منتجات على بساطتها جذابة.. وعمال على صغر سنهم مهرة.. ومكان على قدمه تتذوق فيه طعم الأصالة وتتنسم فيه نكهة التراث.. هذا ما تشعر به عند تجولك فى شارع الخيامية بمنطقة الدرب الأحمر . فحينما تدخل ''دكان'' ''محمد مصطفى'' - وهو من أوائل الدكاكين فى هذا الشارع الشهير؛ حيث يجلس محمد الذى لم يتجاوز - 24 عاماً - بعد لكنه مثلما يقال فى الأمثال ''يده تتلف فى حرير''، هذا الدكان البسيط يقوم عليه عشرات من الصناع المهرة تحت إشرافه وإدارته فى ورشة كبيرة بصلاح سالم كانت هى نقطة الانطلاق. وصناعة ''الخيامية'' فهى صناعة عريقة تعود جذورها إلى الفتح الإسلامى؛ حيث كانت تستخدم الخيام وظهر الحرص على تزينها لتبدو بمظهر جميل فيما يرجع البعض الصناعة إلى العصر الفرعونى، لكن الأكيد هو أن مصر هى موطن هذه الصناعة وهى الوحيدة فى صناعتها على مستوى العالم. محمد مصطفى دبلوم فنى صنايع قسم زخرفة استفاد من دراسته شيئًا قليلًا فى صناعة الخيامية التى لم يدرسوها لهم فى مناهج الثانوى ولكنه استفاد من دراسة فن الخط العربى بما يحويه من أنواع مختلفة من الخطوط فى رسمها وطبعاتها على قماش الخيامية . ويحكى لنا مراحل صنع الخيامية وتدرج الصانع فيها فيقول: ''تبدأ المرحلة الأولى فى صناعة الخيامية بشغل ''الأرابيسك '' القائم على رسم أشكال هندسة، مثلثات، ومربعات، وأشكال سداسية وغيرها من الأشكال الهندسية البسيطة سهلة التنفيذ بالإضافة إلى شغل ''الخط العربى الذى يتنوع بين خط الثلث والخط الكوفى والخط الكوفى المشدد'' . والمرحلة الثانية هى شغل وردة '' اللوتس'' وهى أصعب قليلًا لأنها شكل غير منتظم، ثم تأتى المرحلة الثالثة وهى الرسومات والنقوش الإسلامية، وأخيرًا الشغل الرومى وهو الأصعب على الأطلاق، حيث بعد تخطي الصانع هذه المراحل جميعها نسطيع أن نقول عليه صانع درجة أولى . ''الصنعة.. فى بدايتها قد تبدو صعبة لكن بالممارسة تصبح ممتعة وجميلة ولا بد لمن يمارسها أن يكون محب لها فضلاً عن الموهبة والتحلى بالصبر الذى من الممكن أن تعلمه له المهنة إذا لم يكن يملكه''، هكذا تحدث الشاب محمد مصطفى عن مهنته التي يعشقها . وعن الوقت الذى يستغرقه فى الصناعة يقول:'' بعض اللوحات تأخذ شهر لإنجازها والبعض أقل بحسب نوعها ويبدأ السعر من 50 جنيه ويصل إلى ألف وثلاثة آلاف جنيه، فعلى الرغم من أن متر القماش رخيص الثمن وقد يصل إلى 10 جنيهات فقط، إلا أن الصانع قد يستخدم 25 لون فى قطعة القماش الواحدة ويحتاج إلى أتواب متعددة'' . أما فيما يخص الرواج السياحى فى هذه الفترة:'' الإقبال ضعيف لأن الموسم الأصلى هو الشتاء وحاليًا زبائننا من الطبقات ذات المستوى المادى الأعلى من المصريين الذى يشترونها كهداية ويزينون بالنقوش الإسلامية والآيات القرآنية المنازل احتفالًا بقدوم رمضان''. لكنه يعترف أنه يخفى لمن يتحدث معه من الأجانب ضعف الإقبال المصرى على الخيامية حرصًا على عدم تشويه صورتهم الذهنية عن مصر'' السائحون يقدرون ويثمنون هذه الأعمال أكثر من المصريين وقد تباع لوحة قبل قيام الصانع من الانتهاء منها من شدة إعجابه بها'' . ''العجيب أن زوجة السفير الاسترالى فى مصر هى التى تسوق لنا البضائع وقد قامت بشراء قماش الخيامية وعرضها فى معارض بدول أوربية مختلفة وهذا ما نحتاجه من حكومتنا المصرية فلماذا لا يقوم السفراء فى الدول المختلفة بتنظيم معارض لمنتجاتنا اليدوية فى الدول المختلفة وستحصد إيرادات عالية''..هكذا أشتكى الشاب محمد مصطفى من إهمال الحكومة وعدم تقديرها لهذه الصناعة الفريدة فى العالم .