أرجع أحمد آدم الخبير المصرفي، تراجع الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي بنهاية يناير الماضي إلى عدة أسباب أهمها دفع قسط من الدين الخارجي المستحق لدول نادي باريس، ووجود احتمالية استحقاق أذون خزانة بالدولار خلال الشهر الماضي، وهي الأذون التي لم يتم تجديدها، بالإضافة إلى الالتزامات الاعتيادية من استيراد السلع الأساسية وغيرها من المتطلبات والمستحقات. وأضاف خلال تصريحات لمصراوي، أن اعتقاده باحتمالية سبب حلول آجال أذون خزانة دولارية يعود إلى أن الانخفاض الذي حدث في الاحتياطي كان كبيراً وأنه لا يحدث إلا مع وجود سبب غير طبيعي. وكان البنك المركزي قد أعلن منذ أيام عن انخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي من 15.014 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي إلى 13.613 مليار دولار بنهاية يناير الماضي بانخفاض حوالي 1.4 مليار دولار، حيث وصل الاحتياطي إلى أدنى مستوياته منذ 10 سنوات. وقال هشام رامز، محافظ البنك المركزي، في تصريحات إعلامية، إن انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي يرجع إلى سداد مصر قسط مديونيات نادي باريس بقيمة 660 مليون دولار، إضافة إلى الاستخدامات التقليدية للاحتياطي في تلبية الاحتياجات الضرورية. كما أرجع رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل، انخفاض الاحتياطي بسداد قسط الدين الخارجي، وانخفاض إيرادات السياحة بعد أحداث فندق سميراميس. وكان من المفترض أن تتسلم مصر الدفعة الثانية من القرض التركي الشهر الماضي المقدرة بحوالي 500 مليون دولار حيث تسلمت مصر الدفعة الأولى في أكتوبر الماضي بحوالي 500 مليون دولار أيضاً ليصل إجمالي القرض إلى مليار دولار. ولفت " آدم" في سياق تصريحاته لمصراوي، إلى أن المساعدات التي حصلت عليها مصر من كل تركيا وقطر والمقدرة بنحو 3 مليارات دولار خلال الستة أشهر الأخيرة استخدمتها الحكومة في سد عجز الموازنة، ونفى ما نشر عن أن حجم الاحتياطي من الذهب المقدر من ضمن إجمالي الاحتياطي يصل إلى 8 مليارات دولار، منوهاً إلا أنه يقدر بنحو 3.2 مليار دولار، لافتاً إلى أن الدكتور فاروق العقدة كان قد قرر خلال فترة توليه البنك المركزي زيادة نسبة تقييم الذهب من 75% إلى 85% من ثمنه العالمي لزيادة حجم الاحتياطي. وشدد على ارتباط حساب الاحتياطي النقدي بميزان المدفوعات والذي بلغ مجموع العجز فيه خلال العامين الماليين السابقين حوالي 21 مليار دولار منها 9.8 مليار دولار في العام الأول، 11.3 مليار دولار خلال السنة الثانية مشدداً على أن ارتفاع الواردات بشكل غير مبرر كان له الأثر البالغ في عجز الميزان التجاري وبالتالي ميزان المدفوعات حيث وصل حجم الواردات في العام المالي السابق حوالي 58.7 مليار دولار مقابل 49 مليار دولار في عام 2010/2009، مما رفع العجز في الميزان التجاري إلى 31.7 مليار دولار. ونبه "آدم" إلى أنه رغم القفزة في تحويلات المصريين بالخارج في العام الأخير والتي تسبب فيها الهجرة غير الشرعية، إلا أن ذلك لم يستطع مواجهة عجز الميزان التجاري مما تسبب في زيادة العجز في ميزان المدفوعات. ويرى "آدم" الحل في رحيل الحكومة الحالية بعد رحيل الدكتور فاروق العقدة عن البنك المركزي، وبدء هشام رامز المحافظ الجديد في إجراءات عاجلة لإصلاح سوق الصرف، مشدداً على ضرورة عدم الانتظار إلى الانتخابات البرلمانية بسبب ضبابية المشهد السياسي وعدم توقع توقيت معين لهذه الانتخابات، كما طالب بالاستقرار السياسي الدائم والكامل والذي يعتبره المفتاح السحري لعودة النشاط الاقتصادي وبالتالي توقف الاحتياطي من النقد الأجنبي عن النزيف. وكان رصيد الاحتياطي الأجنبي لمصر قد فقد نحو 1.7 مليار دولار، بنهاية شهر يناير 2012، ليسجل