هل يمضي الغرب في عزل روسيا واستبعادها من مجموعة الثماني؟

صعد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لهجته تجاه روسيا ووصف ما تقوم به الأخيرة حتى الآن في شبه جزيرة القرم ب 'العمل العدواني الذي لا يصدق'. ولم يكتف كيري بهذا الوصف بل هدد ب 'بتبعات خطيرة جدا' من الولايات المتحدة ودول أخرى تشمل عقوبات ستعزل روسيا اقتصاديا. رئيس الدبلوماسية الأمريكية المعروف بحذره استخدم مصطلحات جديدة في التخاطب مع الروس لم يلجأ إليها من قبل، إذ توجه في تصريحات لقناة تلفزيون CBS للقيادة الروسية قائلا: 'أنت لا تتصرف في القرن الحادي والعشرين بأسلوب القرن التاسع عشر بغزو بلد آخر بحجة ملفقة تماما'.
بيد أن كيري استخدم أسلوب العصا والجزرة مع 'الشريك الروسي' إذ أشار إلى أن موسكو ما زالت تملك 'مجموعة سليمة من الخيارات' يمكن أن تستخدمها لنزع فتيل الأزمة. وفي حين امتنع كيري عن الخوض في هذه الخيارات 'السليمة'، بدا حريصا على توجيه رسالة للقيادة الروسية فيما يتعلق بالإجراءات التي قد يلجأ إليها الغرب في حال مضت موسكو في خطط استخدام القوة في أوكرانيا. كيري قال بوضوح إن دول مجموعة الثماني وبعض الدول الأخرى 'مستعدة للذهاب إلى أقصى مدى لعزل روسيا'.
تجميد عضوية روسيا من مجموعة الثماني؟
فإلى أي حد يمكن لمجموعة الثماني، أو السبع بدون روسيا، أن تذهب في 'معاقبة' موسكو؟ كيري حذر روسيا بأنها قد تخسر عضويتها في مجموعة الدول الثماني للدول المتقدمة بسبب إرسالها قوات إلى منطقة القرم في أوكرانيا. وحذر كيري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنه قد يخسر 'انعقاد قمة مجموعة الثماني في سوتشي، وقد لا يبقى حتى في مجموعة الثماني إذا استمر ذلك. وقد يجد نفسه وقد جمدت أرصدة الشركات الروسية، وقد تنسحب الشركات الأميركية، وقد يتعرض الروبل إلى مزيد من الانخفاض'.
لغة التهديد واضحة جدا هنا، وكيري لم يتوقف عندها فحسب، بل مضى إلى القول في تصريحاته لشبكة NBC التلفزيونية الأمريكية إن 'الثمن سيكون غاليا ... روسيا معزولة. وهذا ليس موقف قوة'. وأضاف كيري قائلا: 'إذا أرادت روسيا آن تكون عضوا في مجموعة الثماني، فيجب أن تتصرف كدولة في تلك المجموعة'. كيري بدا واثقا من أن الدول الأخرى في المجموعة ستحذو حذو بلاده في حال لجأت إلى 'عزل' روسيا وفرضت عقوبات اقتصادية عليها.
انسحابات من الاجتماعات التحضيرية لقمة الثماني في سوتشي
وبالفعل بدأت بعض الدول الغربية في تنفيذ تهديداتها لروسيا إذ انسحبت بريطانيا من الاجتماعات التحضيرية لقمة مجموعة الثماني الكبرى التي من المقرر أن تعقد في منتجع سوتشي الروسي في حزيران/ يونيو القادم احتجاجا على موقف روسيا من الأزمة الأوكرانية، بحسب ما صرح وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ. وقال المسؤول البريطاني إن 'سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها تعرضتا للانتهاك، ولا يمكن أن تكون تلك طريقة تتبع في العلاقات الدولية'.
وقال هيغ للصحافيين قبل توجهه إلى كييف إن 'بريطانيا ستنضم إلى دول أخرى في مجموعة الثماني هذا الأسبوع في تعليق تعاونها .. بما في ذلك تعليق الاجتماعات التي ستعقد هذا الأسبوع للتحضير لقمة مجموعة الثماني' التي ترأسها روسيا هذا العام. وإلى جانب التهديد، حاول هيغ أن يطمئن الروس بأن الغرب يفضل العمل الدبلوماسي داعيا الأوكرانيين والروس إلى إجراء محادثات مباشرة حول الأزمة، مؤكدا أن مثل هذه المحادثات يمكن أن تتم من خلال قنوات من بينها الأمم المتحدة.
بدورها قررت فرنسا 'تعليق' مشاركتها في الاجتماعات التمهيدية لقمة مجموعة الثماني في سوتشي بسبب التصعيد العسكري الروسي في الأزمة الأوكرانية، وفق ما أفاد مصدر دبلوماسي في قصر الاليزيه. وقال المصدر 'علقنا مشاركتنا في الاجتماعات التمهيدية التي ستعقد خلال الأيام المقبلة'، موضحا أن هذا القرار 'اتخذ' خلال 'اجتماع أزمة' في الاليزيه بين الرئيس فرنسوا أولاند ووزير الخارجية لوران فابيوس. وكانت الولايات المتحدة وكندا قد قررتا عدم المشاركة في مجموعة الثماني في سوتشي ردا على التهديد الروسي بالتدخل عسكريا في أوكرانيا.