قاطع حزب الله وحلفاؤه الخميس جلسة هيئة الحوار الوطني التي تضم ممثلين عن كل الاطراف اللبنانيين، في خطوة تنذر بتصعيد جديد في الازمة السياسية التي تشهدها البلاد على خلفية المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وهي المرة الاولى التي تقاطع فيها قوى 8 آذار، وابرز اركانها حزب الله، هذه الجلسات المستمرة منذ العام 2008 والمخصصة لوضع استراتيجية دفاعية للبلاد ومن ضمنها تحديد مصير سلاح حزب الله، القوة اللبنانية الوحيدة المسلحة الى جانب الدولة. وقد غاب قطبا قوى 8 آذار، حزب الله ممثلا برئيس كتلته النيابية محمد رعد، والنائب المسيحي ميشال عون عن الجلسة. كما غابت الشخصيات الاخرى المتحالفة معهما باستثناء رئيس حركة امل نبيه بري الذي قال انه يشارك بصفته رئيسا لمجلس النواب. وقال النائب آلان عون، العضو في تكتل الاصلاح والتغيير برئاسة ميشال عون، لوكالة فرانس برس ان الغياب عن الجلسة "يعبر عن موقف احتجاجي، لان هناك من يتهرب من تحمل مسؤولياته في ملفات معينة، ويعطل المؤسسات". وكان ميشال عون بادر الى اعلان مقاطعته الاجتماع "احتجاجا على ارجاء جلسة مجلس الوزراء" التي كانت مقررة الاربعاء ومخصصة للبحث في مسالة "الشهود الزور" المرتبطة بقضية اغتيال الحريري. ويطالب حزب الله وحلفاؤه بان يحيل مجلس الوزراء ملف "الشهود الزور" على المجلس العدلي، اعلى سلطة قضائية في البلاد، معتبرين ان هؤلاء الشهود هم الذين تسببوا بتسييس تحقيق المحكمة الدولية، لا سيما في ظل التقارير التي تتحدث عن احتمال توجيه المحكمة الاتهام في اغتيال الحريري الى حزب الله. ويعتبر فريق سعد الحريري في المقابل، ان لا امكانية للبحث في ملف "الشهود الزور" قبل صدور حكم المحكمة للتأكد من الوقائع. وقال آلان عون "الامر الخطير هو في تعطيل المؤسسات من خلال تأجيل الاستحقاقات. اليوم مجلس الوزراء وغدا ربما تعطيل مجلس النواب، وكل هذا قد يأخذ البلد الى المجهول". وتحدث الوزير محمد فنيش المنتمي الى حزب الله من جهته عن "تسويف واستهلاك للوقت" ظهر من خلال تأجيل جلسة مجلس الوزراء. وقال في حديث الى تلفزيون "المنار" التابع لحزب الله مساء الخميس "كأن هناك رهانا على كسب الوقت واستعجال القرار الظني قبل البت بملف شهود الزور"، معتبرا ان البعض يخشى "كشف حقائق تشكل دليلا اضافيا على عدم صدقية ما سيصدر من قرار ظني (...) وتجعل مسار التحقيق الدولي مختلفا". واكد فنيش ان اي جلسة لمجلس الوزراء ستعقد "يجب ان يكون ملف الشهود الزور على راس جدول اعمالها"، وان "الجلسة القادمة هي الجلسة الاخيرة لمعرفة الموقف من هذا الملف بالتوافق او بالتصويت". وتألفت الحكومة في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي من عشرة وزراء منتمين الى قوى 8 آذار، و15 وزيرا من قوى 14 آذار (الحريري وحلفاؤه)، وخمسة وزراء من حصة رئيس الجمهورية التوافقي ميشال سليمان. الا ان وزيرين يمثلان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط كانا محسوبين على قوى 14 آذار قد لا يصوتان الى جانب الحريري في ملف "الشهود الزور" بعد ان اعلن جنبلاط قبل اكثر من سنة خروجه من قوى 14 آذار الى موقع وسطي، وانتهاجه مواقف اقرب الى حزب الله. كما لا يعرف ما سيكون عليه موقف وزراء رئيس الجمهورية. ولم يشارك جنبلاط كذلك في جلسة الحوار الخميس بناء على اعتذار مسبق بداعي السفر. ودعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي ترأس الجلسة القصيرة الى اجتماع مقبل لهيئة الحوار "في فترة لا تتجاوز 22 تشرين الثاني/نوفمبر". وعبر رئيس الحكومة سعد الحريري لدى خروجه من جلسة الحوار عن "الاسف لغياب البعض عن جلسة هيئة الحوار الوطني". وقال للصحافيين "يجب عدم ربط الامور ببعضها، لان الاستراتيجية الدفاعية والتهديدات الاسرائيلية ضد لبنان شيء والامور الاخرى التي نناقشها في مجلس الوزراء شيء آخر". ورأى ان "محاولة تبسيط الامور جريمة في حق الوطن بكل ما للكلمة من معنى". واعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من جهته ردا على اسئلة الصحافيين بعد انتهاء الجلسة ان "لا ملف اسمه الشهود الزور"، مضيفا "الملف المطروح هو محكمة (دولية) ام لا محكمة. ونحن موقفنا واضح. نحن مع المحكمة". واعتبر ان "المقاطعة لا تنم عن بوادر ايجابية في المستقبل القريب". ورغم ان المتحاورين لم يتمكنوا خلال احدى عشرة جلسة سابقة للحوار الوطني من احراز اي تقدم على صعيد الاستراتيجية الدفاعية، الا ان مقاطعة رموز الاقلية النيابية لجلسة اليوم ترتدي اهمية رمزية، كونها تأتي في خضم مواجهة سياسية حادة بين فريق حزب الله وفريق الحريري حول المحكمة الخاصة بلبنان. ويتمسك حزب الله بسلاحه في مواجهة اسرائيل، فيما تطالب الاكثرية النيابية بحصر السلاح وقرار السلم والحرب في يد الدولة.