بيروت (رويترز) - أعطى البرلمان اللبناني الحكومة اللبنانية المشكلة حديثا الثقة يوم الخميس منهيا أزمة استمرت نحو عام جرى خلالها جر البلاد بصورة أكبر نحو الحرب الأهلية الدائرة في سوريا المجاورة. وكانت نتيجة التصويت -التي انتهت بتأييد 96 عضوا من بين 101 عضو حضروا الجلسة- متوقعة على نطاق واسع بعد أن توصلت الحكومة إلى تسوية في الأسبوع الماضي بشأن بيان وزاري عقب أسابيع من الخلاف الذي أوصلها إلى حافة الانهيار. وبعد هذا التصويت أصبح للبنان حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة للمرة الأولى منذ أكثر من عام مما زاد الآمال بإجراء انتخابات رئاسية قبل أن تنتهي فترة ولاية الرئيس ميشال سليمان في مايو أيار وإجراء انتخابات برلمانية تأجلت العام الماضي نتيجة للأزمة السياسية. وقبل تشكيل حكومة رئيس الوزراء تمام سلام الشهر الماضي كانت تتولى إدارة البلاد حكومة تسيير أعمال عقب استقالة سلفه نجيب ميقاتي. واستقال ميقاتي في مارس آذار 2013 مع استمرار الصراع على السلطة بين احزاب تحالفت مع جماعة حزب الله الشيعية وتكتل منافس يقوده السنة تفاقم بفعل تأييدهم للأطراف المتحاربة في الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ ثلاثة أعوام. وقال سلام قبيل التصويت إن أعضاء البرلمان أكدوا على أولوياتهم بالنسبة للبنان وهي "تحقيق الأمن ومعالجة مأساة النازحين السوريين واجراء انتخابات الرئاسة في موعدها." ولكنه حذر في الإفراط في التوقعات. وقال "أود أن أؤكد أمامكم ما يعرفه اللبنانيون جميعا.. لن نعد بشيء لن تكون الحكومة قادرة على تنفيذه. إذن.. لا ينتظرن أحد المعجزات." ولم يتضمن البيان الوزاري الذي أقر الأسبوع الماضي صراحة تبني دور حزب الله في مواجهة إسرائيل ولكنه يعطي جميع المواطنين الحق في مقاومة الاحتلال أو الهجمات من جانب إسرائيل. وتقول إسرائيل إنها تملك الحق في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات التي تنطلق من لبنان. وأعطى البيان الوزاري اللبناني الأولوية لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مع التعهد باتخاذ جميع التدابير لتحفيز القطاعات الاقتصادية الرئيسية وأولها السياحة. ووجد لبنان الذي يكافح للتعافي من حربه الأهلية التي وقعت بين عامي 1975 و1990 نفسه يعاني خلافات داخلية تفاقمت بفعل الصراع في سوريا حيث تحاكي الانقسامات الطائفية هناك الانقسامات التي يشهدها لبنان. وتراجع النمو الاقتصادي للبنان ليسجل نحو 1.5 في المئة في عام 2013 مقابل ثمانية في المئة سنويا بين عامي 2007 و2010. وهوى قطاع السياحة الذي يضخ أكثر من عشرة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي قبل الوضع الحالي بنسبة نحو 40 في المئة حيث أدى تدهور الوضع الأمني لإبعاد الزوار من دول الخليج وأوروبا. وجاء في البيان الوزاري أن الحكومة ستعجل بالتدابير المتصلة بالترخيص بأعمال الحفر والتنقيب عن النفط واستخراجه. وأثار احتمال وجود احتياطي من النفط والغاز قبالة سواحل لبنان على البحر المتوسط آمالا بأن لبنان قد ينجح في خفض مديونيته التي تبلغ نسبتها 140 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. لكن الجدل السياسي عرقل التقدم في هذا المجال رغم أن هناك دولا مجاورة كشفت عن مطالباتها بشأن الاحتياطيات المحتملة. وأدى صراع بشأن السيطرة على حقيبة وزارة الطاقة إلى إفشال محاولة سابقة لتشكيل حكومة. وسيتعين على الحكومة الجديدة أن تتعامل مع ما يصل إلى مليون لاجئ سوري تقريبا يعيشون داخل الحدود اللبنانية وشكلوا بالفعل ضغطا على البنية الأساسية العامة واصبحوا يهددون بإحداث خلل في التوازن الطائفي الحساس في لبنان.