حث الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة الرئيس المصري حسني مبارك على "الاستماع" الى المتظاهرين المطالبين برحيله على الفور، ملمحا الى ان عليه التنحي بوصفه "وطنيا غيورا". ولم يطلب اوباما من مبارك صراحة ان يتخلى عن منصبه، لكنه اشار الى ان الرئيس المصري تجاوز الحاجز النفسي بقوله انه مستعد للتخلي عن السلطة بعد انتخابات ايلول/سبتمبر، وان عليه ان يعيد النظر الان في موقفه مع تنامي حركة الاحتجاج. وقال اوباما ان على مبارك "الاستماع الى ما يقوله الشعب ويتخذ قرارا حول طريق مستقبلي يكون منظما وجديا وذا مغزى". واضاف في تصريحه الذي اختار كلماته بعناية "اعتقد ان الرئيس مبارك يهمه شعبه. ويتحلى بعزة النفس، ولكنه كذلك وطني غيور"، وذلك في تلميح الى ان على مبارك التنحي عاجلا وليس اجلا. وفي حين وردت تقارير ان واشنطن تعمل على عدد من السيناريوهات مع ابرز المسؤولين المصريين لايجاد مخرج للازمة يؤدي الى رحيل مبارك وانتقال للسلطة، اكد اوباما ان المصريين هم من يقررون مستقبلهم بانفسهم. ولكن قال انه فهم ان مناقشات جارية في مصر بشان الانتقال الى نظام يحترم الحقوق التي اقرتها المواثيق الدولية ويقود الى تنظيم انتخابات حرة وعادلة. كما وجه اوباما رسالة صريحة بان العنف الموجه الى الصحافيين والمدافعين عن حقوق الانسان "غير مقبول" مع اعرابه عن ارتياحه لضبط النفس الذي مورس خلال تظاهرات الجمعة الحاشدة. وقال اوباما خلال مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر انه قال لمبارك بوضوح في اتصالين هاتفيين ان ممارسات "الايام الماضية" التي اتاحت له البقاء في السلطة 30 عاما لم تعد تجدي نفعا. وقال "القمع لن يجدي نفعا، اللجوء الى العنف لن يجدي نفعا". وكشفت صحيفة نيويورك تايمز في وقت متاخر مساء الخميس عن خطة اعدتها ادارة اوباما للتعامل مع الازمة لتسليم السلطة الى حكومة انتقالية برئاسة عمر سليمان. ولم ينف البيت الابيض هذا التقرير، وقال مسؤول فضل عدم الكشف عن اسمه ان واشنطن تدرس عددا من الخيارات لاقناع مبارك بالرحيل وحل الازمة. وقال المسؤول "من الخطأ ببساطة القول بان هناك خطة اميركية واحدة تجري مناقشتها مع المصريين". ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في ادارة اوباما ودبلوماسيين عرب، ان واشنطن تسعى الى الحصول على دعم الجيش المصري، رغم عدم موافقة مبارك الذي حذر من انتشار "الفوضى". واضافت ان الخطة المطروحة تقضي بالتحاور مع مجموعات المعارضة بما فيها جماعة الاخوان المسلمين لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة في ايلول/سبتمبر. وكانت تعليقات اوباما الجمعة هي الاولى امام الكاميرا حول الوضع في مصر منذ 25 كانون الثاني/يناير. واعلن مبارك لشبكة "ايه بي سي" التلفزيونية الاميركية الخميس انه يرغب في التخلي عن السلطة لكنه يخشى انتشار الفوضى. وردا على سؤال حول الدعوات الاميركية الى انتقال سريع للسلطة قال مبارك انه قال لاوباما "انكم لا تفهمون الثقافة المصرية ولا تدركون ما سيحدث ان استقلت". ولكن المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس قال ان "هناك خطوات ملموسة يمكنه (مبارك) اتخاذها ويمكن لنائبه اتخاذها من اجل التحرك على طريق تحقيق التغيير الحقيقي الذي يمكن ان يقلل من حالة عدم الاستقرار ويمكن ان يضمن عدم دخولنا في حالة الفوضى التي يتحدث عنها". ودعا غيبس مبارك الى الجلوس مع ائتلاف عريض من المعارضة وجماعات المجتمع المدني في مصر لمناقشة ميثاق سياسي جديد، ملمحا الى ان الطريقة الوحيدة للخروج من الازمة هي تنحي مبارك بسرعة. وشهدت مصر تظاهرات حاشدة في ما سمي "جمعة الرحيل" بعد مواجهات عنيفة بين انصار مبارك ومعارضيه ادت خلال اسبوع الى مقتل تسعة اشخاص على الاقل واصابة اكثر من 800. وفي حين كان المسؤولون في واشنطن يعدون الخطط خلف الابواب المغلقة، كانت وزارة الدفاع تسعى الى الحفاظ على علاقاتها مع الجيش المصري. وحذر رئيس اركان الجيوش الاميركية من قطع المساعدة العسكرية الاميركية للجيش المصري والتي تبلغ سنويا 1,3 مليار دولار، بعد تلميحات من البيت الابيض بشأن مراجعة هذه المساعدة. وقال الاميرال مايك مولن في مقابلة مع "اي بي سي نيوز"، "اريد ان احذر من القيام باي شىء الى ان نفهم حقيقة ما يجري". وتاتي مصر بعد اسرائيل في حجم المساعدات العسكرية التي تتلقاها من الولاياتالمتحدة. ويعتقد المسؤولون الاميركيون انه بعد سنوات من التدريب والتوجيه في الاكاديميات العسكرية الاميركية تغيرت مواقف العسكريين المصريين وهذا يجعلهم يحجمون عن استخدام القوة ضد مواطنيهم. واجرى وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس محادثة هاتفية الجمعة مع نظيره المصري المشير حسين طنطاوي. وقال جيف موريل المتحدث الصحافي باسم البنتاغون ان غيتس اجرى "رابع محادثة هاتفية مع وزير الدفاع المصري منذ بدء الوضع في مصر". ولم يكشف مكتب غيتس عن مزيد من المعلومات حول ما جرى في تلك المحادثات. وتعتبر الولاياتالمتحدة طنطاوي شخصية رئيسية في اي حكومة تعقب حكومة مبارك. ودعا طنطاوي الذي توجه الى ميدان التحرير الجمعة، المتظاهرين الى انهاء احتجاجاتهم بعد ان تعهد مبارك الثلاثاء بعدم ترشيح نفسه للرئاسة مرة اخرى. وحث زعماء المعارضة الى الانضمام الى المحادثات مع الحكومة الهادفة الى التوصل الى اتفاق لانتقال السلطة. ونظرا للعلاقات الطويلة التي تربط واشنطن بالجيش المصري، يعقد مسؤولون اميركيون الامال على الجيش لاخراج البلاد من الازمة.