في نفس المكان من كل عام تجدها تجلس هي وابنها ينتظران رزق هذه السنة، لا سيما أن هذا الوقت هو وقت البيع والشراء؛ حيث يبدأ الناس في الإقبال عليهم للحصول على أهم شيء في عيد الأضحى الذي اقترب كثيرا؛ انه "الخروف"، بعضهم يأتي ليشتري رأس واحدة وآخر يشتري أكثر.. و"كل واحد على حسب مقدرته". "عدد الخرفان اللى بنبيعها مبقاش كتير زي الأول.. وكل سنة بيقل عن اللى قبلها".. هكذا بدأت الحاجة "إيمان" حديثها عن "40 خروف" تتاجر فيهم هي وابنها "محمد" وتحاول بيعهم للزبائن قبل قدوم العيد في تلك الزاوية المطلة على الشارع الرئيسي؛ حيث يتواجد "محل" الجزارة.
فالمنطقة التي تعيش فيها "إيمان " وابنها وتبيع فيها "المواشي" ليست خالية من السكان؛ إذ أنها تعيش في أرض "عزيز عزت " بمنطقة امبابة، والمفارقة العجيبة أنها منطقة متواضعة جداً من حيث المستويات المعيشية للسكان هناك؛ فدائما يشكو الناس بها بسبب مشاكل القمامة والمياه وأنابيب الغاز؛ فكيف يكون الحال إذا تحدثنا عن "اللحمة" بأسعارها الخيالية التى أصبحت الحلم الجميل لفقراء مصر. وعلى الرغم من سمات المنطقة إلا أن "محمد" أكد "أنا كان بيجيلي فنانين ولعيبة كورة يشتروا مني خرفان على العيد، احنا في الشغلانة دي من سنين وأبويا وجدودي كانوا فيها، بس دلوقتي الحال مش زي زمان ".
تقاطعه والدته بصوت يظهر فيه الحسرة "كنا السنة اللى قبل اللى فاتت بنبيع 150 رأس في العيد، السنة اللى فاتت العدد قل والسنة دى مشتريناش غير 40 رأس بس، ومستنيين فرج ربنا عشان نبيعهم، لأن العلف بقى أغلى وسعر الخروف بقى أعلى، لحد ما وصل ضعف السعر بتاع السنة اللى فاتت ".
وعن أعداد الماشية التى تم بيعها هذا العام "السنة اللى فاتت علمنا على 65 رأس وبعناهم على العيد، السنة دي متباعش لحد دلوقتي غير 15 خروف بس".
"اللي فاضل من المواشي" على حد قول "محمد" يتم تعليفه ليباع للزبائن طوال العام، خاصة أن محمد يعمل في مهنة "الجزارة" وهو الذي يقوم بذبح المواشي أثناء عيد الأضحى وطوال العام لمن يريد . ولم يخل كلام "إيمان" و"محمد " من السياسة؛ فمجرد أن جاءت سيرة الانتخابات ردت إيمان " أنا انتخبت الي ماسك البلد دلوقتي اللي هو محمد مرسي"،
أما محمد فاختلف مع والدته " ما انتخبتش مرسي، ومن ساعة ما مسك البلد والحاجة غليت أكتر".
