عاش العراق الاثنين يوما داميا جديدا شهد مقتل خمسة صحافيين في هجوم شنه انتحاريون ضد قناة فضائية، ومقتل ستة عسكريين بينهم اربعة ضباط في هجوم ضد ثكنتهم، وهجمات متفرقة اخرى قتل فيها 11 شخصا. ووقعت اعمال العنف هذه في وقت بدا النزاع السوري وكانه المحرك الاكبر لاعمال القتل الاخيرة، حيث اعلنت السلطات عن رصد 11 مخيما لتنظيم القاعدة قرب حدود سوريا وتدمير اثنين منها، متحدثة عن نقل اسلحة ومقاتلين عبر الحدود. وفي موازاة ذلك، اتهمت وزارة الخارجية الاميركية عبر سفارتها في العراق تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" بالوقوف وراء الهجمات الاخيرة، ودعت قادة المنطقة الى وقف تجنيد وتدفق المسلحين الاجانب الى سوريا حيث يشن العديد منهم هجمات انتحارية في العراق. ففي تكريت (160 كلم شمال بغداد)، قتل خمسة صحافيين في هجوم شنته مجموعة من الانتحاريين ضد مقر قناة صلاح الدين الفضائية العراقية. واوضح ضابطان برتبة رائد ومقدم في الشرطة لفرانس برس ان "سيارة مفخخة انفجرت عند مدخل قناة صلاح الدين اعقبها تفجير انتحاري قبل ان يتمكن اربعة انتحاريين من دخول مقر القناة"، قبل ان يعلنا انتهاء الهجوم بمقتل انتحاريين على ايدي قوات خاصة وتفجير الاخرين نفسيهما. وقتل في الهجوم بحسب المصدرين الامنيين ومصدر طبي خمسة من موظفي القناة الفضائية التي توقف بثها بعد انتهاء فيلم "الرسالة" الذي كانت تعرضه وقت تعرضها للهجوم، وجميعهم من الصحافيين، بينهم مقدمة برامج ومسؤول الاخبار، بينما اصيب خمسة اشخاص بجروح بينهم مصوران. وقتل في العراق منذ شهر تشرين الاول/اكتوبر الماضي 12 صحافيا في هجمات متفرقة، في احد اسوء محطات العنف ضد الصحافيين العاملين في البلاد منذ اجتياحها في العام 2003. وقبيل الهجوم على القناة، قال مصدران مسؤولان في وزارة الداخلية لفرانس برس ان امر الفوج الرابع من اللواء 23 للفرقة 17، وثلاثة ضباط اخرين وجنديين، قتلوا اليوم بهجوم بقذائف هاون على ثكنتهم في منطقة ابو غريب. وجاء هذا الهجوم بعد يومين على مقتل 15 عسكريا بينهم خمسة ضباط كبار في عملية عسكرية استهدفت معسكرا لتنظيم القاعدة في محافظة الانبار التي تسكنها غالبية سنية وتفصلها منطقة ابو غريب عن بغداد. ودفع هذا الهجوم رئيس الوزراء نوري المالكي للقول الاحد ان ساحة الاعتصام المناهضة له في الانبار تحولت الى مقر لتنظيم القاعدة، مانحا المعتصمين فيها منذ نحو عام اسبوعا للانسحاب منها قبل ان تتحرك القوات المسلحة لانهائها، علما ان رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي (سني) دعا اليوم في بيان الى التخلي عن الخيار العسكري وعقد مؤتمر وطني في البرلمان. في هذا السياق، قال المستشار الاعلامي لوزارة الدفاع الفريق الركن محمد العسكري في تصريح لفرانس برس ان "المعلومات والصور الجوية المتوفرة لدينا تفيد بوصول اسلحة ومعدات متطورة من سوريا الى صحراء الانبار الغربية وحدود محافظة نينوى". واضاف ان "هذا الامر شجع تنظيمات القاعدة و+داعش+ على إحياء بعض معسكراتها التي قضت عليها القوات الامنية في عامي 2008 و2009". وتابع العسكري ان هناك "صورا ومعلومات استخبارية تشير الى انه كلما حدث ضغط على الجماعات المسلحة في سوريا، انسحبت إلى العراق لتفعيل دورها واعادة تنظيم صفوفها ومن ثم القيام بعمليات ارهابية في البلدين". واشار الى ان "صورا ملتقطة من قبل القوة الجوية العراقية رصدت 11 معسكرا للقاعدة قرب الحدود السورية" التي تمتد على طول 600 كلم بين البلدين، يقع معظمها في محاذاة محافظة الانبار السنية. وفي وقت لاحق، اعلن العسكري ان "القوات المسلحة العراقية تقوم بمطاردة وقصف معسكرات تنظيم داعش (الدولة الاسلامية في العراق والشام) الارهابي في قاطع عمليات الانبار والجزيرة". واضاف ان هذه الضربات بدات "بعد ان تمكنت طائرات الرصد والاستطلاع من تحديد الاهداف بدقة متناهية ثم توجيه ضربات موفقة الى هذه الاهداف والتي ادت الى تدمير معسكرين في صحراء الانبار". من جهتها، اعلنت الولاياتالمتحدة ادانتها للهجمات الاخيرة "التي نفذتها الدولة الاسلامية في العراق والشام مستهدفة جنودا ومسؤولين منتخبين ومدنيين وقادة عسكريين عراقيين"، بحسب ما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية نقلته السفارة الاميركية في بغداد. واضاف البيان ان "الدولة الاسلامية في العراق والشام هي فرع من تنظيم القاعدة الذي هو عدو مشترك للولايات المتحدة وجمهورية العراق، ويشكل تهديدا لمنطقة الشرق الاوسط الكبير". ودعت واشنطن "قادة المنطقة الى اتخاذ التدابير الفعالة لمنع تمويل وتجنيد عناصر في هذه المجموعات، ومن بينها الدولة الاسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة، وايقاف تدفق المقاتلين الاجانب إلى سوريا، حيث يقوم الكثير منهم لاحقا بتنفيذ تفجيرات انتحارية ضد مدنيين ابرياء في العراق". وفي اعمال عنف اخرى اليوم، قتل في العراق 11 شخصا في هجمات متفرقة في مناطق مختلفة. ويشهد العراق منذ اقتحام القوات الامنية لساحة اعتصام مناهض للمالكي في الحويجة غرب كركوك (240 كلم شمال بغداد) في نيسان/ابريل، في عملية قتل فيها اكثر من 50 شخصا، موجة عنف غير مسبوقة منذ العام 2008. وتخوض القوات العراقية، بعد عامين على الانسحاب الاميركي، معركة يومية ضارية تصارع فيها للحد من تصاعد اعمال العنف. وبعد انسحاب القوات الاميركية تجد هذه القوات نفسها وحيدة في مواجهة جماعات مسلحة تستمد زخما من النزاع في سوريا المجاورة، ومن استياء الاقلية السنية التي تشكو من تعرضها لتهميش واستهداف من قبل الاكثرية الشيعية الحاكمة.