جنيف (رويترز) - تحركت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة سريعا لادانة القادة الذين يتشبثون بالسلطة في ساحل العاج وتونس ومصر بعدما كانت توجه لها انتقادات كثيرا لفشلها في التصدي للانتهاكات في الدول الشمولية. ويتزامن التحول الملحوظ في الاستجابة مع تنامي الحركات المطالبة بالديمقراطية التي تتحدى نتائج انتخابات او أعمال قمع تمتد جذورها في الشرق الاوسط وأماكن اخرى. ويعزى الفضل للمفوضة السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي التي استغلت الزخم واظهرت ان نشاط مفوضيتها ومقرها جنيف يمكن ان يطرأ عليه تغيير سريع بعد الاطاحة بطغاة وتسهيل التحول الديمقراطي على ارض الواقع. وقالت ايلين تشامبرلين دوناهو سفيرة الولاياتالمتحدة لدى مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة لرويترز "نقدر التغير في قدرتها على التحدث في توقيت معاصر للاحداث ومعالجة الاوضاع وقت الازمات. التوقيت مهم." وأضافت "ترى الولاياتالمتحدة ان مكتب المفوضة السامية يفترض أن يكون صوت من لا صوت لهم." واوفدت بيلاي خبراء الى تونس للمساعدة في بلورة الاصلاحات الديمقراطية والتحقيق في الانتهاكات السابقة واوضحت ان مكتبها مستعد لتقديم المساعدة في كل مكان. وأدانت عمليات القتل والخطف ابان حدوثها في ساحل العاج عقب انتخابات 28 نوفمبر تشرين الثاني حيث تشير نتائج موثقة من الاممالمتحدة لفوز الحسن واتارا على الرئيس الحالي لوران جباجبو. وعشية العام الجديد تقدمت خطوة أخرى وحذرت علنا جباجبو وكبار القادة من انهم ربما يحاسبون على ارتكاب جرائم تنتهك حقوق الانسان. وأبرزت تقارير عن مقابر جماعية في ذلك الوقت ومزاعم بوجود مقبرة ثالثة منذ ذلك الحين. وحملت بيلاي بوضوح حكومة الرئيس حسني مبارك مسؤولية الاحتجاجات غير المسبوقة في مصر واتهمتها بانتهاكات خطيرة تشمل تفشى التعذيب. وقالت في مناشدة من اجل التهدئة فيما نزل مليون نسمة للشارع "من حق المواطنين الاحتجاج وتكتسب حرية المعلومات اهمية خاصة في مثل هذه الاوقات." وحذرت القاضية السابقة في محكمة جرائم الحرب التابعة للامم المتحدة من أن المحكمة الجنائية الدولية تتيح أدوات لضمان محاسبة مرتكبي الجرائم. وفي بيان يوم الجمعة قبل زيارتها الشهر الجاري لاسرائيل والاراضي والمحتلة وروسيا حذرت قائلة "نرى الان تعطشا شديدا لحقوق الانسان في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وبالطبع في دول اخرى في مناطق اخرى. الحكومات التي تتجاهل هذه المؤشرات المسموعة والواضحة جدا تعرض نفسها للخطر." وتحدثت بيلاي عن ساحل العاج من موطنها في جنوب افريقيا واصطحبت ابنتيها لجزيرة روبين السجن الشهير حيث ساعدت في شبابها نزلاء من بينهم نيلسون مانديلا على اكتساب حقوق. ويقول كبار معاونيها ان السنوات التي امدتها في العمل كمحامية في الدفاع عن نشطاء مناهضين للعنصرية الى جوار زوجها الراحل بلورت تعاطيها مع وظيفتها. ومع تنامي الاضطرابات في تونس سعت جماعات حقوقية لمقابلتها. وقال بيتر سبلينتر من منظمة العفو الدولية "كنا نشجعها على التحدث عن تونس وادركنا سريعا اننا ندق على باب مفتوح." وفي غضون أيام عقب الاطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي ارسلت بيلاي فريقا من كبار المسؤولين الحقوقيين في الاممالمتحدةلتونس لتقديم نصائح سريعة للسلطات بشأن كيفية اصلاح النظام القضائي وغيره. وقالت منى رشماوي مديرة فرع سيادة القانون في المفوضية "ما يهمنا متابعة هذه العمليات. تقود المفوضة السامية الجهود اذ عايشت التحول السياسي وتفهم اليات اللحظة والحاجة لسرعة التصرف في هذا الشأن." وشاركت رشماوي في الفريق الذي توجه لتونس "من المهم للغاية التواجد هناك منذ البداية. لانه ما لم يتم هيكلة الطموحات كاستراتيجيات يصاب الناس بخيبة الامل." وناقش مسؤولون من الاممالمتحدةوتونس قضايا خاصة بضمان استقلال القضاء وحرية التعبير والدور المستقبلي لجهاز الامن. وتابعت "انها امور دقيقة ولكنهم يعلمون انها ضرورية." وثمة زيادة ملحوظة في التحقيقات التي تجريها المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في السنوات الخمس الاخيرة وتشمل العنف في كينيا وغينيا وخلال الغزو الاسرائيلي لقطاع غزة حسبما ذكر روبرتو ريتشي رئيس وحدة الاستجابة السريعة. كما ادانت بيلاي في الاسبوع الماضي الزيادة في تنفيذ احكام الاعدام في ايران وعرضت على هايتي المساعدة في محاكمة جان كلود دوفالييه. وينبغي الانتظار لمعرفة ما اذا كان مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان سيهاجم تحركاتها الجريئة. وتهيمن الدول النامية على المجلس الذي يضم 47 دولة وتدعمها غالبا الصين وكوبا وروسيا. ويقول منتقدون ان المجلس يركز على اسرائيل وانتهاكاتها المزعومة. وبيلاي (69 عاما) خامس من تولي هذا المنصب منذ استحداثه عام 1994 وجاءت خلفا للكندية لويز اربور في سبتمبر ايلول 2008 . ولم يتضح ما اذا كان ستسعي لفترة ثانية مدتها أربعة اعوام او سيرشحها الامين العام للامم المتحدة بان جي مون.