الجعاشن منطقة يمنية تقع جنوب غرب محافظة اب الجنوبية التي تتميز بطبيعتها الساحرة، لكن أهل المنطقة الوادعة، والذين بلغ تعدادهم نحو 80 ألف مواطن، يواجهون منذ نحو ثلاث سنوات مأساة إنسانية بسبب بطش حاكمهم بهم، الأمر الذي دفع الكثير منهم إلى الفرار إلى العاصمة التي تبعد نحو 250 كم للعيش في مخيمات، أو غيرها من المدن القريبة مثل مأرب ورادع وجبلة. ويعمل المهجرون على تنظيم احتجاجات ومسيرات في مدن ملاجئهم الاجبارية لتوضيح قضيتهم لكنهم لم ينجحوا حتى اليوم في حمل الحكومة اليمنية على اتخاذ خطوات ملموسة لحل هذه القضية. سجون خاصة بالحاكم موجة هجرة الجعاشن الثالثة التي بدأت هذا العام كان قوامها 185 فردا من سكان المنطقة، وقد سبقتها هجرتين كانت الأولى في 2007م والثانية في 2008م. وتأتي هذه الهجرات هرباً من بطش وظلم عضو مجلس الشورى الشيخ محمد احمد منصور حاكم المنطقة، والذي قام وفقا لشهادات السكان بممارسات غير قانونية على رأسها إيجاد سجون خاصة به يسجن فيها أبناء الجعاشن. في هذا الصدد يقول علي قاسم محمد أحد مهجري الجعاشن الذين التقتهم دويتشه فيله: "الشيخ محمد منصور يمتلك أربعة منازل في كل منزل له سجنان خاص. وتوجد هذه المنازل في الهدة والزهور والحبلة والأكمة." وأكد علي قاسم انه وخلال فترة سجنهم في سجونه الخاصة كانوا يتلقون التهديدات بالأسلحة والجلد وإحراق الملابس والضرب وغيرها من الانتهاكات. شهادات المهجرين القضية ليست وليدة الأعوام الماضية ولكن يعود عمرها إلى عام 1987 وفقا لتقرير صحفي نشره موقع المصدر نت. ومن بين الاتهامات التي يوجهها الجعاشن إلى شيخهم نهب ممتلكاتهم وتهجيرهم من بيوتهم وأراضيهم قسرا. ويقول المواطن فيصل سعد المهجر من المنطقة والذي ارتسمت على وجهه أمارات المعاناة لدويتشة فيله: "عندما رفضنا أن نسلم الزكاة التي فرضها علينا الشيخ ليده وسلمناها لمكتب الواجبات قام الشيخ بقصف عشوائي بالأسلحة الثقيلة على منازلنا." وعبر فيصل عن حزنه الشديد لان الدولة ورغم استجارتهم بها لم تعمل لهم أي حل وجعلتهم يعيشون بين البرد القارس والجوع والتشرد. كما أكد لنا المواطن علي قاسم أنهم وخلال رحلة المعاناة التي عاشوها في صنعاء تلقوا الاهانات الكثيرة وتجرعوا العذاب كؤوسا، ووصل الحد إلى أن يرسل الشيخ احد رجاله ليقوم بالاعتداء عليهم وهم أمام مجلس النواب حيث طُعنَ رجل كبير بالسن. ومن أجل أن نقف على موقف الشيخ محمد منصور حاولنا الاتصال به إلا أنه يرفض الحديث مع أي جهة إعلامية. جدير بالذكر أن الشيخ سبق وأن صرح بأنه لم يهجر المواطنين من أراضيهم بل هم باعوها بمحض إرادتهم. أبناء الجعاشن قنبلة موقوتة يرى المحامي والناشط الحقوقي خالد الآنسي أن البعد القانوني الأخطر فيما يتعلق بقضية الجعاشن هو تخلي الدولة عن القيام بوظائفها سوى التعامل مع المواطن بصورة مباشرة بدون وساطة اجتماعية أو التخلي عن توفير الحماية لهؤلاء الناس مؤكدا خطورة الوضع الذي وصل إليه أبناء الجعاشن حيث ربما يتحولوا إلى قنبلة موقوتة في مناطق قابلة للاستقطاب من قبل التيارات التي تتبنى مناهج القوة والعنف . فيما يقول الدكتور فؤاد الصلاحي دكتور علم الاجتماع في جامعة صنعاء لموقع دويتشة فيله "التهميش الاجتماعي والسياسي أمر قائم في كل المجتمعات ضمن العملية الإنتاجية اقتصادياً وضمن العملية السياسية، فالثقافة السائدة في المجتمع تضع فواصل تقلل من خلالها الوجود الاجتماعي للآخرين وتقلل قيمة أدوارهم، وأحيانا كثيرة تستبعدهم من العمل العام." موكداً أن أبناء الجعاشن ليسوا مهمشين فحسب بل تعرضوا لظلم فادح واضطهاد من قبل متنفذ يستند في مكانته الاجتماعية لحماية الدولة ويعتمد على نمط من الأعراف والتقاليد التي يفرض نفوذها محليا من خلالها بدعم السلطة القائمة. واعتبر أن قيام الدولة باعتماد سياسة قبلية هو ممارسة لنهج مضاد لمفهوم الدولة والمواطنة . فاطمة الأغبري – صنعاء