نحو 16.4 مليار دولار، من رصيد بلغ 18.1 مليار دولار فى نهاية ديسمبر 2011، حيث فقد الاحتياطي بنهاية يناير 2013 نحو 2.8 مليار دولار خلال عام. وأشار تقرير حديث للبنك المركزي، إلى أنه منذ بداية عام 2011 واجه الاقتصاد المصري العديد من التحديات الجسيمة من أهمها التأثير السلبى للأحداث الجارية على موارد النقد الأجنبي، والتي تمثلت في تراجع الدخل من قطاع السياحة بنحو 30 % سنوياً، بالإضافة إلى انحسار الاستثمارات الخارجية المباشرة كلياً خلال العامين الماضيين، والخروج الكامل لاستثمارات الأجانب في أوراق الدين نتيجة لارتفاع المخاطر المحيطة بالاقتصاد المصري، وتخفيض التصنيف الائتماني لمصر بخمس درجات، وأدى ذلك إلى تحول ميزان المدفوعات من تحقيق فائض بلغ نحو1.3 مليار دولار في نهاية عام 2010 إلى تحقيق عجز بلغ نحو 21.6 مليار دولار على مدى العام ونصف العام المنصرم. ونبه إلى أن الاستخدامات الرئيسية التي قام البنك المركزي بتمويلها خلال العامين الماضيين كانت عبارة عن 5.4 مليار دولار لاستيراد السلع التموينية، و9.3 مليار دولار للهيئة العامة للبترول، و8.5 مليار دولار لسداد ديون سيادية، و12.9 مليار دولار خروج استثمارات أجنبية. ويبلغ حجم المساعدات التي تلقتها مصر خلال الستة أشهر الأخيرة من كل من قطر وتركيا حوالي 3 مليارات دولار، حيث تسلمت مصر الوديعة القطرية المقدرة بحوالي 2 مليار دولار على عدة دفعات أولها في أغسطس الماضي ثم دفعة في أكتوبر ثم دفعة في نوفمبر ثم دفعة في ديسمبر الماضي، كما حصل على قرض تركي بمليار دولار على دفعتين في أكتوبر ويناير الماضيين. وتدفع مصر أقساط نصف سنوية تقدر قيمة القسط بحوالي 700 مليون دولار، ويتم دفع قسطين في العام في شهري يناير ويوليو لسداد ديون دول نادي باريس. وتعتمد مصر على عدة مصادر للدخل الأجنبي من أهمها السياحة وإيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتصدير. وبلغت حصيلة إيرادات قطاع السياحة خلال العامين الماضيين حوالي 18.7 مليار دولار، منها حوالي 10 مليار دولار في عام 2012 حسب تصريحات لوزير السياحة، وحوالي 8.7 مليار دولار في عام 2011 بحسب تقرير للبنك المركزي. كما كشف مستشار الرئيس المصري لشؤون المصريين في الخارج الدكتور أيمن علي، في تصريحات صحفية عن أن المصريين العاملين خارج البلاد حولوا 19.05 مليار دولار إلى مصر خلال العام الماضي 2012، بزيادة تبلغ حوالي 4.7 مليار دولار عن إجمالي تحويلاتهم خلال عام 2011، والتي بلغت نحو 14.3 مليار دولار، حيث بلغ إجمالي التحويلات خلال العامين حوالي 33.35 مليار دولار. كما حققت إجمالي إيرادات قناة السويس خلال العامين الماضيين حوالي 10.3 مليار دولار، منها حوالي 5.2 مليار دولار في عام 2011 إلى - حسب تصريحات لرئيس هيئتها السابق - وحوالي 5.1 مليار دولار في عام 2012 بحسب تقرير لهيئة القناة نفسها. وقالت فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي السابقة في تصريحات سابقة خلال يوليو 2012، إن عدد اتفاقيات التعاون التنموي مع شركاء مصر في التنمية التي وقعتها الوزيرة في الفترة من يناير 2011 حتى 25 يوليو 2012 حوالي 36 اتفاقية بين منح لا ترد، وقروض ميسرة، وخطوط ائتمان وبروتوكولات مالية، ومساعدات فنية مع شركاء مصر في التنمية، سواء على المستوى الثنائي أو مع مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية والعربية، وقد أتاحت هذه الاتفاقيات تمويلًا بلغت قيمته الإجمالية 5.8 مليار دولار خلال نفس الفترة تقريباً. كما قال وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، في تصريحات خلال الشهر الماضي إن المملكة العربية السعودية قدمت بالفعل حزمة من المساعدات بلغت 4 مليارات دولار لدعم اقتصاد مصر بعد ثورة يناير.