحاكمة والتي ينتمي لها الرئيس محمد مرسي خاصة، دخلت تلك القوى ساحة الصراع في مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر لمهاجمة المعارضين ولتوضيح مواقفها. وفي ظل تصاعد حدة الاستقطاب السياسي الذي تشهده البلاد انتقل الصراع بين الطرفين من الشارع ومن وسائل الإعلام التقليدية مثل محطات الإذاعة والتلفزيون والصحف إلى شبكات التواصل الاجتماعي. صفحات إخوانية تشهد مصر أزمة سياسية حادة منذ إصدار مرسي إعلانا دستوريا في نوفمبر الماضي وما تلى ذلك من وقوع أعمال عنف في عدة مناطق في البلاد أسفرت عن سقوط عشرات القتلى ومئات المصابين. على ساحة موقع فيسبوك، أُنشئت الكثير من الصفحات التي تؤيد القوى الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب الحرية والعدالة مثل صفحة ''انت عيل اخونجي''، ''شبكة نبض الإخوان'' ،''صقور الإصلاح'' و '' التراس الحرية والعدالة''. وفي ذلك، يقول علاء عبد السلام وهو مهندس عرف نفسه بأنه ناشط إسلامي معتدل، إن استغلال مواقع التواصل الاجتماعي من قبل القوى الإسلامية يهدف إلى ''إبراز رؤية المعارضة المنعدمة للأمور لإضعافها'' على حدّ تعبيره . ويضيف ''استطاعت القوى الإسلامية عن طريق إنشاء عدد كبير جدًا من الصفحات على فيسبوك بمسميات مختلفة توصيل أفكارها والتأثير على بعض مستخدمي هذا الموقع''. إعلام بديل لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورًا بارزًا في الحشد للثورة التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك في أوائل عام 2011 ومنذ ذلك الحين يعد العالم الافتراضي واحدًا من أهم المؤشرات لقراءة المناخ السياسي فى البلاد نظرًا لاستخدام الكثير من المصريين لموقعي فيسبوك وتويتر بشكل متزايد. ويلاحظ وجود اختلاف بين خطاب القوى الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين على صفحات المواقع التواصل الاجتماعي عنه في وسائل الإعلام التقليدية أو حتى في الفعاليات الجماهيرية. ويرى محمد عاطف وهو مترجم مؤيد للتيار الإسلامي أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت بمثابة إعلام بديل بعد انعدام ثقة الكثيرين في الإعلام التقليدي، وكذلك عدم اتاحة فرص متكافئة للقوى الإسلامية على شاشات الفضائيات للتوضيح والرد على الشبهات حول أفكارها وآرائها، بحسب قوله. وأضاف ''استغلت القوى الإسلامية كغيرها من الطوائف هذه المواقع لنشر آرائها السياسية ومحاولة تصحيح ما ينشر عنها ومعالجة الانتقادات الموجهة ضدها من قوى المعارضة.'' وتابع ''أعتقد برأيي أن مشاركات القوى الإسلامية بمواقع التواصل الاجتماعي تؤتي ثمارها.'' لجان إلكترونية في المقابل، يتهم المعارضون والنشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي الإخوان المسلمين بتشكيل ما يطلقون عليها ''لجانًا إلكترونية'' لتشويه المعارضة والرد على الاتهامات الموجهة ضد السلطة الحاكمة فيما يشبه اللجان الإلكترونية التي كانت تتبع الحزب الوطني المنحل إبان عهد مبارك، على حد قولهم. في حديث لإذاعة هولندا العالمية، قال ناشط في مواقع التواصل الاجتماعي طلب عدم ذكر اسمه: ''تستند المعارضة في زعمها هذا إلى تشابة العديد من المشاركات لأشخاص يظن أنهم منتمون للتيار الإسلامي.'' ونقلت صحيفة ''الوطن'' المصرية المستقلة عن عبدالجليل الشرنوبى رئيس التحرير السابق لموقع ''إخوان أون لاين'' وهو الموقع الرسمي للجماعة قوله ''إن خيرت الشاطر نائب المرشد (العام للاخوان المسلمين) يشرف بنفسه على اللجان الإلكترونية التي تسب المعارضة وتشوهها عبر رسائل إلكترونية مكذوبة''. وأضاف في حواره للصحيفة في عددها الصادر يوم الأحد 31 مارس، ''هناك تكليفات موجهة للمحافظات وكل محافظة بها لجنة إعلامية واللجنة الإعلامية في المحافظة لها شبابها ومكلفون أن يقوموا بعمل تلك اللجان الإلكترونية وميزانية هذه اللجان مفتوحة''. ونشرت الصحيفة لقائمة تضم ثمانية أسماء قالت انهم ''مسؤولو اللجان الالكترونية للاخوان''. وفي اتصال هاتفي مع إذاعة هولندا العالمية، نفى أحمد عارف الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين ما ورد على لسان الشرنوبى. واعتبر مثل تلك الأحاديث جزءا مما وصفها بأنها ''مؤامرة تستهدف جماعة الإخوان المسلمين''. إشاعات وأخبار كاذبة يرى هاني الفراش وهو صحفي مصري مقيم في الولاياتالمتحدة، أن دخول القوى الإسلامية الحيز الإلكتروني وساحة الفضاء الرقمي كان مفيدًا لها على المستوي السياسي والشعبي للبلاد. وفي تصريحات لإذاعة هولندا العالمية، قال الفراش إن مواقع التواصل الاجتماعي مثلت عنصرًا إيجابيًا للإسلاميين لأن حرية النقد كانت مفيدة لإدراك أن هناك الكثير من المصريين ''غير راضين عن أدائهم.'' وأضاف ''كان واضحا أن المعارضة تنتقد كل كبيرة وصغيرة للرئيس وجماعته بمعنى أن هناك نوعا من الترصد وعدم الحيادية في كثير من الأحيان''. ومن الملفت أن دخول الإسلاميين في الصراع على الانترنت قوبل أيضا بمعارضة من بعض الشباب المنتمي إلى التيار الإسلامي. وأشار أحمد بسيوني وهو صحفي شاب مؤيد للتيار الإسلامي لكنه يعارض بعض سياسات الرئيس مرسي، بالطفرة التي حققتها مواقع التواصل الاجتماعي في نشر التوعية بشأن مواقف القوى الإسلامية، لكنه يرى ''أن معظم التيارات الإسلامية وخصوصا الإخوان قد استخدموها بطريقة خاطئة جدا أثرت كثيرا على شعبيتهم''. وأضاف ''استغلت القوى الإسلامية فيسبوك وتويتر لترويج الإشاعات المغرضة عن المعارضة، واختلاق أخبار عنهم، وهو نفس الأمر التي تتبعه قوى المعارضة. وهذه الإشاعات قد تكون أحد أسباب الاحتقان في الشارع حاليا''. وقال ''إن هذا كان له دور سلبي في أن يفضي ذلك إلى أن تفقد القوى الإسلامية رصيدا من مصداقيتها في الشارع''.