ألقى الكاتب البريطاني الأشهر روبرت فيسك الضوء على تاريخ بلدة حمص ومحنتها الحالية وكيف ان الظروف المخيفة المحيطة بها وواقع الثورة السورية يساعد الرئيس بشار الاسد في بقائه في السلطة. وقال فيسك - في مقاله العمودي الذي نشرته اليوم صحيفة ''الإندبندنت'' البريطانية على موقعها الإلكتروني - ''إن ل (حمص) تاريخا طويلا في النزاعات بدأ منذ عهد صلاح الدين الأيوبي في عام 1174 واستمر خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الاولى واستمر في الستينيات اثناء صراع السنة والعلويين وأن للمدينة أهمية أخرى حيث إن زوجة بشار الأسد من حمص ومستشارته بثينة شعبان.. ولذلك تقع (حمص) في قلب كل السوريين سنة وشيعة وانه ليس من المفاجيء أن تكون في قلب الإنتفاضة حيث انه ليس ببعيد عن حمص قيام الرئيس السوري السابق حافظ الاسد بقتل 10 آلاف شهيد في مدينة حماة منذ30 عاما مضت ولكن الاسد الإبن جعل حمص شبيهة ب (حماة) أيضا''.
واستنكر فيسك تفاجؤ البعض بانسحاب الجيش السوري الحر من المدينة حيث انه ليس من المتوقع ان يستسلم الاسد ونظامه ويغادر بسبب مئات من الرجال يحملون البنادق الآلية ويأملون في خوض حرب مختصرة في حمص وانه لا يجب ان نصدق ان موت الاطفال والنساء والصحفيين سيمنع النظام، الذي يزعم انه يحمل لواء القومية في العالم العربي، ستمنعه من سحق المدينة وانه في الوقت الذي تبنى فيه الغرب اوهام الرئيس الفرنسي ساركوزي ووزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون لم يصدق السوريون هذا النفاق.
وقال فيسك ان الغرب يتوهم ان حمص هي بنغازي جديدة ونقطة انطلاق نحو دمشق حيث ان لديهم الحلم الامريكي الساذج بأنه إذا كانت الدولة بوليسية وفاسدة كما هو الحال في سوريا فإن خصومهم غير المسلحين بالشكل الكافي سينتصرون لأنهم الاناس الصالحون وان هناك إكليشيهات قديمة تقول ان البعثيين هم النازيون الجدد وان بشار هو مجرد وسيلة في يد عائلته وزوجته على غرار ماري انطوانيت وإيفا بيرون.
وأضاف أنه كلما ثار ساركوزي وكلينتون على الفظائع التي تحدث في سوريا كلما زاد رفضهم لمساعدة الثوار عسكريا وازدادت شروطهم لفعل ذلك كضرورة توحيد المعارضة والتحدث بصوت واحد؛ بالرغم من ان هذا لم يحدث على سبيل المثال في حالة القذافي؛ ولكن نفاق ساركوزي ظهر للسوريين حيث يحاول زيادة فرص نجاحه في الانتخابات الرئاسية القادمة بإرساله مئات الدبلوماسيين والخبراء لإنقاذ الصحفية الفرنسية إديث بوفير بالرغم من انه لم يفعل ذلك منذ عدة شهور مع الصحفين الفرنسيين اللذين اخطتفتهما طالبان لمدة شهرين ووصفهما بالطائشين.
وقال فيسك انه من المدهش ان تقوم ''الديموقراطية ''، المتمثلة في الإنتخابات الروسية والإيرانية والامريكية والفرنسية والاستفتاء الأسدي السوري، يمكن تعرقل اي سياسة عاقلة في الشرق الاوسط.
واضاف فيسك انه في حالة بشار الاسد هناك البعض ممن يريدون بحق مساندة الاسد بدافع انه الرجل الذي اعطى لسوريا حريتها وهو شيء مثير للضحك؛ لكن المشكلة الأكبر تتمثل في وجود اشخاص يعتبرون اي تغيير سياسي كبير بمثابة تهديد لحياتهم وسلطتهم وان هؤلاء الرجال مثل جنرالات الشرطة والامن والبرلمانيين البعثيين قد يقاتلون حتى الموت من اجل الاسد ليس بدافع الإخلاص وحده بل لانهم يعلمون ان خلعه يعني موتهم.
وقال فيسك انه في حالة نجاح محاولات تنحية الأسد نفسه عن طريق دستور جديد واستفتاء جديد وتغييرات ''ديموقراطية'' جديدة فإن هؤلاء الرجال سيغضبون ويخشون على أنفسهم و في هذه الحالة لن يكون هناك داعي لولائهم.
واختتم فيسك مقاله قائلا ''مخطيء من يعتقد ان بشار الاسد مجرد وسيلة في يد عائلته؛ بل هو من يتخذ القرارات ويجب ان نتذكر ان ابيه جاء عبر ثورة''تصحيحية'' وأن هذه ''التصحيحات'' يمكن ان تحدث مرة اخرى سواء باسم البعثية او القومية العربية أو بإسم القضاء على القاعدة أو العدو الصهيوني أو الارهابي او باسم التاريخ''.